الخلافة الأموية الخلافة الإسلامية الثانية بعد الخلافة الراشدية، ويرجع نسب الخلافة الأموية إلى بني أمية، وقد امتدت فترة خلافة بني أمية قرابة المئة عام، حيث بدأت سنة 41 للهجرة وانتهت سنة 132 للهجرة، وهو ما يوافق الفترة الممتدة من عام 662 حتَّى 750م، وهي واحدة من أكبر الدول الحاكمة في التاريخ الإسلامي، وقد جعل الأمويون دمشق عاصمة لخلافتهم وقد امتدت أراضي الخلافة الأموية واتسعت حتَّى طالت أطراف الصين وجنوب فرنسا شرقًا وغربًا، وقد بلغ عدد الخلفاء الأمويين أربعة عشر خليفة، أولهم معاوية بن أبي سفيان وآخرهم مروان بن محمد، وفيما يلي بحث عن الخليفة الأموي الثامن الخليفة عمر بن عبد العزيز. بحث عن الخليفة عمر بن عبد العزيز الخليفة عمر بن عبد العزيز هو ثامن الخلفاء الأمويين، وقيل هو الخليفة الراشدي الخامس استنادًا على الأفعال التي قام بها، واسمه عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، ولد الخليفة الأموي الثامن في المدينة المنورة، وقد اختلفت الروايات في تاريخ مولده فقيل في السنة 61 وقيل 63 للهجرة، وتذكر بعض الروايات الضعيفة أنَّ الخليفة عمر بن عبد العزيز ولد في مصر وذلك بسبب تولِّي والده عبد العزيز بن مروان ولاية مصر عام 65 للهجرة، ولكنها رواية ضعيفة والراجح أنَّه ولد في المدينة في سنة 61 هـ، وقد نشأ في المدينة المنورة، وكان محبًا للعلم منذ صغره، وكان شديدَ الحرص على حضور مجالس العلماء وقد جمع عمر القرآن الكريم وهو في سن صغيرة فصفت بصيرته وذهنه وكان شديد الورع والتقوى حتّى أنَّه كان يبكي إذا ذُكر الموت خوفًا ورهبًا من ملاقاة الله تعالى.[١] وعندما كان الخليفة عمر بن عبد العزيز في العشرين من عمره كانت أوَّل ولاية له وهي ولايته على منطقة دير سمعان في حلب، ثمَّ تولَّى المدينة المنورة والطائف ومكة المكرمة فأصبح واليًا على الحجاز بأكمله، وقد اعتمد في توليه نظام الشورى، فجمَّع حوله الفقهاء وكان يستشيرهم في كلِّ أمرٍ من أمور الدولة، وفي عام 92هـ عقد الخليفة الوليد لواء الحج إلى الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كان عليه أن يمر على المدينة المنورة في طريقه إلى مكة، فكتب عمر بن عبد العزيز كتابًا إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك يطلب منه أن يعفيه من ولاية المدينة فإنَّه يكره أن يمرَّ به الحجاج، فقبل الوليد الذي كان في سياسته قاسيًا يستهويه من هم كالحجاج وغيره من الولاة القساة، فغادر عمر بن عبد العزيز المدينة وأقام في السويداء ثمَّ غادرها إلى دمشق ليبقى بالقرب من الخلفية الوليد لعله بمشورته له يخفف الظلم على العباد، ولكنَّ الوليد وولاته ملؤوا الأرض قسوة وجورًا، حتَّى كان عمر بن عبد العزيز يقول: "عبد الملك بالشام والحجاج في العراق ومحمد بن يوسف باليمن وعثمان بن حيان بالحجاز ومرة بن شريك بمصر ملئتِ الأرض ظُلمًا وجورًا".