تأثر الشبكية من جراء اختراق الأشعة الضارة للعين
البرص مرض وراثي يغيب فيه الميلانين المسؤول عن إكساب الجلد والشعر والعيون اللون المميز لها. ويظهر على جلد الإنسان في صورة بقع دائرية أو بيضاوية أو متعرجة وتكون هذه البقع محددة المعالم بحواف داكنة اللون، ويتميز الجلد في هذه المنطقة بأنه طبيعي وخال من أية تغيرات مرضية فقط تكمن المشكلة في أنه يفقد لونه الطبيعي.. وقد يظهر البرص في أي عمر من سن الرضاعة وحتى الشيخوخة، ولكن في معظم الأحيان يكون ما بين عشر سنوات إلى ثلاثين عاماً، وقد وجد أنه يصيب النساء بنسبة اكبر قليلاً من الرجال.
ولا يعرف بشكل فعلي أسباب حصول المرض ومن جراء ذلك نشأت العديد من النظريات التي تفسر حصوله. وتذكر إحداها أن الجسم يتعامل مع الخلايا الصبغية (الميلانين) أثناء المراحل الجينية الأولى على أنها جسم غريب ويكون لها أجسام مضادة تدمر هذه الخلايا فيما بعد ليظهر مرض البرص وتستند هذه النظرية إلى إمكانية وجود أمراض مناعية أخرى في مريض البرص مثل السكري، الثعلبة، أمراض الغدة الدرقية.
الأعراض المرضية
نقص صبغة الميلانين يؤدي إلى:
- تعرض الجلد مباشرة إلى أشعة الشمس دون وجود طبقة تحميه من آثارها السلبية مما يزيد من امكانية الإصابة بسرطان الجلد.
- رهاب الضوء (فوتوفوبيا)
- الرأرأه وهي حركة العين اللإرادية وسيأتي تفصيلها لاحقا في ثنايا هذا المقال.
- الحول.
- تأثر الشبكية من جراء اختراق الأشعة الضارة للعين دون وجود من يمتصها.
- ضعف البصر
وما يعنينا في هذا المقال التأثير المنتظر لمرض البرص على البصر ولعله ومن باب الطرافة وبالنظرة الأولى نجد أن جميع الحروف الهجائية موجودة في الكلمتين مع اختلاف ترتيبهما.
- ضعف النظر
وجدت العديد من الأبحاث التي أجريت لمعرفة تأثير البرص أو نقص مادة الميلانين على القدرة البصرية للمصابين به أن هناك ضعفاً لديهم بعد اجراء الاختبار التقليدي لمعرفة قوة الإبصار. ولقد تم تفسير ذلك بأن النقطة التي تعطي أفضل مجال للإبصار والتي تقع داخل الماكيولا في الشبكية (الفوفيا) لم تتكون بشكل مماثل لما هي عليه لدى الأشخاص غير المصابين بالبرص مما يسبب ضعفا واضحا لديهم ويقلل من القدرة البصرية.
رهاب الضوء (فوتوفوبيا)
من المعروف أن صبغة الميلانين لها دور كبير وهام في امتصاص الأشعة الضارة لجسم الإنسان وحماية أعضائه منها. ونعني هنا بالأشعة ما يسمى الأشعة فوق البنفسجية. وتغطي هذه الصبغة معظم الطبقات الداخلية للعين مما لا يسمح بهذا النوع من الأشعة إلا بالدخول عبر فتحة ضيقة تدعى البؤبؤ. وبالتالي فإن النقص في تكون هذه الصبغة في العين يسهم وبشكل سلبي في ازدياد حساسية للعين للضوء بشكل عام ودخوله إلى العين دون وجود ما يمتصه مما ينشأ عنه العديد من الأمراض المرتبطة بمثل هذا النوع من الأشعة الضارة مثل الماء الأبيض وكذلك تأثر الشبكية من ذلك.
الرأرأرة
NYSTAGMUS
في الحالات الخلقية التي تؤدي إلى الإصابة بفقدان الإبصار من الشائع وجود ما يسمي بالرأرأة وتلاحظ كثيرا وبشكل واضح من الوالدين كعلامة أولية لوجود ضعف في الإبصار. والرأرأرة عبارة عن اهتزاز منتظم متساو في العينين وغير إرادي. ويكون الاهتزاز أفقيا من اليمين إلى اليسار وبالعكس وهو يظهر، بشكل واضح، عند النظر إلى اليمين أو الشمال كما يمكن أن يكون الاهتزاز بشكل دائري وبطيء، ولا سيما عند الأطفال حديثي الولادة. وتشاهد الرأرأة غالبا عند عمال المناجم بسبب سوء الإضاءة ووضع رأس العامل المائل إلى الوراء أثناء العمل، وعند المصابين بنقص في المادة الملونة (الميلانين) . كذلك يمكن أن تظهر الرأرأة في التهابات الأذن الوسطى أو في بعض الأورام والالتهابات الدماغية ولا يوجد علاج جذري لهذه الحالة إلا إذا وجد السبب المؤدي إلى ذلك مثل أمراض الأذن أو تصحيح ضعف الإبصار وقد تحسنت حالة العديد من عمال المناجم بعد تركهم للعمل فيها.
