بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
(( غض البصر ومعنى النظرة الأولى والوسائل المعينة على غض البصر))
ما معنى غض البصر ؟.
الحمد لله أولا :
غض البصر في اللغة يعني كفه ومنعه من الاسترسال في التأمل والنظر .
يقول ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (4/307) :
" الغين والضاد ، يدلُّ على كفٍّ ونَقْص، (مثل) غضُّ البصر ، وكلُّ شيءٍ كففتَه فقد غَضَضْته " انتهى .
ويقول ابن منظور في "لسان العرب" (7/196) :
" وغَضَّ طَرْفَه وبَصره : كفَّه وخَفَضَه وكسره . وقيل : هو إِذا دانى بين جفونه ونظر " انتهى
ثانيا :
وهو في الشرع يشمل أمورا عدة :
1- غض البصر عن عورات الناس ، ومن ذلك زينة المرأة الأجنبية .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (15/414) :
" والله سبحانه قد أمر فى كتابه بغض البصر وهو نوعان : غض البصر عن العورة . وغضه عن محل الشهوة .
فالأول كغض الرجل بصره عن عورة غيره .
وأما النوع الثاني من النظر كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية ، فهذا أشد من الأول ، كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير ، وعلى صاحبها الحد ... لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر " انتهى .
2- غض البصر عن بيوت الناس وما أغلقت عليه أبوابهم :
يقول ابن تيمية "مجموع الفتاوى" (15/379) :
" وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما أشبهها من النظر إلى المحرمات ، فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس ، فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه ، وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الاستئذان ، وذلك أن البيوت سترة كالثياب التى على البدن " انتهى .
ويقول ابن القيم رحمه الله في "مدارج السالكين" (1/117) :
" ومن النظر الحرام النظر إلى العورات ، وهي قسمان : عورة وراء الثياب . وعورة وراء الأبواب " انتهى .
3- غض البصر عما في أيدي الناس من الأموال والنساء والأولاد والمتاع ونحوها .
قال تعالى : ( لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الحجر/88
قال ابن سعدي في "تفسيره" (434) :
" أي: لا تعجب إعجابا يحملك على إشغال فكرك بشهوات الدنيا التي تمتع بها المترفون ، واغترَّ بها الجاهلون ، واستغن بما آتاك الله
من المثاني والقرآن العظيم " انتهى .
وقال أيضا (ص/516) :
" أي : لا تمد عي*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-* معجبا ، ولا تكرر النظر مستحسنا إلى أحوال الدنيا والمُمَتَّعين بها ، من المآكل والمشارب اللذيذة ، والملابس الفاخرة ، والبيوت المزخرفة ، والنساء المجملة ، فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا ، تبتهج بها نفوس المغترين ، وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين ، ويتمتع بها - بقطع النظر عن الآخرة - القوم الظالمون ، ثم تذهب سريعا ، وتمضي جميعا ، وتقتل محبيها وعشاقها ، فيندمون حيث لا تنفع الندامة ، ويعلمون ما هم عليه إذا قدموا في القيامة ، وإنما جعلها الله فتنة واختبارا ، ليعلم من يقف عندها ويغتر بها ، ومن هو أحسن عملا " انتهى .
ثالثا :
يذكر العلماء في فوائد غض البصر أمورا كثيرة ، منها ما قاله ابن القيم رحمه الله في "الجواب الكافي" (125) :
" وفي غض البصر عدة منافع :
أحدها : أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده ، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى ، وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره ، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره .
الثانية : أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذى لعل فيه هلاكه إلى قلبه .
الثالثة : أنه يورث القلب أنسا بالله ، وجمعية على الله ، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ويبعده من الله ، وليس على العبد شيء أضر من إطلاق البصر ، فانه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه .
الرابعة : أنه يقوي القلب ويفرحه ، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه .
الخامسة : أنه يكسب القلب نورا ، كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة ، ولهذا ذكر سبحانه آية النور عقيب الأمر بغض البصر ، فقال : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) النور/30 ثم قال إثر ذلك : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) النور/35 أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه ، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل جانب ، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان ، فما شئت من بدعة وضلالة واتباع هوى واجتناب هدى وإعراض عن أسباب السعادة واشتغال بأسباب الشقاوة ، فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب ، فإذا فقد ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي يجوس في حنادس الظلام .
