شهر رمضان المبارك شهرٌ عظيمٌ عند الله تعالى، وقد فرض الله -تعالى- على المسلمين صيامه، وجعله ركناً من أركان الإسلام، ويكون الصيام بالإمساك عن الطعام والشراب وجميع المُفطرات، من طلوع الشمس إلى غروبها بشرط وجود النيّة؛ أي أن تكون النيّة خالصة لله -عزّ وجلّ- بأنّ هذا الصوم عبادة يتقرّب بها العبد لله تعالى، ومن عظيم فضله أنّ الله -تعالى- جعله للمسلمين فُرصةً لتكفير الذّنوب والخطايا، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الصَّلواتُ الخمسُ، والجمُعةُ إلى الجمعةِ، ورمضانُ إلى رمضانَ، مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتنَبَ الْكبائرَ)،[١] والصيام عبادة عظيمة تُطهّر النّفس وتزكّيها، كما أنّ شعور الصائم بالجوع والعطش يُدرّب نفسه على الشعور بمُعاناة الفقراء والمساكين، والتعاطف معهم، وكذلك يُقرّب الصوم العبد من ربّه، ويُغلق مداخل الشيطان بكبح الشّهوات، فيُحبّبه بالجنّة ونعيمها، ومن الجدير بالذكر أنّ دخول شهر رمضان يثبت برؤية الهلال، أو بشهادة واحدٍ من المسلمين العدول برؤيته، فإذا لم يره أحد من المسلمين، يثبُت رمضان بعد تمام ثلاثين يوماً من شعبان، وينتهي شهر رمضان برؤية هلال شوّال بشهادة اثنين من المسلمين العدول برؤيته، وإلّا فتكون نهايتة بعد انقضاء ثلاثين يوماً من بدايته.[٢] استغلال شهر رمضان شهر رمضان شهرٌ عظيمٌ، وفرصة لكلّ مسلم للحصول على الأجر، وتكفير ذنوبه وخطاياه، وهناك أمور تساعد على استغلال شهر رمضان لتصويب مسار حياة المسلم وعلاقته مع الله تعالى، منها:[٣] قراءة القرآن الكريم بتدبّر وفهم لمعانيه، ففضلاً عن الأجر العظيم الذي يترتّب على قراءة القرآن الكريم، يُعدّ تدبّره وفهم معانيه بالرّجوع إلى كتب التفسير من الأمور الهامّة التي ينبغي على المسلم أن يحرص عليها، وممّا يدلّ على ذلك قول ابن تيمية رحمه الله: (ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مئة تفسير، ثمّ أسأل الله الفهم وأقول يا مُعلّم آدم علّمني). المحافظة على الصّلاة في المساجد، والتّبكير بالذهاب إليها حتى لا تفوت المسلم تكبيرة الإحرام مع الإمام، ويجد بالذكر أنّ المحافظة على تكبيرة الإحرام لأربعين يوماً مُتتالية فيها براءةٌ من النفاق، وبراءة من النّار، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من صلَّى للهِ أربعين يوماً في جماعةٍ، يدركُ التَّكبيرةَ الأولى كُتِبَ له براءتانِ: براءةٌ من النارِ، وبراءةٌ من النِّفاقِ).[٤]> المواظبة على صلاة التراويح جماعةً في المسجد، لما فيها من روحانياتٍ، ورفعٍ للإيمانيّات، وشحذٍ للهمم. استغلال الأوقات المباركة بالدّعاء، وبالتحديد قبل الإفطار بدقائق؛ إذ إنّه وقت مُستجابٌ فيه الدعاء بإذن الله، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ثلاثُ دَعَواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المظلُومِ، ودعوةُ المسافِرِ)،[٥] ويجدر بالمسلم أن يدعو الله وهو مُقبلٌ عليه، مُنكسر القلب. عدم تضييع الوقت بمتابعة وسائل الإعلام، والبرامج التلفزيونية، وخاصّةً أنّ النفس في شهر رمضان مُهيّئة لترك المعاصي والشياطين مُصفّدة، حتى وإن لم تكن تلك البرامج مُباحةً، فإنّ فيها تضييعٌ للأوقات وللأجور العظيمة، فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يتركون مجالس العلم في رمضان رغم ما فيها من الأجر، ليحصلوا على ما هو أعظم أجراً، كقراءة القرآن، وقيام الليل. الحرص على إفطار الصائمين، لما يترتّب على ذلك من أجرٍ عظيمٍ، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من فطَّر صائماً كان له مثلُ أجره، غير أنّه لا ينقصُ من أجر الصائمِ شيئاً).[٦] برّ الوالدين من أعظم الأعمال، ومن صور ذلك طاعتهم ومساعدتهم في أمور البيت وتحضير الإفطار، وقضاء الأوقات معهم، والإفطار معهم. الجلوس في المسجد بعد الفجر، وذكر الله -تعالى- حتى طلوع الشمس، ثمّ صلاة ركعتين، حيث إنّ ذلك يعدل أجر حجّة وعمرة تامّة، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثمّ صلّى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ).[٧] هجر المعاصي والذنوب، مثل: التدخين، وسماع الموسيقى، والغيبة، والنّميمة، والتوبة إلى الله -تعالى- منها، ولأنّ للبيئة المحيطة بالإنسان أثر عظيم في تغييره، فحريٌّ به أن يستغل شهر رمضان المبارك للإقلاع عن المعاصي، ففيه تُصفّد الشياطين، وتنكسر النّفس لله تعالى، ويكون الناس في سباق للطاعات من صلاة، وصيام، وقيام ليل، وقراءة القرآن. الاعتكاف في المسجد، وتشجيع الآخرين على الاعتكاف أيضاً. العمرة في رمضان؛ حيث إنّها تعدل حجّة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. إعمار المنزل بذكر الله تعالى، ومن صور ذلك تعليم أحكام التلاوة في المنزل، وعقد برنامج لتحفيظ القرآن للأطفال، وقراءة الأحاديث النبوية، وقصص الصحابة والتابعين. مُبطلات الصوم في رمضان هناك بعض الأمور التي تُبطل صيام المسلم، وفي ما يأتي بيان بعضٍ منها:[٨] الأكل والشرب عمداً، فمَن أكل أو شرب ناسياً فلا يبطل صيامه. الاستمناء؛ وهو إخراج المني من غير جِماع، ويُستثنى من ذلك الاحتلام، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن الله تعالى: (كلُّ حسنةٍ يعمَلُها ابنُ آدَمَ بعشْرِ حسناتٍ إلى سبعِمئةِ ضِعفٍ يقولُ اللهُ: إلَّا الصَّومَ فهو لي وأنا أجزي به يدَعُ الطَّعامَ مِن أجلي والشَّرابَ مِن أجلي وشهوتَه مِن أجلي وأنا أجزي به).[٩] الحيض والنّفاس بما يتعلّق بالنّساء. النيّة بالإفطار حتى ولو امتنع عن الطعام والشراب، حيث إنّ النية ركن من أركان الصيام، فإذا انتفى ركن من الأركان بطل الصيام. الرِدّة عن الإسلام. الجِماع، فإذا جامع الرجل زوجته في نهار رمضان وهي راضية فقد بطل صيامهما ويجب عليهما قضاء اليوم وإخراج الكفّارة، وأمّا إذا كانت غير راضية فليس عليها كفّارة ولكن عليها القضاء