لابد لكل صادق في طلب النجاة يوم القيامة أن يهيئ نفسه دوماً للقاء الله بتوبة صادقة، وهذه التوبة تحتم عليه القيام بعملية جرد حسابي شامل بين الحين والآخر لأفعاله وأقواله، محاولاً تطهير صحيفته قدر المستطاع من كل ما يخشى أن يلقى الله به يوم القيامة وهو محملٌ بأوزاره، وقد يستصعب الكثير منَّا إجراء مثل ذلك الجرد الشامل، لاسيما وأن الشيطان الرجيم سيحاول جاهداً استعظام ذلك على نفس العبد، حتى يصرف عنه تلك العزيمة، في حين أن القيام بإجراء ذلك الجرد على مشقته في الدنيا، والعبد لا يزال في فسحة من عمره ليتوب ويرجع، أهون بكثير من مواجهة مفرداته في الآخرة وقد ضاعت فرصة التوبة!! ناهيك عن أن القيام بمثل هذا الجرد، سهل وميسور إذا ما قام العبد بتقسيم الأفعال التي يخشى أن يلقى بها ربه على النحو التالي :
أولاً : معاصي بين العبد وبين الله.
ثانياً : حقوق معنوية للخلق.
ثالثاً : حقوق مادية للخلق.
فالأولى علاجها بعموم الاستغفار والندم الصادق على التفريط في جنب الله تعالى، مقروناً بالأمل الكبير في سعة رحمته تعالى ومغفرته، والإيمان الصادق، بل والثقة المطلقة في وعده سبحانه بقبول توبة التائبين، ومغفرة ذنوب المستغفرين.
والثانية : محاولة التحلل ممن وقع العبد في غيبتهم، أو ذكرهم بسوء أو تسبب في إيذائهم بألفاظه وما إلى ذلك، باذلاً وسعه في إيجاد الطرق والأساليب التي تصفي نفوسهم، وتحلله من تلك المظالم، فإذا أعجزه الوصول إليهم بعد بذل أقصى الجهد، وبالأخص وقوعه في الغيبة الجماعية للشعوب أو القبائل (كالصعايدة أو عموم المصريون أو أي شعب أو قبيلة بعينها) حاول بذل وسعه في الدعاء والاستغفار لهم، لعل هذا يكفر ذنبه بإذن الله تعالى.
والثالثة : الحقوق المادية كالديون، أو المستحقات المالية التي جبت في حقه، لكنه عجز عن سدادها، فالواجب عليه إحصاءها كتابياً، وبذل أقصى الجهد في سداداها لأصحابها، ما دام حياً، مع إرفاقها بوصيته وتسليمها لأهله، حتى يكونوا على علم بها إذا ما وافته المنية قبل ذلك والأحوط أن يحرر رسالة لكل صاحب حق، ويبقيها ضمن الوصية مع أهله، بحيث يرسلونها إليه حال موته قبل سداد ما عليه من دين، بحيث يعلمه في فحواها بأنه قد بذل قصارى جهده خلال أيام حياته ولم يقصر في محاولة سداد ما عليه من مستحقات له، غير أن المنية قد وافته قبل قدرته على القيام بذلك، ويدعوه فيها للتجاوز عنه؛ لعل الله أن يتجاوز عنه يوم القيامة، وإلا فسوف يسعى أبناؤه لسداد دينه من بعده، وفي هذا محاولة للتحلل من الحقوق، وبرهان صادق لصاحب الحق على مدى حرص المتوفى على سداد دينه، ولعل نفس صاحب الدين تطيب فيتجاوز عنه رحمة بحاله وحال أسرته من بعده، وهذا هو الأغلب ولله الحمد عند كثير من المسلمين.
هذه أسباب ثلاث، تزيل اللبس أمام كل عبد صادق في طلب التوبة وتطهير نفسه قبل حلول المنية وفوات الأوان، وتحول دون الشيطان ومحاولة تسويد الشاشة أمام عينه، ألا فاعقدوا النية على تطهير الصحف وتخفيف حملها من الآثام عباد الله؛ قبلما تتطاير أمام أعينكم بما فيها من الأوزار الثقال (عياذاً بالله)!!