[٢] وفي عام 99 للهجرة، اقترح التابعي والفقه رجاء بن حيوة الكندي على الخليفة الأموي في تلك الفترة سليمان بن عبد الملك أن يترك خلافة المسلمين من بعده لعمر بن عبد العزيز، وكان هذا سنة 99هـ عند وفاة سليمان بن عبد الملك، فتولَّى الخليفة عمر بن العزيز خلافة المسلمين بعد سليمان بن عبد الملك، وعندما تلقَّى خبر توليه الخلافة بكى وصعد المنبر يخطب بالناس وهو يرتجف فذكر الموت وذكر ما ذكر من قصص السابقين حتَّى بكى كلُّ المسلمين في المسجد، وكان الرجاء بن حيوة يقول: "والله لقد كنت أنظر إلى جدران مسجد بني أمية ونحن نبكي، هل تبكي معنا !! ثم نزل، فقربوا له المَراكب والموكب كما كان يفعل بسلفه، قال: لا، إنما أنا رجل من المسلمين، غير أني أكثر المسلمين حِملًا وعبئًا ومسؤولية أمام الله، قربوا لي بغلتي فحسب، فركب بغلته، وانطلق إلى البيت، فنزل من قصره، وتصدَّق بأثاثِهِ ومتاعِهِ على فقراءِ المسلمين".[٣] وبعد أن استلم الخليفة عمر بن عبد العزيز خلافة المسلمين، عزل كلَّ الولاة القساة الظالمين كخالد بن الريان الذي كان لا يتهاون في ضرب الرقاب ما أمر بذلك الخليفة وعين مكانه عمرو بن مهاجر الأنصاري، وعزل أسامة بن زيد التنوخي الذي كان على خراج مصر، والذي عاد إلى خراج مصر في عهد يزيد بن عبد الملك بعد وفاة الخليفة عمر بن العزيز، وقد امتازت خلافة الخليفة عمر بن عبد العزيز بصفات الخلافة الراشدية من نشر العدل وردَّ المظالم وحفظ حقوق الناس وغير ذلك، فكان من أعدل الناس وأحفظهم للحقوق، فردَّ مظالم الناس وحفظ مال المسلمين ووزعه على الجميع حتَّى لم يبق في بلاد المسلمين فقير أو محتاج فاشتهرت مقولته الشهيرة: "انثروا القمحَ على رؤوسِ الجبال لكي لا يُقال: جاعَ طيرٌ في بلاد المسلمين"، فكان يأبى أن تجوع الطيور في بلاد هو حاكمها بعد أن شبعت بطون الناس ولم تبق في بلاده يد ممدودة للسؤال أو للحاجة، أمَّا مبدأ الشورى فقد اهتم الخليفة عمر بن عبد العزيز بالشورى اهتمامًا كبيرًا، فكان يقول: "إن المشورةَ والمناظرة باب رحمة ومفتاح بركة لا يضل معهما رأي، ولا يُفقد معهما حزم"، فكان يستشير من هم أهل بالمشورة في كلِّ أعمالهم ملتزمًا بأوامر الله ومجتنبًا نواهيه، ومن العلماء الذين كان يطلب عمر مشورته: سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب القرطبي ورجاء بن حيوة، وهم جلساؤهم الذين قربهم منه عند توليه الخلافة، وكان يحثهم على النظر في أعماله فإنَّ أخطأ قوّموا عمله، فكان يقول لعمرو بن مهاجر: "إذا رأيتني قد ملتُ عن الحقِّ فضع يدكَ في تلبابي ثم هزني، ثم قل: يا عمر ما تصنع؟".[٤] ومن الأعمال التي تُحسب لعمر بن عبد العزيز هي كتابة وتدوين الحديث الشريف، فبعد أن نهى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في حياته عن تدوين غير القرآن الكريم خوفًا من اختلاط غير القرآن بالقرآن، ظهرت بوادر تدوين الحديث في عهد عبد العزيز بن مروان والد الخليفة عمر بن عبد العزيز ولكنَّ عمر بن عبد العزيز تابع عن والده وآتى ثمار تعبه، فأصدر أمرًا إلى كلِّ العلماء بتدوين الأحاديث التي صحَّت عن رسول الله فقط، فكتب إلى أبي بكر بن حزم كتابًا قال له فيه: "نظر ما كان من حديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولتُفشوا العلم، ولتُجلسوا حتى يعلم ما لم يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًا"، فجمع العلماء سنة رسول الله ودونوها في عهده خوفًا من الضياع، وسُجِّلت هذه الخطوة العظيمة في تاريخ السنة النبوية الشريفة باسم الخليفة عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه-، وقد اختلفت الروايات في سبب وفاة عمر بن عبد العزيز، ولكنَّ الراجح أنَّه توفِّي متأثرًا بالسم الذي دُسَّ له في طعامه، وقيل إنَّ عمر بن عبد العزيز حرم بني أمية من ملذاتهم وحياتهم الهانئة التي كانوا يعيشونها، فاتفقوا مع غلامه وأغروه بالمال ووعدوه بالعتق على أنَّ يدس له السم في طعامه، فتُوفي الخليفة عمر بن عبد العزيز في يوم الجمعة في شهر رجب سنة 101 للهجرة، في معرة النعمان شمال سورية، وقد استمرت خلافته سنتين وخمسة أشهر قبل أن يموت وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، والله تعالى أعلم.[١]
إقرأالخلافة الأموية الخلافة الإسلامية الثانية بعد الخلافة الراشدية، ويرجع نسب الخلافة الأموية إلى بني أمية، وقد امتدت فترة خلافة بني أمية قرابة المئة عام، حيث بدأت سنة 41 للهجرة وانتهت سنة 132 للهجرة، وهو ما يوافق الفترة الممتدة من عام 662 حتَّى 750م، وهي واحدة من أكبر الدول الحاكمة في التاريخ الإسلامي، وقد جعل الأمويون دمشق عاصمة لخلافتهم وقد امتدت أراضي الخلافة الأموية واتسعت حتَّى طالت أطراف الصين وجنوب فرنسا شرقًا وغربًا، وقد بلغ عدد الخلفاء الأمويين أربعة عشر خليفة، أولهم معاوية بن أبي سفيان وآخرهم مروان بن محمد، وفيما يلي بحث عن الخليفة الأموي الثامن الخليفة عمر بن عبد العزيز. بحث عن الخليفة عمر بن عبد العزيز الخليفة عمر بن عبد العزيز هو ثامن الخلفاء الأمويين، وقيل هو الخليفة الراشدي الخامس استنادًا على الأفعال التي قام بها، واسمه عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، ولد الخليفة الأموي الثامن في المدينة المنورة، وقد اختلفت الروايات في تاريخ مولده فقيل في السنة 61 وقيل 63 للهجرة، وتذكر بعض الروايات الضعيفة أنَّ الخليفة عمر بن عبد العزيز ولد في مصر وذلك بسبب تولِّي والده عبد العزيز بن مروان ولاية مصر عام 65 للهجرة، ولكنها رواية ضعيفة والراجح أنَّه ولد في المدينة في سنة 61 هـ، وقد نشأ في المدينة المنورة، وكان محبًا للعلم منذ صغره، وكان شديدَ الحرص على حضور مجالس العلماء وقد جمع عمر القرآن الكريم وهو في سن صغيرة فصفت بصيرته وذهنه وكان شديد الورع والتقوى حتّى أنَّه كان يبكي إذا ذُكر الموت خوفًا ورهبًا من ملاقاة الله تعالى.