التواضع من حياة الصالحين
التواضع هو فضيلة رائعة وصفة جميلة يتحلي بها الانسان، وقد حثنا رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم علي التواضع ونهانا عن التكبر والغرور، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة خردل من الكبر) وهذه الصفة العظيمة تجعل الانسان محبوباً من الله عز وجل ومن كل من حوله، فمن تواضع لله رفعه
عنصرية علي الطائرة
حدثت هذه القصة علي متن احدي طائرات الخطوط الجوية البريطانية، انطلقت الطائرة من جنوب افريقيا متجهة الي لندن بانجلترا، وفي مقاعد الدرجة السياحية جلست سيدة بيضاء البشرة تبلغ من العمر حوالي خمسين عاماً، وقد تفاجئت هذه السيدة قبل انطلاق الطائرة بلحظات بجلوس رجل اسود البشرة بجانبها، فأظهرت استيائها من هذا الامر وبدت عليها علامات الضيق بوضوح وبعد مرور عدة دقائق استدعت هذه السيدة المضيفة وقالت لها : كيف تجلسوني بجوار هذا الرجل الاسود البشع، انا لا يمكنني ان استمر في رحلتي بجانب هذا الشخص المقرف، وعليكم أن توفروا لي مقعداً بديلاً.. قالت هذه الكلمات بصوت مرتفع وبلا خجل ولا ذرة احترام للشخص الذي بجانبها.
فما كان من المضيفة إلا ان قالت لها بابتسامة باردة: اهدئي قليلاً يا سيدتي، إن كل المقاعد علي الطائرة ممتلئة تقريباً، ولكني سوف ابحث عن مقعد خال علي الفور، وهكذا غابت المضيفة لعدة دقائق ثم عادت قائلة: سيدتي، انا لم اجد اي مقاعد خالية في الدرجة السياحية كما اخبرتك، ولكنني ابلغت الكابتن بشكواكي وقد اخبرنه أنه لا توجد اي مقاعد شاغرة كذلك في درجة رجال الاعمال، ولكن يوجد مقعد واحد خال في الدرجة الاولي.
وقبل أن تتحدث السيدة البيضاء بأي شئ او تجيب علي كلام المضيفة، اكملت المضيفة حديثها قائلاً: ليس من المعتاد في شركتنا أن نسمح لراكب من الدرجة السياحية ان يجلس في مقاعد الدرجة الاولي، ولكن وفقاً لهذا الظرف الاستثنائي فإن الكابتن أخبرني انه من غير اللائق تماماً ان نرغم احداً علي الجلوس بجوار شخص مقرف الي هذا الحد البشع، ولذلك…. سكتت المضيفة للحظات ثم التفتت الي الرجل الاسود وقالت له: ارجوك يا سيدي، هل يمكنك أن تأتي معي فهناك مقعد ينتظرك في الدرجة الاولي.
كان الركاب جميعاً يتابعون الموقف ويسمعون كلام المضيفة، وفي هذه اللحظات وقف الركاب مذهولون وصفقوا لها بحرارة علي ردها الرائع وتصرفها المؤثر.
تواضع رسول الله صلي الله عليه وسلم
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم اكثر الناس تواضعاً ومن اجمل القصص في تواضع رسول الله أنه ذات يوم كان في سفر فأمر باصلاح شاة، فقال رجل: يا رسول الله عليّ ذبحها وقال آخر: عليّ سلخها وقال رجل آخ: عليّ طبخها، فقال لهم رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم: عليّ جمع الحطب، فقالوا: نحن نكفيك يا رسول الله، اي نحن نفعل ذلك بدلاً عنك، فقال: اعلم انكم تكفوني، ولكنني اكره أن اتميز عليكم، فإن الله يكره من عبده ان يراه متميزاً بين اصحابه، وبالفعل قام رسول الله صلي الله عليه وسلم بجمع الحطب.
وكان إذا دخل منزلاً جلس في ادني المجلس، وكان في بيته يساعد اهله ويحلب شاته ويرقع ثوبه وينظف نعله ويخدم نفسه، ويشتري بضاعته من السوق ويحملها بنفسه ويجلس مع الفقراء والمحتاجين والبسطاء من القوم وهو اعظم خلق الله صلي الله عليه وسلم.
درس رائع في التواضع
ذات يوم سافر هارون الرشيد الي المدينة المنورة واتجه الي المسجد انبوي الشريف، فقابل الامام مالك رضي الله عنه وكان يُدَرِس العلم لمجموعة من تلاميذه، فقال هارون الرشيد للإمام مالك: يامالك ما ضر لو جئتنا لتدرس العلم لنا فى بيتنا؟
فرد عليه قائلاً: يا هارون إن العلم لا يأتي إنما يؤتي إليه!!
فقال له: صدقت، سوف آتي اليك في المسجد لأنهل من علمك، فقال له الامام مالك: ولكن إن جئت إلي متاخراً فلن اسمح لك بتخطي الناس في المسجد لتجلس في الصفوف الاولي، فقال له هارون: سمعاً وطاعة يا إمام.
وبعد صلاة العصر كان الامام مالك رضي الله عنه جالساً في المسجد يلقي درساً بعد الصلاة، فدخل عليه هارون الرشيد ومعه رجاله، ووضعوا له كرسي حتي يجلس عليه، فنظر الامام مالك الي هارون ورآه جالساً علي الكرسي فغير مجري الحديث في الدرس قائلاً: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”من تواضع لله رفعه ومن تكبر وضعه الله”.. ففهم هارون وقتها المعني الذي يقصده الامام مالك وانه هو المقصود بهذا القول وهذه النصيحة، فأمر رجاله ان يرفعوا الكرسي وجلس علي الارض مثله مثل باقي المسلمين.