أعظم ليلة في حياة المسلم، وهي أهمّ ليلة في شهر رمضان المبارك، إذ تأتي مرّة واحدة في السنة وتحديداً في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك في الليالي الفردية، ويُرجّح أنّها تصادف ليلة السابع والعشرين من رمضان، إلّا أنه ليس لها يوماً مؤكّداً، لذلك يتمّ تحرّيها منذ ليلة الحادي والعشرين وحتى ليلة التاسع والعشرين باستثناء الليالي الزوجية، وفي هذه الليلة المبارك يبدأ المسلمون بقيام الليل؛ فيقيمون الصلاة، ويقرؤون القرآن، ويتضرّعون إلى الله عزّ وجلّ بالدعاء، ويتهجّدون بالذكر والتسبيح، فمن أدرك هذه الليلة المباركة فقد أدرك خيراً كثيراً. أهمية ليلة القدر تكمن أهمّية هذه الليلة العظيمة بالخير الكبير الذي يجنيه المسلم من الأجر والثواب، نتيجةً لقيامه لها حقّ قيام، ومن أهميّة ليلة القدر ما يأتي:[١] ليلة القدر هي ليلة القرآن: إذ أنزل الله تعالى على رسوله الكريم عليه السلام في ليلة القدر، وهي الليلة التي أُمِرَ فيها القلم أن يكتب القرآن على اللوح المحفوظ، وفُصِلَ فيها عالم الغيب عن عالم الشهادة، يقول تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).[٢] تخرج القدرة على تحديد أهميّتة ليلة القدر عن حدود العقل البشري: إذ يقول تعالى: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ)،[٣] أي أنّ الإدراك الكليّ لفضل هذه الليلة هو فقط عند علّام الغيوب. تضاعف أجر العمل الصالح فيها: فكل عمل صالح من قراءة للقرآن أو صلاة يُعادل أعمال ألف شهرٍ عاديّ، يقول تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ).[٤] ليلة تُصفّد فيها الشياطين: فهي سلامٌ من كلّ شرّ ومن كلّ ما قد يضرّ المسلم من أعمال الشيطان وأعوانه، فيعمّ السلام والأمن من المخلوقات غير المرئية، لقوله تعالى: (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر).[٥] تتنزّل الملائكة: فيحفّ المسلمين حضور الملائكة مع الرّوح، والمقصود بالروح جبريل عليه السلام، يقول تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ).[٦] من قامها مُحتسباً غُفرت ذنوبه: من فضل هذه الليلة ليس فقط مضاعفة أجر العمل الصالح إلى أجر ألف ليلة فقط، بل يُغفر فيها للقائم ما قام به من ذنوب، وهو كما ورد في الحديث الشريف: (مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا ، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ ، ومَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ).[٧] لماذا سُمّيت ليلة القدر بهذا الاسم اختلف العلماء حول سبب تسمية ليلة القدر بهذا الاسم، وأشهر ما قيل في تفسير هذا الأمر خمسة أقوال:[٨] سُمّيت ليلة القدر قدراً لعلوّ قدرها، وعظمة مكانتها، ولعظيم قدرتها على ستر العيوب وغفرانها. قيل أنّ القدر هو الضيق؛ إذ تضيق هذه الليلة بسبب عدد الملائكة المُحيطة بالمسلمين، كما جاء في الكتاب العزيز: (وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ).[٩] يأتي معنى القدر بمثابة الحكم، أي أنّ الأعمال تُقدّر في هذه الليلة. تُعطي المسلم قدراً عالياً إذا كان قبلها دون قدر. هي ليلة القدر بسبب نزول كتاب ذي قدر فيها، ورحمة ذات قدر، وملائكة ذوي قدر. علامات ليلة القدر رغم عدم القدرة على تحديد ليلة القدر بشكل دقيق إلّا أنّ المسلم الحق يستطيع أن يستشعر حضور هذه الليلة، فيتأكّد أنه أدرك ونال الأجر العظيم والخير الكثير من قيامها، وذلك من خلال العلامات العظيمة التي تتّصف بها هذه الليلة، وتُقسم هذه العلامات إلى علامات مقارنة، وعلامات لاحقة:[١٠] علامات مقارنة يكون القمر في هذه الليلة مضيئاً وذو نور ساطع، حيث إنّ الإضاءة في هذه الليلة تكون أوضح بكثير من غيرها من الليالي الأخرى، وتظهر فيها الكواكب بكل وضوح، إلا أنّ الحياة في المدينة قد تحجب هذه الظاهرة بسبب الأضواء. تكون ليلة القدر هادئة والرياح فيها ساكنة، وجوّها معتدل لاي شعر الإنسان فيه لا بالبرد ولا بالحرارة العالية، وإنّما يشعر بجو لطيف معتدل. يشعر المسلم في هذه الليلة بالراحة التامة والطمأنينة والسكينة، كما يشعر بانشراح صدره على غير الليالي الأخرى. من الممكن أن يمنّ الله على المسلم برؤية في المنام، وهو أمر ورد عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم. علامات لاحقة تقتصر العلامات اللاحقة لليلة القدر على شروق شمس الصباح التالي لهذه الليلة بيضاء، بحيث تكون خالية من الشعاع، وغير صافية، وقُرصيّة الشكل مُستديرة