1- تقليد القدماء:
كان الأدباء قبل القرن السابع عشر ينظرون إلى قدماء اليونان واللاتين نظرة احترام، ويعدونهم أساتذة في الأجناس الأدبية كلها، هذا ما أكده (ماليرب) و(بلزاك) وكُتّابُ المأساة الكبار، وبلغ احترام القدماء والتعويل عليهم أقصى درجاته عند (راسين) و(لافونتين) و(بوالو)، أما (موليير) فقد كان أكثر استقلالاً، ويرى (بوالو) أن تكوين الملكة العقلية الصحيحة لا يتم إلاّ بدراسة القدماء، لأنهم كانوا أقرب إلى الطبيعة، وحللوها بمزيد من البساطة، واستطاعت مؤلفاتهم التي أنجزوها في حضارتهم القديمة أن تصمد أمام الكثير من التغيرات السياسية والأخلاقية والفنّية، لأنها تحتوي على الكونيّ والإنسانيّ، حتى إن (لافونتين) يقول: "إنك إذا اخترت طريقاً آخر غير طريق القدماء فسوف تضلّ"، فبتقليد القدماء تستطيع مؤلفاتنا الاستمرار بالحياة في الأجيال القادمة، وإذا تأملنا معظم موضوعات راسين وجدناها مستقاة من القديم.
2- العقلانية:
بالعقل نستطيع التمييز بين الحقيقي والمزيف، والنسبيّ والمطلق، والخاص والعام، والعقل هو الذي يمنعنا من أن ننساق وراء نزوات الخيال، ويبعدنا عن المبالغة في التعبير عن آلامنا وأفراحنا، والعقل أيضاً مرادفٌ للحسّ السليم تقريباً، فهو يعتمد في أحكامه على ما هو شاملٌ وبسيط في الطبيعة الإنسانية، من هنا غابت عن الأدب الكلاسيكي الغنائيةُ المعتمدةُ على الخيال والأحلام والعواطف القويّة.
3- الإتقان الفني:
لا بد للكاتب الكلاسيكي من أن يتقن فنه ويصقله إلى درجة قصوى، مع مراعاة البساطة وعدم التكلف، فلا مجال في الكلاسيكية إلى الخروج عن القواعد.
والجمال الفني يعني العمل الجادّ والإخلاص فيه ومراجعته بالتهذيب والتنقيح، دون تجاوز القواعد ودون الوقوع فيما يسيء إلى الموهبة، وفن التراجيديا الكلاسيكية التي تمسكت بنظرية الأجناس والوحدات الثّلاث إطاراً للإبداع أوضحُ مثالٍ على ذلك.
4- التعويل على الحقيقة:
وذلك بالاقتراب من الواقع والابتعاد عن نزوات الخيال، فالحقيقيّ وحده هو الجميل، وهو الطبيعيّ والممتع والمحبوب، والأدب الكلاسيكي سيكولوجي لأنه يهتم بداخل الإنسان، والغاية من هذه السيكولوجية تتجلَّى في البحث عن الملامح المشتركة التي يلتقي حولها البشر في كلّ العصور.
ومع ذلك لا ينفي الناقد (بوالو) الاهتمام بتصوير الطبيعة الخارجية تصويراً بديعاً، ولما كانَ هدف الشعر عنده ليس التثقيف والتعليم، بل الإمتاع، فالطبيعة وحدها هي الشيء الممتع، وكل مصطنعٍ مَقيت.
5- القيم الأخلاقية:
لا يُطْلَبُ الجمالُ الفنيُّ لذاته أو لتحقيق الإمتاع فقط، بل لا بد معه من مثالٍ أخلاقي وروحيّ يسمو بالإنسان إلى حال أفضل، فالجمال والخير صنوان لا يفترقان، لذلك يجب أن يجتمع الإنسانيُّ والأخلاقيُّ في النص الأدبي، والفصاحة هبة من الله تعالى يجب أن تستخدم في حث الإنسان على فعل الخير.
من هذا المنطلق عالج الكُتَّابُ الكلاسيكيون في أدبهم الأحوال الإنسانية كالحُبّ والبغض والهوى والغيرة والعقل والواجب والعاطفة والرياء، وبالتالي اتضح في الكلاسيكية اتجاه عام في الشعر والنثر على السواء يهدف إلى صياغة مثالٍ جماليٍّ وأخلاقي موحّد.
