بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ونورا وضياء للخلق اجمعين وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
اما بعد :
فقد تكرر السؤال كثيرا عن حكم قراءة القرآن جماعة بصوت واحد،بل قد يختلط الامر على بعضهم خصوصا عندما يستدل الممارسون لها بحديث مجالس الذكر.
ولبيان الحق من الباطل ،وكشف الالتباس في هذه المسالة ،اسال الله عز وجل ان يوفقني في تبسيط الامر على من استشكل عليه ،فاقول وبالله المعين استعين :
قراءة القرآن جماعة بصوت واحد بدعة محدثة لا أصل لها، لا في كتاب الله ،ولا في سنة رسول الله، ولا في اثار اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه ، رواه البخاري في الصلح رقم 2697،ومسلم في الاقضية رقم 1718
وقال ايضا :" من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد "( اي مردود على صاحبه ) رواه مسلم في الاقضية رقم 1718
واما من يستدل بالحديث الصحيح حديث مجالس الذكر بجواز قراءة القرآن جماعة بصوت واحد ،الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه : "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم الا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده" ، ويقولون ان عبارة " يتلون " تدل على جواز ذلك، فاننا نرد عليهم بقولنا :
ان هذا الحديث حجة لمن يقول ببدعيتها وحجة على من يقول بسنيتها ، وذلك من وجهين اثنين :الاول لغوي والثاني فقهي.
+ فاما المسالة اللغوية :فان النبي صلى الله عليه وسلم قال " يتلون كتاب الله ويتدارسونه " ، فهذه الواو واو عاطفة ،ومعلوم عند اهل اللغة ان الواو العاطفة تفيد التشريك في الحكم اي انها تشرك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم وقد تفيد ايضا التشريك في الكيفية اذا اقترنت بقرينة ،وبماأن القرينة لم تأتي في الحديث فيمكن أن نأخذها من الفعل الواقع بعد أداة العطف .
وفعل " يتدارسونه "معطوف على " يتلون " ، وبهذا يجوز لنا ان نقول : بما ان المدارسة لا تكون جماعية فالتلاوة لا تكون جماعية .
+ واما المسالة الفقهية :فاننا نرد عليهم باربع قواعد فقهية اجمع عليها العلماء سلفا وخلفا:
= الاولى : " كل نص لم يرد عليه فهم السلف الصالح فالاستدلال به باطل "
وهذا الحديث قد قيل للصحابة قبلنا ، وهم اكملنا فهما للدين لانهم شاهدوا الوحي وكتبوه وعاصروا النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع هذا كله لم يقرؤوه جماعة .فهل نحن احسن هديا منهم ؟ وهل نحن احرص على تطبيق السنة منهم ؟والله ثم والله لو كان خيرا لسبقونا اليه .
= الثانية : " الاصل في العبادة التوقف حتى يثبث الدليل على الجواز "
وذلك لان الله تعالى يتقرب اليه عن علم لا عن جهل .
= الثالثة : " كل ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود الداعي وانتفاء المانع فتركه سنة والعمل به بدعة "
فهذا العمل قد تركه النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود الداعي وهو العبادة والتقرب الى الله زلفى ، وانعدام ما يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من فعله ، إذن فقراءة القرآن بهذه الكيفية مخالفة وابتداع وتركها والتخلي عنها موافقة واتباع
=الرابعة : "ربط أصل شرعي بكيفية غير شرعية يصبح بدعة "
فقراءة القرآن لا ننكر أنها أصل شرعي -حاشا لله - ولكن ننكر الكيفية جماعيا بصوت واحد .
حتى انك أيها القاريء الكريم إن سألت الممارسين لهذه البدعة عن الكيفية : هل لها أصل صحيح صريح فصيح أجابوا : كلا .
الخير كل الخير في الاتباع والشر كل الشر في الابتداع
اسال الله تعالى ان يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه
سبحانك اللهم وبحمدك اشهد الا اله الا انت استغفرك واتوب اليك
والسلام