ليلة القدر ليلة عظيمة مباركة، ومن حُرم قيامَها والعملَ الصالح فيها كان محروماً من الخير كله، لذلك ينبغي للمسلم المقبل على طاعة الله والحريص على ذلك أن يجتهد في قيامها وإحيائها طمعاً بالأجر العظيم، وسبيل ذلك هو التأسّي برسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال الاجتهاد في العشرة الأواخر من رمضان جميعاً، ومما يسنّ فعله من الأعمال الصالحة في ليلة القدر ما يأتي:[٤] الاعتكاف، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله جل وعلا، وإنّما كان يعتكف عليه السلام طلباً لقطع أشغاله، وتفريغ باله، ومناجاة ربه تبارك وتعالى وذكره ودعائه، وكان عليه السلام يتخلى بذلك عن الناس، فلا يخالطهم حتى يتمّ أنسه بالله ويلمّ شعث قلبه بالإقبال عليه، وهكذا ينقطع تمام الانقطاع إلى العبادة، ويحفظ صومه من حظوظ النفس وشهواتها، كما يقلّل أبواب المباح الدنيوية، ويتخلص من آثار الترف وآثار فضول مصاحبة الناس، وهكذا يخرج من معتكفه سليم القلب. الحرص على قيام ليلة القدر، فقد قال عليه الصلاة والسلام (مَن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذَنبِهِ) [٥]، والمراد بكلمة إيماناً أي تصديقاً بوعد الله سبحانه وتعالى بالأجر والثواب، ومعنى احتساباً أي طلباً للأجر والمثوبة وليس لغيرهما من الرياء أو نحوه. الإكثار من الدعاء فيها، وخير الدعاء فيها (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عني)، وقد كان عليه الصلاة والسلام يتهجد في ليالي رمضان ويقرأ قراءةً مرتلة، فإذا مرّ بآية فيها حديث عن الرحمة سأل الله عز وجل ذلك، وكلما مرّ بآية تتحدث عن العذاب استعاذ بالله منه، فهكذا كان يجمع بين الصلاة والذكر والدعاء والتفكر، وهذه أكمل الأعمال وأفضلها. إيقاظ الأهل إلى الصلاة، فقد رغّب الرسول عليه الصلاة والسلام أن يوقظ الزوجان بعضهما إلى الصلاة، وأن ينضح أحدهما الماء في وجه الآخر لذلك. الحرص على أداء الصلوات المكتوبة في المسجد، خصوصاً صلاة المغرب والعشاء والفجر، فهذا أقلّ القليل الذي يصيب به الإنسان ليلة القدر ويحظى من خلاله بفضلها، وقد أخرج الإمام مالك في كتابه الموطئ عن سعيد بن المسيب رحمه الله قوله أنّ من حضر صلاة العشاء من ليلة القدر في جماعة فقد أخذ بحظه من تلك الليلة.