هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

البرلمان وقصة الطاولة الكبيرة

+5
nour aliman
منصورة
حميد العامري
abuahmad
Mc nabulsy
9 مشترك

descriptionالبرلمان وقصة الطاولة الكبيرة Emptyالبرلمان وقصة الطاولة الكبيرة

more_horiz
البرلمان وقصة الطاولة الكبيرة 

حيدر محمد الوائلي 


أيام الحكم الملكي في العراق، كان هناك شيخ عشيرة طاعن في السن عضواً في مجلس الأعيان في الفترة التي كان فيها الراحل نوري سعيد رئيساً للوزراء، ومجلس الأعيان من أعلى السلطات وقتها.
كان شيخنا كثيراً ما يغلب عليه النعاس في جلسات المجلس لكبر سنه ويغط أحياناً في غفوة عميقة تستمر حتى يوقظوه أو يستيقظ، وعندما تحين لحظة التصويت فيصوت مع من صوّت على قرارات لم يكن مركزاً عليها، فهو عندما يرى البقية يصوتون فيصوت معهم. 
في أحد المرات لم يكن الشيخ نائماً و(يغفي) كعادته في الجلسات فلقد كان مصحصحاً يقظاً ويترقب الوجوه متفرساً، وكان كثيراً ما يلتفت يميناً ويساراً وعلى باب القاعة، ويحملق بالطاولة الكبيرة التي اصطف حولها الأعيان، فألتفت رئيس الوزراء الراحل (نوري السعيد) للشيخ الكبير ولنظراته الغريبة وحملقاته الغير معتادين عليها، فسأله قائلاً:
(شيخنا خو ما كو شي! أشو تتلفت يمنة ويسرة وبالك مشغول!)؟ 
فأجابه الشيخ: (لا والله بس انة دايخ! هاي الطاولة الجبيرة الكاعدين داير ما دايرهه شطببهه من هذا الباب الزغير!)
لم يدرك المسكين أن النجارين أتوا به قطعاً صغيرة وركبوه داخل القاعة!

نسبة كبيرة من برلمانينا القدامى المتنعمين بتقاعدهم الخيالي داخل وخارج العراق لخدمة فعلية لم تتجاوز حتى السنتين ومن الحاليين المتنعمين براتب خيالي يعقبه تقاعد ولا بالأحلام ومن خلفهم سياسيين ورجال دين هم من النائمين والمنومين وممن يساعدوا على التنويم ممن دمروا العراق بسوء فعالهم وسوء التزامهم بمسؤولياتهم.
أكثر البرلمانيون هم ممن يتم توجيههم ليصوتوا بملأ إرادة الرؤوس الكبار من قيادات حزبية ودينية أو من قبل البرلمانيين القياديين الغائبين عن حضور جلسات البرمان فيصوتون على ما يريدوه سواء شاء البرلماني الحاضر أم أبى!
ومنهم من يصوت ويتخذ موقف لمجرد أن رجل دين شاب أو عجوز جالس في بيته ويصدر أمره لأتباعه أن يصوتوا فيصوتوا، ولو خالف برلماني ولم يصوّت لكُتِب تقرير ضده من (متملق) ليقوم رجل الدين هذا بفصله من الكتلة وطرده لأنه (ما يرتاحله) ولا يتبع مثل الحمار كل ما يقول!
تخيلوا أن الكثير من البرلمانيين الجدد الذين يتحاورون ويتصارعون ويتناقشون حول الحكومة وآليتها وطريقة عملها هم القلة القليلة من البرلمانيين فأكثرهم حالهم كحالنا (ينتظرون نشرة الأخبار لمعرفة ما يُتفق على إعلانه في اجتماعات القصور المغلقة لأصحاب الروؤس الكبيرة من دينيين وعلمانيين).
لا يجرأ أكثرهم على التفوه بما يمليه عليه ضميره، فيسوقونه كيفما إتفق حيثما تريد الرؤوس الكبيرة التي حالت دون تفعيل آلية التصويت الألكتروني بالرغم من تخصيص ميزانية لذلك، والغرض منه منع البرلماني من التصرف بحريته لكي لا يخالف تلك الرؤوس. 

تدار الصفقات والمداولات في قصور الزعماء فقد ولّى زمن البيوت، ويالغبائهم وغباء دينهم وعلمانيتهم حيث وقعوا في فخ القصر الذي لم يخلد بخيرٍ بانيه ولم يتنعم فيه ساكنيه فيما مضى واليوم لأنه بني على جرفٍ هار.
ظل دور البرلمان هزيل طوال سنين فهو مغلق وخارج نطاق التغطية ولا يوجد فيه إتصال حتى في وقت لاحق، فهو يغط في سبات كسبات ساكنيه من عشرات الحاضرين وعشرات الغائبين (حيث يتساوى الغائبون مع الحاضرين في الحقوق والأمتيازات وهذا من عجائب البرلمان العراقي)، فالغائبون لا يفصلون ولا يعاقبون كبقية موظفي الدولة، فهم فوق القانون ولا خير في قانون يوجد هنالك ما فوقه.

