الرثاء الرثاء هو البكاء الشديد مع الكلام على الميت وهو فن من فنون الشعر العربي، ويعتبر أصدق الأغراض الشعرية من حيث العاطفة، وهو يبرز صفة المرثي وشعر الرثاء يبين كمية الأسى والحزن التي يعاني منها الراثي، وله اتجاهات عدّة منها: الرثاء السياسي، ورثاء الزوج لزوجته، والرثاء لأجل الفكاهة، أمّا ألوانه فهي الندب، والعزاء، والتأبين، وفي هذا المقال سنعرض لكم بعض قصائد الرثاء. قصيدة بلقيس نزار قباني شاعر ودبلوماسي معاصر ولد في دمشق عام 1923م لأسرة عربية عريقة، له العديد من الدواوين الشعرية، وبلغ عدد دواوينه في نصف قرن 35 ديوان، وقال في رثاء زوجته بلقيس التي توفت في انفجار سفارة العراق في بيروت بكتابه قصيدة بلقيس الذي صدر عام 1982م:[١] شُكراً لكم شُكراً لكم فحبيبتي قُتِلَت وصار بوُسْعِكُم أن تشربوا كأساً على قبر الشهيدهْ وقصيدتي اغْتِيلتْ وهل من أُمَّـةٍ في الأرضِ إلا نحنُ تغتالُ القصيدة بلقيسُ كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ بلقيسُ كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ كانتْ إذا تمشي ترافقُها طواويسٌ وتتبعُها أيائِلْ بلقيسُ يا وَجَعِي ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ هل يا تُرى من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ يا نَيْنَوَى الخضراءَ يا غجريَّتي الشقراءَ يا أمواجَ دجلةَ تلبسُ في الربيعِ بساقِهِا أحلى الخلاخِلْ قتلوكِ يا بلقيسُ أيَّةُ أُمَّةٍ عربيةٍ تلكَ التي تغتالُ أصواتَ البلابِلْ أين السَّمَوْأَلُ والمُهَلْهَلُ والغطاريفُ الأوائِلْ فقبائلٌ أَكَلَتْ قبائلْ وثعالبٌ قَتَـلَتْ ثعالبْ وعناكبٌ قتلتْ عناكبْ قَسَمَاً بعينيكِ اللتينِ إليهما تأوي ملايينُ الكواكبْ سأقُولُ يا قَمَرِي عن العَرَبِ العجائبْ فهل البطولةُ كِذْبَةٌ عربيةٌ أم مثلنا التاريخُ كاذبْ بلقيسُ لا تتغيَّبِي عنّي فإنَّ الشمسَ بعدكِ لا تُضيءُ على السواحِلْ سأقول في التحقيق إنَّ اللصَّ أصبحَ يرتدي ثوبَ المُقاتِلْ وأقول في التحقيق إنَّ القائدَ الموهوبَ أصبحَ كالمُقَاوِلْ وأقولُ إن حكايةَ الإشعاع أسخفُ نُكْتَةٍ قِيلَتْ فنحنُ قبيلةٌ بين القبائِلْ هذا هو التاريخُ يا بلقيسُ كيف يُفَرِّقُ الإنسانُ ما بين الحدائقِ والمزابلْ بلقيسُ أيَّتها الشهيدةُ والقصيدةُ والمُطَهَّرَةُ النقيَّةْ سَبَـأٌ تفتِّشُ عن مَلِيكَتِهَا فرُدِّي للجماهيرِ التحيَّةْ يا أعظمَ المَلِكَاتِ يا امرأةً تُجَسِّدُ كلَّ أمجادِ العصورِ السُومَرِيَّةْ بلقيسُ يا عصفورتي الأحلى ويا أَيْقُونتي الأَغْلَى ويا دَمْعَاً تناثرَ فوق خَدِّ المجدليَّةْ أَتُرى ظَلَمْتُكِ إذْ نَقَلْتُكِ ذاتَ يومٍ من ضفاف الأعظميَّةْ بيروتُ تقتُلُ كلَّ يومٍ واحداً مِنَّا وتبحثُ كلَّ يومٍ عن ضحيَّةْ والموتُ في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا وفي مفتاح شِقَّتِنَا وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا وفي وَرَقِ الجرائدِ والحروفِ الأبجديَّةْ ها نحنُ يا بلقيسُ ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ والتخلّفِ والبشاعةِ والوَضَاعةِ ندخُلُ مرةً أُخرى عُصُورَ البربريَّةْ حيثُ الكتابةُ رِحْلَةٌ بينِ الشَّظيّةِ والشَّظيَّةْ حيثُ اغتيالُ فراشةٍ في حقلِهَا صارَ القضيَّةْ هل تعرفونَ حبيبتي بلقيسَ فهي أهمُّ ما كَتَبُوهُ في كُتُبِ الغرامْ كانتْ مزيجاً رائِعَاً بين القَطِيفَةِ والرخامْ كان البَنَفْسَجُ بينَ عَيْنَيْهَا ينامُ ولا ينامْ بلقيسُ يا عِطْرَاً بذاكرتي ويا قبراً يسافرُ في الغمام قتلوكِ في بيروتَ مثلَ أيِّ غزالةٍ من بعدما قَتَلُوا الكلامْ أبي محمود درويش أحد أهم شعراء العرب الفلسطينيين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن، ولد درويش عام 1941م وتوفي في الولايات المتحدة عام 2008م بعد إجرائه عملية القلب المفتوح، ومن قصائده في الرثاء:[٢] غضّ طرفا عن القمر وانحنى يحضن التراب وصلّي لسماء بلا مطر و نهاني عن السفر أشعل البرق أوديه كان فيها أبي يربيي الحجارا من قديم و يخلق الأشجار جلده يندف الندى يده تورق الشجر فبكى الأفق أغنية كان أوديس فارسا كان في البيت أرغفه و نبيذ و أغطية و خيول و أحذيه و أبي قال مرة حين صلّى على حجر غض طرقا عن القمر واحذر البحر و السفر يوم كان الإله يجلد عبده قلت يا ناس نكفر فروى لي أبي و طأطأ زنده في حوار مع العذاب كان أيوب يشكر خالق الدود و السحاب خلق الجرح لي أنا لا لميت و لا صنم فدح الجرح و الألم و أعني على الندم مرّ في الأفق كوكب نازلا نازلا و كان قميصي بين نار و بين ريح و عيوني تفكر برسوم على التراب و أبي قال مرة الذي ما له وطن ما له في الثرى ضريح و نهاني عن السفر وقفت على قبر العزيز بن يوسف ابن الساعاتي هو رضوان بن محمد الساعاتي شاعر وموسيقي وسياسي وخطاط، تعلم من أبيه علم الفلك وعلم الميكا*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-* وأنهى رضوان في سنة 1203م كتاباً في علم الساعات وسماه علم السـاعات والعمل بها، ومن قصائده التي صنفها القارئ على أنّها قصيدة رثاء ونوعها عمودية القصيدة الآتية:[٣] وقفتُ على قبر العزيز بن يوسفٍ وقوف الفتي الصادي على المنهلِ العذبِ فلم أقضهِ حقَّ السماحة والندى ولا حقَّ هاتيكَ البشاشةِ والقُربِ سلامٌ على الدنيا الدنية بعده فأحداثها تُصمي ولذاتها تُصبي ولو كنتُ ذا قلبٍ لصدني الأسى عن القلب لكني بقيتُ بلا قلبِ وسكن ندبي بعد طول جماحِهِ على الجائدِ الوهابِ والفارس الندب يقيني بأن الموت للخلق غايةٌ وأن المنايا موردُ العجم والعُربِ أخذت نعشك مصر باليمين أحمد شوقي كاتب وشاعر مصري وهو من أعظم شعراء العرب في الشعر الحديث ولد في القاهرة وتوفي فيها، ولقب بأمير الشعراء؛ وذلك لعظمته فيه، ومن أعظم دواوينه ديوان الشوقيات ومن قصائده بالرثاء القصيدة الآتية:[٤] أَخَذَت نَعشَكِ مِصرُ بِاليَمين وَحَوَتهُ مِن يَدِ الروحِ الأَمين لَقِيَت طُهرَ بَقاياكِ كَما لَقِيَت يَثرِبٌ أُمَّ المُؤمِنين في