الواجب على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ الإيمان بقدر الله تعالى وحكمه، مع الاستسلام له، والانقياد التامّ لأوامره؛ إذ إنّ الله تعالى لا يشرّع أيّ حكمٍ من الأحكام إلا لحكمةٍ ومصلحةٍ بالغةٍ أرادها لعباده، إلا أنّ ذلك قد يخفى عن العباد، ومن الأحكام التي شرعها الله تعالى الخاصّة بالنساء: تحريم الصيام على الحائض منهنّ، كما دلّ على ذلك إجماع العلماء، إلّا أنّه يجب عليها قضاء الأيام التي أفطرتها بسبب حيضها، وإذا صامت الحائض رمضان، لم يصحّ ذلك منها، ونصّ بعض العلماء على أنّ الحكمة من ذلك؛ أنّ المرأة تضعف بسبب الحيض، فتتأثر وتضعف بزيادةٍ إلى جانب ضعفها بسبب الصيام، ممّا يجعل الصيام وقت الحيض ضراراً على المرأة.[١] استغلال الحائض لشهر رمضان لا يمنع الحيض المرأة من القيام ببعض العبادات؛ فإنّ الأجر تناله الحائض إن كانت معتادةً على طاعةٍ ما، أو عملٍ يقرّبها من الله تعالى، فقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا مرض العبدُ أو سافر، كتب اللهُ تعالى له من الأجرِ مثلَ ما كان يعملُ صحيحًا مُقيمًا)،[٢] والحيض عارضٌ من العوارض التي تصيب المرأة، كما أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وعد الصحابة الذين صدقوا نيّة الجهاد في سبيل الله ولكن منعهم العذر، بأجر المجاهد دون أيّ فرقٍ، ومن الطاعات التي يمكن للمرأة الحائض القيام بها:[٣] المداومة على ذكر الله تعالى، وتسبيحه؛ إذ إنّ العلماء لم يختلفوا في جواز ذلك للحائض، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (من ضنَّ بالمالِ أن ينفقَهُ وَهابَ العدوَّ أن يجاهدَهُ واللَّيلَ أن يُكابدَهُ؛ فليُكثر من قولِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واللَّهُ أَكبرُ والحمدُ للَّهِ وسبحانَ اللَّهِ).[٤] ترديد آياتٍ قرآنيّةٍ في النفس غيباً، دون تحريك اللسان بها، أو من المصحف مباشرةً دون لمسه؛ إذ إنّ العلماء أجازوا ذلك بلا خلافٍ بينهم، وذهب بعض العلماء إلى جواز قراءة القرآن للحائض جهراً، ويمكن إجمال الخلاف بين العلماء في هذه المسألة على النحو الآتي: ذهب جمهور العلماء إلى القول بحرمة قراءة القرآن للحائض، إلا ما كان على سبيل الذكر والدعاء، وليس على سبيل التلاوة، مثل قول: (إنا لله وإنا إليه راجعون)، أو قول: (بسم الله الرحمن الرحيم). ذهب الإمام مالك والإمام أحمد في إحدى الروايات عنه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وما رجّحه الشوكاني، إلى القول بجواز قراءة القرآن للحائض. حضور مجالس العلم في المسجد أو إعطاؤها، ولكن العلماء اختلفوا في ذلك، وبيان اختلافهم فيما يأتي: ذهب الحنابلة إلى جواز المكوث في المسجد للجُنب إذا توضأ، واستندوا في رأيهم إلى ما رُوي عن عطاء بن يسار، حيث قال: إنّ بعض الصحابة -رضي الله عنهم- جلسوا في المسجد وهم على جنابةٍ بعد وضوئهم وضوء الصلاة. ذهب بعض الفقهاء إلى القول بجواز المكوث في المسجد للجُنب والحائض والنفساء، سواءً بوضوءٍ أم بغير وضوءٍ؛ إذ لم يرد دليلٌ صحيحٌ عنهم يدلّ على التحريم، فيبقى الأمر على أصل الإباحة، واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، حيث روى عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قوله: (إنَّ المسلمَ لا يَنْجُسُ)،[٥] كما أنّه يجوز للمشرك وغير المسلم دخول المسجد، فالمسلم الجُنب يجوز له ذلك من باب أولى، ومن العلماء الذي قالوا بذلك: أحمد، والمزني، وأبو داوود، وابن المنذر، وابن حزم. القراءة في كتب تفسير القرآن الكريم، مع جواز لمسها، ويجوز أيضاً القراءة في غير كتب التفسير التي تحتوي على آياتٍ قرآنيّةٍ، مع جواز لمسها.[٦] أحكامٌ متعلّقةٌ بالحيض والنفاس تستشكل بعض الأمور الخاصّة بالنساء عليهنّ، ومن هذه الأمور ما يتعلّق بالحيض وأثره على عبادتها، وفيما يأتي توضيحٌ لبعض الأمور ذات الصلة بذلك:[٧] إنّ الصيام واجبٌ على الفتاة عند بلوغها سنّ التكليف، ويتحقّق تكليف الفتاة بعدّة أمور؛ هي: إكمال خمس عشرة سنة، أو بإنزال المني، أو بخروج الشعر حول الفرج، أو الحيض، أو الحمل. إنّ على المرأة أن تقضي ما صامته من رمضان أثناء حيضها؛ حياءً من أهلها، ويجب عليها عدم العودة لمثل ذلك الفعل. إنّ من الأفضل للمرأة عدم تناول الحبوب التي تمنع الحيض؛ رغبةً منها في صيام شهر رمضان كاملاً وعدم القضاء بعد رمضان؛ إذ إنّ الله تعالى قدّر لها عدم الصيام لحكمةٍ يعلمها، كما أنّ ذلك قد يؤدي إلى حدوث ضررٍ بالجسم، ولكن إن كان القصد من تناول الحبوب التقرّب إلى الله تعالى بالطاعات والعبادات في العشر الأواخر من شهر رمضان، فقد يجوز ذلك. إن حاضت المرأة في شهر رمضان، ثمّ انقطع الحيض عنها قبل الفجر، فيجب عليها الصيام؛ فتنوي الصيام وإن لم تغتسل، بخلاف الصلاة؛ فإنّها لا تصحّ إلا بعد أن تغتسل، ولكن إذا انقطع دم الحيض بعد الصبح فعليها أن تمسك وتصوم، مع قضائها لهذا اليوم بعد رمضان، وإن كان الطهر من الحيض خلال النهار فعليها أن تمسك عن المفطرات كذلك، مع وجوب قضاء اليوم بعد رمضان؛ حيث إنّ الإمساك مراعاةٌ لحرمة الزمان، والقضاء لعدم كمال الصيام؛ فالصائم نصف النهار لا يعدّ صائماً، كما أنّ الواجب على المسلم صيام شهر رمضان كاملاً. إنّ الدم الخارج في غير أيام الحيض يعدّ دم استحاضةً، لا يمنعها عن الصلاة وغيرها من الأمور الممنوعة خلال الحيض. إنّ الدم الذي تراه الحامل، والذي لا يرافقه أي علامةٍ من علامات وضع المولود، يعدّ دماً فاسداً، ويترتّب على ذلك عدم تركها للعبادات، وإن رافق الدم علامةً من علامات الوضع؛ فهو دم نفاسٍ، يمنع من الصلاة والصوم