وقفة مع آية \ فاستخف قومه فأطاعوه
قال تعالى ((فَاسْتَخَفّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ * فَلَمّآ آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لّلاَخِرِينَ)) الزخرف54ـ56
إن الله سبحانه وتعالى ضرب لنا مثلاً في هذه الآيات البينات عن فرعون واستخفافه بقومه وطاعتهم له :
1ـ إن فرعون كان طاغية عصرة فقد تجاوز الحدود فادعى لنفسه الألوهية ((فَحَشَرَ فَنَادَىَ * فَقَالَ أَنَاْ رَبّكُمُ الأعْلَىَ)) النازعات وتدخل في تفكير الناس وآرائهم وإيمانهم لذلك أزبد وأرعد عندما آمن السحرة برب العالمين وذلك عندما شاهدوا الحجة البالغة من موسى عليه السلام فصاح فرحون ((آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ)) طه\71
ثم أخذ يتهم كل من لا يرى رأيه بأنه مخرب متآمر يريد إفساد البلاد وتشريد العباد ((إِنّ هَـَذَا لَمَكْرٌ مّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا )) الأعراف\123 وجعل من نفسه المالك للبلد وخيراته ((وَنَادَىَ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيَ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ))الزخرف\ 51
ثم هو المالك للرأي السديد والقول الرشيد ولا صواب إلا ما يراه هو ((قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاّ مَآ أَرَىَ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاّ سَبِيلَ الرّشَادِ))غافر\29 وقد جعل السيف مصلتاً على رقاب معارضيه والقائلين بغير قوله ((إِنّهُ لَكَبِيرُكُمُ الّذِي عَلّمَكُمُ السّحْرَ فَلاُقَطّعَنّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ وَلاُصَلّبَنّكُمْ فِي جُذُوعِ النّخْلِ وَلَتَعْلَمُنّ أَيّنَآ أَشَدّ عَذَاباً وَأَبْقَىَ))طه\71
كل هذه الجرائم يرتكبها فرعون والقوم يصفقون له فكانت هذه المظاهر المتزايده من التأييد لفرعون مدعاة له أن يستخف هؤلاء الناس فلا يقيم لهم وزناً ولا يعبأ لهم بل ويزداد طغياناً وكفراً , فقد كانوا خلفه يسيرون خانعين لا يردون له قولاً ولا يقاومون له عملاً فاسخف بهم لسكوتهم عليه ولطاعتهم له في كل ما يقدم عليه ((فَاسْتَخَفّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ)) فكانوا أهل فسق لخروجهم عن كل ما هو حق
2ـ ثم بين الله سبحانه وتعالى ماذا حل بهم فقد أغرقهم الله أجمعين , فرعون الطاغية وزبانيته وكلك قومه الذين صفقوا لجرائمه فكلهم شملهم العذاب فدائرة العذاب تحيط بالطغاة الظالمين ويدخل في هذه الدائرة كذلك أقوامهم الساكتون على طغيانهم وظلمهم المؤيدون لهم المصفقون لجرائمهم
3ـ يبين الله سبحانه وتعالى في الآية الثالثة أن ما حدث لفرعون وقومه هو مثل لمن يأتون من بعد (( فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لّلاَخِرِينَ))
والله سبحانه وتعالى أعلم وهو الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب