شهر رمضان هو الشهر التاسع من الشهور الهجرية، ويأتي بعد شهر شعبان، وقبل شهر شوال، وعدد أيامه تسعة وعشرين، أو ثلاثين يوماً،[١] ومن الجدير بالذكر أن شهر رمضان من الأشهر المعظّمة في الإسلام، فقد ميّزه الله -تعالى- عن سائر شهور العام بالعديد من الخصائص، حيث فرض صيامه على المسلمين، وجعله ركناً من أركان الإسلام، مصداقاً لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون)،[٢] وكان ذلك في العام الثاني للهجرة، فصامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسع سنواتٍ قبل أن يتوفّاه الله في العام الحادي عشر للهجرة.[٣] أفضل الأعمال في شهر رمضان شهر رمضان من الأزمنة المباركة التي أكرم الله -تعالى- عباده بها، ولذلك ينبغي على المسلم استغلال هذا الشهر المبارك بالأعمال الصالحة، ويمكن بيان أفضل الأعمال فيما يأتي:[٤][٥] الصوم: تعد فريضة الصوم أعظم العبادات في شهر رمضان المبارك، لا سيّما أنها ركن من أركان الإسلام، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)،[٦] ولهذه العبادة العظيمة العديد من الفضائل، إذ إن الله -تعالى- أعدّ للصائمين باباً خاصاً بهم في الجنة لا يدخله أحدٌ غيرهم، وهو باب الريان، مصداقاً لما رواه سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ معهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ).[٧] وصيام رمضان مع الإخلاص واحتساب الأجر من الله سببٌ لمغفرة الذنوب، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)،[٨] وتجدر الإشارة إلى فوائد الصوم الدنيوية والأخراوية، فهو سببٌ لتحقيق التقوى، ووقاية للمسلم من الذنوب ومن عذاب الله تعالى، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الصِّيامُ جُنَّةٌ وحصنٌ حصينٌ من النَّارِ).[٩] قيام الليل: تعدّ صلاة قيام الليل أفضل الصلوات بعد الفرائض، وقد شرعها الله -تعالى- لعباده في كل أوقات العام، ولكن القيام في رمضان آكد وأعظم أجراً، فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ)،[١٠] ويُشرع في شهر رمضان قيام الليل في جماعة، وهو ما يُعرف بصلاة التراويح، فقد ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قام الليل في رمضان جماعةً مع الصحابة -رضي الله عنهم- لثلاث أيام. قراءة القرآن الكريم: تلاوة القرآن الكريم من أفضل الأعمال في رمضان، لا سيّما أن شهر رمضان شهر القرآن، مصداقاً لقول الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)،[١١] وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ القرآن الكريم على جبريل -عليه السلام- في رمضان، وكان السلف الصالح -رحمهم الله- يقدّمون قراءة القرآن في رمضان على غيره من العبادات. الصدقة: فمن هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الإكثار من الإنفاق في رمضان، وقد رُوي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان. الاعتكاف: يُعرّف الاعتكاف لغةً على أنه الإقامة على الشيء ولزومه، أما شرعاً فيُعرّف على أنه التعبّد لله -تعالى- بلزوم أحد المساجد من شخصٍ مخصوصٍ، وعلى صفةٍ مخصوصةٍ، وأفضل وقت للاعتكاف هو في العشرة الأواخر من رمضان، لترقّب ليلة القدر. سبب تسمية رمضان بهذا الاسم جاء عند أهل اللغة عدّة أقوالٍ في سبب تسمية شهر رمضان بهذا الاسم، فمنهم من قال إن التسمية مُشتقة من الرميض وهو السحاب والمطر في آخر الصيف وأول الخريف، وأن سبب التسمية يرجع إلى أن شهر رمضان يرمض الذنوب أي يغسلها بالأعمال الصالحة، وقال فريق آخر إن التسمية مشتقة من الرمض وهو شدّة الحرّ، وأن سبب التسمية يرجع إلى ارتماض الصائمين فيه من حرّ الجوع والعطش، أو لأن القلوب تأخذ فيه من حرارة الموعظة كما تأخذ الرمال والحجارة من حرّ الشمس، أو لأنه غالباً ما يصادف مجيئه زمن الرمضاء وهو وقت اشتداد الحرارة في الجزيرة العربية، وقيل إن سبب التسمية يرجع إلى أن العرب كانوا يرمضون أسلحتهم فيه، أي يجهّزونها ويحضّرونها استعداداً للحرب في شوال.[٣] ومن خصائص شهر رمضان نزول القرآن الكريم فيه، مصداقاً لقول الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)،[١١] وكان جبريل -عليه السلام- يُدارس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن الكريم في كل ليلةٍ من رمضان، وقد جعل الله -تعالى- صيام رمضان وقيامه إيماناً واحتساباً سبباً لمغفرة الذنوب، وفيه ليلةٌ خيرُ من ألف شهر؛ وهي ليلة القدر.[١٢] دخول شهر رمضان وخروجه يثبت دخول شهر رمضان المبارك بأحد أمرين؛ أوّلهما رؤية هلال رمضان، وثانيهما تمام شهر شعبان، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فإنْ غُبِّيَ علَيْكُم فأكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ)،[١٣] وقد حرص الصحابة -رضي الله عنهم- على رؤية هلال رمضان، وذهب عددٌ من أهل العلم منهم الشافعية والحنابلة إلى أن رؤية هلال رمضان تثبت بشهادة رجلٍ مسلمٍ عدلٍ، واستدلّوا على رأيهم بما رُوي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: (تراءَى النَّاسُ الهلالَ فأخبرتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ أنِّي رأيتُه فَصامَه وأمر النَّاسَ بصيامِهِ)،[١٤] وأما في حال عدم رؤية الهلال في التاسع والعشرين من شعبان، فيثبت دخول شهر رمضان بإكمال عدّة شعبان ثلاثين يوماً