السادسة : أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل والصادق والكاذب ، ... والله سبحانه يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، فإذا غض بصره عن محارم الله عوضه الله بأن يطلق نور بصيرته ، عوضة عن حبسه بصره لله ، ويفتح له باب العلم والإيمان والمعرفة والفراسة الصادقة المصيبة ، التي إنما تنال ببصيرة القلب ، وضد هذا ما وصف الله به اللوطية من العمه الذي هو ضد البصيرة فقال تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الحجر/72
السابعة : أنه يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة ، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقوة ، كما في الأثر : ( الذي يخالف هواه يفر الشيطان من ظله ) ومثل هذا تجده في المتبع هواه من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها ، ما جعله الله سبحانه فيمن عصاه ، كما قال الحسن : ( إنهم وإن طقطقت بهم البغال ، وهملجت بهم البراذين ، فإن المعصية لا تفارق رقابهم ، أبى الله إلا أن يذل من عصاه ) .
وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته ، والذل قرين معصيته ، فقال تعالى :
( ولِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) المنافقون/8 ،
وقال تعالى : ( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) آل عمران/139 ، والإيمان قول وعمل ، ظاهر وباطن ،
وقال تعالى : ( مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) فاطر/10 ، أي من كان يريد العزة فليطلبها بطاعة الله وذكره ، من الكلم الطيب والعمل الصالح ، وفي دعاء القنوت :
( إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ) ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه ، وله من العز بحسب طاعته ، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه ، وله من الذل بحسب معصيته .
الثامن : أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب ، فإنه يدخل مع النظرة ، وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهوى في المكان الخالي ، فيمثل له صورة المنظور إليه ، ويزينها ويجعلها صنما يعكف عليه القلب ، ثم يَعِدُهُ ويُمَنِّيه ، ويوقد على القلب نار الشهوة ، ويلقي عليه حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة ، فيصير القلب في اللهب ، فمن ذلك اللهب تلك الأنفاس التي يجد فيها وهج النار ، وتلك الزفرات والحرقات ، فإن القلب قد أحاطت به النيران بكل جانب ، فهو في وسطها كالشاة في وسط التنور ، لهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة أن جُعل لهم في البرزخ تنورٌ من نار .
التاسع : أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والاشتغال بها ، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول عليه بينه وبينها ، فتنفرط عليه أموره ، ويقع في اتباع هواه ، وفي الغفلة عن ذكر ربه ، قال تعالى : ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ) الكهف/28
العاشر : أن بين العين والقلب منفذا أو طريقا يوجب اشتغال أحدهما عن الآخر ، وأن يصلح بصلاحه ويفسد بفساده ، فإذا فسد القلب فسد النظر ، وإذا فسد النظر فسد القلب ، وكذلك في جانب الصلاح " انتهى .
والله أعلم .
وانظر السؤال رقم (1774) ، (20229) .
++++++
الوسائل المعينة على غض البصر
سؤالي يتعلق بمسألة معقدة..هنا في كندا يوجد نقص في الأخلاق و الناس- خصوصا النساء- كثير منهن لا يرتدين شيئا تقريبا..مشكلتي هي أنني لا أستطيع التوقف عن النظر لهؤلاء النساء ..أعلم أن الزواج فرض عليّ ، وأن علي الذهاب لبلد إسلامي ( و هو ما لا أستطيع عمله الآن ) هل تستطيع إعطائي أي نصيحة لتساعدني في التعامل مع هذه المشكلة .
الحمد لله قلنا هنا مراراً إنه لا يحل البقاء في بلاد الكفر لمن ليس بمعذور عذراً شرعيّاً ، وهذه البلاد فيها الكفر والفسوق والعصيان ، وفيها الانتكاس عن الفطرة التي خلق الله الناس عليها ، ومن الفواحش المنتشرة في تلك البلدان التبرج الفاحش حتى لا تكاد تلبس المرأة شيئاً يسترها – كما قال السائل - .
وهذا الواقع يؤدي إلى محرمات وكبائر ومنها : المخالطة والمماسة والزنا ، وكل ذلك مبدؤه النظر .
لذا جاءت الشريعة بتحريم الطرق التي تؤدي للفاحشة ومنها : النظر إلى الأجنبية :
أ. قال تعالى :
{ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } النور / 30 .