سَوادَيها وَفي أَحشائِها وَوَراءَ النَحرِ مِن حَبلِ الوَتين خَرَجَت مِن قَصرِكِ الباكي إِلى رَملَةِ الثَغرِ إِلى القَصرِ الحَزين أَخَذَت بَينَ اليَتامى مَذهَباً وَمَشَت في عَبَراتِ البائِسين وَرَمَت طَرفاً إِلى البَحرِ تَرى مِن وَراءِ الدَمعِ أَسرابَ السَفين فَبَدَت جارِيَةٌ في حِضنِها فَنَنُ الوَردِ وَفَرعُ الياسَمين وَعَلى جُؤجُئِها نورُ الهُدى وَعَلى سُكّانِها نورُ اليَقين حَمَلَت مِن شاطِئِ مَرمَرَه جَوهَرَ السُؤدُدِ وَالكَنزَ الثَمين وَطَوَت بَحراً بِبَحرٍ وَجَرَت في الأُجاجِ المِلحِ بِالعَذبِ المَعين وَاِستَقَلَّت دُرَّةً كانَت سَنىً وَسَناءً في جِباهِ المالِكين ذَهَبَت عَن عِليَةٍ صَيدٍ وَعَن خُرَّدٍ مِن خَفِراتِ البَيتِ عين وَالتَقِيّاتُ بَناتُ المُتَّقي وَالآميناتُ بُنَيّاتُ الأَمين لَبِسَت في مَطلَعِ العِزِّ الضُحى وَنَضَتهُ كَالشُموسِ الآفِلين يَدُها بانِيَةٌ غارِسَةٌ كَيَدِ الشَمسِ وَإِن غابَ الجَبين رَبَّةُ العَرشَينِ في دَولَتِها قَد رَكِبتِ اليَومَ عَرشَ العالَمين أُضجِعَت قَبلَكِ فيهِ مَريَمٌ وَتَوارى بِنِساءِ المُرَسَلين إِنَّهُ رَحلُ الأَوالي شَدَّهُ لَهُم آدَمُ رُسلِ الآخَرين اِخلَعي الأَلقابَ إِلّا لَقَباً عَبقَرِيّاً هُوَ أُمُّ المُحسِنين وَدَعي المالَ يَسِر سُنَّتَهُ يَمضِ عَن قَومٍ لِأَيدي آخَرين وَاِقذِفي بِالهَمِّ في وَجهِ الثَرى وَاِطرَحي مِن حالِقٍ عِبءَ السِنين وَاِسخَري مِن شانِئٍ أَو شامِتٍ لَيسَ بِالمُخطِئِ يَومُ الشامِتين وَتَعَزّي عَن عَوادي دَولَةٍ لَم تَدُم في وَلَدٍ أَو في قَرين وَاِزهَدي في مَوكِبٍ لَو شِئتِهِ لَتَغَطّى وَجهُها بِالدارِعين ما الَّذي رَدَّ عَلى أَصحابِهِ لَيسَ يُحيِ مَوكِبُ الدَفنِ الدَفين رُبَّ مَحمولٍ عَلى المِدفَعِ ما مَنَعَ الحَوضَ وَلا حاطَ العَرين باطِلٌ مِن أُمَمٍ مَخدوعَةٍ يَتَحَدّونَ بِهِ الحَقَّ المُبين في فَروقٍ وَرُباها مَأتَمٌ ذَرَفَت آماقَها فيهِ العُيون قامَ فيها مِن عَقيلاتِ الحِمى مَلَأٌ بُدِّلنَ مِن عِزٍّ بِهون أُسَرٌ مالَت بِها الدُنيا فَلَم تَلقَ إِلّا عِندَكِ الرُكنَ الرَكين قَد خَلا بَيبَكُ مِن حاتِمِه وَمِنَ الكاسينَ فيهِ الطاعِمين طارَتِ النِعمَةُ عَن أَيكَتِه وَاِنقَضى ما كانَ مِن خَفضٍ وَلين اليَتامى نُوَّحٌ ناحِيَةً وَالمَساكينُ يَمُدّونَ الرَنين دَولَةٌ مالَت وَسُلطانٌ خَلا دُوِّلَت نُعماهُ بَينَ الأَقرَبين مُنهِضُ الشَرقِ عَلِيٌّ لَم يَزَل مِن بَنيهِ سَيِّدٌ في عابِدين يُصلِحُ اللَهُ بِهِ ما أَفسَدَت فَتَراتُ الدَهرِ مِن دُنيا وَدين أُمَّ عَبّاسٍ وَما لي لَم أَقُل أُمَّ مِصرَ مِن بَناتٍ وَبَنين كُنتِ كَالوَردِ لَهُم وَاِستَقبَلوا دَولَةَ الرَيحانِ حيناً بَعدَ حين فَيُقالُ الأُمُّ في مَوكِبِها وَيُقالُ الحَرَمُ العالي المَصون العَفيفِيُّ عَفافٌ وَهُدىً كَالبَقيعِ الطُهرِ ضَمَّ الطاهِرين اُدخُلي الجَنَّةَ مِن رَوضَتِه إِنَّ فيها غُرفَةً لِلصابِرين