بسم الله الرحمن الرحيم
هل تعلم أنّ هناك ثلاث طبقات في الخَلْق؟!..
هذه الطبقات كالتالي:
١- طبقة الآدمية..
٢- طبقة فوق طبقة الآدمية وهي طبقة الملائكية..
٣- طبقة تحت طبقة الآدمية وهي طبقة الحيوانية..
إنّ المطلوب من المسلم أن يعلو نحو طبقة الملائكية، ويبتعد عن طبقية الحيوانية، وذلك بأن يتقرب ويتعبد لله تعالى كما هو حال الملائكة مع الله عزوجل، فيحرص على ما يحب الله ويبتعد عما يسخط الله، ويتأكد هذا التعبد والتقرب في مواسم النفحات والخيرات، وأزمنة الطاعات والبركات، وهي مواسم تفضل الله بها على عباده ليغتنموها ويتعرضوا لها، وفيها يَقبَل منهم التوبةَ والذكر وأنواع الأعمال والأقوال الصالحة.
جاء في السنة الشريفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ» رواه الطبراني وحسنه الألباني.
ومن جملة هذه النفحات التي سخرها الله للمسلم : شهر رمضان المبارك.
ذلك أن شهر رمضان دورة تدريبية على السباق إلى الله التواب الرحيم، والاعتكاف والانطراح على أعتاب الغفور الودود.
رمضان شهر كريم، شرَّف الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم بصيامه، فلم تصُمْه أمة قبلها، وجعل صومه وقيام لياليه مغفرة لما سلف من الذنوب، وفيه خير ليلة في السنة كلها.
رمضان شهر مبارك، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب جهنم، وتصفد فيه الشياطين، ويعتق الله تعالى عند كل فطرٍ عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة منه.
شهرٌ هذا فضْلُه وشأنُه، حَرِيٌّ بالمسلم الصالح الحريص على الخير أن يهيئ نفسَه لاستقباله، وأن يُنجزَ فيه من التقربات والعبادات ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
إليكم مجموعة مقترحة من كنوز العبادات في رمضان:
1- الاستبشار بحلوله والفرح بقدومه:
وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ويحرص عليه ، فقد كان يبشِّر أصحابه بقدومه؛ فيقول: "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ" رواه أحمد وصححه الألباني.
2- تعلُّم أهمّ المسائل الواجبة المتعلقة بفريضة الصيام، والتي لا يصحّ الصيام إلا بها:
وذلك بقراءة كتاب مختصر، أو سؤال أهل العلم والمشايخ، أو زيارة الشبكات الفقهية والمواقع العلمية الموثوقة في الانترنت.
وقد أكّد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر بعمومه في كل عملٍ يُقْبِل عليه المسلم؛ فقال: "طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ" رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
3- التوبة الصادقة من الذنوب والمعاصي، ومن التقصير في حق الله تعالى علينا:
فإذا كانت التوبة والإنابة إلى الله متأكِّدة في كل وقت، فهي في شهر رمضان آكد.
قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ" الآية. سورة التحريم آية 8.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ" رواه مسلم.
4- قيام ليالي رمضان:
وهي صلاة التراويح وصلاة التهجد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري ومسلم.
وقد كان قيامُ الليل دَأَبَ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه. قالت عائشة رضي الله عنها: "لا تَدَعْ قيامَ الليل، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يَدَعُه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً" رواه أبوداود وصححه الالباني.
وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من قام مع إمامه حتى ينصرف؛ كُتِبَ له قيامُ ليلة" رواه أهل السنن.
5- قراءة القرآن:
شهر رمضان هو شهر القرآن ، فقد نزل فيه أعظمُ وأقدسُ كلامٍ: "شهر رمضان الذي أُنْزِلَ فيه القرآن"، وكان جبريل عليه السلام يدارس النبيَّ صلى الله عليه وسلم القرآنَ في شهر رمضان. وكانت للصالحين أحوال عجيبة عظيمة مع القرآن في رمضان؛ فقد كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن كل يوم مرة، وكان التابعي الجليل الأسود بن يزيد النخعي رحمه الله يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، وكان الإمام التابعي الجليل محمد ابن شهاب الزهري رحمه الله إذا دخل رمضان يَفِرُّ من الحديث الشريف ومجالسة أهل العلم ويُقْبِل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان الإمام سفيان الثوري رحمه الله إذا دخل رمضان تَرَكَ جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.
يقول الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله: إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القَدْر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها؛ فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن، اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان. انتهى من كتاب لطائف المعارف ص 171.
6- الصدقة:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ" متفق عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة صدقةٌ في رمضان" رواه الترمذي.
والنصوص من القرآن والسنة كثيرة جدا في فضل الصدقة، لكن للصدقةِ في رمضان مزيةٌ وخصوصيةٌ وذلك لشرف الزمان.
وللصدقة صُوَرٌ كثيرةٌ، منها:
أـ إطعام الطعام :
قال الله تعالى في شأن صفات الأبرار: "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً . إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرةً وسروراً وجزاهم بما صبروا جنةً وحريراً" سورة الإنسان 8 ـ 12.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : "أيما مُسلِمٍ كسا مسلماً ثوباً على عُرْيٍ؛ كساه الله من خُضْرِ الجنة، وأيما مسلم أطعمَ مسلماً على جُوع؛ أطعمه الله مِن ثمار الجنة، وأيُّما مسلمٍ سقى مسلماً على ظمإٍ؛ سقاه الله عز وجل من الرحيقِ المختوم" رواه أبوداود وحسنه الشيخ شعيب الأرناؤوط.
وكان الصحابي صهيب الرومي رضي الله عنه يُطعِم الطعام الكثير، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ياصهيب ، إنك تُطْعِم الطعام الكثير، وذلك سَرَف في المال. فقال صهيب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"خياركم مَن أطعم الطعام، وَرَدّ السلام"رواه أحمد وحسنه الألباني.
وكان كثيرٌ من السلف يُؤثر بفطوره وهو صائم، منهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وداود الطائي، ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل رحمة الله عليهم.
وما من شك أن إطعام الطعام وسيلة للتودد والتحبب إلى الطاعمين، وهو بدوره سبب لدخول الجنة : "لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابّوا" رواه مسلم.
ب- تفطير الصائمين:
قال صلى الله عليه وسلم : "مَنْ فطَّر صائماً كان له مِثْلُ أجْره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيءٌ"رواه أحمد وصححه الألباني.
ج- سقْي الماء:
وخاصة مع اشتداد الحر؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة سَقْي الماء" رواه أحمد وصححه الالباني.
وهي من أفضل الصدقات الجارية للميت، فقد أتى سعدُ بن عبادة رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي توفِّيَتْ ولم تُوصِ، أفينفعها أن أتصدق عنها؟. قال: "نعم، وعليكَ بالماء" رواه الطبراني في الأوسط وصححه الألباني.
وقد ورد أن الإمام المحدِّث الحاكم النيسابوري رحمه الله أصابته قُرْحةٌ في وجهه، قريباً من سَنَةٍ، فتصدق على المسلمين بوضْع سقايةٍ على باب داره، فشرب منها الناس، فما مرّ عليه أسبوعٌ إلا وظهر الشفاءُ وعاد وجهُه أحسنَ ما كان.
7- الدعاء:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في خصوص أيام شهر رمضان: "ولكلِّ مسلمٍ في كل يوم وليلة دعوةٌ مستجابة" رواه الطبراني وقال الألباني: صحيح لغيره.
والمتدبر لآيات الصيام في سورة البقرة، يلاحظ أن الله تعالى قد ذكر آية الدعاء في ثنايا آيات الصيام: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" سورة البقرة آية ١٨٦.
وما ذاك إلا ليتقربوا إلى الله بالدعاء الذي هو من أعظم العبادات.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أعجزُ الناس مَنْ عَجِز عن الدعاء" صححه الألباني.