6- التعبير باللغة المحلية:
عزف رواد الكلاسيكية الأوائل عن الكتابة باللاتينية، وأصروا على الكتابة باللغة المحلية، وعملوا على إغنائها بالمفردات بطرائق مختلفة، حتى أصبحت لغة غنية قادرة على التعبير عن كل المقاصد.
ولكن هذه اللغة المحلية تختلف من كاتب إلى آخر، فلكل كاتب شخصيته اللغوية الخاصة. أما الأسلوب فقد تخلّص من النحو اللاتيني وأصبح يتحلى بالوضوح والبساطة مع التنقيح والتهذيب، لكنه لم يتدنَّ إلى المستوى العامّي.
7- الأدب غير الشخصيّ:
لا يعبر الأديب عن آرائه ومشاعره مباشرة، بل يتبع النهج التعليمي أو الدراميّ، حتى إن الذات تبدو كأنها غائبة. ويبقى التعبير من خارج الذات أو من اتحاد الذات بالموضوع، فشخوص المسرحية هي التي تتكلم وتعبر عن مقاصد الأديب بطريقة غير مباشرة، ومع ذلك فإنَّ الذات لا تغيب تماماً، بل قد تظهر من خلال الأشخاص، فكثيراً ما كانت أعمال (موليير) و(راسين) و(بوسوييه) و(كورنيي) تعبر عن ذواتهم.
8- الأدب الإنساني:
انطلق الأدباء من النفس الإنسانية واتجهوا إليها، فالملهاة راحت تصوّر مهازل المجتمع ونقائصه بأسلوبها الممتع بهدف حماية المجتمع وإصلاحه. وركز الشعر الغنائي على أحوال المجتمع مع إبداء شيءٍ من الاهتمام بالشؤون الفردية، وحظيت الخطابة بإقبال كبير من الجمهور، وكان لها أكبر الأثر فيه.
أما الحكاية والرواية فقد اقتربتا من المثالية والمعالجة النفسيّة وركزتا على القيم الأخلاقية. وقد اهتمت هذه الأنواع كلّها بالأحوال المشتركة والأخلاق العامة وابتعدت عن الأحوال شديدة الخصوصيّة أو النادرة، يقول (بيير جانيه): إن أدبنا الكلاسيكي أدبٌ إنساني مطلقاً، نشأ من الإنسانيّ وتوجّه لتلبية حاجات الإنسان
كان الأدباء قبل القرن السابع عشر ينظرون إلى قدماء اليونان واللاتين نظرة احترام، ويعدونهم أساتذة في الأجناس الأدبية كلها، هذا ما أكده (ماليرب) و(بلزاك) وكُتّابُ المأساة الكبار، وبلغ احترام القدماء والتعويل عليهم أقصى درجاته عند (راسين) و(لافونتين) و(بوالو)، أما (موليير) فقد كان أكثر استقلالاً، ويرى (بوالو) أن تكوين الملكة العقلية الصحيحة لا يتم إلاّ بدراسة القدماء، لأنهم كانوا أقرب إلى الطبيعة، وحللوها بمزيد من البساطة، واستطاعت مؤلفاتهم التي أنجزوها في حضارتهم القديمة أن تصمد أمام الكثير من التغيرات السياسية والأخلاقية والفنّية، لأنها تحتوي على الكونيّ والإنسانيّ، حتى إن (لافونتين) يقول: "إنك إذا اخترت طريقاً آخر غير طريق القدماء فسوف تضلّ"، فبتقليد القدماء تستطيع مؤلفاتنا الاستمرار بالحياة في الأجيال القادمة، وإذا تأملنا معظم موضوعات راسين وجدناها مستقاة من القديم.
2- العقلانية:
بالعقل نستطيع التمييز بين الحقيقي والمزيف، والنسبيّ والمطلق، والخاص والعام، والعقل هو الذي يمنعنا من أن ننساق وراء نزوات الخيال، ويبعدنا عن المبالغة في التعبير عن آلامنا وأفراحنا، والعقل أيضاً مرادفٌ للحسّ السليم تقريباً، فهو يعتمد في أحكامه على ما هو شاملٌ وبسيط في الطبيعة الإنسانية، من هنا غابت عن الأدب الكلاسيكي الغنائيةُ المعتمدةُ على الخيال والأحلام والعواطف القويّة.
3- الإتقان الفني:
لا بد للكاتب الكلاسيكي من أن يتقن فنه ويصقله إلى درجة قصوى، مع مراعاة البساطة وعدم التكلف، فلا مجال في الكلاسيكية إلى الخروج عن القواعد.
