ذكر أهل التفسير أن الكبير في القرآن على تسعة أوجه :
أحدها : العظيم . ومنه قوله تعالى في سورة النساء : "إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا" ، وفي العنكبوت : "وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ " .
والثاني : الشديد . ومنه قوله تعالى في بني إسرائيل : "وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا" ، وفي الفرقان:" فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا" وفيها "وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا" .
والثالث : الثقيل . ومنه قوله تعالى في البقرة : " وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ " ، وفي الأنعام : " وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ " أي: ثقل، وحقيقة المراد به أنه ينال منك منال الحمل الثقيل من حامله ، وفي يونس : " إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ" .
والرابع : الكثير . ومنه قوله تعالى في البقرة : " وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ " أي: مالا قليلا أو كثيرا، ويجوز أن يكون أراد صغيرا أو كبيرا في القدر ، وفي براءة: " وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ " .
والخامس : العالي في السن (المسن) ومنه قوله تعالى في البقرة : " وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ " ، وفي يوسف : " قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ " ، وفي القصص : " قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ".
والسادس : العالي في العلم والرأي . ومنه قوله تعالى في يوسف : " قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ " ، أي : كبيرهم في الرأي والعلم ولم يكن أكبرهم في السن هكذا قيل، ويجوز أن يكون أراد أكبرهم في السن . وفي طه : " إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ " أي: أعلمكم وأفهمكم.
والسابع: الكبير في أسماء اللَّه تعالى، ومنه قوله تعالى في سورة الرعد : "عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ " ، وقوله: " إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا "
والثامن: الكبرياء وهو بمعنى الغلبة والسلطان، قال الله في يونس: "وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ " يعني: السلطان والملك والغلبة، وقوله في الجاثية: "وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " يعني: الملك والسلطان.
والتاسع: من الطويل، ومنه قوله تعالى في الملك: "فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ" قالوا معناه الطويل واستعمال الطول والكبر والثقل والعظم في الأعراض توسع إلا أن استعمال بعض هذه الصفات في بعض الأعراض أشهر، فلهذا قالوا: إن الكبر في الضلال بمعنى الطول، والمراد أنه ضلال يستمر صاحبه عليه ولا يفارقه.
منقول