الناس فريقان: فريق الهدى، وفريق الضلال . وقد منح الله تعالى للإنسان خمس هدايات يتوصل بها إلى سعادته ، وهي :
1- هداية الإلهام الفطري: وتكون للطفل منذ ولادته، فهو يحس بالحاجة إلى الطعام والشراب، فيصرخ طالبا له إن غفل عنه والداه.
2- هداية الحواس: وهي متممة للهداية الأولى، وهاتان الهدايتان يشترك فيهما الإنسان والحيوان، بل هما في البداية أكمل في الحيوان من الإنسان، إذ إلهام الحيوان يكمل بعد ولادته بقليل، ويكتمل في الإنسان تدريجيا.
3- هداية العقل: وهي أسمى من الهدايتين السابقتين، فالإنسان خلق مدنيا بالطبع ليعيش مع غيره، ولا يكفي الحس الظاهر للحياة الاجتماعية، فلا بد له من العقل الذي يوجهه إلى مسالك الحياة، ويعصمه من الخطأ والانحراف، ويصحح له أغلاط الحواس، والانزلاق في تيارات الهوى.
4- هداية الدين: وهي الهداية التي لا تخطئ، والمصدر الذي لا يضل، فقد يخطئ العقل، وتنجرف النفس مع اللذات والشهوات، حتى توردها موارد الهلاك، فيحتاج الإنسان إلى مقوم مرشد هاد لا يتأثر بالأهواء، فتسعفه هداية الدين لإرشاده إلى الطريق الأقوم، إما بعد الوقوع في الخطأ أو قبله، وتظل هذه الهداية هي الحارس الأمين الذي يفيء إليها الإنسان للتزود بمفاتيح الخير، والتسلح بمغلاق الشر، فيأمن العثور، ويضمن النجاة، وتعرفه بحدود ما يجب عليه لسلطان الله الذي يخضع له في أعماق نفسه، ويحس بالحاجة الملحة لصاحب ذلك السلطان، الذي خلقه وسواه، وأنعم عليه نعما ظاهرة وباطنة، لا تعد ولا تحصى. فصارت هذه الهداية أشد ما يحتاج إليها الإنسان، لتحقيق سعادته.
وقد أشار القرآن إلى تلك الهدايات في آيات كثيرة، منها وهديناه النجدين [البلد 90/ 10] أي بينا له طريقي الخير والشر، والسعادة والشقاء.
ومنها قوله تعالى: وأما ثمود فهديناهم، فاستحبوا العمى على الهدى [فصلت 41/ 17] أي أرشدناهم إلى طريق الخير والشر، فاختاروا الثاني.
5- هداية المعونة والتوفيق للسير في طريق الخير والنجاة: وهي أخص من هداية الدين، وهي التي أمرنا الله بدوام طلبها في قوله تعالى: اهدنا الصراط المستقيم أي دلنا دلالة، تصحبها من لدنك معونة غيبية، تحفظنا بها من الضلال والخطأ.
وهذه الهداية خاصة به سبحانه، لم يمنحها أحدا من خلقه، بل نفاها عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء [القصص 28/ 56] ، وقوله: ليس عليك هداهم، ولكن الله يهدي من يشاء [البقرة 2/ 272] ، وأثبتها لنفسه في قوله: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده [الأنعام 6/ 90] .
أما الهداية بمعنى الدلالة على الخير والحق، فأثبتها الله للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله:وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم [الشورى 42/ 52] .
والخلاصة: الهداية في القرآن نوعان: هداية عامة: وهي الدلالة إلى مصالح العبد في معاده، وهذه تشمل الأنواع الأربعة السابقة، وهداية خاصة: وهي الإعانة والتوفيق للسير في طريق الخير والنجاة، مع الدلالة، وهي النوع الخامس