التنشيط مادة لغوية من الجذر المعجمي ( ن ش ط ) ، وتعني جملة من المعاني تنطلق من المعنى النووي لعقد، وهو في الحقل التربوي يفيد لغة عقد العزم على فعل شيء، والتهيؤ له والاستعداد لإنجازها، وتصييره واقعا ملموسا. وأما اصطلاحا؛ فإنه يفيد عملية التحفيز والحث على فعل شيء وتحريكه والمشاركة فيه. إلا أنه يختلف معناه الاصطلاحي في بعض حيثياته من حقل معرفي أو تطبيقي لآخر. ومنه لم أجد تعريفا للتنشيط في معجم علوم التربية؛ وإنما وجدت تعداد تقنيات التنشيط التربوي، وهي تقنيات تهم تنشيط المجموعات الكبرى والصغرى. في مقابل ذلك وجدت تعريفا لمعهد التنشيط بتونس يقول: ( يعرف التنشيط على أنه جملة من العمليات التي يقوم بها فرد أو مجموعة من الأفراد بهدف إدخال تعديل أو تغيير على سلوك إنساني أو مكان أو محيط في إطار تربوي وثقافي وفق أهداف مضبوطة ومحددة. وهو يعتمد أساسا على المكونات التالية:
ـ المنشط: القائم بالفعل والمؤطر.
ـ المنشط: المفعول معه.
ـ المكان والزمان: الوعاء الوظيفي للنشاط.
ـ الوسائل: المادية والبيداغوجية ).
ونحن نجد بين ثنايا هذه الورقة ما يسمح لي بمساحة اجتهادية، تمكنني من مسوغات تقديم تعريف إجرائي للتنشيط يقوم على:
أ ـ المعنى المعجمي النووي.
ب ـ ورود المصطلح على الوزن الصرفي " تفعيل " بما يتضمن من معنى الحركة والفعل...
ج ـ طبيعة التنشيط القائمة على طرفين في الحد الأدنى.
د ـ مكنون فعل " التنشيط " الدال على التفاعل بما يفيد التأثير والتأثر.
حيث يمكن تقديم هذا التعريف الإجرائي بالصيغة التالية:
( التنشيط فعل تفعيل وضعية سكونية أو شبه سكونية نحو وضعية تفاعلية بين مكونات مختلفة ضمن نسق معين، يستهدف إحداث ناتج معين ).
والتنشيط بهذا المعنى يتوقف على:
1ـ معرفة وقيم ومهارات وقدرات وكفايات، ليدل على الفعل المعجمي والاصطلاحي لـ " ن ش ط "؛ ذلك لا فعل إلا بالمعرفة والقيم والمهارات والقدرات والكفايات، حيث لا يوجد فعل مؤسس على فراغ بل لابد من استباقات ناشئة عن نشاط الإنسان السابقة المتراكمة لديه، والتي يتفاعل بها ويفعل بها...
2 ـ وضعية سكونية أو شبه سكونية، جامدة بصفة نهائية أو شبه نهائية أو خاملة فاقدة للطاقة...
3 ـ فعل التفعيل، بمعنى الإنجاز الفعلي للتنشيط؛ بما يضمن التفاعل بين المكونات، وتحريك النسق نحو اكتساب الطاقة الحرارية المحركة...
4 ـ استهداف التنشيط ناتج نعين، سواء أكان معرفيا أو ماديا أو معنويا، كما أو كيفا.. مثلا في المجال التعليمي: تحقيق كفايات معينة عند المتعلم.
والتنشيط هنا؛ في هذه الورقة تنشيط مطلق، لم يتحدد بمجال معين بالعين أو بالوصف أو بالموضوع وإنما تركناه كذلك حتى يستوعب كل تنشيط هادف يمارس في المؤسسة التعليمية أو خارجها من خلال متعلميها. فالتنشيط متعدد منه مثالا لا حصرا: التنشيط التربوي والتنشيط المسرحي والتنشيط الثقافي والتنشيط الاجتماعي والتنشيط الاقتصادي والتنشيط السياسي... حيث أصبح التنشيط في المدرسة المغربية مكونا رئيسا من مكونات بنية الفعل التدريسي، لأنه يمكن المتعلم المغربي من مجموعة من الكفايات المتنوعة والمختلفة، ويدعم مكتسباته بطرق جد فعالة؛ مبنية على المشاركة والتفاعل بين التلميذ وموضوع التنشيط. ولي من واقع الممارسة ومن أدبيات الحقل التربوي الأدلة الكثيرة، ذلك أنه على سبيل المثال؛ التدريس في التاريخ من خلال المسرح المدرسي أنجع من تدريس التاريخ بالإلقاء، حيث مسرحة النص التاريخي تحيل المتعلم على معالم شخوصية وزمانية ومكانية وحدثية معينة، يمسك بها درسه، ويستحضره مشخصا حيا، ليحاكم النص ذاته من حيث مصداقيته العلمية والتاريخية، وليحاكم واقعه في ضوئه... ويستحضر اللحظة التاريخية الحاسمة في المسار التاريخي للدول والشعوب والحضارة الإنسانية. وكذا التدريس بواسطة الورش اليدوية، التي تسمح للمتعلم بمقاربة موضوعه انطلاقا من ملامسة المادة الخام، وتشكيل هذه المادة وفق المستهدف من الدرس؛ ذلك أن العمل اليدوي يحيل إلى الخبرة الأدائية والتقنية والفنية للمتعلم، فضلا عن معلوماته ومعرفته واستحضار مكتسباته السابقة... كما أن التدريس واسطة التكنولوجيا البسيطة في المؤسسة التعليمية، من بين أهم الطرق الحديثة التي تربط بين النظري والتطبيقي، وتؤهل المتعلم للأداء التطبيقي المؤسس على الواقع والتجربة المؤطرة بالنظري...
والتنشيط في مفهومنا ليس ترفيها أو مضيعة للوقت كما يظن البعض به؛ وإنما هو مكون حقيقي من مكونات الفعل البيداغوجي، تلح عليه عشرية التربية والتكوين، وتحث عليه فلسفة الميثاق، وتقننه المواد التشريعية المدرسية. لكنه في البيداغوجيا الفارقية أو بيداغوجيا المجموعات هو دينامو للفعل التعليمي التعلمي، ينهض بتنشيط مجموعات القسم وفق تقنيات معينة ومعروفة في المجال التربوي. وتحقيق التواصل فيما بينها. وبذلك يمكن أن نعرف التنشيط داخل القسم ب:
تعريف التنشيط التربوي:
1 ـ " إضفاء الحيوية على جلسة تعلمية بقصد تنمية التواصل بين المتعلمين وتنظيم مساهماتهم في بناء التعلم" .