[١] وعندما كان الخليفة عمر بن عبد العزيز في العشرين من عمره كانت أوَّل ولاية له وهي ولايته على منطقة دير سمعان في حلب، ثمَّ تولَّى المدينة المنورة والطائف ومكة المكرمة فأصبح واليًا على الحجاز بأكمله، وقد اعتمد في توليه نظام الشورى، فجمَّع حوله الفقهاء وكان يستشيرهم في كلِّ أمرٍ من أمور الدولة، وفي عام 92هـ عقد الخليفة الوليد لواء الحج إلى الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كان عليه أن يمر على المدينة المنورة في طريقه إلى مكة، فكتب عمر بن عبد العزيز كتابًا إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك يطلب منه أن يعفيه من ولاية المدينة فإنَّه يكره أن يمرَّ به الحجاج، فقبل الوليد الذي كان في سياسته قاسيًا يستهويه من هم كالحجاج وغيره من الولاة القساة، فغادر عمر بن عبد العزيز المدينة وأقام في السويداء ثمَّ غادرها إلى دمشق ليبقى بالقرب من الخلفية الوليد لعله بمشورته له يخفف الظلم على العباد، ولكنَّ الوليد وولاته ملؤوا الأرض قسوة وجورًا، حتَّى كان عمر بن عبد العزيز يقول: "عبد الملك بالشام والحجاج في العراق ومحمد بن يوسف باليمن وعثمان بن حيان بالحجاز ومرة بن شريك بمصر ملئتِ الأرض ظُلمًا وجورًا".[٢] وفي عام 99 للهجرة، اقترح التابعي والفقه رجاء بن حيوة الكندي على الخليفة الأموي في تلك الفترة سليمان بن عبد الملك أن يترك خلافة المسلمين من بعده لعمر بن عبد العزيز، وكان هذا سنة 99هـ عند وفاة سليمان بن عبد الملك، فتولَّى الخليفة عمر بن العزيز خلافة المسلمين بعد سليمان بن عبد الملك، وعندما تلقَّى خبر توليه الخلافة بكى وصعد المنبر يخطب بالناس وهو يرتجف فذكر الموت وذكر ما ذكر من قصص السابقين حتَّى بكى كلُّ المسلمين في المسجد، وكان الرجاء بن حيوة يقول: "والله لقد كنت أنظر إلى جدران مسجد بني أمية ونحن نبكي، هل تبكي معنا !! ثم نزل، فقربوا له المَراكب والموكب كما كان يفعل بسلفه، قال: لا، إنما أنا رجل من المسلمين، غير أني أكثر المسلمين حِملًا وعبئًا ومسؤولية أمام الله، قربوا لي بغلتي فحسب، فركب بغلته، وانطلق إلى البيت، فنزل من قصره، وتصدَّق بأثاثِهِ ومتاعِهِ على فقراءِ المسلمين".[٣] وبعد أن استلم الخليفة عمر بن عبد العزيز خلافة المسلمين، عزل كلَّ الولاة القساة الظالمين كخالد بن الريان الذي كان لا يتهاون في ضرب الرقاب ما أمر بذلك الخليفة وعين مكانه عمرو بن مهاجر الأنصاري، وعزل أسامة بن زيد التنوخي الذي كان على خراج مصر، والذي عاد إلى خراج مصر في عهد يزيد بن عبد الملك بعد وفاة الخليفة عمر بن العزيز، وقد امتازت خلافة الخليفة عمر بن عبد العزيز بصفات الخلافة الراشدية من نشر العدل وردَّ المظالم وحفظ حقوق الناس وغير ذلك، فكان من أعدل الناس وأحفظهم للحقوق، فردَّ مظالم الناس وحفظ مال المسلمين ووزعه على الجميع حتَّى لم يبق في بلاد المسلمين فقير أو محتاج فاشتهرت مقولته الشهيرة: "انثروا القمحَ على رؤوسِ الجبال لكي لا يُقال: جاعَ طيرٌ في بلاد المسلمين"، فكان يأبى أن تجوع الطيور في بلاد هو حاكمها بعد أن شبعت بطون الناس ولم تبق في بلاده يد ممدودة للسؤال أو للحاجة، أمَّا مبدأ الشورى فقد اهتم الخليفة عمر بن عبد العزيز بالشورى اهتمامًا كبيرًا، فكان يقول: "إن المشورةَ والمناظرة باب رحمة ومفتاح بركة لا يضل معهما رأي، ولا يُفقد معهما حزم"، فكان يستشير من هم أهل بالمشورة في كلِّ أعمالهم ملتزمًا بأوامر الله ومجتنبًا نواهيه، ومن العلماء الذين كان يطلب عمر مشورته: سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب القرطبي ورجاء بن حيوة، وهم جلساؤهم الذين قربهم منه عند توليه الخلافة، وكان يحثهم على النظر في أعماله فإنَّ أخطأ قوّموا عمله، فكان يقول لعمرو بن مهاجر: "إذا رأيتني قد ملتُ عن الحقِّ فضع يدكَ في تلبابي ثم هزني، ثم قل: يا عمر ما تصنع؟".