قصص وروايات واقعيه عن حياة ابن قيَّم الجوزيَّة وعلمه وتواضعه
نقدم لكم الآن قصة حياة ابن قيَّم الجوزيَّة مكتوبة بشكل مفصل لما فيها من عبر ومواعظ رائعة نقلها لكم في هذا المقال من موضوع قصص وروايات واقعيه لجميع الاعمار ونتمني ان تنال إعجابكم وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : قصص قصيرة .
ابن قيَّم الجوزيَّة
قبل أكثر من ۷۰۰ عام، ولد طفل مبارك، سماه أبوه محمدا، على اسم نبينا الكريم . فرح به أبوه، وفرحت به أمه، فهو ابنهما الأول. بعد عامين من ولادته ولد أخوه عبدالرحمن.. وعاشوا جميعا في دمشق الفيحاء ودمشق مدينة جميلة جدا، كانت عاصمة الدولة الإسلامية في عصر الدولة الأموية وهي من أقدم مدن العالم. وفي هذه المدينة الرائعة نشأ محمد وأخوه عبدالرحمن، وكان أبوهما رجلا صالحا طيبا يحترمه الجميع لعلمه وأدبه، كان يعمل في مدرسة كبيرة اسمها الجوزية، وهي من أهم مدارس دمشق وأشهرها في ذلك الزمان .
والمدرسة الجوزية كانت دارا كبيرة للعلم، يأتيها الطلاب من كل مكان، واثارها لا تزال باقية حتى اليوم، ومكانها في دمشق يعرفه كثير من الناس، وقد أقاموا قربها مسجدا عرف باسم “مسجد الجوزية “
والد محمد، واسمه أبوبكر، اشتهر بين الناس بالعلم والتواضع، تفرغ لخدمة طلاب الدين، فتولى شؤون المدرسة الجوزية، وغين قيما عليها ، وكانت مهمته تشبه مهمة الناظر في المدارس الحديثة.. لكن مهماته كانت اكبر وذلك لتأمين وسائل التعليم والراحة والاقامة للطلاب القادمين من كل مكان.
ولأهمية هذه المدرسة اشتهر أبو بكر بلقب قيم الجوزية. وصر الجميع ينادونه بهذا اللقب.. ومع مرور الأيام لم يعد يعرف إلا باسم قيم الجوزية ، وأصبح لقبه وعمله أشهر من اسمه الحقيقي أما محمد وأخوه عبدالرحمن، وحتى أولادهما، فقد عرفوا جميعا بأبناء قيم الجوزية، وأكثر من اشتهر منه هو محمد، حيث ارتبط اسمه بالجوزية أكثر من الجميع، وطارت شهرته حتى بلغت العالم كله، فأصبح يعرف باسم « ابن قيم الجوزية ولشهرته الكبيرة، عندما يقال ابن القيم ، فإن الجميع يعرفونه كان محمد يحب العلم منذ الصغر وما كاد يبلغ السابعة من عمره حتى ظهر ذكاؤه، فعلمه أبوه القرآن وسائر العلوم الدينية.
وكان من حسن حظه أن مدينة دمشق كانت في ذلك الزمان مليئة بالعلماء، وكان يسعى إلى المشهورين منهم، ولا يكتفي بشيخ واحد، حتى اجتمع له علم غزير وهو في العشرين من عمره، وتوج علمه بصحبة كبير علماء عصره، العالم الجليل أحمد بن تيمية، وصحب ابن تيميه منذ مجيئة الي دمشق حتي وفاته وكان مقدار هذه المدة (۱۹) سنة كاملة، وكان عمر ابن القيم عند وفاة ابن تيمية (۳۷) سنة عرف ابن قيم الجوزية بإخلاصه في طلب العلم، وكان جريئا جدا في قول الحق، لا يهمه مال ولا سلطان، وقد أيد الإمام ابن تيمية في فتاوی اقتنع بها ، فسجن معه في قلعة دمشق مدة طويلة، وتعرض للاهانة، فقد حملوه على جمل مكبلا، وداروا به في أحياء دمشق القديمة وضربوه بالعصي أمام الناس، وظل مسجونا حتى وفاة شيخه ابن تيمية (رحمه الله تعالى).
عاش ابن القيم حياته كلها في دمشق، ولم يغادرها الا حاجا وحكي أنه ذهب أيضا الى مصر مدة قصيرة. تفرغ ابن القيم للتدريس، وعين إماما بالمدرسة الجوزية، ودرس فيها فترة طويلة، كما درس في كثير من مدارس ومساجد دمشق حتى اشتهر بين الناس درس ابن قيم الجوزية على يد كثيرمن العلماء، لكن الامام ابن تيمية كان أقربهم إليه. فقد درس كتبه ونشر علمه، وكان لجراءته يناقشه بأدلة علمية كما ناقش كثيراً من ائمة عصره، وقد كتب رحمه الله اكثر من مائة كتاب ضخم بخط يده فضلاً عما املاه علي تلاميذه وكتبه كثيرة ومعروفة في انحاء الدنيا .
كان كريماً سمحاً متواضعاً وكان يقول : من اساء إليك ثم جاء معتذراً فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته حقاً كانت او باطلاً، وتكل سريرته الي الله .. وصفه بعض العلماء بأن ” قلبه كان معلقاً بالله في السر والعلن ”
فرغ نفسه للعلم والعبادة، وكان العلم عنده، مثل كل العلماء من العبادة والتقرب الى الله، وكانت صلاته طويلة جدا، فإذا صلى الفجر لا يقوم من مقامه حتى تبسط الشمس أشعتها، وكان الناس يتعجبون من كثرة عبادته واتساع علمه، وصفاء نفسه وعلو همته عاش ستين سنة، ودفن في مدينة دمشق، المدينة التي أحبها طوال عمره، وقبره لا يزال معروفا حتى الآن في مقابر الباب الصغير.
وكانت جنازته عظيمه جدا، وتزاحم العلماء والصالحون وطلاب العلم على حمل نعشه وكان له من الأبناء عالمان جليلان؛ الاول اسمه عبد الله، وكان ذكيا جدا، حفظ القرآن في التاسعة، وتسلم التدريس بعد موت أبيه في المدرسة الصدرية وهي من أهم المدارس الدينية في دمشق في زمانه، لكن آثارها لم تبق الى اليوم مثل المدرسة الجوزية. أما ابنه الثاني واسمه ابراهيم، فقد كان عالما بالدين واللغة العربية واشتهر بعد موت أبيه، وكان غنيا جدا