2 ـ " تفاعل وعمل جماعي يغني الدينامية المعرفية لأفراد المجموعة قصد تحسين قدراتها الوجدانية والسلوكية والمعرفية، مع دفع لتغيير الواقع السلبي الذي يعيشه الأفراد ( المشاركون ) وتعزيز فكر نقدي باعتماد مصلحة الجماعة أو لضمان تماسكها ومحيطها.. " .
ومنه فإن التنشيط التربوي متعلق بتحريك الفعل التعليمي نحو الفعل التعلمي داخل جماعة القسم، لتحقيق بناء المعرفة والمهارات والسلوك والقيم والقدرات المختلفة لدى المتعلمين المشاركين في جماعة القسم. وهذا التحريك منوط بالمنشط الذي يبعث الحياة في جماعة القسم، لأنه " هو الذي ينفخ الحياة في ندوة أو عمل من أعمال جماعة، فيثير، ويحفز، ويرشد، ويوجه، وينظم مبادرات وتدخلات المشاركين " ، كما أنه عليه انطلاقا من هذا " أن يحس بمسؤوليته في وضعية واستمرارية الجماعة وفعاليتها " .
3 ـ " مجموعة من الإجراءات والسيرورات والتدخلات والتفاعلات وأفعال التحفيز والحث والاستثارة والمواقف والتصرفات والأفعال الصادرة عن المنشط ( المسؤولين )؛ التي من شأنها تسهيل وإنجاح العمل الجماعي " .
4 ـ " محاولة خلق وتنمية نشاط في مجموعة أو غيرها بناء على رغبات ودوافع واهتمامات محركة لهذا النشاط " .
ونرى التنشيط التربوي في مستوى الاصطلاح الإجرائي: " حفز لأعضاء المجموعة على الإقبال على النشاط بجدية، وإشراكهم فيه، وتسهيل لمهامهم وأدوارهم في إنجازه مع إبقاء التلاحم والتواصل بين أعضائها في ظل توجيهات وإرشادات المنشط ( الأستاذ ) ". وهو يقوم أساسا على التعليم التعاوني الذي يعرفه كود Good " بأنه تغيير في السلوك ناتج كليا أو جزئيا عن تجربة اثنين أو أكثر من الأشخاص ويقول عنه سلافين Sl.....تمنع روابط التحميل الغير قانوني......n : إن مصطلح التعلم التعاوني يشير إلى تك*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-*ات صفية ينشغل من خلالها الطلبة بنشاطات تعليمية في مجموعات صغيرة، ويتلقون من خلالها تعزيزا أو تقديرا مستندا إلى أدائهم في مجموعاتهم "
المنشط فاعل تربوي:
يتمركز المنشط التربوي ( الأستاذ/المكون ) مركز فعل التنشيط لدوره الخطير في إنجاحه أو إفشاله، ذلك أنه وسيط بين الذوات وأفكارها وتفاعلاتها فيما بينها، وموجه لتلك الذوات فيما بينها ولعلاقاتها وتفاعلاتها البينية. وأنه الحريص على تماسك الجماعة، والساهر على تطبيق مضمون التنشيط بما فيه التخطيط والإنجاز والتقويم والتعديل. والموجه لذلك التطبيق، والمسهل لتعلمه، فقد بات الآن على الأساتذة كمنشطين " أن يكونوا مساعدين أو مسهلين لعميلة التعلم، وبات التركيز في قاعة الدرس منصبا على تحسين قدرة التلميذ على التعلم، أي أن المعلمين ( الأساتذة ) الآن بات من واجبهم تشجـيـع التلاميذ في قاعة الدرس على التعلم حسب النموذج الذي يكتسب الطفل من خلاله معارفه بشكل طبيعي " .
وبما أن المنشط يحتل هذه المكانة في جماعة القسم، أضحى محط موقفين منه ضمن دائرة التواصل؛ حيث يتسم الموقف الأول بالمعارضة وعدم القبول به انطلاقا من رفض توجيهاته وإرشاداته وسلطته كمنشط للجماعة، وإنكار أهليته للتنشيط، والتشويش عليه ومقاومته بالطرق السلبية إن كان أصحاب هذا الموقف في ضعف. أما إذا كانوا في حالة قوة فالمقاومة تكون بالطرق الموجبة كالنقد اللاذع من أجل النقد، ورفض تنفيذ القرارات أو مضمون التنشيط.. والموقف الثاني يتسم بالتأييد والتقبل انطلاقا بالإقرار بأهلية المنشط للتنشيط، والتجاوب معه في إنجاز مضمون التنشيط ، والدخول معه في علاقة حوار إيجابية من أجل إنضاج مجموعة قرارات، والتفاعل معه بكل دينامية وحيوية اعتبارا له كعضو في الجماعة ومصدرا للتنشيط.
والمنشط الحكيم هو الذي يذيب الجليد في الموقف الأول ويحوله إلى الموقف الثاني، وذلك بالانفتاح على أصحاب الموقف السلبي، ومناقشتهم بكل صدق وصراحة ودفعهم إلى تغير موقفهم بالاقتناع مع امتصاص غضبهم والتعامل مع سلبيتهم بإيجابية من منطلق تقبل الاختلاف. وقد حث إدوارد لامبوس على أن يتخذ منشط الجماعة موقف التعاون للخروج إلى الموقف الثاني أي موقف التقبل والتأييد والتجاوب، لضمان تواصل إيجابي وفعال ومتبادل بين المنشط والمنشطين من خلال الضبط والتحكم في الجماعة سواء في شخصياتها أو في مواقفهم أو في ردود أفعالهم تجاه موضوع التنشيط، حتى لا يؤثر ذلك على عملية التنشيط نفسها أو تعوقها وتكون ضدا عليها وقوى مضادة .. وليعلم أن الجماعة فيها الذكي والبليد والمتبلد والمتساهل والجحود والعنيد.. وغير ذلك من أصناف الشخصية؛ عليه أن يتجه بهم نحو هدف معين بمنهج معين وبمضمون معين وبأدوات معينة، فيجعلهم على اختلاف شخصياتهم منخرطين في المهمة الموكولة لهم بكل جدية ومسؤولية وحيوية.