قال الإمام ابن كثير :
هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا أبصارهم عما حرم عليهم فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه وأن يغمضوا أبصارهم عن المحارم فإن اتفق أن وقع بصر على محرم من غير قصد فليصرف
بصره عنه سريعاً .تفسير ابن كثير ( 3 / 282 ) .
ب. ويقول تعالى
{ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن } الأحزاب / 53 .
ج. وعن جرير بن عبد الله قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري .
رواه مسلم ( 2159 ) .
قال النووي :
ومعنى " نظر الفجأة " : أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد فلا إثم عليه في أول ذلك ويجب عليه أن يصرف بصره في الحال فإن صرف في الحال فلا إثم عليه، وإن استدام النظر أثم لهذا الحديث فإنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن يصرف بصره مع قوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } …
ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خطبتها أو شراء الجارية أو المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما ونحو ذلك وإنما يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد والله أعلم ." شرح مسلم " ( 14 / 139 ) .
ثانياً :
وهناك وسائل معينة على غض البصر ، نسأل الله أن يعينك على تحقيقها :
1 - استحضار اطلاع الله عليك ، ومراقبة الله لك ، فإنه يراك وهو محيط بك ، فقد تكون نظرة خائنةً ، جارك لا يعلمها ؛ لكنَّ الله يعلمها . قال تعالى : { يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور } غافر / 19 .
2- الاستعانة بالله والانطراح بين يديه ودعائه ، قال تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } غافر / 60 .
3- أن تعلم أن كل نعمة عندك هي من الله تعالى ، وهي تحتاج منك إلى شكر ، فنعمة البصر من شكرها حفظها عما حرم الله ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ قال تعالى : { وما بكم من نعمة فمن الله } النحل / 53 .
4- مجاهدة النفس وتعويدها على غض البصر والصبر على ذلك ، والبعد عن اليأس ، قال تعالى : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } العنكبوت / 69 .
وقال صلى الله عليه وسلم " … ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله … " رواه البخاري ( 1400 ) .
5 – اجتناب الأماكن التي يخشى الإنسان فيها من فتنة النظر إذا كان له عنها مندوحة ، ومن ذلك الذهاب إلى الأسواق والجلوس في الطرقات… قال – صلى الله عليه وسلم – " إياكم والجلوس في الطرقات ، قالوا : مالنا بدٌّ ، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها ، قال : فإذا أبيتم إلا المجالس ، فأعطوا الطريق حقها ، قالوا : وما حق الطريق ، قال : غض البصر ، وكف الأذى … " رواه البخاري ( 2333 ) ومسلم ( 2121 ) .
6 – أن تعلم أنه لا خيار لك في هذا الأمر مهما كانت الظروف والأحوال ، ومهما دعاك داعي السوء ، ومهما تحركت في قلبك العواطف والعواصف ، فإن النظر يجب غضه عن الحرام في جميع الأمكنة والأزمنة ، وليس لك أن تحتج مثلاً بفساد الواقع ولا تبرر خطأك بوجود ما يدعو إلى الفتنة ، قال تعالى : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً }
الأحزاب / 36 .
7- الإكثار من نوافل العبادات ، فإن الإكثار منها مع المحافظة على القيام بالفرائض ، سببٌ في حفظ جوارح العبد ، قال الله تعالى في الحديث القدسي " … وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه … " البخاري ( 6137 ) .
8– تذكر شهادة الأرض التي تمارس عليها المعصية ، قال تعالى : { يومئذ تحدث أخبارها } الزلزلة / 4 .
9- تذكر الملائكة الذين يحصون عليك أعمالك ، قال تعالى : { وإن عليكم لحـافظين . كراماً كاتبين . يعلمون ما تفعلون } الانفطار / 10 –12 .
10- استحضار بعض النصوص الناهية عن إطلاق البصر ، مثل قوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } النور / 30 .
11– البعد عن فضول النظر ، فلا تنظر إلا إلى ما تحتاج إليه ولا تطلق بصرك يميناً وشمالاً فتقع فيما لا تستطيع سرعة التخلص منه من تأثير النظر إلى ما فيه فتنة .
12– الزواج ، وهو من أنفع العلاج ، قال – صلى الله عليه وسلم – " من استطاع الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " أخرجه البخاري ( 1806 ) ومسلم ( 1400 ) .
