حـوار البؤســــاء !!!
قـــــــال : سمعتني أبكي ولم تسأل !!
فأجاب : لأن الذي أبكاك قد قطع لساني ولم يرحم !!
قــــــــال : هل هو ذلك الذي سلبني عيني وقد أصبحت أعوراً ؟؟
فأجاب : نعم وغيرك من هو مسلوب العينين وقد أصبح أعمى !!
قــــــــال : لقد صرت ذلك المنهك الذي يجعل من الجدار سندا !!
فأجاب : وغيرك منهك وقد لا يجد ذلك الجدار سندا !!
قــــــــال : أشـــكو إليك أحوالي لأني أراك تشاطر الأحزان في دمعي !!
فأجاب : أشاطرك مجبرا ولو كنت املك الحيلة والقدمين لغادرت أرضك هرباً !!
قــــــال : ما الذي خطف الشمس لتكون الأرض ظلاما وقتاماً ؟؟
فأجاب : أناس يفقدون الضمائر نخوةً ويشربون الدموع خمــراً !!
قـــــــال : أهـــم من البشــــر أم هم من الحجر أم هم من الغجر ؟؟
فأجاب : بل هم من نطفة غير مخلقة نمت في أرحام الشياطين والبشر !!
قـــــــال : أهم يمثلون علامة من علامات الساعة والقيامة ؟؟
فأجاب : بل هم يمثلون ســدنة من سدنة العذاب في سقــــر !!
قــــــــال : فلما العذاب في الدنيا قبل موعد القيامة ؟؟
فأجاب : لأنهم يخشون تهرب الناس من الضريبة بحجة القيامة !!
قــــــــال : ألا يملكون لحظة من لحظـات الرأفة والرحمـة والشفقة ؟؟
فأجاب : بل يملكون اللحظة بالقدر الذي يكفي لتناول الجباية والرشوة !!
قـــــال : ماذا يفيدهم لو ناصرتهم نفاقاً وهتافا وتصفيقاً ؟؟
فأجاب : سوف يرقصون طرباً للحظات ثم يقطعون الرأس للاحتفاظ به !!
قـــــــال : عجباً وما فائدة الرأس بغير جســــد ولا بـــــدن ؟؟
فأجاب : فوائد كثيرة منها ختام المسك بالثناء والمديح !!
قــــــــال : كيف وقد فارق الدنيا مظلوما ومهضوماً ؟؟
فأجاب : يكفي أنه نقص فاها من الأفواه التي تطالب باللقمة !!
قــــــــال : أهؤلاء يدركون أن للكون إله خالق قادر مقتدر ؟؟
فأجاب :لو كانوا يدركون ذلك حقاً لما أوصدوا الآذان بالوقر !!
قــــال : صرخة الأطفال جوعاً قد تشطر الأحجار أسفاً فما بال هؤلاء القوم ؟؟
فأجاب : شتان بين حجر يسجد لله خاشعاً وبين إنسان يسجد للسلطة عبادةً !!
قــــــــال : سماحة الدين والأخلاق تتجلى في أيدي تزيل الآلام عن الأنفس !!
فأجاب : ذاك دين الحق واليقين وليس دين الزيف الذي يخدع بالطلاء !!
قــــــــال : فما الحكم يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا ذلك القلب السليم ؟؟
فأجاب : سلامة القلب لدى هؤلاء مرهونة بمدى المنافع في الدنيا !!
قــــــــال : ألا يخشون من عقاب وعذاب يوم القيامة ؟؟
فأجاب : بل هؤلاء يرون الظلم صوابا متى ما كان الظلم يناصر العرش !!
قــــــــال : عجبا كيف يرون الظلم صوابا والخالق قد حرم الظلم على نفسه ؟؟
فأجاب : ألا ترى أنهم يتمتعون بالمباهج وغيرهم محروم من النعم !!
قــــــــال : المقدرة قد تقي من بطش المخلوق ولا تقي من بطش الخالق !!
فأجاب : هؤلاء يجهلون أن الله يمهل ولا يهمل فيظنون الإمهال هو رضا الله !!
قــــــــال : كيف يكون الرضا من الله على الظلم وهو الحكم العدل ؟؟
فأجاب : لقد فسروا الدين على أهوائهم وقــد أغرهم بالله الغرور !!
قـــــــال : لقد ترادفت أوجاع الهموم على الخلائق وهم في ضلال يعمهون !!
فأجاب : ولو كانوا يحسون بما يحس به الخلائق لنفضوا الأيدي عن الظلم !!
قـــــــال : هؤلاء يطمعون في نيل أركان الدنيا ولا يكفيهم القليل من المتاع !!
فأجاب : ومهما يكون عطاء الدنيا من المباهج فإن المباهج زائلة لا محالة !!
قــــال : والأمر من كل ذلك أنهم زائلون كذلك مهما تطول بهم السنون !!
فأجاب : ولكنهم زائلون عن الدنيا وهم يحملون الأثقال فوق الأكتاف !!