الكبائرُ:
بسم الله الرحمان الرحيم:
روى أبو بكرٍ في كتابه بإسنادِه عن عبيدِ بن عُمَير عن أبيه عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الكبائرُ تسعٌ: الإشراكُ بالله، وقتلُ النَّفسِ المؤمنةِ، وقذفُ المحصنةِ، والزِّنى، والفرارُ من الزَّحفِ، والسِّحرُ، وأكلُ مالِ اليتيمِ، وعقوقُ الوالدين المسلمين، والإلحادُ بالبيت الحرام".
وروى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"الكبائر سبع" وذكر أكلَ الرِّبا مع ما تقدَّم ذكرُه، من الشِّرك، وقتلِ النَّفس، وقذفِ المحصنات، وانقلاب إلى الأعراب بعد هجرةٍ.
ورأيت عن علي رضي الله عنه أنَّها عشرةٌ قسَّمها على الأعضاء، فقال: في اللِّسان: الشِّركُ وقذفُ المحصنات، وفي اليدين: السَّرقةُ والقتلُ، وفي البطن: شربُ الخمر، وأكلُ الرِّبا، وأكل مالِ اليتيم، وفي الفَرْج: الزِّنى واللِّواط، وفي القدم: الفرارُ من الزحف إذا التقى الصَّفان.
وقد روي في حديث آخر: عقوقُ الوالدين وشهادة الزور، وقد ورد في بعض الأخبارِ: وقولُ الزور، فتدخل فيه الشَّهادةُ وغيرُها، ودخل في القتلِ وَأْدُ البناتِ.
وما رويَ من نهيه - صلى الله عليه وسلم - وأخذه على مَنْ أخذَ عليه الإسلامَ: "وأن لا تقتلَ ولدكَ خشيةَ أن يأكلَ معك".
وإذا كان تاركاً لهذه الكبائرِ فإنَّ الصَّغائرَ مكفَّرةٌ بمصائبِ الدنيا أو بالفرائض، بدليل الكتاب والسُّنة.
أمَّا الكتابُ فقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31]، وقال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] نزلت في الرَّجلِ الذي سألَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن استمتاعِه من المرأةِ الأجنبية بكلِّ ما يستمتعُ به الرَّجُلُ من زوجتِه إلاً الجماعَ، فأنزلَ الله هذه الآيةَ.
وقيل في التفسير: إنَّ الصلوات الخمسَ يكفِّرنَ ما بينها. فهذا حكمُ تمحيصها وتكفيرها بالطَّاعات.
وأما تكفيرُها بالآلامِ والمكارهِ فلِمَا رويَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "حُمَّى يومٍ كفارةُ سنة"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -:"ما من مصيبة تصيب العبدَ إلاَّ كفَّرت عنه خطيئة، حتى الشَّوكةُ يُشاكُها حتى النَّكبةُ"، وقد قال الله سبحانَه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)} [الشورى: 30] وقال النبىّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا انقطعَ شِسْعُ نعل أحدِكم فليسترجعْ، فإنَّها مصيبةٌ".
عن كتاب (الواضح في اصول الفقه، لابن عقيل الحنبلي).