الوطن كلمة صغيرة تحمل في طياتها معاني كثيرة فهو ليس مجرد أرض وجبال وتراب وماء بل هو أعمق من ذلك فهو الحضن الدافئ الذي يُشعر أبناءه بالأمن والطمأنينة، ويمنحهم الحماية والاستقرار، وفي الوطن الحبيب والصاحب والقريب وكل الذكريات الجميلة، وهو كما الأم تماماً يحتضن أبناءه فيأكلوا من ثماره، ويشربوا من مائه، ليكبروا وينمو بداخلهم حب الوطن والانتماء إليه فيروا هواءه عليلا ولو كان محمَّلًا بالغبار، وماءه زلالا ولو خالطه الأكدار، وتربته دواء ولو كانت قفارًا، ويصبح أهم إليهم حتى من أنفسهم فيبذلوا كل غالٍ ونفيس في سبيله. حب الوطن حب الوطن أمر فطري يولَد مع الإنسان وينمو معه، فكلما كبر الإنسان زاد تقديره لوطنه وحبه له، وزاد وعيه لكل ما يقدّمه الوطن له من أجل أن يحيا حياة مطمئنة آمنة وأن ينشأ نشأة صالحة، ولا يكون حب الوطن بالتعصب له ونبذ كل الأوطان الأخرى، وحمل الشعارات والمناداة بهتافات فقط، فالوطن يحتاج منا العمل على رفعته والمحافظة عليه من كل ما يمكن أن يدنّسه. عوامل بناء الوطن هناك العديد من العوامل التي تساعد في بناء الوطن مثل تثقيف المواطنين بكل ما يخص الوطن من معلومات جغرافية وسياسية ومعرفة حقوقهم وواجباتهم تجاه الوطن، وغرس أهمية بناء الوطن، ونشر القيم والأخلاق الحميدة، وكل هذا يُكتَسب أولاً من الأسرة فعلى الأهل أن يغرسوا في أولادهم حب الوطن من الصغر، وأن يهيّئوهم للانغماس بالمجتمع والاهتمام بمصلحته، والتعاون مع المواطنين بكل ما يمكن أن يخدم المجتمع، كما للمدرسة دور مهم أيضاً في تعريفهم بتاريخ الوطن المشرّف وكل ما اجتازه من الصعاب لتوفير الحياة الكريمة لهم، وكذلك فالصحبة تؤثر في أفكار المواطن ونظرته لوطنه فعلى الإنسان أن يختار من يتنفس حب الوطن ويعمل جاهداً لرفعة وطنه وبنائه بناءً مشرِّفاً ليكون له عوناً في طريق بناء الوطن. الوطن والمواطن الوطن يوفر لمواطنيه الحياة الكريمة من مأكل، وملبس، ومشرب، وأمن، وأمان، ويعطيهم كل الحقوق من تعليم، وعمل، ورعاية صحية، و يوفر لمواطنيه حرية ممارسة دينهم وعاداتهم وتقاليدهم، كما يسمح لهم بإبداء رأيهم مهما كان، ويختار أولو الأمر من الأكفياء الذين يهتمون بالمواطن ومصلحته ويتقبلون النصيحة. ولما كان الوطن مانحنا كل ذلك فكان لزاماً على كل واحد منا أن يدافع عنه، ويحميه من كيد الكائدين، وأن يحافظ على ممتلكاته، وأن يحب المواطنين جميعاً لكي يحافظ على تماسك الوطن وقوته، ويدفع الضرائب والرسوم ويحترم القوانين فيطبقها ولا يخالفها، وأن يستغل المجال الذي يتقنه في خدمة وطنه وتطوره وتقدمه، فالمعلم ينشئ جيلاً واعياً محباً للوطن مقدِّراً لمكانته، والجندي يسهر لحماية الوطن من الأعداء الحاقدين، والمهندس يبني ويعمّر الوطن، والطبيب يمنح أبناء الوطن حياة أخرى ليكونوا ذلك المعلم والجندي والمهندس، والأم تزرع في أبنائها حب الوطن وتشجعهم على المحافظة على ممتلكاته.