اختصّ الله تعالى شهر رمضان عن غيره من شهور السنة، وميّزه بعدّة ميزاتٍ، فهو شهر البركات والعطايا من الله تعالى، فيه تُفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتُصفّد فيه عصاة الشياطين، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا دخل رمضانُ فُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ وغُلِّقَتْ أبوابُ جهنَّمَ، وسُلسِلَتِ الشياطينُ)،[١] كما أنّه شهر القرآن، ففيه نزل، وفيه ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهرٍ، وفيه تُضاعف الحسنات، وتهلّ الرحمة والهبات من الله تعالى على عباده المؤمنين، ولقد فرض الله تعالى صيام هذا الشهر على عباده، وجعل ذلك الصيام ركناً من أركان الإسلام، هذا كله وغيره الكثير يجعل المسلم حريصاً على استثمار أيام رمضان، واستثمار أوقاته، ممّا يعود عليه بالنفع والخيرات، ونيل الأجر ومغفرة السيئات.[٢] قراءة القرآن الكريم في رمضان واحد من أهمّ الأمور التي تميّز رمضان بها؛ نزول القرآن الكريم فيه، حيث قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)،[٣] وكان جبريل -عليه السلام- يُدارس القرآن الكريم للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- فيه، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (كان رسول اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أجودَ الناسِ، وكان أجودَ ما يكون في رمضانَ حين يلقاه جبريلُ، وكان يلقاهُ في كل ليلةٍ من رمضانَ، فيدارسُه القرآنَ، فلرسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أجودُ بالخيرِ من الريحِ المرسلةِ)،[٤] ممّا يدلّ على استحباب قراءة القرآن الكريم، واستحباب مدارسته والاجتماع عليه في رمضان، فلذلك فضائلٌ عظيمةٌ، وفوائدٌ عديدةٌ، يُمكن للمسلم أن يستحضر نيّتها عند القراءة، وفيما يأتي ذكرٌ لبعضٍ منها:[٥] القرآن الكريم أعظم شفاءٍ ودواءٍ، قال الله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ)،[٦] وورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان إذا اشتكى من شيءٍ قرأ على نفسه المعوذات، ونفث. القرآن الكريم سببٌ لنزول السكينة والرحمة، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللهِ، يتلون كتابَ اللهِ، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلتْ عليهم السَّكينةُ، غَشِيَتْهم الرحمةُ، و حفَّتهم الملائكةُ، وذكرهم اللهُ فيمن عندَه).[٧] القرآن الكريم نورٌ في الدينا، وذخرٌ في الآخرة، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: (قلتُ يا رسولَ اللهِ أوصني، قال عليك بتقوَى اللهِ فإنَّه رأسُ الأمرِ كلِّه، قلتُ يا رسولَ اللهِ زِدني، قال عليك بتلاوةِ القرآنِ فإنَّه نورٌ لك في الأرضِ وذُخرٌ لك في السَّماءِ).[٨] القرآن الكريم محصّلٌ للأجر ومضاعفٌ الحسنات، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مَن قرأَ حرفاً من كتابِ اللَّهِ فلهُ بهِ حَسَنةٌ، والحسَنةُ بعشرِ أمثالِها).[٩] القرآن الكريم سببٌ للخيريّة بين الناس، حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه).[١٠] القرآن الكريم سببٌ في رحمة الوالدين، وتكريمهما. القرآن الكريم حفظٌ ونجاةٌ من فتنة القبر. القرآن الكريم شفيعٌ لأهله يوم القيامة، ومنجيّاً لهم من عذاب النار. طريقة ختم القرآن الكريم في رمضان شرّف الله تعالى شهر رمضان المبارك بأن أنزل فيه القرآن الكريم على محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، ومن خير ما يفعله المسلم في رمضان قراءة القرآن الكريم وختمه، فلا رفعة للمسلمين دون الرجوع لكتاب الله، وتلاوته، وحفظه، وتدبّره، والعمل به، ولقد ضرب النبي والصحابة الكرام، وكذلك السلف الصالح أروع الأمثلة في حرصهم على القرآن الكريم، ومدارسته وختمه، خصوصاً في شهر رمضان المبارك، وفيما يأتي بعض النصائح، وذكر بعض الطرق العملية التي تساعد في الوصول لذلك:[١١] نصائح لختم القرآن الكريم في رمضان يحرص الكثير من المسلمين على ختم القرآن الكريم في شهر رمضان، وقد يجد البعض صعوبةٌ ومشقةٌ في ذلك، وفيما يأتي بعض النصائح المختصرة في ذلك:[١٢] الحرص على قراءة القرآن الكريم وختمه طوال السنة، وليس فقط في رمضان؛ لأنّ من يُقبل على القرآن بقوّةٍ فقط في رمضان، سيُصاب بالتعب والفتور بعد عدّة أيامٍ. تنظيم الوقت، وتوزيع الأعمال على اليوم بأكمله، ليصبح للقرآن الكريم وقته الذي لا يضيّع ولا يُفوّت. تخصيص وقتٍ مناسبٍ لقراءة القرآن الكريم، والجلوس من أجل ذلك دون تقطيعٍ. استثمار الأوقات البينيّة أو المهدرة دون عملٍ، مثل: المكوث في المواصلات، والوقوف على الإشارة، أو انتظار موعدٍ ما، وغيرها من أوقات الانتظار. طرق عملية لختم القرآن الكريم في رمضان هناك طرقٌ عديدةٌ لختم القرآن الكريم في رمضان دون عناءٍ، وقبل ذكر بعضٍ منها، نشير لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الجزء الواحد من القرآن الكريم يتضمّن عشرين صفحةٍ، والوقت المستغرق لقراءة الصفحة الواحدة من القرآن دقيقةٌ واحدةٌ إلى دقيقةٍ ونصف، والوقت المستغرق لقراءة الجزء الكامل يقارب النصف ساعةٍ، وفيما يأتي بيان بعض الطرق العملية لختم القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك:[١٢] ختم القرآن مرةً واحدةً: وذلك بتخصيص نصف ساعة يومياً لقراءة القرآن الكريم. ختم القرآن مرتين: وذلك بتخصيص ساعةٍ واحدةٍ فقط يومياً للقراءة، وبالتالي يتم ختم القرآن في النصف الأول من رمضان، ثمّ إتمام الختمة الثانية في النصف الثاني منه. ختم القرآن ثلاث مراتٍ: وذلك بتخصيص ساعةٍ ونصف يومياً، وتقسيمها إلى ثلاث فتراتٍ، كلّ فترة عبارة عن نصف ساعة، يُقرأ فيها جزءٌ واحدٌ فقط، وسيتم إنهاء ختمةً كاملةً كلّ عشرة أيامٍ. ختم القرآن أربع مراتٍ: وذلك من خلال تخصيص ساعتين يومياً، ويمكن تقسيمهما إلى ساعةٍ في النهار، وساعةٍ في الليل، وفي كلّ ساعة يتم قراءة جزئين فقط، فيكون مجموع القراءة اليومية أربعة أجزاءٍ، وبالتالي يُختم القرآن كلّ ثمانية أيامٍ مرةً واحدةً. ختم القرآن ست مراتٍ: وذلك من خلال تخصيص ثلاث ساعات يومياً، ويمكن تقسيمها بأن تكون ساعةً قبل الفجر أو بعده، وساعةً بعد العصر، وساعةً بعد العشاء، وفي كلّ ساعة منهنّ، يُقرأ جزئين من القرآن الكريم.