13– الصوم ، للحديث السابق .
14– أداء المأمورات كما أمر الله ، ومنها : الصلاة قال تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر .. } العنكبوت / 45 .
15– تذكر الحور العين ، ليكون حادياً لك على الصبر عن ما حرم الله طلباً لوصال الحور ، قال تعالى { وكواعب أترابا } النبأ / 33 .
وقال – صلى الله عليه وسلم - " … ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت على أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحاً ، ولنصيفها على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها " رواه البخاري ( 2643 ) .
16– استحضار ما في المنظور إليه من النقص وما يحمله من الأذى والقاذورات في أحشائه …؟!
17– العلو بالهمة إلى معالي الأمور .
18– محاسبة النفس بين الحين والآخر ، ومجاهدتها على غض البصر ، واعلم أن لكل جوادٍ كبوة .
19– تذكر الألم والحسرة التي تعقب هذه النظرة ، وتقدمت آثار إطلاق البصر .
20– معرفة ما لغض البصر من فوائد ، وقد تقدمت .
21– إثارة هذا الموضوع في المجالس والتجمعات ، وتبيين أخطاره .
22- إصلاح الأقارب ، ونصحهم بعدم لبس ما يثير النظر ويظهر المحاسن مثل : طريقة اللبس و الألوان الزاهية و طريقة المشي والتميع في الكلام ونحوه .
23– دفع الخواطر والوساوس قبل أن تصير عزماً ، ثم تنتقل إلى مرحلة الفعل ، فمن غض بصره عند أول نظرةٍ سَلِمَ من آفات لا تحصى ، فإذا كرر النظر فلا يأمن أن يُزرعَ في قلبه زرعٌ يصعبُ قلعه .
25 – الخوف من سوء الخاتمة ، ومن التأسف عند الموت .
26 – صحبة الأخيار ، فإن الطبع يسرق من خصال المخالطين ، والمرء على دين خليله ، والصاحب ساحب .
27 – العلم بأن زنا العين النظر ، وكفى بذلك قبحاً .
رسالة " غض البصر " لبعض طلبة العلم ، بتصرف .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب.
*****************
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
(( غض البصر ومعنى النظرة الأولى والوسائل المعينة على غض البصر))
ما معنى غض البصر ؟.
الحمد لله أولا :
غض البصر في اللغة يعني كفه ومنعه من الاسترسال في التأمل والنظر .
يقول ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (4/307) :
" الغين والضاد ، يدلُّ على كفٍّ ونَقْص، (مثل) غضُّ البصر ، وكلُّ شيءٍ كففتَه فقد غَضَضْته " انتهى .
ويقول ابن منظور في "لسان العرب" (7/196) :
" وغَضَّ طَرْفَه وبَصره : كفَّه وخَفَضَه وكسره . وقيل : هو إِذا دانى بين جفونه ونظر " انتهى
ثانيا :
وهو في الشرع يشمل أمورا عدة :
1- غض البصر عن عورات الناس ، ومن ذلك زينة المرأة الأجنبية .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (15/414) :
" والله سبحانه قد أمر فى كتابه بغض البصر وهو نوعان : غض البصر عن العورة . وغضه عن محل الشهوة .
فالأول كغض الرجل بصره عن عورة غيره .
وأما النوع الثاني من النظر كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية ، فهذا أشد من الأول ، كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير ، وعلى صاحبها الحد ... لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر " انتهى .
2- غض البصر عن بيوت الناس وما أغلقت عليه أبوابهم :
يقول ابن تيمية "مجموع الفتاوى" (15/379) :
" وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما أشبهها من النظر إلى المحرمات ، فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس ، فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه ، وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الاستئذان ، وذلك أن البيوت سترة كالثياب التى على البدن " انتهى .
ويقول ابن القيم رحمه الله في "مدارج السالكين" (1/117) :
" ومن النظر الحرام النظر إلى العورات ، وهي قسمان : عورة وراء الثياب . وعورة وراء الأبواب " انتهى .
3- غض البصر عما في أيدي الناس من الأموال والنساء والأولاد والمتاع ونحوها .
