فَصَلِّ صلاة مودع
للدكتور عبد السميع الأنيس
أسباب الخشوع كثيرة، وقد وَفَّق الله تعالى فأحصَيْتُ أكثرَ من عشرة أسباب تُعين عليه.
ثم خطر لي حديثُ أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قُمتَ في صلاتك، فَصَلِّ صلاةَ مودِّعٍ، ولا تَكَلَّمْ بكلام تعتذر منه، واجمَع الإِيَاس مما في أيدي الناس))[1].
فقلت: ما أعظم هَدْي النبوة! فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أُوتِي جوامع الكَلِم، واختُصِر له الكلام اختصارًا.
وهذا التوجيه النبوي: ((فَصَلِّ صلاة مودع)) من جوامع كَلِمه في هذا الباب، يُغني عن كثير من الكلمات والأسباب، وهو دواء نافع في حصول الخشوع لمن تَمَثَّله واستحضره في صلاته.
فصلَّى الله عليك يا رسول الله، ما أشدَّ رحمتك بأمَّتك وأنت ترشدهم إلى معالي الأمور، ورفيع الدرجات، وسلوكِ سبيل الفلاح... بكلمات مُختصَرة وجيزة!
[1] رواه أحمد في المسند (38/ 484) برقم 23498، وابن ماجه في سننه (4171)، وهو صحيح بشواهده، ومنها: حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلِّ صلاة مودِّعٍ كأنك تراه، فإن كنتَ لا تراه فإنه يراك، وآيس مما في أيدي الناس تعش غنيًّا، وإياك وما يُعتذَر منه))، رواه البيهقي في "الزهد الكبير" (2 / 210).