أنواع المنشط:
ما يقال عن أنواع المدرس ينسحب على أنواع المنشط من حيث المنشط هنا أستاذ القسم، وهي أنواع لا تحيد عن: المنشط المستبد أو المتسلط، والمنشط المتهاون، والمنشط المتذبذب، والمنشط الديمقراطي . والمنشط الناجح هو ذلك المنشط الديمقراطي الذي يحافظ على تفاعل الجماعة الإيجابي ويخلقه فيها، ويعمل على الحفاظ على النظام الذي اتخذته الجماعة لنفسها، كما يفعل التواصل بين أفرادها فضلا عن تواصله معهم، زيادة على تحييده لتأثيرات توجهاته وآرائه وميولاته ومواقفه على الجماعة مباشرة، ودفعها إلى اتخاذ مواقفه وحلوله وآرائه و.. في مقاربة مضمون التنشيط، مما ينقله من المنشط الديمقراطي إلى المنشط المستبد دون أن يشعر بذلك.
والمنشط الديمقراطي هو الذي يعتبر نفسه فردا من الجماعة ينضبط إلى قراراتها ويشارك في المهمات الموكولة لها؛ لكن ضمن حفاظه على مسافة معينة تسمح له بالتوجيه والإرشاد والتدخل في المنعطفات الخطيرة التي تهدد الجماعة.. فهو معني بمساعدة الجماعة وتوجيهها ضمن شروط التنشيط إلى البحث عن الحلول والاقتراحات المناسبة مع التحكم في متغيرات الفضاء المكاني والزمني والاجتماعي والتواصلي..
مقتضيات تنشيطية:
وهي أبجديات تربوية عامة، تطلب في عقلنة وعلمنة كل فعل تربوي تعليمي بما فيه التنشيط؛ من حيث أنها مجموعة عمليات اعتبارية تتمثل في:
" ـ الإعداد القبلي: ويقصد به تنظيم الموضوع المراد تقديمه والعمل على تصميمه وفق مجموعات العمل التي يتم العمل ضمنها.
ـ تنظيم العمل حال إجراء التنشيط، ويدخل ضمن ذلك:
• تنظيم فضاء القسم واختيار الوضع المريح لأفراد المجموعة، وأحسنه ما كان على شكل حذوة الفرس ( en U )، لأن ذلك يساعد على التفاعل بين أفراد المجموعة فيما بينهم من جهة، وبينهم وبين المدرس من جهة ثانية.
• تقديم الموضوع.
• تحديد الأهداف.
ـ الإنجاز، ويتم من خلال:
• تصميم الموضوع.
• الاتفاق على طريقة العمل ( تقنية التنشيط ).
• عرض النتائج ومناقشتها.
• تدوين الخلاصات العامة.
ـ تنشيط المجموعة، ويتمثل في:
• الحث على المناقشة والتذكير بالموضوع وتوضيح الأهداف كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
• العمل على تجاوز العوائق الطارئة مثل:
ـ تهدئة المنحرف الذي يحاول جر المجموعة إلى فكرة جانبية.
ـ إسكات المدمر الذي يحاول إفشال الحصة التثقيفية.
ـ الحفز على المشاركة ( النقاش ).
ـ ضبط تدخل المشاركين. "
ـ التقويم، ويتم عبر تقويم:
• تقويم جميع المراحل السابقة.
• وضع الحلول للمشاكل والصعوبات المكتشفة.
• إجراء الحلول ثم التقويم من جديد.
• تدوين نتائج التقويم للاستفادة منها لاحقا.
• العمل على تصفية الصعوبات بالتقويم التكويني.
تقنيات التنشيط:
1ـ التعريف الاصطلاحي:
1.1. " مجموع التقنيات الموظفة لتنشيط جماعة معينة لأجل تحقيق أهداف من أهداف التكوين بالنسبة للكبار أو أهداف التدريس بالنسبة للتلاميذ " .
2.1. " مجموعة من الإجراءات التي تمارس بها مواقف التعليم المفتوح وغير الموجه " .
3.1. " مجموع الإجراءات والآليات الموظفة لتنشيط جماعة المتعلمين " .
2 ـ تعدد تقنيات التنشيط:
ليس هناك وصفة واحدة لتقنيات التنشيط، فهي عديدة ومتنوعة تتسم كل تقنية بخصائص مختلفة عن الأخرى إلا أن هناك تقنيات معروفة ومشهورة وجاري العمل بها؛ غير أنه يمكن أن نخلق التقنية التي تناسب جماعة القسم الذي نشتغل معه خلقا ينضبط إلى المنهجة والعلمنة ويراعي قدرات ومكتسبات المتعلمين، ويمكن إجراؤه عمليا وميدانيا بمعنى إمكانية تطبيقه مع جماعة القسم.
فتقنيات التنشيط من منطلق تعريفها يمكن إقامتها من حيث كونها مجموع الإجراءات والآليات الموظفة لتنشيط جماعة القسم؛ فهذا المضمون العلمي للتقنية يسمح بالاجتهاد في وضع مجموعة من التقنيات المناسبة لجماعة القسم، ولا يمكن التخوف من ذلك بل يجب اقتحام هذا المجهول ورفع التحدي أمامه. فالجرأة العلمية هي الكفيلة بتطوير منظومتنا التعليمية لا التقليد والركون إلى الساكن والمعتاد من طرقنا البالية التي مازالت تسيطر على فعلنا التربوي التعليمي بكامل تجلياته رغم إدعاء التجديد. فلا جديد في واقع هذه المنظومة، ولا في عمقها الفلسفي والاجتماعي والعلمي والأدائي، وإنما هو التجديد الشكلي في الألوان والأغلفة والكلام الفارغ في عقولنا.
ونحن في هذه الورقة سنتطرق لبعض هذه التقنيات ونحاول تطبيقها بيننا حتى نمسك بها ونجريها مع تلامذتنا لعلنا نخرج من الطرق التقليدية المسيطرة على منظومتنا التربوية بعد أن نعرف لماذا تقنيات التنشيط؟
ـ لماذا تقنيات التنشيط؟
إن تنشيط جماعة القسم عبر تقسيمها إلى مجموعات معينة وفق التقنية الموظفة يعمل على تجاوز عدة صعوبات ومعوقات منها مثلا:
" ـ انحباس التواصل: حيث تعين تقنيات العمل في مجموعات كل تلميذ على التعبير عن رأيه عن طريق شخص آخر، إلى أن يتعوذ بتدرج على الاندماج في المجموعة وأخذ زمام المبادرة.
ـ الضعف في التفاعل الاجتماعي: فتقنيات العمل في مجموعات توفر فضاء تفاعل اجتماعي متنوع يعلم التلاميذ مع الأيام كيف يتصرفون شيئا فشيئا في نزاعاتهم conflis التي تجمع التدافع مع الشدة مع اللعب مع علاقات السيطرة/الاستسلام مع القيادة.