برلمانيون مسيرون منذ البداية وحتى لو حانت النهاية فليس لهم أمر ولا نهي لا في بداية ولا في نهاية، فهم ليسوا مخيرين مثل الشعب العاقل الذي إنتخبهم بملأ إرادته وبكامل قدرته العقلية التي سيفقدها قريباً بسبب الصراعات السياسية والمؤامرات الداخلية والخارجية وسوء الأحوال الأمنية والخدمية. 

يرتجون من غائبين عن جلسات البرلمان ممن يتقاضون الملايين من غير كدٍ وعناء والذين ينبغي مجاملتهم كي لا يزعلوا وكي يسكتوا، وقد سكتوا بالفعل ولكنهم دائماً ما يصرحون أنهم زعلانين (على شني ما ادري)! 
فكيف يُرتجى منهم حل أزمة العراق السياسية والأقتصادية والأمنية وهم الذين لم يتورعوا أن يمرغوا كرامتهم حينما ذهب بعضهم متذللاً لقصور دول الجوار طالباً دعمهم لتحصيل مكاسب سياسية حزبية وشخصية على حساب كرامة وهيبة الدولة وسمعتها، يتمرغون بتراب تلك البلدان متذللين!

أما الحكومة التي لا يملك رئيسها كل قرارها ولا يستطيع السيطرة على جميع وزارءها الذين أتت بهم المحاصصة لأنتماء كل منهم لكتلة سياسية يطيعها وهي المسيطرة عليه أكثر من سيطرة رئيس الوزراء، فهي عقبة أخرى كبيرة.

أن لم يحصل تغيير في فكر الناس بإنتخاب مرشحين جدد ومستقلين كي –على الأقل- يعاقبوا جميع الأحزاب على تخريبهم العراق فمن الصعب جداً إحداث إصلاح سياسي أو إقرار قوانين لصالح الشعب أو تنظيم عمل الدولة. 
ربما لو انتخبنا في المرة القادمة سكنى مناطقنا لنعرف الأخبار منهم –على الأقل- لا من التلفاز ونحاسبهم على تقاعسهم وممن نعرفهم ونعرف أصلهم وفصلهم.
هذا أن كان في العمر بقية وبقيت في النفس عزيمة.

لماذا (لم) و(لا) و(لن) نرى دوراً فاعلاً لـ(328) عضواً في البرلمان العراقي فاز في الانتخابات، فكل المتحاورين الذين نراهم ونسمع عنهم في الصحف والتلفزيون والانترنت هم قلائل جداً قياساً بمجموع الأعضاء!
طبعاً والمتحاورون منهم يتحاورون لغواً دون فائدة لكي لا يفسرون الكلام مدحاً لهم فهم يتعاركون على الظهور في وسائل الأعلام وتسقيط بعضهم بعضاً ويغطي عن فساد جماعته.
كان ولا زال أكثرهم مسير وليس مخير أو مسافر للخارج ليستمتع مع الأهل والأحبة بينما يحترق العراق بنار ساكنيه وجواره، أو هم نائمين كحال الشيخ رحمه الله ويصوتون بنعم أو لا وهم لا يدرون على ماذا صوتوا، أو مجبورين على ما صوتوا.

descriptionالبرلمان وقصة الطاولة الكبيرة Emptyرد: البرلمان وقصة الطاولة الكبيرة

more_horiz
موضوع رائع 


وطرح مميز 



تسلم الايادي


في انتظار المزيد 


تحياتي

descriptionالبرلمان وقصة الطاولة الكبيرة Emptyرد: البرلمان وقصة الطاولة الكبيرة

more_horiz
موضوع جميل
شكرا لك
بارك الله بجهودك

descriptionالبرلمان وقصة الطاولة الكبيرة Emptyرد: البرلمان وقصة الطاولة الكبيرة

more_horiz
تسلم الايادى اخي
على الطرح المميز
لك مني كل الشكر
والاحترام والتقدير

descriptionالبرلمان وقصة الطاولة الكبيرة Emptyرد: البرلمان وقصة الطاولة الكبيرة

more_horiz
طرح جميل
ومجهود رآئع ومفعم بآلجمال وآلرقي..
يعطيكم آلعافيه على هذآ العطآآء ..
وسلمت آناملكم آلمتألقه لروعة طرحهآ.

descriptionالبرلمان وقصة الطاولة الكبيرة Emptyرد: البرلمان وقصة الطاولة الكبيرة

more_horiz
شكرا جزيلاً على الموضوع المفيد gg444g

descriptionالبرلمان وقصة الطاولة الكبيرة Emptyرد: البرلمان وقصة الطاولة الكبيرة

more_horiz
يعطيك العافية
على المعلومات
نترقب المزيد من جديدك
مع فائق الإحترام والتقدير

descriptionالبرلمان وقصة الطاولة الكبيرة Emptyرد: البرلمان وقصة الطاولة الكبيرة

more_horiz
باقات من الشكر والتقدير لجهودكم على هذا الموضوع العظيم ،،،
تقبل مروري ،،
تحياتي ،

descriptionالبرلمان وقصة الطاولة الكبيرة Emptyرد: البرلمان وقصة الطاولة الكبيرة

more_horiz
شكرا على الموضوع 
بارك الله فيك 
واصل وننتظر كل جديد 



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي