الاستشراق هو من أهم الحركات التي نشأت منذ الكثير من العصور ، وهو عبارة عن حركة تهدف إلى اكتشاف الحضارة الشرقية العربية ، والإسلامية على وجه الخصوص ، عن طريق الخوض في البنية التحتية لهذه الحضارة العميقة ، ومن هنا بدأ المفهوم الغربي للحضارة الشرقية ، وكون لديهم فكرة سلبية عن هذه الحضارة ، مقارنة بالحضارة الغربية ، كما كانت هناك الكثير من الدراسات تركز فقط على دراسة الدين الإسلامي ، والحضارة الإسلامية ، وتشمل الدراسة كافة الجوانب التاريخية ، والشريعة ، والحضارية ، ولم تقتصر على دراسة الدين الإسلامي عند العرب فقط ، وإنما عند العرب وغير العرب.
تعريف الاستشراق في اللغة والاصطلاح
كما هو معروف أن كل مفهوم من المفاهيم له تعريف في اللغة ، تعريفه في الاصطلاح عند العلماء أما عن تعريف الاستشراق لغةً : فأن “استشراق” على وزن استفعال ، وهي مأخوذة من كلمة شرق ، ثم أضيف لها حرف الألف ، والسين ، والتاء ، ومعناها في اللغة هو طلب الشرق ، يعني معرفة علوم الشرق وآدابه ولغاته وأديانه وجاء في “المعجم الوسيط” “شرقت الشمس شرقاً وشروقاً إذا طلعت أي وضحت وظهر ضوئها .
أما في الاصطلاح : فإن تعريف الاستشراق ( بالانجليزية: orientalism ) : “علم الشرق أو علم العالم الشرقي” وعّرف البعض الاستشراق أيضاً بأنه: “ذلك التيار الفكري الذي تمثل في الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي ، والتي شملت حضارته وأديانه وآدابه ولغاته وثقافته” وعرفه البعض الآخر بأنه : ” أسلوب للتفكير يرتكز على التمييز المعرفي والعرقي والأيديولوجي بين الشرق والغرب” ، وأحيانا يكون المقصود منه : “ذلك العلم الذي تناول المجتمعات الشرقية بالدراسة والتحليل من قبل علماء الغرب. [1]
مراحل الاستشراق
الاستشراق مر بثلاثة مراحل أساسية وهم : [2]
الاستشراق الاستعماري (بالانجليزية : Colonial Orientalism) : هي المرحلة الأولى التي مر عليها الاستشراق ، ويتكون فيها كل ما جاء به الاستشراق منذ ظهوره ، وحتى وصل إلى الحركة الرومانسية الغربية ، وامتد إلى عام ألف وتسعمائة وستين ميلادي .
الاستشراق ما بعد الاستعماري ( بالانجليزية : Post Colonial Orientalism) : المرحلة الثانية من مراحل الاستشراق وتبدأ أطوارها من بعد عام ألف وتسعمائة وستين ميلادي ، وأكثر ما تدرسه في هذه الفترة هو الثقافة الشرقية ، واللغة التي يمكن التأثير عليها عن طريق إدخال الكثير من التغيرات العميقة فيها.
الاستشراق الجديد (بالانجليزية New Orientalism) : وهو ما يتمثل لدينا اليوم من أنواع الاستشراق ، الذي ظهر في مطلع القرن الجاري ، ويهدف إلي تغير الأصول الدينية للأفراد.
وسائل الاستشراق
الأبحاث العلمية ، والمناهج الجامعية.
الوسائل الإعلامية والصحفية .
عقد المؤتمرات والندوات.
التقارير الصحفية والإذاعية التي تصدر حول المواضيع السياسية في المشرق العربي.
أقسام بحوث الاستشراق
الاستشراق يركز في مفهومه الرئيسي على أشكال محددة يسعى من خلالها إلى معرفة وتغير الكثير عن الشرق الأوسط العربي منها : دراسة التاريخ ، الاقتصاد ، الجغرافيا ، اللغة ، الآداب ، علم الإنسان ، الفنون ، الأديان ، الفلسفة ، علم الآثار .