ـ اهتزاز الثقة بالنفس: حيث يجد كل تلميذ نفسه مضطرا في بعض المواقف إلى أن يشرح بعض التعلمات إلى بعض زملائه أو إلى أن يعبر عنها، مما يعيد له الثقة في إمكانياته.
ـ فقدان الدافعية والرغبة: فتقنيات العمل في مجموعات توفر وضعيات حيوية dynamiques تسمح بالحركة والتحدث بين الزملاء، وتنظيم الطاولات بطريقة مغايرة، بأخذ المبادرات والقرارات، ولعب الأدوار، وتوزيع المهام.. وهذه الحيوية من شأنها أن تقنع التلاميذ بأنهم الفاعلون الحقيقيون في تعلمهم، فتتولد لديهم الرغبة في التعلم " .
نماذج من تقنيات التنشيط:
بما أننا في التنشيط غالبا ما نعمل مع مجموعات صغرى تنقسم إليها جماعة القسم فلابد من الإشارة إلى الأساسيات التالية التي يتطلبها العمل مع المجموعات:
" ـ المطلوب الواضح: ولذلك ينبغي التأكد من أنه قد فهم من الجميع، ويحسن تسجيله بما يجعله في متناول كل طرف.
ـ الابتداء بمرحلة تفكر فردية: تدوم ما بين دقيقة أو خمس دقائق يستجمع فيها كل تلميذ أفكاره وموارده حول القضية المطروحة، ويسجلها في ورقة، ليدمجها بعد ذلك مع مجلوبات زملائه في إطار المجموعة.
ـ اشتراط أثر مكتوب: يصلح للتلاميذ حتى يراجعوا عملهم، وللأستاذ حتى يتابع سير نشاطهم، إلا إذا كانت أهداف النشاط تقتضي عكس ذلك في حالات العمل على الذاكرة مثلا أو اختبار القدرة على المبادهة أو الارتجال..
ـ توزيع الوقت على مراحل إنجاز العمل: فالدراسات في هذا المجال تؤكد أنه كلما كانت مدة المهمة محددة وقصيرة كلما كان الانتاج أفضل. بالإضافة إلى أن التلاميذ يستحسنون هذا التوقيت المنضبط، ويعيشونه كتحد.
ـ إنجاز تحليل جماعي لنتائج كل مجموعة: وذلك من خلال:
• تعليق النتائج.
• إصلاحها عبر التفاعل المتواصل مع التلاميذ.
• تطعيمها بمعطيات إضافية مكملة.
• إثراؤها بمعطيات جديدة، كالقاعدة التي تنظم كل النتائج التي توصل إليها التلاميذ..
وهذه الطريقة في التحليل من شأنها أن تساهم في بناء شخصية التلاميذ لأسباب ثلاثة على الأقل:
• تعطي للقسم صورة واضحة عن إمكانياته.
• تمكن من إعادة تنظيم المعارف التي ولدت في أحضان المجموعة.
• تضمن الأثر الذي يسعى إلى إحداث النشاط في المجموعة.
ـ التكليف بعمل فردي للمواصلة: يكون في شكل تمارين أو درس إضافي، أو بحث، أو تحرير.. تدعم التعلم المحصل في القسم وتثريه "
وأما عن تقنيات التنشيط فسنقف على بعضها المعروف وهو:
1 ـ تقنية التجميع4.3 :
وهي تقنية تقليدية كلاسيكية، تعتمد على تقسيم جماعة القسم إلى مجموعات صغيرة تضم ثلاثة تلاميذ أو أربعة وفق اختيارهم في الانضمام إلى هذه المجموعة أو تلك، إلا أنه أصبح اليوم هذا الاختيار مبنيا على التقويم التشخيصي، الذي يمكن كل متعلم من معرفة المجموعة التي يمكن أن ينضم إليها. كما للأستاذ أن يوزع التلاميذ إلى مجموعات بناء على ذلك التقويم التشخيصي. ويجري الإجراءات التالية:
ـ يمد الأستاذ المجموعات بالوثائق والمعينات اللازمة في موضوع التنشيط، ويطلب منها مقاربته فيما بين أعضائها مع إنجاز تقرير حول المقاربة ونتائجها؛ لتشارك به المجموعة في إنجاز التقرير التركيبي النهائي لجماعة القسم.
ـ تقوم كل مجموعة بمقاربة الموضوع داخل غلاف زمني يمتد ما بين 10 إلى 20 دقيقة حسب وثيرة التعلم ودقته.
ـ تعرض المجموعات نتائج مقاربتها وعملها على القسم في دقيقتين أو ثلاث، مما يوجب التركيز والضبط والدقة والسرعة في العرض.
ـ يساعد الأستاذ التلاميذ في إنجاز تقرير تركيبي من تقارير المجموعات، مع إغنائه وإثرائه بمعطيات ومعلومات ومعارف جديدة إن كانت ضرورية ولازمة، حيث ينتدب الأستاذ تلميذا لكتابة التقرير التركيبي ثم تتم قراءته وتسجيله عند التلاميذ للرجوع إليه والبناء عليه المكتسبات الجديدة.
2 ـ تقنية1.2.4.8.16:
تقوم هذه التقنية على البناء التدرجي اللولبي للتعلم، حيث يطلع الأستاذ جماعة القسم أولا على موضوع التنشيط وغاياته وأهدافه وذلك من خلال كتابته على السبورة ثم تمنح لجماعة القسم خمس دقائق للتفكر الذاتي والشخصي في الموضوع؛ بعدها ينصرف:
ـ إلى المراحل التالية:
• كل متعلم يعمل يشتغل مع جاره وزميله، بمعنى تشتغل جماعة القسم في هذه المرحلة الأولى مثنى مثني مع صياغة كل اثنين إجابتهما في إجابة واحدة في ثماني دقائق.
• ثم يجتمع كل اثنين مع اثنين آخرين لتشكيل مجموعة رباعية، تصيغ إجابتها من الإجابتين السابقتين في عشر دقائق مع العلم أن الإجابة يمكن أن تتسع وتنقح.. إلخ.
• ثم تجتمع كل مجموعة رباعية مع أختها لتشكيل مجموعة ثمانية، تصيغ إجابتها من الإجابتين السابقتين للمجموعتين الرباعيتين في خمس عشرة دقيقة.
