حدّد الله -تعالى- مدّة الحمل والرضاعة ثلاثين شهراً، وجاء كذلك تصريح بالقرآن أنّ الفطام يكون بعد مرور عامين، قال تعالى: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا)،[١] وقال جمهور المفسّرين وأهل الفقه أنّ العامين هي غاية إرضاع كلّ مولودٍ، وذكر قتادة السدوسي أنّ الإرضاع كان فرضاً على الأمّ عامين كاملين، ثم خُفِّفَ بعد ذلك، والهدف من تحديد مدّة الإرضاع ألّا يحصل اختلاف بين الزوجين، فالمدة التي قرّرها الشرع؛ عامين، ويجوز للأمّ أن ترضع مولودها بأقل من ذلك دون أن يلحق بالمولود أي ضررٍ، واشترط الاتفاق بين الزوجين؛ لما للأب من حقّ النسب والولاية، ولما للأم من الشفقة والعناية بالأولاد.[٢] حُكم الرضاعة في الإسلام تعدّ الرضاعة حقّاً للمولود بحكم الشريعة، ولا يوجد خلافٍ بين أهل الفقه على وجوب إرضاع الطفل إن كان في سنّ الرضاعة وكان بحاجةٍ إليها، والرضاعة للصغير كالنفقة الواجبة على الأب لابنه، وأجمع أهل العلم على أن للرضاعة أثراً في تحريم النكاح، وفي جواز الخلوة والنظر، ولا وجوب في التوارث والنفقة بسبب الرضاعة.[٣] الحكمة من الرضاعة يتغذّى الطّفل بالدم من خلال حبل السرة وهو في بطن والدته، فإوانفصل هذا الحبل فلا يستطيع أن يشربَ أو يأكلَ، فلذلك جعل له الله وعاءين في صدر الأم، والحكمة من اختيار أن يكون في الصدر؛ بسبب القرب من القلب، إذ تقوم الأمّ باحتضان ولدها، وتحنو عليه، وجعل الله اللبن يجتمع في شحم وعصب ولحم بشكلٍ متفرقٍ؛ ليكون أخفّ على الأمّ، وأسهل عليها، ولا يجتمع فيه كاجتماع الشيء في القارورة، وكذلك جعل الله اللبن يخرج من فتحاتٍ صغيرةٍ وليس من مكانٍ واحدٍ؛ حتى لا ينزل بشكلٍ سريعٍ ويشرق ويتضرّر الطفل بسببه.[٤]