8- زيارة البيت الحرام في مكة لأداء العمرة:
فعن ابْن عَبَّاسٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: "مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟. قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إِلَّا نَاضِحَانِ [بعيران]، فَحَجَّ أَبُو وَلَدِهَا وَابْنُهَا عَلَى نَاضِحٍ، وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضِحُ عَلَيْهِ [نسقي عليه] الأرض، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً" متفق عليه، وفي رواية لمسلم: "حجةً معي".
ولا شك أن العمرة في رمضان لا تجزئ عن حجِّ الفريضة، بمعنى أنّ من اعتمر في رمضان لم تبرأ ذمّتُه من أداء الحج الواجب.
لذلك كان المقصود من الحديث تشبيهُ العمرةِ بالحجِّ من حيث الثواب والأجر، وليس من حيث الإجزاء.
9- الاعتكاف:
وهو لزوم المسجد بنية مخصوصة طاعةً وتقرّبًا لله تعالى، وهو مشروعٌ مستحبٌّ باتفاق أهل العلم، وقد ورد فيه حديثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. رواه البخاري ومسلم. وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرةَ أيام، فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه اعتكف عشرين يوما. رواه البخاري.
فالاعتكاف عبادةٌ جمّاعةٌ لكثير من الطاعات من تلاوة القرآن، وذكر الله عمومًا، والدعاء، وصلاة القيام، وغيرها.
ويتأكد الاعتكاف أكثر في العشر الأواخر من رمضان؛ تحرِّياً لليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهرٍ.
10- تحري ليلة القدر:
قال الله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر" سورة القدر الآيات 1ـ3.
وقال صلى الله عليه وسلم: "للَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ" رواه أحمد وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري ومسلم.
بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر ويأمر أصحابه بتحريها ، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر رجاء أن يدركوا ليلة القدر، وورد عن بعض السلف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أنهم كانوا يغتسلون ويتطيبون في ليالي العشر الأواخر مما يدل على عنايتهم الشديدة بتحرِّي هذه الليلة المباركة.
وقد صحّ أنّ عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟. قَالَ: "تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ، تُحِبُّ الْعَفْوَ؛ فَاعْفُ عَنِّي "رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
11- صلة الرحم:
صلة الرحم من من محاسن الأخلاق، ومن العبادات الاجتماعية التي حثّ عليها الشرعُ في مطلق الأوقات، فقد دعا الله عزوجل عباده إلى صلة الأرحام في تسع عشرة آية من القرآن الكريم، ولهذا حرص سلفُ هذه الأمة على صلة أرحامهم، رغم صعوبة التواصل في زمانهم، لذا صار موضوع صلة الأرحام يسيرا سهًلًا في وقتنا الحاضر، مع توفر وسائل الاتصال بأنواعها، ووسائل المواصلات بأشكالها.
ولصلة الرحم طعمٌ آخر في رمضان، حيث تتبادلُ الأُسَرُ والعوائل والجيران الزياراتِ والتهاني وأطباقَ الأكل وأنواع الشراب والهدايا ونحوها، لذلك كانت صلة الأرحام من الأعمال الحسَنة والطيِّبة التي يستحسن التأكيد عليها في شهر الخير.
وقد دلّ على فضل صلة الرحم مجموعةٌ كبيرةٌ من الأحاديث الصحيحة، منها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يبسط في رزقه، وينسأ في أجله؛ فليصل رحمه" رواه البخاري. ومعنى ينسأ: أي يؤخّر.
إن أدنى مراتب صلة الرحم أن يصِلَ المسلمُ أرحامَه بالكلام ولو بالسلام. روى ابنُ عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بُلُّوا أرحامَكم ولو بالسلام" أخرجه البزار والطبراني وحسنه الألباني. بُلُّوا: أي ندُّوها بِصِلَتِها، وهم يطلقون النداوة على الصلة، كما يطلقون اليبس على القطيعة.
12- تفنّن في التقرب والتعبد لله تعالى بما يمكنك وبما تتقنه، والأمر متروك لكل واحدٍ منّا، من زيارة مريض، أو اتباع جنازة، أو إدخال سرور، أو كفالة يتيم، أو كسوة عيد، ونحو ذلك، فابحث لك عن كنزٍ تتقرب به إلى الله في هذا الشهر الكريم، فأنت الحكم على نفسك لإي نهاية المطاف.