ـ وتقوم كل المجموعات الثمانية ( أو الرباعية أو الست عشرية، حسب قرار الأستاذ ) بتدوين نتائج إنجازها على السبورة لصياغة نتيجة نهائية من نتائجها في عشر دقائق، ويعمل الأستاذ على تنقيحها وتطعيمها من خلال مناقشة التلاميذ. ويلاحظ أن هذه المرحلة تكون طويلة تستغرق وقتا أكثر؛ مما ينصح بتوزيع أوراق كبيرة لهذا الغرض للمجموعات أو أوراق شفافة لعرضها بالعاكس إذا توفر هذا الأخير اختصارا للوقت.
ـ في الأخير يطلب من التلاميذ تدوين النتيجة النهائية لديهم بمثابة عمل فردي تدعيمي يرجع إليه في تعلماته.
ـ المنشط: القائم بالفعل والمؤطر.
ـ المنشط: المفعول معه.
ـ المكان والزمان: الوعاء الوظيفي للنشاط.
ـ الوسائل: المادية والبيداغوجية ).
ونحن نجد بين ثنايا هذه الورقة ما يسمح لي بمساحة اجتهادية، تمكنني من مسوغات تقديم تعريف إجرائي للتنشيط يقوم على:
أ ـ المعنى المعجمي النووي.
ب ـ ورود المصطلح على الوزن الصرفي " تفعيل " بما يتضمن من معنى الحركة والفعل...
ج ـ طبيعة التنشيط القائمة على طرفين في الحد الأدنى.
د ـ مكنون فعل " التنشيط " الدال على التفاعل بما يفيد التأثير والتأثر.
حيث يمكن تقديم هذا التعريف الإجرائي بالصيغة التالية:
( التنشيط فعل تفعيل وضعية سكونية أو شبه سكونية نحو وضعية تفاعلية بين مكونات مختلفة ضمن نسق معين، يستهدف إحداث ناتج معين ).
والتنشيط بهذا المعنى يتوقف على:
1ـ معرفة وقيم ومهارات وقدرات وكفايات، ليدل على الفعل المعجمي والاصطلاحي لـ " ن ش ط "؛ ذلك لا فعل إلا بالمعرفة والقيم والمهارات والقدرات والكفايات، حيث لا يوجد فعل مؤسس على فراغ بل لابد من استباقات ناشئة عن نشاط الإنسان السابقة المتراكمة لديه، والتي يتفاعل بها ويفعل بها...
2 ـ وضعية سكونية أو شبه سكونية، جامدة بصفة نهائية أو شبه نهائية أو خاملة فاقدة للطاقة...
3 ـ فعل التفعيل، بمعنى الإنجاز الفعلي للتنشيط؛ بما يضمن التفاعل بين المكونات، وتحريك النسق نحو اكتساب الطاقة الحرارية المحركة...
4 ـ استهداف التنشيط ناتج نعين، سواء أكان معرفيا أو ماديا أو معنويا، كما أو كيفا.. مثلا في المجال التعليمي: تحقيق كفايات معينة عند المتعلم.
والتنشيط هنا؛ في هذه الورقة تنشيط مطلق، لم يتحدد بمجال معين بالعين أو بالوصف أو بالموضوع وإنما تركناه كذلك حتى يستوعب كل تنشيط هادف يمارس في المؤسسة التعليمية أو خارجها من خلال متعلميها. فالتنشيط متعدد منه مثالا لا حصرا: التنشيط التربوي والتنشيط المسرحي والتنشيط الثقافي والتنشيط الاجتماعي والتنشيط الاقتصادي والتنشيط السياسي... حيث أصبح التنشيط في المدرسة المغربية مكونا رئيسا من مكونات بنية الفعل التدريسي، لأنه يمكن المتعلم المغربي من مجموعة من الكفايات المتنوعة والمختلفة، ويدعم مكتسباته بطرق جد فعالة؛ مبنية على المشاركة والتفاعل بين التلميذ وموضوع التنشيط. ولي من واقع الممارسة ومن أدبيات الحقل التربوي الأدلة الكثيرة، ذلك أنه على سبيل المثال؛ التدريس في التاريخ من خلال المسرح المدرسي أنجع من تدريس التاريخ بالإلقاء، حيث مسرحة النص التاريخي تحيل المتعلم على معالم شخوصية وزمانية ومكانية وحدثية معينة، يمسك بها درسه، ويستحضره مشخصا حيا، ليحاكم النص ذاته من حيث مصداقيته العلمية والتاريخية، وليحاكم واقعه في ضوئه... ويستحضر اللحظة التاريخية الحاسمة في المسار التاريخي للدول والشعوب والحضارة الإنسانية. وكذا التدريس بواسطة الورش اليدوية، التي تسمح للمتعلم بمقاربة موضوعه انطلاقا من ملامسة المادة الخام، وتشكيل هذه المادة وفق المستهدف من الدرس؛ ذلك أن العمل اليدوي يحيل إلى الخبرة الأدائية والتقنية والفنية للمتعلم، فضلا عن معلوماته ومعرفته واستحضار مكتسباته السابقة... كما أن التدريس واسطة التكنولوجيا البسيطة في المؤسسة التعليمية، من بين أهم الطرق الحديثة التي تربط بين النظري والتطبيقي، وتؤهل المتعلم للأداء التطبيقي المؤسس على الواقع والتجربة المؤطرة بالنظري...
والتنشيط في مفهومنا ليس ترفيها أو مضيعة للوقت كما يظن البعض به؛ وإنما هو مكون حقيقي من مكونات الفعل البيداغوجي، تلح عليه عشرية التربية والتكوين، وتحث عليه فلسفة الميثاق، وتقننه المواد التشريعية المدرسية. لكنه في البيداغوجيا الفارقية أو بيداغوجيا المجموعات هو دينامو للفعل التعليمي التعلمي، ينهض بتنشيط مجموعات القسم وفق تقنيات معينة ومعروفة في المجال التربوي. وتحقيق التواصل فيما بينها. وبذلك يمكن أن نعرف التنشيط داخل القسم ب:
تعريف التنشيط التربوي:
1 ـ " إضفاء الحيوية على جلسة تعلمية بقصد تنمية التواصل بين المتعلمين وتنظيم مساهماتهم في بناء التعلم" .
2 ـ " تفاعل وعمل جماعي يغني الدينامية المعرفية لأفراد المجموعة قصد تحسين قدراتها الوجدانية والسلوكية والمعرفية، مع دفع لتغيير الواقع السلبي الذي يعيشه الأفراد ( المشاركون ) وتعزيز فكر نقدي باعتماد مصلحة الجماعة أو لضمان تماسكها ومحيطها.. " .