[٤] ومن الأعمال التي تُحسب لعمر بن عبد العزيز هي كتابة وتدوين الحديث الشريف، فبعد أن نهى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في حياته عن تدوين غير القرآن الكريم خوفًا من اختلاط غير القرآن بالقرآن، ظهرت بوادر تدوين الحديث في عهد عبد العزيز بن مروان والد الخليفة عمر بن عبد العزيز ولكنَّ عمر بن عبد العزيز تابع عن والده وآتى ثمار تعبه، فأصدر أمرًا إلى كلِّ العلماء بتدوين الأحاديث التي صحَّت عن رسول الله فقط، فكتب إلى أبي بكر بن حزم كتابًا قال له فيه: "نظر ما كان من حديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولتُفشوا العلم، ولتُجلسوا حتى يعلم ما لم يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًا"، فجمع العلماء سنة رسول الله ودونوها في عهده خوفًا من الضياع، وسُجِّلت هذه الخطوة العظيمة في تاريخ السنة النبوية الشريفة باسم الخليفة عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه-، وقد اختلفت الروايات في سبب وفاة عمر بن عبد العزيز، ولكنَّ الراجح أنَّه توفِّي متأثرًا بالسم الذي دُسَّ له في طعامه، وقيل إنَّ عمر بن عبد العزيز حرم بني أمية من ملذاتهم وحياتهم الهانئة التي كانوا يعيشونها، فاتفقوا مع غلامه وأغروه بالمال ووعدوه بالعتق على أنَّ يدس له السم في طعامه، فتُوفي الخليفة عمر بن عبد العزيز في يوم الجمعة في شهر رجب سنة 101 للهجرة، في معرة النعمان شمال سورية، وقد استمرت خلافته سنتين وخمسة أشهر قبل أن يموت وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، والله تعالى أعلم.
إقرأالخلافة الأموية الخلافة الإسلامية الثانية بعد الخلافة الراشدية، ويرجع نسب الخلافة الأموية إلى بني أمية، وقد امتدت فترة خلافة بني أمية قرابة المئة عام، حيث بدأت سنة 41 للهجرة وانتهت سنة 132 للهجرة، وهو ما يوافق الفترة الممتدة من عام 662 حتَّى 750م، وهي واحدة من أكبر الدول الحاكمة في التاريخ الإسلامي، وقد جعل الأمويون دمشق عاصمة لخلافتهم وقد امتدت أراضي الخلافة الأموية واتسعت حتَّى طالت أطراف الصين وجنوب فرنسا شرقًا وغربًا، وقد بلغ عدد الخلفاء الأمويين أربعة عشر خليفة، أولهم معاوية بن أبي سفيان وآخرهم مروان بن محمد، وفيما يلي بحث عن الخليفة الأموي الثامن الخليفة عمر بن عبد العزيز. بحث عن الخليفة عمر بن عبد العزيز الخليفة عمر بن عبد العزيز هو ثامن الخلفاء الأمويين، وقيل هو الخليفة الراشدي الخامس استنادًا على الأفعال التي قام بها، واسمه عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، ولد الخليفة الأموي الثامن في المدينة