قال تعالى : ( لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الحجر/88
قال ابن سعدي في "تفسيره" (434) :
" أي: لا تعجب إعجابا يحملك على إشغال فكرك بشهوات الدنيا التي تمتع بها المترفون ، واغترَّ بها الجاهلون ، واستغن بما آتاك الله
من المثاني والقرآن العظيم " انتهى .
وقال أيضا (ص/516) :
" أي : لا تمد عي*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-* معجبا ، ولا تكرر النظر مستحسنا إلى أحوال الدنيا والمُمَتَّعين بها ، من المآكل والمشارب اللذيذة ، والملابس الفاخرة ، والبيوت المزخرفة ، والنساء المجملة ، فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا ، تبتهج بها نفوس المغترين ، وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين ، ويتمتع بها - بقطع النظر عن الآخرة - القوم الظالمون ، ثم تذهب سريعا ، وتمضي جميعا ، وتقتل محبيها وعشاقها ، فيندمون حيث لا تنفع الندامة ، ويعلمون ما هم عليه إذا قدموا في القيامة ، وإنما جعلها الله فتنة واختبارا ، ليعلم من يقف عندها ويغتر بها ، ومن هو أحسن عملا " انتهى .
ثالثا :
يذكر العلماء في فوائد غض البصر أمورا كثيرة ، منها ما قاله ابن القيم رحمه الله في "الجواب الكافي" (125) :
" وفي غض البصر عدة منافع :
أحدها : أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده ، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى ، وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره ، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره .
الثانية : أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذى لعل فيه هلاكه إلى قلبه .
الثالثة : أنه يورث القلب أنسا بالله ، وجمعية على الله ، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ويبعده من الله ، وليس على العبد شيء أضر من إطلاق البصر ، فانه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه .
الرابعة : أنه يقوي القلب ويفرحه ، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه .
الخامسة : أنه يكسب القلب نورا ، كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة ، ولهذا ذكر سبحانه آية النور عقيب الأمر بغض البصر ، فقال : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) النور/30 ثم قال إثر ذلك : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) النور/35 أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه ، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل جانب ، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان ، فما شئت من بدعة وضلالة واتباع هوى واجتناب هدى وإعراض عن أسباب السعادة واشتغال بأسباب الشقاوة ، فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب ، فإذا فقد ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي يجوس في حنادس الظلام .
السادسة : أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل والصادق والكاذب ، ... والله سبحانه يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، فإذا غض بصره عن محارم الله عوضه الله بأن يطلق نور بصيرته ، عوضة عن حبسه بصره لله ، ويفتح له باب العلم والإيمان والمعرفة والفراسة الصادقة المصيبة ، التي إنما تنال ببصيرة القلب ، وضد هذا ما وصف الله به اللوطية من العمه الذي هو ضد البصيرة فقال تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الحجر/72
السابعة : أنه يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة ، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقوة ، كما في الأثر : ( الذي يخالف هواه يفر الشيطان من ظله ) ومثل هذا تجده في المتبع هواه من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها ، ما جعله الله سبحانه فيمن عصاه ، كما قال الحسن : ( إنهم وإن طقطقت بهم البغال ، وهملجت بهم البراذين ، فإن المعصية لا تفارق رقابهم ، أبى الله إلا أن يذل من عصاه ) .
وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته ، والذل قرين معصيته ، فقال تعالى :
( ولِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) المنافقون/8 ،
وقال تعالى : ( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) آل عمران/139 ، والإيمان قول وعمل ، ظاهر وباطن ،
وقال تعالى : ( مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) فاطر/10 ، أي من كان يريد العزة فليطلبها بطاعة الله وذكره ، من الكلم الطيب والعمل الصالح ، وفي دعاء القنوت :
( إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ) ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه ، وله من العز بحسب طاعته ، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه ، وله من الذل بحسب معصيته .
الثامن : أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب ، فإنه يدخل مع النظرة ، وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهوى في المكان الخالي ، فيمثل له صورة المنظور إليه ، ويزينها ويجعلها صنما يعكف عليه القلب ، ثم يَعِدُهُ ويُمَنِّيه ، ويوقد على القلب نار الشهوة ، ويلقي عليه حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة ، فيصير القلب في اللهب ، فمن ذلك اللهب تلك الأنفاس التي يجد فيها وهج النار ، وتلك الزفرات والحرقات ، فإن القلب قد أحاطت به النيران بكل جانب ، فهو في وسطها كالشاة في وسط التنور ، لهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة أن جُعل لهم في البرزخ تنورٌ من نار .