ومنه فإن التنشيط التربوي متعلق بتحريك الفعل التعليمي نحو الفعل التعلمي داخل جماعة القسم، لتحقيق بناء المعرفة والمهارات والسلوك والقيم والقدرات المختلفة لدى المتعلمين المشاركين في جماعة القسم. وهذا التحريك منوط بالمنشط الذي يبعث الحياة في جماعة القسم، لأنه " هو الذي ينفخ الحياة في ندوة أو عمل من أعمال جماعة، فيثير، ويحفز، ويرشد، ويوجه، وينظم مبادرات وتدخلات المشاركين " ، كما أنه عليه انطلاقا من هذا " أن يحس بمسؤوليته في وضعية واستمرارية الجماعة وفعاليتها " .
3 ـ " مجموعة من الإجراءات والسيرورات والتدخلات والتفاعلات وأفعال التحفيز والحث والاستثارة والمواقف والتصرفات والأفعال الصادرة عن المنشط ( المسؤولين )؛ التي من شأنها تسهيل وإنجاح العمل الجماعي " .
4 ـ " محاولة خلق وتنمية نشاط في مجموعة أو غيرها بناء على رغبات ودوافع واهتمامات محركة لهذا النشاط " .
ونرى التنشيط التربوي في مستوى الاصطلاح الإجرائي: " حفز لأعضاء المجموعة على الإقبال على النشاط بجدية، وإشراكهم فيه، وتسهيل لمهامهم وأدوارهم في إنجازه مع إبقاء التلاحم والتواصل بين أعضائها في ظل توجيهات وإرشادات المنشط ( الأستاذ ) ". وهو يقوم أساسا على التعليم التعاوني الذي يعرفه كود Good " بأنه تغيير في السلوك ناتج كليا أو جزئيا عن تجربة اثنين أو أكثر من الأشخاص ويقول عنه سلافين Sl.....تمنع روابط التحميل الغير قانوني......n : إن مصطلح التعلم التعاوني يشير إلى تك*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-*ات صفية ينشغل من خلالها الطلبة بنشاطات تعليمية في مجموعات صغيرة، ويتلقون من خلالها تعزيزا أو تقديرا مستندا إلى أدائهم في مجموعاتهم "
المنشط فاعل تربوي:
يتمركز المنشط التربوي ( الأستاذ/المكون ) مركز فعل التنشيط لدوره الخطير في إنجاحه أو إفشاله، ذلك أنه وسيط بين الذوات وأفكارها وتفاعلاتها فيما بينها، وموجه لتلك الذوات فيما بينها ولعلاقاتها وتفاعلاتها البينية. وأنه الحريص على تماسك الجماعة، والساهر على تطبيق مضمون التنشيط بما فيه التخطيط والإنجاز والتقويم والتعديل. والموجه لذلك التطبيق، والمسهل لتعلمه، فقد بات الآن على الأساتذة كمنشطين " أن يكونوا مساعدين أو مسهلين لعميلة التعلم، وبات التركيز في قاعة الدرس منصبا على تحسين قدرة التلميذ على التعلم، أي أن المعلمين ( الأساتذة ) الآن بات من واجبهم تشجـيـع التلاميذ في قاعة الدرس على التعلم حسب النموذج الذي يكتسب الطفل من خلاله معارفه بشكل طبيعي " .
وبما أن المنشط يحتل هذه المكانة في جماعة القسم، أضحى محط موقفين منه ضمن دائرة التواصل؛ حيث يتسم الموقف الأول بالمعارضة وعدم القبول به انطلاقا من رفض توجيهاته وإرشاداته وسلطته كمنشط للجماعة، وإنكار أهليته للتنشيط، والتشويش عليه ومقاومته بالطرق السلبية إن كان أصحاب هذا الموقف في ضعف. أما إذا كانوا في حالة قوة فالمقاومة تكون بالطرق الموجبة كالنقد اللاذع من أجل النقد، ورفض تنفيذ القرارات أو مضمون التنشيط.. والموقف الثاني يتسم بالتأييد والتقبل انطلاقا بالإقرار بأهلية المنشط للتنشيط، والتجاوب معه في إنجاز مضمون التنشيط ، والدخول معه في علاقة حوار إيجابية من أجل إنضاج مجموعة قرارات، والتفاعل معه بكل دينامية وحيوية اعتبارا له كعضو في الجماعة ومصدرا للتنشيط.
والمنشط الحكيم هو الذي يذيب الجليد في الموقف الأول ويحوله إلى الموقف الثاني، وذلك بالانفتاح على أصحاب الموقف السلبي، ومناقشتهم بكل صدق وصراحة ودفعهم إلى تغير موقفهم بالاقتناع مع امتصاص غضبهم والتعامل مع سلبيتهم بإيجابية من منطلق تقبل الاختلاف. وقد حث إدوارد لامبوس على أن يتخذ منشط الجماعة موقف التعاون للخروج إلى الموقف الثاني أي موقف التقبل والتأييد والتجاوب، لضمان تواصل إيجابي وفعال ومتبادل بين المنشط والمنشطين من خلال الضبط والتحكم في الجماعة سواء في شخصياتها أو في مواقفهم أو في ردود أفعالهم تجاه موضوع التنشيط، حتى لا يؤثر ذلك على عملية التنشيط نفسها أو تعوقها وتكون ضدا عليها وقوى مضادة .. وليعلم أن الجماعة فيها الذكي والبليد والمتبلد والمتساهل والجحود والعنيد.. وغير ذلك من أصناف الشخصية؛ عليه أن يتجه بهم نحو هدف معين بمنهج معين وبمضمون معين وبأدوات معينة، فيجعلهم على اختلاف شخصياتهم منخرطين في المهمة الموكولة لهم بكل جدية ومسؤولية وحيوية.
أنواع المنشط:
ما يقال عن أنواع المدرس ينسحب على أنواع المنشط من حيث المنشط هنا أستاذ القسم، وهي أنواع لا تحيد عن: المنشط المستبد أو المتسلط، والمنشط المتهاون، والمنشط المتذبذب، والمنشط الديمقراطي . والمنشط الناجح هو ذلك المنشط الديمقراطي الذي يحافظ على تفاعل الجماعة الإيجابي ويخلقه فيها، ويعمل على الحفاظ على النظام الذي اتخذته الجماعة لنفسها، كما يفعل التواصل بين أفرادها فضلا عن تواصله معهم، زيادة على تحييده لتأثيرات توجهاته وآرائه وميولاته ومواقفه على الجماعة مباشرة، ودفعها إلى اتخاذ مواقفه وحلوله وآرائه و.. في مقاربة مضمون التنشيط، مما ينقله من المنشط الديمقراطي إلى المنشط المستبد دون أن يشعر بذلك.