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم التوبة الصادقة، وأن يطهر صحائفنا قبل حلول منيتنا من جميع الزلات والآثام، وأن يملأها بفعل الخيرات وعمل الصالحات، وأن يجعل خير أيامنا يوم لقائه، وخير أعمالنا خواتيمها، إنه سبحانه أهل التقوى وأهل المغفرة.
أبو مهند القمري
أولاً : معاصي بين العبد وبين الله.
ثانياً : حقوق معنوية للخلق.
ثالثاً : حقوق مادية للخلق.
فالأولى علاجها بعموم الاستغفار والندم الصادق على التفريط في جنب الله تعالى، مقروناً بالأمل الكبير في سعة رحمته تعالى ومغفرته، والإيمان الصادق، بل والثقة المطلقة في وعده سبحانه بقبول توبة التائبين، ومغفرة ذنوب المستغفرين.
والثانية : محاولة التحلل ممن وقع العبد في غيبتهم، أو ذكرهم بسوء أو تسبب في إيذائهم بألفاظه وما إلى ذلك، باذلاً وسعه في إيجاد الطرق والأساليب التي تصفي نفوسهم، وتحلله من تلك المظالم، فإذا أعجزه الوصول إليهم بعد بذل أقصى الجهد، وبالأخص وقوعه في الغيبة الجماعية للشعوب أو القبائل (كالصعايدة أو عموم المصريون أو أي شعب أو قبيلة بعينها) حاول بذل وسعه في الدعاء والاستغفار لهم، لعل هذا يكفر ذنبه بإذن الله تعالى.
والثالثة : الحقوق المادية كالديون، أو المستحقات المالية التي جبت في حقه، لكنه عجز عن سدادها، فالواجب عليه إحصاءها كتابياً، وبذل أقصى الجهد في سداداها لأصحابها، ما دام حياً، مع إرفاقها بوصيته وتسليمها لأهله، حتى يكونوا على علم بها إذا ما وافته المنية قبل ذلك والأحوط أن يحرر رسالة لكل صاحب حق، ويبقيها ضمن الوصية مع أهله، بحيث يرسلونها إليه حال موته قبل سداد ما عليه من دين، بحيث يعلمه في فحواها بأنه قد بذل قصارى جهده خلال أيام حياته ولم يقصر في محاولة سداد ما عليه من مستحقات له، غير أن المنية قد وافته قبل قدرته على القيام بذلك، ويدعوه فيها للتجاوز عنه؛ لعل الله أن يتجاوز عنه يوم القيامة، وإلا فسوف يسعى أبناؤه لسداد دينه من بعده، وفي هذا محاولة للتحلل من الحقوق، وبرهان صادق لصاحب الحق على مدى حرص المتوفى على سداد دينه، ولعل نفس صاحب الدين تطيب فيتجاوز عنه رحمة بحاله وحال أسرته من بعده، وهذا هو الأغلب ولله الحمد عند كثير من المسلمين.
هذه أسباب ثلاث، تزيل اللبس أمام كل عبد صادق في طلب التوبة وتطهير نفسه قبل حلول المنية وفوات الأوان، وتحول دون الشيطان ومحاولة تسويد الشاشة أمام عينه، ألا فاعقدوا النية على تطهير الصحف وتخفيف حملها من الآثام عباد الله؛ قبلما تتطاير أمام أعينكم بما فيها من الأوزار الثقال (عياذاً بالله)!!
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم التوبة الصادقة، وأن يطهر صحائفنا قبل حلول منيتنا من جميع الزلات والآثام، وأن يملأها بفعل الخيرات وعمل الصالحات، وأن يجعل خير أيامنا يوم لقائه، وخير أعمالنا خواتيمها، إنه سبحانه أهل التقوى وأهل المغفرة.
أبو مهند القمري