والجمال الفني يعني العمل الجادّ والإخلاص فيه ومراجعته بالتهذيب والتنقيح، دون تجاوز القواعد ودون الوقوع فيما يسيء إلى الموهبة، وفن التراجيديا الكلاسيكية التي تمسكت بنظرية الأجناس والوحدات الثّلاث إطاراً للإبداع أوضحُ مثالٍ على ذلك.
4- التعويل على الحقيقة:
وذلك بالاقتراب من الواقع والابتعاد عن نزوات الخيال، فالحقيقيّ وحده هو الجميل، وهو الطبيعيّ والممتع والمحبوب، والأدب الكلاسيكي سيكولوجي لأنه يهتم بداخل الإنسان، والغاية من هذه السيكولوجية تتجلَّى في البحث عن الملامح المشتركة التي يلتقي حولها البشر في كلّ العصور.
ومع ذلك لا ينفي الناقد (بوالو) الاهتمام بتصوير الطبيعة الخارجية تصويراً بديعاً، ولما كانَ هدف الشعر عنده ليس التثقيف والتعليم، بل الإمتاع، فالطبيعة وحدها هي الشيء الممتع، وكل مصطنعٍ مَقيت.
5- القيم الأخلاقية:
لا يُطْلَبُ الجمالُ الفنيُّ لذاته أو لتحقيق الإمتاع فقط، بل لا بد معه من مثالٍ أخلاقي وروحيّ يسمو بالإنسان إلى حال أفضل، فالجمال والخير صنوان لا يفترقان، لذلك يجب أن يجتمع الإنسانيُّ والأخلاقيُّ في النص الأدبي، والفصاحة هبة من الله تعالى يجب أن تستخدم في حث الإنسان على فعل الخير.
من هذا المنطلق عالج الكُتَّابُ الكلاسيكيون في أدبهم الأحوال الإنسانية كالحُبّ والبغض والهوى والغيرة والعقل والواجب والعاطفة والرياء، وبالتالي اتضح في الكلاسيكية اتجاه عام في الشعر والنثر على السواء يهدف إلى صياغة مثالٍ جماليٍّ وأخلاقي موحّد.
6- التعبير باللغة المحلية:
عزف رواد الكلاسيكية الأوائل عن الكتابة باللاتينية، وأصروا على الكتابة باللغة المحلية، وعملوا على إغنائها بالمفردات بطرائق مختلفة، حتى أصبحت لغة غنية قادرة على التعبير عن كل المقاصد.
ولكن هذه اللغة المحلية تختلف من كاتب إلى آخر، فلكل كاتب شخصيته اللغوية الخاصة. أما الأسلوب فقد تخلّص من النحو اللاتيني وأصبح يتحلى بالوضوح والبساطة مع التنقيح والتهذيب، لكنه لم يتدنَّ إلى المستوى العامّي.
7- الأدب غير الشخصيّ:
لا يعبر الأديب عن آرائه ومشاعره مباشرة، بل يتبع النهج التعليمي أو الدراميّ، حتى إن الذات تبدو كأنها غائبة. ويبقى التعبير من خارج الذات أو من اتحاد الذات بالموضوع، فشخوص المسرحية هي التي تتكلم وتعبر عن مقاصد الأديب بطريقة غير مباشرة، ومع ذلك فإنَّ الذات لا تغيب تماماً، بل قد تظهر من خلال الأشخاص، فكثيراً ما كانت أعمال (موليير) و(راسين) و(بوسوييه) و(كورنيي) تعبر عن ذواتهم.
8- الأدب الإنساني:
انطلق الأدباء من النفس الإنسانية واتجهوا إليها، فالملهاة راحت تصوّر مهازل المجتمع ونقائصه بأسلوبها الممتع بهدف حماية المجتمع وإصلاحه. وركز الشعر الغنائي على أحوال المجتمع مع إبداء شيءٍ من الاهتمام بالشؤون الفردية، وحظيت الخطابة بإقبال كبير من الجمهور، وكان لها أكبر الأثر فيه.
أما الحكاية والرواية فقد اقتربتا من المثالية والمعالجة النفسيّة وركزتا على القيم الأخلاقية. وقد اهتمت هذه الأنواع كلّها بالأحوال المشتركة والأخلاق العامة وابتعدت عن الأحوال شديدة الخصوصيّة أو النادرة، يقول (بيير جانيه): إن أدبنا الكلاسيكي أدبٌ إنساني مطلقاً، نشأ من الإنسانيّ وتوجّه لتلبية حاجات الإنسان