والمنشط الديمقراطي هو الذي يعتبر نفسه فردا من الجماعة ينضبط إلى قراراتها ويشارك في المهمات الموكولة لها؛ لكن ضمن حفاظه على مسافة معينة تسمح له بالتوجيه والإرشاد والتدخل في المنعطفات الخطيرة التي تهدد الجماعة.. فهو معني بمساعدة الجماعة وتوجيهها ضمن شروط التنشيط إلى البحث عن الحلول والاقتراحات المناسبة مع التحكم في متغيرات الفضاء المكاني والزمني والاجتماعي والتواصلي..
مقتضيات تنشيطية:
وهي أبجديات تربوية عامة، تطلب في عقلنة وعلمنة كل فعل تربوي تعليمي بما فيه التنشيط؛ من حيث أنها مجموعة عمليات اعتبارية تتمثل في:
" ـ الإعداد القبلي: ويقصد به تنظيم الموضوع المراد تقديمه والعمل على تصميمه وفق مجموعات العمل التي يتم العمل ضمنها.
ـ تنظيم العمل حال إجراء التنشيط، ويدخل ضمن ذلك:
• تنظيم فضاء القسم واختيار الوضع المريح لأفراد المجموعة، وأحسنه ما كان على شكل حذوة الفرس ( en U )، لأن ذلك يساعد على التفاعل بين أفراد المجموعة فيما بينهم من جهة، وبينهم وبين المدرس من جهة ثانية.
• تقديم الموضوع.
• تحديد الأهداف.
ـ الإنجاز، ويتم من خلال:
• تصميم الموضوع.
• الاتفاق على طريقة العمل ( تقنية التنشيط ).
• عرض النتائج ومناقشتها.
• تدوين الخلاصات العامة.
ـ تنشيط المجموعة، ويتمثل في:
• الحث على المناقشة والتذكير بالموضوع وتوضيح الأهداف كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
• العمل على تجاوز العوائق الطارئة مثل:
ـ تهدئة المنحرف الذي يحاول جر المجموعة إلى فكرة جانبية.
ـ إسكات المدمر الذي يحاول إفشال الحصة التثقيفية.
ـ الحفز على المشاركة ( النقاش ).
ـ ضبط تدخل المشاركين. "
ـ التقويم، ويتم عبر تقويم:
• تقويم جميع المراحل السابقة.
• وضع الحلول للمشاكل والصعوبات المكتشفة.
• إجراء الحلول ثم التقويم من جديد.
• تدوين نتائج التقويم للاستفادة منها لاحقا.
• العمل على تصفية الصعوبات بالتقويم التكويني.
تقنيات التنشيط:
1ـ التعريف الاصطلاحي:
1.1. " مجموع التقنيات الموظفة لتنشيط جماعة معينة لأجل تحقيق أهداف من أهداف التكوين بالنسبة للكبار أو أهداف التدريس بالنسبة للتلاميذ " .
2.1. " مجموعة من الإجراءات التي تمارس بها مواقف التعليم المفتوح وغير الموجه " .
3.1. " مجموع الإجراءات والآليات الموظفة لتنشيط جماعة المتعلمين " .
2 ـ تعدد تقنيات التنشيط:
ليس هناك وصفة واحدة لتقنيات التنشيط، فهي عديدة ومتنوعة تتسم كل تقنية بخصائص مختلفة عن الأخرى إلا أن هناك تقنيات معروفة ومشهورة وجاري العمل بها؛ غير أنه يمكن أن نخلق التقنية التي تناسب جماعة القسم الذي نشتغل معه خلقا ينضبط إلى المنهجة والعلمنة ويراعي قدرات ومكتسبات المتعلمين، ويمكن إجراؤه عمليا وميدانيا بمعنى إمكانية تطبيقه مع جماعة القسم.
فتقنيات التنشيط من منطلق تعريفها يمكن إقامتها من حيث كونها مجموع الإجراءات والآليات الموظفة لتنشيط جماعة القسم؛ فهذا المضمون العلمي للتقنية يسمح بالاجتهاد في وضع مجموعة من التقنيات المناسبة لجماعة القسم، ولا يمكن التخوف من ذلك بل يجب اقتحام هذا المجهول ورفع التحدي أمامه. فالجرأة العلمية هي الكفيلة بتطوير منظومتنا التعليمية لا التقليد والركون إلى الساكن والمعتاد من طرقنا البالية التي مازالت تسيطر على فعلنا التربوي التعليمي بكامل تجلياته رغم إدعاء التجديد. فلا جديد في واقع هذه المنظومة، ولا في عمقها الفلسفي والاجتماعي والعلمي والأدائي، وإنما هو التجديد الشكلي في الألوان والأغلفة والكلام الفارغ في عقولنا.
ونحن في هذه الورقة سنتطرق لبعض هذه التقنيات ونحاول تطبيقها بيننا حتى نمسك بها ونجريها مع تلامذتنا لعلنا نخرج من الطرق التقليدية المسيطرة على منظومتنا التربوية بعد أن نعرف لماذا تقنيات التنشيط؟
ـ لماذا تقنيات التنشيط؟
إن تنشيط جماعة القسم عبر تقسيمها إلى مجموعات معينة وفق التقنية الموظفة يعمل على تجاوز عدة صعوبات ومعوقات منها مثلا:
" ـ انحباس التواصل: حيث تعين تقنيات العمل في مجموعات كل تلميذ على التعبير عن رأيه عن طريق شخص آخر، إلى أن يتعوذ بتدرج على الاندماج في المجموعة وأخذ زمام المبادرة.
ـ الضعف في التفاعل الاجتماعي: فتقنيات العمل في مجموعات توفر فضاء تفاعل اجتماعي متنوع يعلم التلاميذ مع الأيام كيف يتصرفون شيئا فشيئا في نزاعاتهم conflis التي تجمع التدافع مع الشدة مع اللعب مع علاقات السيطرة/الاستسلام مع القيادة.
ـ اهتزاز الثقة بالنفس: حيث يجد كل تلميذ نفسه مضطرا في بعض المواقف إلى أن يشرح بعض التعلمات إلى بعض زملائه أو إلى أن يعبر عنها، مما يعيد له الثقة في إمكانياته.
ـ فقدان الدافعية والرغبة: فتقنيات العمل في مجموعات توفر وضعيات حيوية dynamiques تسمح بالحركة والتحدث بين الزملاء، وتنظيم الطاولات بطريقة مغايرة، بأخذ المبادرات والقرارات، ولعب الأدوار، وتوزيع المهام.. وهذه الحيوية من شأنها أن تقنع التلاميذ بأنهم الفاعلون الحقيقيون في تعلمهم، فتتولد لديهم الرغبة في التعلم " .
