كيف تنهض امة الإسلام
عني الإسلام عناية خاصة بتزكية النفوس وطهرتها من الصفات الإبليسية والمنازعات النفسية والأخلاق الدنية لأنه أدرك أنه لا صلاح للبشرية إلا بتنقية النفوس وتربية الأفراد التربية القرآنية. فإن عماد أي نهضة وأساس أي تقدم ومفتاح كل رُقي هو الإنسان إذا صلح واستقام على منهج القرآن فالأدوات والمعدات والمخترعات والبنايات والتكنولوجيا حتى الراقية والتقنيات لا تعمل ولا تؤدي الغرض إلا إذا كان الإنسان الذي يستخدمها يراعي الله عز وجل ويتقي الله سبحانه وتعالى في خلقه فلا يعمل ما يسيء إليهم ولا يسمع ما به ايذاؤهم.
ولذلك كانت أول مرحلة للدعوة الإسلامية في العصر النبوي هي مرحلة تزكية النفوس فقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة اثنى عشر عاما يطهر نفوس أتباعه ويقوم سلوك أصحابه حتى إذا رآهم على الجادة فرضت عليهم الصلاة والزكاة والصيام وبعدها الحج وسائر العبادات وطولبوا بعد ذلك بالعمل بكل ما جاء به الدين من تشريعات، فكانوا بعد ذلك في دنيا الناس أئمة هداه ينشرون المودة والمحبة والرحمة والعدل والمساواة وغيرها من الفضائل بين خلق الله ، صدق فيهم الوصف النبوي: {حُكَمَاء عُلَمَاءُ كادُوا مِنْ فِقْهِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِـيَاءَ}{1}
ولو تتبعنا التاريخ الإسلامي نجد أن المسلمين لا تقوم لهم قومة ولا تنهض لهم دولة ولا تظهر لهم حضارة إلا إذا اهتموا بتزكية النفوس وطهرتها، وذلك هو الذي جعلنا كسائر الصادقين من رجالات الصوفية نحرص كل الحرص على تزكية نفوس أتباعنا وتربيتهم على المنهج القرآني القويم.
وتسهيلا للقاصدين وتيسيرا للطالبين نتجشم مشاق السفر وعناء الغربة ونذهب إليهم في بقاعهم لنعقد هذه المجالس القرآنية النورانية الروحانية في تزكية النفوس، وعمدتها آيات من كتاب الله تعالى تتلى ونوضحها بما يفتح به الله علينا. وننفذ في ذلك قول الحَبيب صلى الله عليه وسلم: {مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ}{2}
وكانت هذه المجالس نماذجاً لمجالس تزكية النفوس التى نجريها في سياحاتنا وكانت على قسمين، القسم الأول وكان بمحافظة الاقصر في الفترة من يوم السبت 15/11/2014م إلى يوم الجمعة 21/11/2014م، والقسم الثانى من الخميس 22/1/2015 إلى الجمعة 30/1/2015 بإسنا وطفنيس بمحافظة الأقصر.
ولا ننسى أن نشير إلى كتبنا السابقة على هذا المنوال وكان تسجيلات حيَّة لبعض سياحاتنا الكونية مع أحبابنا،ومن ذلك قد صدر لنا بالأول من مايو 2010م كتاب فريد بعنوان سياحة العارفين، وكان دروساً متكاملة فيما أفاض الله تعالى به فى وقتها فى تلك لرحلة الميمونة وكان الكتاب الثامن والخمسين من مؤلفاتنا المطبوعة.
وقبل ذلك كتابنا السادس طريق الصديقين إلى رضوان رب العالمين والذى صدرت طبعته الأولى مارس 1995م، وقد احتل من وقتها موقعا ركيناً بالمكتبة الصوفية بالعالم الإسلامى كمنهاج فى أصول البدايات وآداب وأسس سلوك الطريق لبلوغ الأهداف والغايات، وقد كان أيضا تسجيلاً حياً لبعض سياحاتنا، وقد أعيدت طباعته حديثاً عام 2013م بإخراج عصرى.
أسأل الله تعالى أن يزكي نفوسنا ونفوس أحبابنا وأن يصفى قلوبنا وقلوب إخواننا وأن يهيم أرواحنا وأرواح محبينا وأن يتولنا بولايته ويرعانا برعايته ويذيقنا شراب أهل مودته وينعمنا بنعيم أهل ولايته إنه مجيب الدعاء وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.