اضطراب حركة الرأس و/ أو العينين
يلاحظ أيضا في المصابين بالبرص وخاصة الطلاب منهم محاولة تحريك أو الميلان بالرأس والعينين بطريقة مثيرة للانتباه عند النظر إلى جسم معين ويهدف من وراء ذلك إلى البحث عن أفضل مكان يتيح له النظر بشكل سليم وواضح. ويسمى هذا الموقع الجديد ب Null Position
ومن المهم للمعلمين وأولياء أمور هؤلاء الطلاب عند ملاحظة ذلك تحويلهم إلى طبيب العيون المتخصص لمساعدتهم في توفير العلاج المناسب.
الحول
من الأمور الشائعة لدى المصابين بالبرص حصول حالات عديدة لفقدان الرؤية المزدوجة (الحول) وهذا يسهم وبشكل كبير في ضعف الإبصار لديهم أو يجعلهم يعتمدون في نظرهم على عين واحدة مما يسبب في ايجاد مشاكل بصرية من أهمها عدم القدرة على تحديد المسافات الطبيعية الصحيحة لجسمين متجاورين وخاصة أثناء القيادة.
العلاج البصري
غالباً فإن المصابين بالبرص يعالجون في عيادة متخصصة لذلك وتسمى عيادات ضعاف البصر التأهيلية :
Low Vision Care or Clinic
- ويحرص المتخصصون في هذا المجال على توفير الوسائل والمعينات البصرية الكفيلة بحماية العين والإبصار لدى المصابين بالبرص. ومن أهمه بالطبع المرشحات أو النظارات الشمسية التي تقي العين من مخاطر الأشعة فوق البنفسجية والتي لا تستطيع أعضاء جسم المصاب به القيام بذلك. ويجب على المصاب بالبرص الاستخدام المتواصل للمرشحات البصرية حماية لعينه من مخاطر الأشعة فوق البنفسجية وكذلك توفر الراحة التامة له لما لها من دور كبير في التقليل من رهاب الضوء (فوتوفوبيا).
- غالبا ما يعاني المصابون بالبرص من اصابتهم بنوع أو أكثر من الأخطاء الانكسارية. فقد يصابون بطول النظر أو قصر النظر وقد يكون مرتبطاً بالاستجماتزم. لذلك فإن وصف النظارة الطبية المناسبة من قبل المتخصصين المؤهلين يسهم في زيادة القدرة البصرية وخاصة اذا ما ارتبط هذا الضعف بالإصابة بالرأرأة لكونها تحتاج إلى طريقة خاصة في الفحص وإبعاد المريض عما قد يسبب في زيادة حركة العين اللإرادية.
- قد يضطر المصاب بالبرص ممن لديه ضعف بسيط أو متوسط في النظر إلى تقريب المادة المقروءة كثيراً من عينيه للقراءة وهذا الأمر قد يكون مقلقاً لوالديه ولمعلمه في المدرسة. لكن ذلك يعتبر وضعاً طبيعياً للمصاب كونه يشعر أن هذا التقريب سيسهم في تحسين نظره وقراءته. ولا ضير من ذلك لكن وجد أن الكثير منهم يفضل ذلك متى ما استخدم النظارات ثنائية البؤرة للقراءة والتي ستسهم بإذن الله في تخفيف الضغط على العينين الناجم من القراءة على هذه المسافة القريبة جداً.
- العدسات اللاصقة يمكن للمصاب بالبرص أن يستخدمها سواء من الناحية الطبية أو الجمالية. فهي تسهم وبشكل كبير في القيام بوظيفة النظارات الطبية من ناحية تصحيح ضعف البصر (قصر النظر، طول النظر، الاستجماتزم) . كما وجد أن العدسات اللاصقة تسهم وبشكل ايجابي في التخفيف من المشاكل الناتجة بسبب الرأرأة. وتفسر احدى النظريات ذلك بأن الإحساس بوجود العدسات اللاصقة على العين مباشرة يؤدي إلى قدرة المريض على التحكم بحركتها مما يسهم في تحسين الإبصار كما أن حركتها مع العين في الاتجاهات المختلفة يسهم في تحسن جودة الصورة المستقبلة.