نماذج من تقنيات التنشيط:
بما أننا في التنشيط غالبا ما نعمل مع مجموعات صغرى تنقسم إليها جماعة القسم فلابد من الإشارة إلى الأساسيات التالية التي يتطلبها العمل مع المجموعات:
" ـ المطلوب الواضح: ولذلك ينبغي التأكد من أنه قد فهم من الجميع، ويحسن تسجيله بما يجعله في متناول كل طرف.
ـ الابتداء بمرحلة تفكر فردية: تدوم ما بين دقيقة أو خمس دقائق يستجمع فيها كل تلميذ أفكاره وموارده حول القضية المطروحة، ويسجلها في ورقة، ليدمجها بعد ذلك مع مجلوبات زملائه في إطار المجموعة.
ـ اشتراط أثر مكتوب: يصلح للتلاميذ حتى يراجعوا عملهم، وللأستاذ حتى يتابع سير نشاطهم، إلا إذا كانت أهداف النشاط تقتضي عكس ذلك في حالات العمل على الذاكرة مثلا أو اختبار القدرة على المبادهة أو الارتجال..
ـ توزيع الوقت على مراحل إنجاز العمل: فالدراسات في هذا المجال تؤكد أنه كلما كانت مدة المهمة محددة وقصيرة كلما كان الانتاج أفضل. بالإضافة إلى أن التلاميذ يستحسنون هذا التوقيت المنضبط، ويعيشونه كتحد.
ـ إنجاز تحليل جماعي لنتائج كل مجموعة: وذلك من خلال:
• تعليق النتائج.
• إصلاحها عبر التفاعل المتواصل مع التلاميذ.
• تطعيمها بمعطيات إضافية مكملة.
• إثراؤها بمعطيات جديدة، كالقاعدة التي تنظم كل النتائج التي توصل إليها التلاميذ..
وهذه الطريقة في التحليل من شأنها أن تساهم في بناء شخصية التلاميذ لأسباب ثلاثة على الأقل:
• تعطي للقسم صورة واضحة عن إمكانياته.
• تمكن من إعادة تنظيم المعارف التي ولدت في أحضان المجموعة.
• تضمن الأثر الذي يسعى إلى إحداث النشاط في المجموعة.
ـ التكليف بعمل فردي للمواصلة: يكون في شكل تمارين أو درس إضافي، أو بحث، أو تحرير.. تدعم التعلم المحصل في القسم وتثريه "
وأما عن تقنيات التنشيط فسنقف على بعضها المعروف وهو:
1 ـ تقنية التجميع4.3 :
وهي تقنية تقليدية كلاسيكية، تعتمد على تقسيم جماعة القسم إلى مجموعات صغيرة تضم ثلاثة تلاميذ أو أربعة وفق اختيارهم في الانضمام إلى هذه المجموعة أو تلك، إلا أنه أصبح اليوم هذا الاختيار مبنيا على التقويم التشخيصي، الذي يمكن كل متعلم من معرفة المجموعة التي يمكن أن ينضم إليها. كما للأستاذ أن يوزع التلاميذ إلى مجموعات بناء على ذلك التقويم التشخيصي. ويجري الإجراءات التالية:
ـ يمد الأستاذ المجموعات بالوثائق والمعينات اللازمة في موضوع التنشيط، ويطلب منها مقاربته فيما بين أعضائها مع إنجاز تقرير حول المقاربة ونتائجها؛ لتشارك به المجموعة في إنجاز التقرير التركيبي النهائي لجماعة القسم.
ـ تقوم كل مجموعة بمقاربة الموضوع داخل غلاف زمني يمتد ما بين 10 إلى 20 دقيقة حسب وثيرة التعلم ودقته.
ـ تعرض المجموعات نتائج مقاربتها وعملها على القسم في دقيقتين أو ثلاث، مما يوجب التركيز والضبط والدقة والسرعة في العرض.
ـ يساعد الأستاذ التلاميذ في إنجاز تقرير تركيبي من تقارير المجموعات، مع إغنائه وإثرائه بمعطيات ومعلومات ومعارف جديدة إن كانت ضرورية ولازمة، حيث ينتدب الأستاذ تلميذا لكتابة التقرير التركيبي ثم تتم قراءته وتسجيله عند التلاميذ للرجوع إليه والبناء عليه المكتسبات الجديدة.
2 ـ تقنية1.2.4.8.16:
تقوم هذه التقنية على البناء التدرجي اللولبي للتعلم، حيث يطلع الأستاذ جماعة القسم أولا على موضوع التنشيط وغاياته وأهدافه وذلك من خلال كتابته على السبورة ثم تمنح لجماعة القسم خمس دقائق للتفكر الذاتي والشخصي في الموضوع؛ بعدها ينصرف:
ـ إلى المراحل التالية:
• كل متعلم يعمل يشتغل مع جاره وزميله، بمعنى تشتغل جماعة القسم في هذه المرحلة الأولى مثنى مثني مع صياغة كل اثنين إجابتهما في إجابة واحدة في ثماني دقائق.
• ثم يجتمع كل اثنين مع اثنين آخرين لتشكيل مجموعة رباعية، تصيغ إجابتها من الإجابتين السابقتين في عشر دقائق مع العلم أن الإجابة يمكن أن تتسع وتنقح.. إلخ.
• ثم تجتمع كل مجموعة رباعية مع أختها لتشكيل مجموعة ثمانية، تصيغ إجابتها من الإجابتين السابقتين للمجموعتين الرباعيتين في خمس عشرة دقيقة.
ـ وتقوم كل المجموعات الثمانية ( أو الرباعية أو الست عشرية، حسب قرار الأستاذ ) بتدوين نتائج إنجازها على السبورة لصياغة نتيجة نهائية من نتائجها في عشر دقائق، ويعمل الأستاذ على تنقيحها وتطعيمها من خلال مناقشة التلاميذ. ويلاحظ أن هذه المرحلة تكون طويلة تستغرق وقتا أكثر؛ مما ينصح بتوزيع أوراق كبيرة لهذا الغرض للمجموعات أو أوراق شفافة لعرضها بالعاكس إذا توفر هذا الأخير اختصارا للوقت.
ـ في الأخير يطلب من التلاميذ تدوين النتيجة النهائية لديهم بمثابة عمل فردي تدعيمي يرجع إليه في تعلماته.