بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
فائد لي ولكم
في قوله تعالى: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [آل عمران: 43]
قال أبو القاسم السّهيليّ: « ... وممّا قُدِّم بالفضلِ قولُه: ﴿وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [آل عمران: 43]، لأنّ السّجودَ أفضلُ، «وأقرب ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجدٌ».
فإنْ قيل: فالرّكوعُ قبله بالطّبعِ والزّمانِ والعادةِ؛ لأنّه انتقالٌ من علوٍّ إلى انخفاضٍ، والعلوُّ بالطّبعِ قبل الانخفاضِ، فهلاّ قُدّم الرّكوعُ؟
الجوابُ أن يقال: انتبهْ لمعنى الآيةِ من قولِه: ﴿وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، ولم يقلْ: «اسجدي مع السّاجدين»، فإنّما عبّر بالسّجودِ عنِ الصّلاةِ وأراد صلاتَها في بيتها؛ لأنّ صلاةَ المرأةِ في بيتِها أفضلُ من صلاتِها مع قومها، ثمّ قال لها: «اركعي مع الرّاكعين»، أي: «صلّي مع المصلّين في بيت المقدس» ولم يُرِدْ أيضًا الرّكوعَ وحْدَه دون أجزاءِ الصّلاةِ، ولكنّه عبّر بالرّكوعِ عنِ الصّلاةِ كما تقول: «ركعتُ ركعتين وأربعَ ركعاتٍ»، يريد الصّلاةَ لا الرّكوعَ بمجرّدِه، فصارتِ الآيةُ متضمِّنةً لصلاتين: صلاتِها وحْدَها عبّر عنها بالسّجودِ؛ لأنّ السّجودَ أفضلُ حالاتِ العبدِ، وكذلك صلاةُ المرأةِ في بيتِها أفضلُ لها، ثمّ صلاتها في المسجدِ عبّر عنها بالرّكوعِ؛ لأنّه في الفضلِ دون السّجودِ، وكذلك صلاتُها مع المصلّين دون صلاتِها وحْدَها في بيتِها ومحرابِها»، وهذا نظمٌ بديعٌ وفقهٌ دقيقٌ ...
[«بدائع الفوائد» لابن القيّم: (1/63)]
السلام عليكم
فائد لي ولكم
في قوله تعالى: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [آل عمران: 43]
قال أبو القاسم السّهيليّ: « ... وممّا قُدِّم بالفضلِ قولُه: ﴿وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [آل عمران: 43]، لأنّ السّجودَ أفضلُ، «وأقرب ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجدٌ».
فإنْ قيل: فالرّكوعُ قبله بالطّبعِ والزّمانِ والعادةِ؛ لأنّه انتقالٌ من علوٍّ إلى انخفاضٍ، والعلوُّ بالطّبعِ قبل الانخفاضِ، فهلاّ قُدّم الرّكوعُ؟
الجوابُ أن يقال: انتبهْ لمعنى الآيةِ من قولِه: ﴿وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، ولم يقلْ: «اسجدي مع السّاجدين»، فإنّما عبّر بالسّجودِ عنِ الصّلاةِ وأراد صلاتَها في بيتها؛ لأنّ صلاةَ المرأةِ في بيتِها أفضلُ من صلاتِها مع قومها، ثمّ قال لها: «اركعي مع الرّاكعين»، أي: «صلّي مع المصلّين في بيت المقدس» ولم يُرِدْ أيضًا الرّكوعَ وحْدَه دون أجزاءِ الصّلاةِ، ولكنّه عبّر بالرّكوعِ عنِ الصّلاةِ كما تقول: «ركعتُ ركعتين وأربعَ ركعاتٍ»، يريد الصّلاةَ لا الرّكوعَ بمجرّدِه، فصارتِ الآيةُ متضمِّنةً لصلاتين: صلاتِها وحْدَها عبّر عنها بالسّجودِ؛ لأنّ السّجودَ أفضلُ حالاتِ العبدِ، وكذلك صلاةُ المرأةِ في بيتِها أفضلُ لها، ثمّ صلاتها في المسجدِ عبّر عنها بالرّكوعِ؛ لأنّه في الفضلِ دون السّجودِ، وكذلك صلاتُها مع المصلّين دون صلاتِها وحْدَها في بيتِها ومحرابِها»، وهذا نظمٌ بديعٌ وفقهٌ دقيقٌ ...
[«بدائع الفوائد» لابن القيّم: (1/63)]