الإنفاق علي الفقراء أولي من الإسراف علي كعك العيد
عندما تعلن الليالي العشر الأخيرة من رمضان علي القدوم.. فهذا إيذان بالاجتهاد والعمل وزيادة الطاعات من أجل إدراك ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
ولكن كثير من الناس يجهل فضل هذه الأيام فيتركوا قيام الليل والعبادة وتحري هذه الليلة المباركة لكي يجهز الكعك لقدوم العيد.. فتبذل فيه الطاقات وتضيع فيه الأوقات وتخسر بذلك النفحات.. ويكونوا فيها من الخاسرين.. الذين ضيعوا رمضان.. وعن ذلك يقول الشيخ عماد مالك إمام وخطيب بالأوقاف: كعك العيد من المباحات فهو طعام كأي طعام أحله الله عز وجل بل أن من السنة في أيام العيد اللعب واللهو والأكل وكل ما يضفي علي النفس البهجة في غير معصية.. لكن الإسراف في استخدام هذا المباح قد يجعله مكروها.. وقد يجعله حراما كما قال تعالي:(.. وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).. فنجد كثيرا الناس وخاصة النساء يكرسون كل أوقاتهم وجهدهم في العشر الأواخر لعمل الكعك خاصة في القري والريف.. والمسلم يجب ألا يكون همه الأول في حياته كيف يبحث عن الأكل والشرب والملذات.. فالمسلم أرقي من ذلك خاصة في هذه الأيام.. فقضية الأطعمة والكعك والملذات هي آخر ما يشغل ذهن المسلم ولذا قال صلي الله عليه وسلم:( ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه).. فالقضية الأولي في هذه الأيام هي كيف يدرك المرء فيها المغفرة والرحمة والعتق من النيران.. فهل سيدرك الإنسان هذا الأجر بصنع الكعك وقضاء الأوقات في ذلك أم بكثرة الذكر وقيام الليل وصلة الأرحام والإحسان إلي خلق الله.. ولابد للمسلم أن يستحضر فضل هذه الليلة المباركة التي يعطينا ربنا عليها عطاء بلا حدود حتي ينشغل بها عن أي شيء.. ويجب أن يكتفي المسلم بحاجته فقط من كعك العيد فلا يصنع أو يشتري إلا ما يلزمه وبذلك لا يكلف نفسه فوق طاقتها ولا ينفق المال الكثير في غير فائدة ولا مصلحة.. فالمسلم الحق الذي يفعل المباح ولكن يضبط ذلك بعدم الإسراف.. وإذا فعل الإنسان ذلك يكون وفر جهده ووقته وتفرغ لعبادة ربه ولا يترك ثواب ليله القدر.. أما الذي يصنع من الكعك أضعاف حاجته يضيع وقته ويهدر ماله.. ويلقي به بعد ذلك في سلة المهملات وهذا من المحرمات.
وهذه الأموال التي تضيع في الإسراف علي الملذات ربما يحتاج الناس إليها في ضروريات حياتهم فكثير من الناس لا يجدون ما يقتاتون به في يومهم.. وبعض الناس لا يجد ما ينفقه علي أولاده في هذا اليوم.. فالأولي بالمسلم بدلا من أن يسرف فيما لا ينفع أن يقتصد هذه الأموال ويذهب بها إلي الفقراء ليدخل السرور عليهم فقد ورد أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:( أحب الأعمال إلي الله عز وجل سرور تدخله علي مسلم أو تكشف عنه كربة أو تطرد عنه جوعا أو تقضي عنه دينا).. وإذا فعلنا ذلك نكون قد امتثلنا لأمر ربنا واقتدنا بسنة نبينا صلي الله عليه وسلم بعدم الإسراف في هذه الملذات فنكون أمة حضارية بتمسكنا بديننا.. فليس من الإسلام أن ترمي الأطعمة في سلة المهملات ولا من التحضر أن يكون المرء منا مستهترا في أفعاله لا يدرك ما يصنع ولا يحسب له حسابا.. فالمسلم لا يفعل شيئا عبثا ولا يسرف فيما لا ينفع بل يضع الشيء في موضعه ويقدر له قدره حتي يكون ملتزما بدينه متعبدا لربه في هذه الأيام المباركة