السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في نشأتنا..
يتمُّ غرس بعض الأمور في أذهاننا كحقائق ومُسلّمات ، وبالتالي فإننا لا نفكر فيها ولا حتى نناقشها ،
ولو فكرنا في بعضها .. لأدركنا أنّ ما كنا نعتقده وهماً حقيقة ، إنما هو في الحقيقة وهم .
الزمن كما نعرفه إنما هو ماضٍ .. وحاضر .. ومستقبل ، هذا ما نعرفه وندركه بأنه حقيقة ، ولكن هل هو كذلك ؟
الماضي معروفٌ ومؤكد ، وحقيقةً هو ما مضى وانتهى ولن يعود .. أمس ماض ، سهرتي البارحة مع شقيقاتي وبنات عمي
ماض ، فطوري صباح اليوم وتناولي كأس الشاي ماض .. ذهب ولن يعود .
المستقبل كذلك .. شيء واضح ، هو ما لم يأتِ بعد ، ما لم يحدث بعد .. غداً والأسبوع القادم والدروس التي سأشرحها
غداً ، كل هذا مستقبل لم يحدث بعد ..
بتركيز التفكير في الوحدات الزمنية المتعارف عليها .. سنة ، شهر ، أسبوع ، يوم ، ساعة ، دقيقة ، ثانية ..
تتضح الرؤية ، الزمن هو إما ماضِ أو مستقبل ولا شيء غيرهما ، ليس هناك شيءٌ اسمه الحاضر ! والعام الحاليُّ الذي
نحن فيه ؟ أليس حاضراً ؟ أبداً .. هو أشهرُ مضت ، وأشهرُ لم تأتِ بعد .. والشهر الذي نحن فيه ؟ أسابيعُ مضت ، وأسابيعُ
لم تأتِ بعد .. والأسبوع الذي نحن فيه ؟ أيام مضت ، وأيام قادمة .. واليوم الذي نحن فيه ؟ ساعات مضت ، وساعات
قادمة .. والساعة التي نحن فيها ؟ دقائق مضت ، ودقائق قادمة .. والدقيقة التي نحن فيها ؟ ثوان مضت ، وثوان قادمة !
وهكذا يكون الزمن إما ماضياً أو مستقبلاً فقط .
إذاً ما هو الحاضر ؟ وأين نقع نحن إن لم يكن هناك حاضر ؟ ( إن كنا في الماضي فقد متنا ، وإن نحن في
المستقبل فلم نولد بعد ) كيف وأين نعيش ونشعر ونفكر ونمارس طقوس حياتنا هل الحاضر وهم ؟
وبالتالي إحساسنا وإدراكنا لما حولنا خيال ؟
الألم الذي يحسّه أحدُنا في يده من وخزة دبوس .. أليس واقعاً مُعاشاً ؟! حقيقةً ملموسة ؟! أم هو رد فعلٍ
عصبي لحالة تصوّرٍ شعورية لا وجود لها في الواقع الفعلي ؟! هل الحياة بكل ما فيها حالة ذهنية ؟
الوجود المادي فيها خيال ؟ وما هو ما نسميه الحاضر ؟
وعلى ماذا تعود مصطلحاتٌ مثل "الآن".. "اللحظة".. "الحاضر".. "الرّاهن".. "الحالي".. "المُعاصَر".. "المُعاش" ؟
هل الحاضرُ جزءٌ مستقطعٌ من الماضي القريب، والمستقبل القريب تم تجسيده في الوعي العام كوحدة زمنية لضرورة حياتيّة ؟
ربما يكون الحاضر وحدة زمنية متناهيةٌ في الصغر ، لحظة ، ومضة.. لا تكاد تحدث حتى تنتهي ، لا تكاد تَحلّ حتى ترحل ،
ولكن حتى الومضة أجزاء منها سابقة ( ماضِ ) وأجزاءُ لاحقة ( مستقبل ) ..
وبذا يبقى التساؤل الأهم : إن كان الحاضرُ فعلاً وهماً ! وبما أننا لا يمكن أن نكون إلا في حاضر ، فما هي حقيقة كينونتنا ؟
مجرد تساؤل ..؟!
منقول