وقت ليلة القدر الراجح عند جمهور العلماء أنّ ليلة القدر تكون في شهر رمضان المبارك، فهي الليلة التي أنزل فيها الله سبحانه وتعالى كتابه العزيز، والذي أُنزل في شهر رمضان، وتكون في العشر الأواخر على وجه التحديد لكن الاختلاف فيها في أي ليلة تكون، والراجح أنّها في الليالي الوترية، وأنّها ليلة السابع والعشرون، وقال الشيخ سيد سابق رحمه الله: (للعلماء آراء في تعيين هذه الليلة؛ فمنهم من يرى أنّها ليلة الحادي والعشرين، ومنهم من يرى أنّها ليلة الثالث والعشرين، ومنهم من يرى أنّها ليلة الخامس والعشرين، ومنهم من ذهب إلى أنّها ليلة التاسع والعشرين، ومنهم من قال: أنّها تنتقل في ليالي الوتر من العشر الأواخر)، وليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين برأي أكثرهم،[١] فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن كانَ متحرِّيَها فليَتحرَّها ليلةَ سبعٍ وعشرينَ).[٢] إنّ الصحيح أنّه لم يثبت أنّه تم تحديد توقيت لليلة القدر في ليلة محددة، حيث اختلفت الأقوال في ذلك، وأقواها أنّها في ليالي الوتر من العشر، ويُرجى أن تكون في الليلة الحادية والعشرين على قول الشافعية، والسابعة والعشرين عند الجمهور، ومن المعروف أنّ قدوم رمضان يختلف من بلد لآخر، فالليلة الزوجية في بلد تكون ليلة وترية في بلد آخر، فعلى المسلم التماسها في كلّ ليالي العشر، وبالأخص في الليالي السبع الأخيرة التي تبدأ من ليلة ثلاث وعشرين، في حال كان الشهر تسعة وعشرين ومن ليلة أربع وعشرين وفي حال كان الشهر ثلاثين يوماً، فعن ابن عمر: (أنّ رجالًا من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُرُوا ليلةَ القدرِ في المنامِ في السبعِ الأواخرِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أَرَى رؤياكم قد تواطَأَتْ في السبعِ الأواخرِ، فمَن كان مُتَحَرِّيها فلْيَتَحَرَّها في السبعِ الأواخرِ ).[٣] ولله عز وجل حكمة في عدم تحديد ليلتها للمسلمين، كي لا يجتهدوا في العبادة بهذه الليلة فقط، ويتكاسلوا عن باقي الليالي، فهذا فضل عظيم من الله عز وجل على عباده.[١] خصائص ليلة القدر خص الله سبحانه وتعالى ليلة القدر بعدة خصائص، فهي الليلة التي أنزل فيها الله عز وجل القرآن الكريم، ووصفها سبحانه وتعالى، بأنّها خير من ألف شهر في قوله: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)،[٤] وأنّها ليلة مباركة تتنزل فيها الملائكة والروح لبركتها العظيمة، وهي ليلة سالمة لا قدرة للشيطان أن يفعل فيها أي نوع من أنواع الأذى أو السوء للمسلمين، وبمقدار عبادة العبد لربة نال من السلامة من العذاب، ومن قامها إيماناً واحتساباً دون رياء أو غيره غفر الله عز وجل له ما تقدم من ذنبه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه، ومن قام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه)،[٥] وأنزل الله سبحانه وتعالى في هذه الليلة سورة عظيمة من سور القرآن وهي سورة القدر، وفي هذه الليلة أيضاً تتنزّل الأوامر الإلهية على الملائكة الكرام، بحيث يخبرهم الله عز وجل ببعض ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ، من آجال الناس وأرزاقهم، مما سبق علم الله فيه، وكتبه على عباده.[٦] علامات ليلة القدر يُميز ليلة القدر عدة علامات ومنها الريح الهادئة والجو المناسب، وربما ينزل المطر فيها رغم سكونها، ويشعر العبد فيها بالأُنس وقربه من الله عز وجل، واللذة بالعبادة، ويشعر بانشراح الصدر، والطمأنينة التي تنزل بها الملائكة، وتكون الشمس صافية من غير شعاع عند شروقها، وهي علامة لاحقة بليلة القدر،[٧] فعن أبي بن كعب رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صبِيحةَ ليلةِ القدْرِ تَطلُعُ الشَّمسُ لا شُعاعَ لها؛ كأنَّها طِسْتٌ حتّى تَرْتَفِعَ)