المنورة، وقد اختلفت الروايات في تاريخ مولده فقيل في السنة 61 وقيل 63 للهجرة، وتذكر بعض الروايات الضعيفة أنَّ الخليفة عمر بن عبد العزيز ولد في مصر وذلك بسبب تولِّي والده عبد العزيز بن مروان ولاية مصر عام 65 للهجرة، ولكنها رواية ضعيفة والراجح أنَّه ولد في المدينة في سنة 61 هـ، وقد نشأ في المدينة المنورة، وكان محبًا للعلم منذ صغره، وكان شديدَ الحرص على حضور مجالس العلماء وقد جمع عمر القرآن الكريم وهو في سن صغيرة فصفت بصيرته وذهنه وكان شديد الورع والتقوى حتّى أنَّه كان يبكي إذا ذُكر الموت خوفًا ورهبًا من ملاقاة الله تعالى.[١] وعندما كان الخليفة عمر بن عبد العزيز في العشرين من عمره كانت أوَّل ولاية له وهي ولايته على منطقة دير سمعان في حلب، ثمَّ تولَّى المدينة المنورة والطائف ومكة المكرمة فأصبح واليًا على الحجاز بأكمله، وقد اعتمد في توليه نظام الشورى، فجمَّع حوله الفقهاء وكان يستشيرهم في كلِّ أمرٍ من أمور الدولة، وفي عام 92هـ عقد الخليفة الوليد لواء الحج إلى الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كان عليه أن يمر على المدينة المنورة في طريقه إلى مكة، فكتب عمر بن عبد العزيز كتابًا إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك يطلب منه أن يعفيه من ولاية المدينة فإنَّه يكره أن يمرَّ به الحجاج، فقبل الوليد الذي كان في سياسته قاسيًا يستهويه من هم كالحجاج وغيره من الولاة القساة، فغادر عمر بن عبد العزيز المدينة وأقام في السويداء ثمَّ غادرها إلى دمشق ليبقى بالقرب من الخلفية الوليد لعله بمشورته له يخفف الظلم على العباد، ولكنَّ الوليد وولاته ملؤوا الأرض قسوة وجورًا، حتَّى كان عمر بن عبد العزيز يقول: "عبد الملك بالشام والحجاج في العراق ومحمد بن يوسف باليمن وعثمان بن حيان بالحجاز ومرة بن شريك بمصر ملئتِ الأرض ظُلمًا وجورًا".[٢] وفي عام 99 للهجرة، اقترح التابعي والفقه رجاء بن حيوة الكندي على الخليفة الأموي في تلك الفترة سليمان بن عبد الملك أن يترك خلافة المسلمين من بعده لعمر بن عبد العزيز، وكان هذا سنة 99هـ عند وفاة سليمان بن عبد الملك، فتولَّى الخليفة عمر بن العزيز خلافة المسلمين بعد سليمان بن عبد الملك، وعندما تلقَّى خبر توليه الخلافة بكى وصعد المنبر يخطب بالناس وهو يرتجف فذكر الموت وذكر ما ذكر من قصص السابقين حتَّى بكى كلُّ المسلمين في المسجد، وكان الرجاء بن حيوة يقول: "والله لقد كنت أنظر إلى جدران مسجد بني أمية ونحن نبكي، هل تبكي معنا !! ثم نزل، فقربوا له المَراكب والموكب كما كان يفعل بسلفه، قال: لا، إنما أنا رجل من المسلمين، غير أني أكثر المسلمين حِملًا وعبئًا ومسؤولية أمام الله، قربوا لي بغلتي فحسب، فركب بغلته، وانطلق إلى البيت، فنزل من قصره، وتصدَّق بأثاثِهِ ومتاعِهِ على فقراءِ المسلمين".