تقبل الله مني ومنكم.
١- طبقة الآدمية..
٢- طبقة فوق طبقة الآدمية وهي طبقة الملائكية..
٣- طبقة تحت طبقة الآدمية وهي طبقة الحيوانية..
إنّ المطلوب من المسلم أن يعلو نحو طبقة الملائكية، ويبتعد عن طبقية الحيوانية، وذلك بأن يتقرب ويتعبد لله تعالى كما هو حال الملائكة مع الله عزوجل، فيحرص على ما يحب الله ويبتعد عما يسخط الله، ويتأكد هذا التعبد والتقرب في مواسم النفحات والخيرات، وأزمنة الطاعات والبركات، وهي مواسم تفضل الله بها على عباده ليغتنموها ويتعرضوا لها، وفيها يَقبَل منهم التوبةَ والذكر وأنواع الأعمال والأقوال الصالحة.
جاء في السنة الشريفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ» رواه الطبراني وحسنه الألباني.
ومن جملة هذه النفحات التي سخرها الله للمسلم : شهر رمضان المبارك.
ذلك أن شهر رمضان دورة تدريبية على السباق إلى الله التواب الرحيم، والاعتكاف والانطراح على أعتاب الغفور الودود.
رمضان شهر كريم، شرَّف الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم بصيامه، فلم تصُمْه أمة قبلها، وجعل صومه وقيام لياليه مغفرة لما سلف من الذنوب، وفيه خير ليلة في السنة كلها.
رمضان شهر مبارك، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب جهنم، وتصفد فيه الشياطين، ويعتق الله تعالى عند كل فطرٍ عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة منه.
شهرٌ هذا فضْلُه وشأنُه، حَرِيٌّ بالمسلم الصالح الحريص على الخير أن يهيئ نفسَه لاستقباله، وأن يُنجزَ فيه من التقربات والعبادات ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
إليكم مجموعة مقترحة من كنوز العبادات في رمضان:
1- الاستبشار بحلوله والفرح بقدومه:
وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ويحرص عليه ، فقد كان يبشِّر أصحابه بقدومه؛ فيقول: "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ" رواه أحمد وصححه الألباني.
2- تعلُّم أهمّ المسائل الواجبة المتعلقة بفريضة الصيام، والتي لا يصحّ الصيام إلا بها:
وذلك بقراءة كتاب مختصر، أو سؤال أهل العلم والمشايخ، أو زيارة الشبكات الفقهية والمواقع العلمية الموثوقة في الانترنت.
وقد أكّد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر بعمومه في كل عملٍ يُقْبِل عليه المسلم؛ فقال: "طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ" رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
3- التوبة الصادقة من الذنوب والمعاصي، ومن التقصير في حق الله تعالى علينا:
فإذا كانت التوبة والإنابة إلى الله متأكِّدة في كل وقت، فهي في شهر رمضان آكد.
قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ" الآية. سورة التحريم آية 8.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ" رواه مسلم.
4- قيام ليالي رمضان:
وهي صلاة التراويح وصلاة التهجد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري ومسلم.
وقد كان قيامُ الليل دَأَبَ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه. قالت عائشة رضي الله عنها: "لا تَدَعْ قيامَ الليل، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يَدَعُه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً" رواه أبوداود وصححه الالباني.
وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من قام مع إمامه حتى ينصرف؛ كُتِبَ له قيامُ ليلة" رواه أهل السنن.
5- قراءة القرآن:
شهر رمضان هو شهر القرآن ، فقد نزل فيه أعظمُ وأقدسُ كلامٍ: "شهر رمضان الذي أُنْزِلَ فيه القرآن"، وكان جبريل عليه السلام يدارس النبيَّ صلى الله عليه وسلم القرآنَ في شهر رمضان. وكانت للصالحين أحوال عجيبة عظيمة مع القرآن في رمضان؛ فقد كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن كل يوم مرة، وكان التابعي الجليل الأسود بن يزيد النخعي رحمه الله يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، وكان الإمام التابعي الجليل محمد ابن شهاب الزهري رحمه الله إذا دخل رمضان يَفِرُّ من الحديث الشريف ومجالسة أهل العلم ويُقْبِل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان الإمام سفيان الثوري رحمه الله إذا دخل رمضان تَرَكَ جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.