التاسع : أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والاشتغال بها ، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول عليه بينه وبينها ، فتنفرط عليه أموره ، ويقع في اتباع هواه ، وفي الغفلة عن ذكر ربه ، قال تعالى : ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ) الكهف/28
العاشر : أن بين العين والقلب منفذا أو طريقا يوجب اشتغال أحدهما عن الآخر ، وأن يصلح بصلاحه ويفسد بفساده ، فإذا فسد القلب فسد النظر ، وإذا فسد النظر فسد القلب ، وكذلك في جانب الصلاح " انتهى .
والله أعلم .
وانظر السؤال رقم (1774) ، (20229) .
++++++
الوسائل المعينة على غض البصر
سؤالي يتعلق بمسألة معقدة..هنا في كندا يوجد نقص في الأخلاق و الناس- خصوصا النساء- كثير منهن لا يرتدين شيئا تقريبا..مشكلتي هي أنني لا أستطيع التوقف عن النظر لهؤلاء النساء ..أعلم أن الزواج فرض عليّ ، وأن علي الذهاب لبلد إسلامي ( و هو ما لا أستطيع عمله الآن ) هل تستطيع إعطائي أي نصيحة لتساعدني في التعامل مع هذه المشكلة .
الحمد لله قلنا هنا مراراً إنه لا يحل البقاء في بلاد الكفر لمن ليس بمعذور عذراً شرعيّاً ، وهذه البلاد فيها الكفر والفسوق والعصيان ، وفيها الانتكاس عن الفطرة التي خلق الله الناس عليها ، ومن الفواحش المنتشرة في تلك البلدان التبرج الفاحش حتى لا تكاد تلبس المرأة شيئاً يسترها – كما قال السائل - .
وهذا الواقع يؤدي إلى محرمات وكبائر ومنها : المخالطة والمماسة والزنا ، وكل ذلك مبدؤه النظر .
لذا جاءت الشريعة بتحريم الطرق التي تؤدي للفاحشة ومنها : النظر إلى الأجنبية :
أ. قال تعالى :
{ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } النور / 30 .
قال الإمام ابن كثير :
هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا أبصارهم عما حرم عليهم فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه وأن يغمضوا أبصارهم عن المحارم فإن اتفق أن وقع بصر على محرم من غير قصد فليصرف
بصره عنه سريعاً .تفسير ابن كثير ( 3 / 282 ) .
ب. ويقول تعالى
{ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن } الأحزاب / 53 .
ج. وعن جرير بن عبد الله قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري .
رواه مسلم ( 2159 ) .
قال النووي :
ومعنى " نظر الفجأة " : أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد فلا إثم عليه في أول ذلك ويجب عليه أن يصرف بصره في الحال فإن صرف في الحال فلا إثم عليه، وإن استدام النظر أثم لهذا الحديث فإنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن يصرف بصره مع قوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } …
ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خطبتها أو شراء الجارية أو المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما ونحو ذلك وإنما يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد والله أعلم ." شرح مسلم " ( 14 / 139 ) .
ثانياً :
وهناك وسائل معينة على غض البصر ، نسأل الله أن يعينك على تحقيقها :
1 - استحضار اطلاع الله عليك ، ومراقبة الله لك ، فإنه يراك وهو محيط بك ، فقد تكون نظرة خائنةً ، جارك لا يعلمها ؛ لكنَّ الله يعلمها . قال تعالى : { يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور } غافر / 19 .
2- الاستعانة بالله والانطراح بين يديه ودعائه ، قال تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } غافر / 60 .
3- أن تعلم أن كل نعمة عندك هي من الله تعالى ، وهي تحتاج منك إلى شكر ، فنعمة البصر من شكرها حفظها عما حرم الله ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ قال تعالى : { وما بكم من نعمة فمن الله } النحل / 53 .
4- مجاهدة النفس وتعويدها على غض البصر والصبر على ذلك ، والبعد عن اليأس ، قال تعالى : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } العنكبوت / 69 .
وقال صلى الله عليه وسلم " … ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله … " رواه البخاري ( 1400 ) .
