القرآن مصحة المسلم النفسية والعصبية
لو نظرنا إلى الأدواء الجسمانية التي انتشرت بيننا في حياتنا الدنيوية، فإنه صلى الله عليه وسلم وضع لكل مسلم البرنامج الشامل الذي لو اتبعه لا يحتاج إلى طبيب، ولذا عندما أهدى إليه المقوقس حاكم مصر طبيباً، رد الطبيب رداً:
{ إرجع إلى قومك فنحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع } (1)
وفى الأثر: { فمن أين يأتينا المرض }.
أيكون في بلاد الإسلام مصحات نفسانية، ومصحات للأمراض العصبية، والإسلام جعل العيادات النفسية، والمصحات العصبية في الصلاة الإسلامية التي نصليها لله عز وجل. قال الله عز وجل:
(إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا. إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا. وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا) إِلَّا الْمُصَلِّينَ) (19: 22المعارج).
فالمصلون لا يصابون بالهلع ولا الجزع، ولا التوتر، ولا اضطراب الأعصاب، لأن الله عز وجل اقتضت حكمته وإرادته أن يجعل هذه التسبيحات، وهذه الأذكار التي نرددها جميعاً شفاءاً من الأمراض النفسية والعصبية.
فإن الله عز وجل ربط مملكة الإنسان بشبكة كبيرة من الخطوط شبه السلكية واللاسلكية، وجعل مركزها في دائرة المخ، فكل ذرة من ذرات الإنسان تتصل اتصالاً مباشراً بدائرة مخ الإنسان، وهذا الاتصال يتم عن طريق نبضات عصبية يرسلها المخ إلى الأعضاء، فتلتقطها الأعضاء حسب الشفرة الإلهية التي علمها له رب البرية عز وجل،
ولكل عضو من اعضاء الإنسان شفرته الخاصة. فإذا توتر الإنسان وارتجف اهتزت أعضاؤه، وارتعدت بوادره، فصدرت منها شحنات حرارية للمخ تعلمه بالنبأ، فيرسل شحنات عصبية للأجهزة المختصة لتقوم بدورها في دفع ما يتعرض له الجسم، فإن كان ميكروباً، أو حرارة، أو برودة، أو خوفاً، أو هلعاً أو غيره، يقوم المخ وهو جهاز القيادة لأعصاب الجسم بتوجيه كل في اختصاصه عبر جهاز خاص وأنبوب خاص في رقبة الإنسان
(قناة الهيباثالاميس).
فإذا توتر الإنسان توتراً شديداً، صدرت التيارات المخية بقوة شديدة، لا تتحملها الأعضاء، ولابد من تفريغ هذه الشحنة، فتفرغها تارة بالبنكرياس، فيصاب الإنسان بالسكر، وتارة في المعدة فيصاب الإنسان بأمراض المعدة، وآونة في الكلى فيصاب بمرض في الكلى وهكذا.
كيف يمتص الجسم هذه الشحنات الحرارية، والنبضات العصبية ولا يتعرض لأذى؟
من أراد ذلك فعليه أن يوسع هذا التجويف الموجود في رقبته، وقد اكتشف العلماء المعاصرون بأنه لا يوسعه إلا الكلمات التي نرددها في الصلاة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتلاوة كتاب الله وتكرار التسبيح والتهليل لله، فهذه التسبيحات هي التي تجعل الجسم يتحمل الصدمات العصبية، فلا يصاب بهذه الأمراض النفسية والعصبية.
فسبحان الله العظيم الذي جعل للمسلم تحصيناً من هذه الأمراض إذا وقف بين يدي الله كما كان يقف سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكون الصلاة جلسات كهربائية، وجلسات نفسية، توسع في جسم الإنسان شرايينه وأولادته وطاقات تحمله فيتحمل الصعوبات ولا يتأثر بالشدائد والملمات، بل يكون عند نزولها كالجبال الراسيات قال الله تعالى:
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) (45البقرة)
استعينوا على أمور الحياة، وعلى ملمات الحياة وعلى نكبات الدنيا بالصبر والصلاة. فهذه الأدوية هي التي اختارها لكم الله عز وجل،
وهذا هو الحكيم الأعظم صلى الله عليه وسلم يروون عنه أنه كان
{ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى } ، (2)
(أهمه أو أفزعه) لجأ إلى الصلاة. فيخرج من الصلاة وقد فرج الله عنه، وقضى عنه ما أهمه، وكشف عنه ما أغمه، ليعلمنا صلى الله عليه وسلم إن هذا هو الدواء الحقيقي، أما المهدئات والمسكنات والبراشيم التي نتعاطها فلها أضرارها، وأخطارها. لكن شفاء الله ودواء القرآن ليس له ضرر ولا انتكاسة وليس له أعراض جانبية، ولا آثار سلبية لأنه من رب البرية الذي خلق فسوى وقدر فهدى، فارجعوا إلى صيدلية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم في هذه الأيام المباركة، تجدون فيها ما يسركم، وتجدون فيها ما يكشف الضر عنكم، وتجدون فيها أسباب السعادة في الدنيا والآخرة،