يقول الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله: إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القَدْر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها؛ فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن، اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان. انتهى من كتاب لطائف المعارف ص 171.
6- الصدقة:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ" متفق عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة صدقةٌ في رمضان" رواه الترمذي.
والنصوص من القرآن والسنة كثيرة جدا في فضل الصدقة، لكن للصدقةِ في رمضان مزيةٌ وخصوصيةٌ وذلك لشرف الزمان.
وللصدقة صُوَرٌ كثيرةٌ، منها:
أـ إطعام الطعام :
قال الله تعالى في شأن صفات الأبرار: "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً . إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرةً وسروراً وجزاهم بما صبروا جنةً وحريراً" سورة الإنسان 8 ـ 12.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : "أيما مُسلِمٍ كسا مسلماً ثوباً على عُرْيٍ؛ كساه الله من خُضْرِ الجنة، وأيما مسلم أطعمَ مسلماً على جُوع؛ أطعمه الله مِن ثمار الجنة، وأيُّما مسلمٍ سقى مسلماً على ظمإٍ؛ سقاه الله عز وجل من الرحيقِ المختوم" رواه أبوداود وحسنه الشيخ شعيب الأرناؤوط.
وكان الصحابي صهيب الرومي رضي الله عنه يُطعِم الطعام الكثير، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ياصهيب ، إنك تُطْعِم الطعام الكثير، وذلك سَرَف في المال. فقال صهيب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"خياركم مَن أطعم الطعام، وَرَدّ السلام"رواه أحمد وحسنه الألباني.
وكان كثيرٌ من السلف يُؤثر بفطوره وهو صائم، منهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وداود الطائي، ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل رحمة الله عليهم.
وما من شك أن إطعام الطعام وسيلة للتودد والتحبب إلى الطاعمين، وهو بدوره سبب لدخول الجنة : "لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابّوا" رواه مسلم.
ب- تفطير الصائمين:
قال صلى الله عليه وسلم : "مَنْ فطَّر صائماً كان له مِثْلُ أجْره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيءٌ"رواه أحمد وصححه الألباني.
ج- سقْي الماء:
وخاصة مع اشتداد الحر؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة سَقْي الماء" رواه أحمد وصححه الالباني.
وهي من أفضل الصدقات الجارية للميت، فقد أتى سعدُ بن عبادة رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي توفِّيَتْ ولم تُوصِ، أفينفعها أن أتصدق عنها؟. قال: "نعم، وعليكَ بالماء" رواه الطبراني في الأوسط وصححه الألباني.
وقد ورد أن الإمام المحدِّث الحاكم النيسابوري رحمه الله أصابته قُرْحةٌ في وجهه، قريباً من سَنَةٍ، فتصدق على المسلمين بوضْع سقايةٍ على باب داره، فشرب منها الناس، فما مرّ عليه أسبوعٌ إلا وظهر الشفاءُ وعاد وجهُه أحسنَ ما كان.
7- الدعاء:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في خصوص أيام شهر رمضان: "ولكلِّ مسلمٍ في كل يوم وليلة دعوةٌ مستجابة" رواه الطبراني وقال الألباني: صحيح لغيره.
والمتدبر لآيات الصيام في سورة البقرة، يلاحظ أن الله تعالى قد ذكر آية الدعاء في ثنايا آيات الصيام: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" سورة البقرة آية ١٨٦.
وما ذاك إلا ليتقربوا إلى الله بالدعاء الذي هو من أعظم العبادات.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أعجزُ الناس مَنْ عَجِز عن الدعاء" صححه الألباني.
8- زيارة البيت الحرام في مكة لأداء العمرة:
فعن ابْن عَبَّاسٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: "مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟. قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إِلَّا نَاضِحَانِ [بعيران]، فَحَجَّ أَبُو وَلَدِهَا وَابْنُهَا عَلَى نَاضِحٍ، وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضِحُ عَلَيْهِ [نسقي عليه] الأرض، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً" متفق عليه، وفي رواية لمسلم: "حجةً معي".
ولا شك أن العمرة في رمضان لا تجزئ عن حجِّ الفريضة، بمعنى أنّ من اعتمر في رمضان لم تبرأ ذمّتُه من أداء الحج الواجب.
لذلك كان المقصود من الحديث تشبيهُ العمرةِ بالحجِّ من حيث الثواب والأجر، وليس من حيث الإجزاء.
9- الاعتكاف:
وهو لزوم المسجد بنية مخصوصة طاعةً وتقرّبًا لله تعالى، وهو مشروعٌ مستحبٌّ باتفاق أهل العلم، وقد ورد فيه حديثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. رواه البخاري ومسلم. وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرةَ أيام، فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه اعتكف عشرين يوما. رواه البخاري.
فالاعتكاف عبادةٌ جمّاعةٌ لكثير من الطاعات من تلاوة القرآن، وذكر الله عمومًا، والدعاء، وصلاة القيام، وغيرها.
ويتأكد الاعتكاف أكثر في العشر الأواخر من رمضان؛ تحرِّياً لليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهرٍ.
10- تحري ليلة القدر:
قال الله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر" سورة القدر الآيات 1ـ3.
وقال صلى الله عليه وسلم: "للَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ" رواه أحمد وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري ومسلم.
بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر ويأمر أصحابه بتحريها ، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر رجاء أن يدركوا ليلة القدر، وورد عن بعض السلف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أنهم كانوا يغتسلون ويتطيبون في ليالي العشر الأواخر مما يدل على عنايتهم الشديدة بتحرِّي هذه الليلة المباركة.
وقد صحّ أنّ عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟. قَالَ: "تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ، تُحِبُّ الْعَفْوَ؛ فَاعْفُ عَنِّي "رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
11- صلة الرحم:
صلة الرحم من من محاسن الأخلاق، ومن العبادات الاجتماعية التي حثّ عليها الشرعُ في مطلق الأوقات، فقد دعا الله عزوجل عباده إلى صلة الأرحام في تسع عشرة آية من القرآن الكريم، ولهذا حرص سلفُ هذه الأمة على صلة أرحامهم، رغم صعوبة التواصل في زمانهم، لذا صار موضوع صلة الأرحام يسيرا سهًلًا في وقتنا الحاضر، مع توفر وسائل الاتصال بأنواعها، ووسائل المواصلات بأشكالها.
ولصلة الرحم طعمٌ آخر في رمضان، حيث تتبادلُ الأُسَرُ والعوائل والجيران الزياراتِ والتهاني وأطباقَ الأكل وأنواع الشراب والهدايا ونحوها، لذلك كانت صلة الأرحام من الأعمال الحسَنة والطيِّبة التي يستحسن التأكيد عليها في شهر الخير.
وقد دلّ على فضل صلة الرحم مجموعةٌ كبيرةٌ من الأحاديث الصحيحة، منها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يبسط في رزقه، وينسأ في أجله؛ فليصل رحمه" رواه البخاري. ومعنى ينسأ: أي يؤخّر.
إن أدنى مراتب صلة الرحم أن يصِلَ المسلمُ أرحامَه بالكلام ولو بالسلام. روى ابنُ عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بُلُّوا أرحامَكم ولو بالسلام" أخرجه البزار والطبراني وحسنه الألباني. بُلُّوا: أي ندُّوها بِصِلَتِها، وهم يطلقون النداوة على الصلة، كما يطلقون اليبس على القطيعة.
12- تفنّن في التقرب والتعبد لله تعالى بما يمكنك وبما تتقنه، والأمر متروك لكل واحدٍ منّا، من زيارة مريض، أو اتباع جنازة، أو إدخال سرور، أو كفالة يتيم، أو كسوة عيد، ونحو ذلك، فابحث لك عن كنزٍ تتقرب به إلى الله في هذا الشهر الكريم، فأنت الحكم على نفسك لإي نهاية المطاف.
تقبل الله مني ومنكم.