قال تعالى: وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ[يونس: 30].
وقوله: فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون: 116].
فالله عز وجل هو الحق وكل معبود دونه باطل، والحق نقيض الباطل، ويقال: حق الشيء يحق حقاً: تأويله يجب وجوباً، فالله –عز وجل- حق وكل شيء من عنده، وكل ما عاد إليه حق، وكل ما أمر به ونهى عنه حق على العباد امتثاله أي واجب ذلك عليهم. فالله الحق أي هو الحق وما عبد من دونه باطل. والله عز وجل الحق أي ذو الحق في أمره ونهيه، ووعده ووعيده، وجميع ما أنزله على لسان رسله وأنبيائه (1) .
فالله -عز وجل- هو الحق في ذاته وصفاته. فهو واجب الوجود، كامل الصفات والنعوت، وجوده من لوازم ذاته. ولا وجود لشيء من الأشياء إلا به. فهو الذي لم يزل، ولا يزال بالجلال والجمال والكمال موصوفاً. ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفاً. فقوله حق، وفعله حق، ولقاؤه حق، ورسله حق، وكتبه حق، ودينه حق، وعبادته وحده لا شريك له هي الحق وكل شيء ينسب إليه فهو حق (2) .
فالله عز وجل هو الموجود الحق، الإله الحق، المعبود الحق، الذي يحق الحق بكلماته. ويحكم بين خلقه بالحق، ويوجد الأشياء بالحق بحسب مقتضى الحكمة. فاسم الحق يقع على ذات الله تعالى وعلى صفاته وأفعاله.
قال الراغب الأصفهاني. أصل الحق المطابقة والموافقة ويقال على أوجه: الأول: يقال لموجد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة ولهذا قيل في الله تعالى هو الحق، قال الله تعالى: ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ [الأنعام: 62].
الثاني: يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة ولهذا يقال: فعل الله تعالى كله حق.
قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا [يونس: 33] إلى قوله تعالى: مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ [يونس: 5].
الثالث: في الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه كقولنا اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق.
الرابع: للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وبقدر ما يجب وفي الوقت الذي يجب. كقولنا فعلك حق، وقولك حق، قال الله تعالى: كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ [يونس: 13] و حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ [السجدة: 13]. وقوله –عز وجل-: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ [المؤمنون: 71] يصح أن يكون المراد به الله تعالى، ويصح أن يراد به الحكم الذي هو بحسب مقتضى الحكمة. ويقال: أحققت كذا أي أثبته حقاً أو حكمت بكونه حقاً، وقوله تعالى:لِيُحِقَّ الْحَقَّ [الأنفال: 8] فإحقاقه الحق على ضربين: أحدهما بإظهار الأدلة والآيات، والثاني: بإكمال الشريعة وبثها في الكافة كقوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [التوبة: 33] (3) .المصدر:
::المنهاج الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى لزين محمد شحاته – 1/87"