كلمة شهر مشتقّة من الشُهرة؛ لأنّ ثبوت الشهر يكون بظهور الهلال لمن يلتمسه، فيرونه ثمّ يُشهرونه، ليراه الناس، وأمّا رمضان فهو اسمٌ للشهر التاسع من أشهر السنة القمرية العربية، التي تبدأ بشهر محرّم وتنتهي بذي الحِجّة، ومن الجدير بالذكر أنّ الله -تعالى- فضّله؛ حيث إنّه ابتدأ نزول القرآن الكريم على محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- كان في شهر رمضان، وبما أنّ القصد من نزول القرآن كان تنزيه الأمّة وهدايتها، ناسب ذلك أن يفرض الله -تعالى- فيه الصوم على كلّ المسلمين.[١] ADVERTISING inRead invented by Teads ثبوت دخول شهر رمضان يثبت دخول شهر رمضان بأحد أمرين؛ الأول برؤيةٍ محقّقةٍ، أو شهادة شاهد عدلٍ واحدٍ أو أكثرٍ، والثاني إكمال شعبان ثلاثين يوماً، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا تَقدَّموا الشهرَ بيَومٍ ولا يومينِ، إلّا أن يوافقَ ذلكَ صوماً كانَ يصومُهُ أحدُكم، صوموا لرؤيتِهِ وأفطِروا لرؤيتِهِ فإن غمَّ عليكُم فعدُّوا ثلاثينَ ثمّ أفطِروا)،[٢] وفيما يأتي تفصيل المسألة:[٣] الرؤية المحقّقة أو الشهادة: يثبت دخول رمضان برؤية الهلال من واحدٍ عدلٍ، والعدل ضدّ العوج، والعدل لغةً هو المستقيم، وأمّا شرعاً فهو مَن قام بالواجبات، ولم يفعل كبيرةً، ولم يُصرّ على صغيرةٍ، وأمّا بالنسبة للشهادة فقد اختلف العلماء في ذلك؛ فمنهم من قال تُقبل شهادة شاهد عدلٍ واحدٍ على رؤية الهلال، ومنهم من قال بل لا بُدّ من شهادة شاهدين على ذلك ليجب الصيام، ومن الجدير بالذكر أنّ أغلب أهل العلم قالوا بقبول شهادة شاهدٍ واحدٍ، وهو قول الإمام الشافعي، والإمام أحمد، وابن المبارك، وأهل الكوفة، واستدلّوا على رأيهم بما رُوي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، حيث قال: (تراءَى النَّاسُ الهلالَ فأخبرتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ- أنِّي رأيتُه، فَصامَه وأمر النَّاسَ بصيامِهِ)،[٤] وأمّا الذين قالوا بالرأي الأخر فقد استدلّوا بما رواه حصين بن حارث الجدليّ، أنّ أمير مكّة المكرّمة خطب بالناس، وقال: (عهد إلينا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن ننسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدٌ عدلٌ نسكنا). إكمال شعبان ثلاثين يوماً: إذا لم يُر الهلال، ولم يشهد أحدٌ برؤيته، وجب إتمام شعبان ثلاثين يوماً، حيث إنّ عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- روى عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (الشهرُ تسعٌ وعشرونَ ليلةً، فلا تَصوموا حتى تَرَوْهُ، فإنْ غُمَّ عليكم فأكمِلوا العدةَ ثلاثينَ).[٥] وأمّا بالنسبة لثبوت خروج شهر رمضان، فيكون برؤية هلال شوّال، أو بشهادة شاهد عدلٍ على رؤيته، فإن لم يره أحد، وجب إكمال رمضان ثلاثين يوماً، ومن الجدير بالذكر أنّ الفرق بين ثبوت دخول رمضان وخروجه، أنّه الدخول يثبت بشاهدٍ واحدٍ ولا يثبت خروجه إلّا بشاهدين، ومن الجدير بالذكر أنّ العلماء اختلفوا في اعتبار اختلاف المطالع في ثبوت دخول شهر رمضان وخروجه، فمنهم من اعتبر الاختلاف في المطالع؛ حيث قالوا بوجوب الصوم على كلّ من يوافق بلد من رأى الهلال في مطالع الأهلة، ولا يُلزم من يخالف مطلع الهلال إذا لم يره، وأمّا الفريق الآخر فلم ير اختلاف المطالع، بحيث إن رآه أهل بلدٍ ما وجب على كلّ الناس الصيام، وهذا الرأي أفضل؛ لاتحاد المسلمين، وعدم التفريق بينهم. سبب تسمية شهر رمضان بهذا الاسم اختلف العلماء في سبب تسمية شهر رمضان بهذا الاسم؛ حيث قال فريق منهم إنّ سبب التسمية يرجع إلى أنّ رمضان يرمض الذنوب ويحرقها بالأعمال الصالحة، ومنهم من قال إنّه من الرمض؛ وهو شدّة الحرّ، كما أنّه يصادف زمن الرمضاء؛ وتُعرف الرمضاء بالحرّ الشديد، وقيل إنّ سبب التسمية يرجع إلى أنّ العرب كانوا يرمضون فيه أسلحتهم؛ استعداداً للحرب في شوّال، ويرمضون أسلحتهم بمعنى يشحذونها، وقال آخرون إنّ رمضان من الارتماض؛ بسبب الجوع والعطش، وقيل إنّ سبب التسمية يرجع إلى أنّ الفكرة والموعظة في أمر الآخرة تعطي القلوب الحرارة، كما تعطي الشمس الحرارة للحجارة والتراب، ومن الجدير بالذكر أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- صام رمضان تسع مراتٍ؛ حيث إنّ الله -تعالى- فرض الصيام في رمضان من السنة الثانية للهجرة، وتوفّي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في العام الحادي عشر للهجرة، حيث قال الإمام النووي في كتابه المجموع: (صام رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- رمضان تسع سنين؛ لأنّه فُرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة، وتوفّي النبي -عليه الصلاة والسلام- في ربيع الأول، سنة إحدى عشر للهجرة).[٦] فضل صيام شهر رمضان إنّ لصيام شهر رمضان الكثير من الفضائل، منها:[٧] أنّ الصائمون يُدعون من باب الرّيان يوم القيامة. أنّ القرآن والصيام يشفعان للعبد يوم القيامة. أنّ للمسلم فرحةٌ بالدنيا، وفرحةٌ في الآخرة بفضل صيامه. أنّ الله -تعالى- وملائكته يصلّون على الصائم حين سحوره، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللَّهَ وملائِكتَه يصلُّونَ على المتسحِّرينَ).[٨] أنّ المسلم يحقّق التقوى بالصوم عن الطعام، والشراب، والشهوات. أنّ الله -تعالى- يغفر لمن صام رمضان إيماناً واحتساباً. الصيام من أعمال الصديقين والشهداء. الصيام من أعمال الإيمان بالله وحده. صيام رمضان من الأعمال التي فرضها الله -تعالى- على المسلم، فلذلك فهي من أحبّ الأعمال إلى الله. تدريب االنفس على الأخلاق؛ بالانتصار على الشهوات في الصيام . استجابة دعاء الصائم.