5 – اجتناب الأماكن التي يخشى الإنسان فيها من فتنة النظر إذا كان له عنها مندوحة ، ومن ذلك الذهاب إلى الأسواق والجلوس في الطرقات… قال – صلى الله عليه وسلم – " إياكم والجلوس في الطرقات ، قالوا : مالنا بدٌّ ، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها ، قال : فإذا أبيتم إلا المجالس ، فأعطوا الطريق حقها ، قالوا : وما حق الطريق ، قال : غض البصر ، وكف الأذى … " رواه البخاري ( 2333 ) ومسلم ( 2121 ) .
6 – أن تعلم أنه لا خيار لك في هذا الأمر مهما كانت الظروف والأحوال ، ومهما دعاك داعي السوء ، ومهما تحركت في قلبك العواطف والعواصف ، فإن النظر يجب غضه عن الحرام في جميع الأمكنة والأزمنة ، وليس لك أن تحتج مثلاً بفساد الواقع ولا تبرر خطأك بوجود ما يدعو إلى الفتنة ، قال تعالى : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً }
الأحزاب / 36 .
7- الإكثار من نوافل العبادات ، فإن الإكثار منها مع المحافظة على القيام بالفرائض ، سببٌ في حفظ جوارح العبد ، قال الله تعالى في الحديث القدسي " … وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه … " البخاري ( 6137 ) .
8– تذكر شهادة الأرض التي تمارس عليها المعصية ، قال تعالى : { يومئذ تحدث أخبارها } الزلزلة / 4 .
9- تذكر الملائكة الذين يحصون عليك أعمالك ، قال تعالى : { وإن عليكم لحـافظين . كراماً كاتبين . يعلمون ما تفعلون } الانفطار / 10 –12 .
10- استحضار بعض النصوص الناهية عن إطلاق البصر ، مثل قوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } النور / 30 .
11– البعد عن فضول النظر ، فلا تنظر إلا إلى ما تحتاج إليه ولا تطلق بصرك يميناً وشمالاً فتقع فيما لا تستطيع سرعة التخلص منه من تأثير النظر إلى ما فيه فتنة .
12– الزواج ، وهو من أنفع العلاج ، قال – صلى الله عليه وسلم – " من استطاع الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " أخرجه البخاري ( 1806 ) ومسلم ( 1400 ) .
13– الصوم ، للحديث السابق .
14– أداء المأمورات كما أمر الله ، ومنها : الصلاة قال تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر .. } العنكبوت / 45 .
15– تذكر الحور العين ، ليكون حادياً لك على الصبر عن ما حرم الله طلباً لوصال الحور ، قال تعالى { وكواعب أترابا } النبأ / 33 .
وقال – صلى الله عليه وسلم - " … ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت على أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحاً ، ولنصيفها على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها " رواه البخاري ( 2643 ) .
16– استحضار ما في المنظور إليه من النقص وما يحمله من الأذى والقاذورات في أحشائه …؟!
17– العلو بالهمة إلى معالي الأمور .
18– محاسبة النفس بين الحين والآخر ، ومجاهدتها على غض البصر ، واعلم أن لكل جوادٍ كبوة .
19– تذكر الألم والحسرة التي تعقب هذه النظرة ، وتقدمت آثار إطلاق البصر .
20– معرفة ما لغض البصر من فوائد ، وقد تقدمت .
21– إثارة هذا الموضوع في المجالس والتجمعات ، وتبيين أخطاره .
22- إصلاح الأقارب ، ونصحهم بعدم لبس ما يثير النظر ويظهر المحاسن مثل : طريقة اللبس و الألوان الزاهية و طريقة المشي والتميع في الكلام ونحوه .
23– دفع الخواطر والوساوس قبل أن تصير عزماً ، ثم تنتقل إلى مرحلة الفعل ، فمن غض بصره عند أول نظرةٍ سَلِمَ من آفات لا تحصى ، فإذا كرر النظر فلا يأمن أن يُزرعَ في قلبه زرعٌ يصعبُ قلعه .
25 – الخوف من سوء الخاتمة ، ومن التأسف عند الموت .
26 – صحبة الأخيار ، فإن الطبع يسرق من خصال المخالطين ، والمرء على دين خليله ، والصاحب ساحب .
27 – العلم بأن زنا العين النظر ، وكفى بذلك قبحاً .
رسالة " غض البصر " لبعض طلبة العلم ، بتصرف .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب.
*****************