على الجانب الأخر نجد أن الجامعات الأوروبية تدرس تاريخ الأمم السابقة ، من الحضارة الشرقية وغيرها ، مثل دراسة تاريخ المصريين ، والآشوريين ، والإيرانيين ، والعرب ، وتاريخ الأتراك ، وتاريخ الصينيين ، والهنود ، واليابانيين ، و الساميين ، والسومريين. [3]
دوافع الاستشراق
لا يمكن أن تكون كل هذه الدراسة بلا دوافع واضحة ، والاستشراق لها دوافع ظاهرة ، وأخرى غير ظاهرة أما عن الدوافع الظاهرة فتسم إلى أربعة أقسام هم :
الدافع الديني
الدافع الديني هو من أهم الدوافع التي من أجلها بدأت حركة الاستشراق في الشرق الأوسط ، وهو أن يتم تشويه صورة الدين الإسلامي ، وإبرازه على أنه دين يسعى إلى الفتنة ، والقتل ، والتدمير ، وأنه دين غير عادل ، ويحرم الناس من رغباتهم ، وأنه كل من كل أتباعه المسلمين همج ، وغير متحضرين ، ولا يعلمون شئ عن الثقافة، كما أنه يشير إلي أن المسلمين والإسلام هم السبب في الجرائم التي تحدث في العالم.
الدافع الاستعماري
وهذا لم يكن واضحاً في بداية الأمر وأنما كان الدافع الرئيسي الذي يظهر من الحروب الصليبية هو أنها تحارب من أجل الدين ، أما الدافع الباطني فكان حرب للاستعمار البلاد التي تدخلها ، وبعد أن هزم الصليبين في الحروب التي خاضوها ، كان لازماً أن تظهر دوافعهم الحقيقية ، فحتى بعد أن هزموا في المعارك الحقيقة أرادوا أن لا يهزموا في المعارك النفسية ، وأن يسيطروا على عقول العالم الشرقي عامة .
فقاموا بعمل الكثير من الأبحاث التي تساعدهم على استكشاف كل ما يتعلق بتلك البلاد من حيث العادات ، والتقاليد ، والأخلاق ، والعقائد ، والمعتقدات ، والثروات ، حتى يكون لديهم صورة شاملة عن هذه البلاد ، فلابد على الإنسان أن أردا أن يهزم عدوه أن يتعرف على مواطن الضعف والقوة لديه ، لهذا فكان من الضروري أن يتعرفوا على كل ذلك حتى غطاء حركة الاستشراق ، والعلم ، والتعلم ، وكان من الأهم أن يركزوا على محاربة العقيدة الثابتة التي لدي المسلمين ، وأن يحاولوا نزع الهوية الإسلامية منهم ، ويجعلهم يتشبهون بهم في كل أمر من الأمور صغيرها وكبيرها .
الدافع التجاري
العالم اليوم يسير وفق خطة محكمة ، وضعها المستشرقين ، وهي الاحتكار على المنتجات الجدة التي ينجها الشرق بأقل الأثمان ، ويتركوا لهم المنتجات البالية ، حتى يضطروا إلى شراء المنتجات القيمة التي تنتجها بلاد الغرب بأعلى الأثمان إلى أن تفلس بلاد المشرق وتحترك بلاد الغرب المنتجات الجيدة لصالحها وتبيعها بالأثمان التي تناسبها ، وتفلس بذلك البلاد المشرقية.
الدافع السياسي
هناك الكثير من البلاد التي تتخفى تحت عباءة الصلح بين الدول العربية ، وهي في الحقيقة تشعل الفتنة بينها على أشدها ، ويجب أن يعلم أبناء الوطن العربي أنهم يتحدثون لغة واحدة ، وأصلهم واحد ، وأنهم أمة أشرف الخلق ، ولا يجب أن يزعزع أحد أمنهم مهما كان المقابل.
الدافع العلمي
ويعتبر هذا الدافع الوحيد الحقيقي وراء حركات الاستشراق وهو الجانب الأوحد الذي يمكن من خلالها الاستفادة من حضارة المشرق العربي ، دون إلحاق الضرر به ، أو زعزعة أمنه ، واستعماره ، وتحويله إلى بلاد متخلفة يعمها الجهل ، وأنما دافع يسعى من خلاله علماء الغرب على استكشاف حضارة المشرق ، والاستفادة من العلوم القديمة التي توجد فيها ، ونقلها إلى حضارتهم دون نسبتها إلى أنفسهم ، وهذا يؤدي إلي نفي الدوافع الأولى ، والتأكد من أن حضارة العالم العربي الشرقي عامة ، والعالم الإسلامي خاصة هي محط الأنظار ولا يمكن لأي حركة من الحركات مهما كانت دوافعها أن تقلل من شأنها أو تستعمرها وتمحوا هويتها لأنها أكبر من ذلك بكثير ، ولا يمكن هذا إلا عن طريق التمسك بالهوية العربية الشرقية ، والدين الإسلامي الحنيف