[٣] وبعد أن استلم الخليفة عمر بن عبد العزيز خلافة المسلمين، عزل كلَّ الولاة القساة الظالمين كخالد بن الريان الذي كان لا يتهاون في ضرب الرقاب ما أمر بذلك الخليفة وعين مكانه عمرو بن مهاجر الأنصاري، وعزل أسامة بن زيد التنوخي الذي كان على خراج مصر، والذي عاد إلى خراج مصر في عهد يزيد بن عبد الملك بعد وفاة الخليفة عمر بن العزيز، وقد امتازت خلافة الخليفة عمر بن عبد العزيز بصفات الخلافة الراشدية من نشر العدل وردَّ المظالم وحفظ حقوق الناس وغير ذلك، فكان من أعدل الناس وأحفظهم للحقوق، فردَّ مظالم الناس وحفظ مال المسلمين ووزعه على الجميع حتَّى لم يبق في بلاد المسلمين فقير أو محتاج فاشتهرت مقولته الشهيرة: "انثروا القمحَ على رؤوسِ الجبال لكي لا يُقال: جاعَ طيرٌ في بلاد المسلمين"، فكان يأبى أن تجوع الطيور في بلاد هو حاكمها بعد أن شبعت بطون الناس ولم تبق في بلاده يد ممدودة للسؤال أو للحاجة، أمَّا مبدأ الشورى فقد اهتم الخليفة عمر بن عبد العزيز بالشورى اهتمامًا كبيرًا، فكان يقول: "إن المشورةَ والمناظرة باب رحمة ومفتاح بركة لا يضل معهما رأي، ولا يُفقد معهما حزم"، فكان يستشير من هم أهل بالمشورة في كلِّ أعمالهم ملتزمًا بأوامر الله ومجتنبًا نواهيه، ومن العلماء الذين كان يطلب عمر مشورته: سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب القرطبي ورجاء بن حيوة، وهم جلساؤهم الذين قربهم منه عند توليه الخلافة، وكان يحثهم على النظر في أعماله فإنَّ أخطأ قوّموا عمله، فكان يقول لعمرو بن مهاجر: "إذا رأيتني قد ملتُ عن الحقِّ فضع يدكَ في تلبابي ثم هزني، ثم قل: يا عمر ما تصنع؟".[٤] ومن الأعمال التي تُحسب لعمر بن عبد العزيز هي كتابة وتدوين الحديث الشريف، فبعد أن نهى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في حياته عن تدوين غير القرآن الكريم خوفًا من اختلاط غير القرآن بالقرآن، ظهرت بوادر تدوين الحديث في عهد عبد العزيز بن مروان والد الخليفة عمر بن عبد العزيز ولكنَّ عمر بن عبد العزيز تابع عن والده وآتى ثمار تعبه، فأصدر أمرًا إلى كلِّ العلماء بتدوين الأحاديث التي صحَّت عن رسول الله فقط، فكتب إلى أبي بكر بن حزم كتابًا قال له فيه: "نظر ما كان من حديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولتُفشوا العلم، ولتُجلسوا حتى يعلم ما لم يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًا"، فجمع العلماء سنة رسول الله ودونوها في عهده خوفًا من الضياع، وسُجِّلت هذه الخطوة العظيمة في تاريخ السنة النبوية الشريفة باسم الخليفة عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه-، وقد اختلفت الروايات في سبب وفاة عمر بن عبد العزيز، ولكنَّ الراجح أنَّه توفِّي متأثرًا بالسم الذي دُسَّ له في طعامه، وقيل إنَّ عمر بن عبد العزيز حرم بني أمية من ملذاتهم وحياتهم الهانئة التي كانوا يعيشونها، فاتفقوا مع غلامه وأغروه بالمال ووعدوه بالعتق على أنَّ يدس له السم في طعامه، فتُوفي الخليفة عمر بن عبد العزيز في يوم الجمعة في شهر رجب سنة 101 للهجرة، في معرة النعمان شمال سورية، وقد استمرت خلافته سنتين وخمسة أشهر قبل أن يموت وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، والله تعالى أعلم.