بقيتَ بقاءَ الدّهرِ
يا بهجة َ الدّهرِ وهنئَ فيكَ العصرُ يا زينة َ العصرِ
وفدتْ مُحياكَ النجومُ بِشمسها
ولا زلتَ مِنهَا تجتني هَالة َ البدرِ
ولا برحتْ ريحُ الوغى لكَ في اللّقا
تفتّحُ أزهارَ الفتوحِ معّ البشرِ
ولا برحَ الجيشُ الّذي أنتَ قلبهُ
يضمُّ جناحيهِ على بيضة ِ النّصرِ
لقدْ سُرَّتِ الدُّنْيا بنصركَ والعُلا
وأصجَ دَسْتُ الملكِ منشرحَ الصدَّرِ
نشأتَ ونفسُ الجودِ في قبضة ِ الرّدى
فأنقذتها في بسطِ أنملكَ العشرِ
وأحدثتَ في وجهِ الزّمانِ طلاقة
ً ووردتَ خد المجدِ في بيضكَ الحمرِ
وَرَنَّحْتَ أَعْطَافَ الرِّمَاحِ كَأَنَّما
مزجتَ دماً سقيتها منهُ بالخمرِ
قدودُ المعالي ما حملتَ منَ القنا
وأحداقها ما قدْ هززتَ من البترِ
عضدتَ بحسنِ الرّأيِ عضباً مهنّداً
فأعربَ عندَ الضّربِ عنْ معجمِ السرِّ
شَفَعْتَ بَمَاضِي الْعَزْمِ يَا ذَا غِرَارَهُ
فَأَدْرَكْتَ وِتْرَ الْمَجْدِ بالْضَّرْبَة ِ الْوِتْرِ
وفلّقتَ هاماتٍ بهِ طالَ ما غدتْ
متوّجة ً في عزّة ِ الغيِّ والكبرِ
تراها العلا في خدّها وهيَ في الثّرى
عَلَى دَمِهَا خَالاً عَلَى وَجْنَتَيْ بِكْرِ
كأنَّ دماً منها سقى تربة ً قد سقى
رِقَابَ الْعُلاَ بَعْدَ الْبِلَى جَرْعَة َ الْخَضْرِ
وَأَهْزَمْتَ أَحْزَابَ الْضَّلاَلَ وَلَوْ وَنَوْا
لأَلْحَقْتَهُمْ فِي إِثْرِ سَيِّدِهِمْ عَمْرِو
وأخرجتهمْ في زعمهمْ عنْ ديارهمْ
وَمَا اعْتَقَدُوا هَذَا إِلَى أَوَّلِ الْحَشْرِ
وَأَلَقْوا حِبَالِ الْمُنْكَرَاتِ وَخَيَّلُوا
فَعَارَضْتَهُمْ فِي آيَة ِ السَّيْفِ لاَ الْسِحْرِ
كَفَى اللهُ فِيكَ الْمُؤْمِنِينَ لَدَى الْوَغَى
قتالَ العدا حتى سلمتَ من الأزرِ
ولو لم يكفَّ البأسَ عفوكَ عنهمُ
لَعُدْتَ وَقَدْ عَادَ الْحَدِيدُ مِنَ الْتِبْرِ
وما لبثوا إلا قليلاً فكمْ ترى
بِهِمْ مِنْ ظَلِيمٍ فَرَّ عَنْ بَيْضَة ِ الْخِدْرِ
تولّوا معَ الخفّاشِ في غسقِ الدّجى
وَخَافُوا طِلاَبَ الشَّمسِ فِي عَقِبِ الْفَجْرِ
إِذَا مَا لَهُمْ عِقْبَانُ رَايَاتِكَ انْجَلَتْ
أعيروا منَ الغربانِ أجنحة َ الغرِّ
رَميْتَهُمُ فِي فَيْلَقٍ قَدْ تَفَرَّدَتْ
بهِ طائراتُ النحجِ في عذبِ السّمرِ
بهِ كلُّ شهمٍ منْ سلالة ِ هاشمٍ
مِنَ الْحَيْدَرِييّنَ الْغَطَارِفَة ِ الْغُرِّ
إِذَا وَلَجُوا فِي مَعْرَكٍ كَادَ نَقْعُهُ
لطيبهمِ يربيْ على طيِّبِ العطرِ
سحائبُ جودٍ كلما سئلوا همتْ
بنانهمُ للوفدِ بالبيضِ والصّفرِ
أسودُكفاحٍ بأسهمْ في رماحهمْ
كسمِّ الأفاعي في أنابيبها يجري
وكم قبلهمْ صبّحتَ قوماً بغارة
ٍ فَلَمْ يَحْتَمُوا مِنْهَا بِبَرٍّ وَلاَ بَحْرِ
رجعتَ ضحى ً عنْ أسدهمْ نجسَ الظّبا
وَعَنْ عَيْبِهِمْ عَفَّ الرّدَا طَاهِرَ الأُزْرِ
أبا السّبعة ِ الأطهارِ لا زلتَ ناظماً
بهمْ عقدَ جيدِ المجدِ بالأنجمِ الزُّهرِ
مُلُوكٌ إِذَا شَنُّوا الإِغَارَة َ لَمْ تَكُنْ
لهمْ همّة ٌ إلا إلى مغنمِ الفخرِ
فمنْ شئتَ منهمْ فهوَ مصباحكَ الّذيْ
يفيدُ العلا نوراً وكوكبكَ الدّريْ
وإنّهمُ أيامُ أسبوعكَ الّتي
على الخلقِ تقضي بالمنافعِ والضرِّ
وَأَبْحُرُكَ اللُّجُّ الَّتي قَدْ جَعَلْتَها
بَيْومِ النَّدَى وَالضَّرْبِ لِلْمَدِّ وَالْجَزْرِ
إِذَا نُسِبُوا لِلأَكْرَمِينَ فَإِنَّهُمْ
بمنزلة ِ السّبعِ المثاني منَ الذّكرِ
حَوَامِيمُ رُشْدٍ فُصِّلَتْ لِلْوَرَى هُدى
ً وآياتُ فتحٍ أنزلتْ ليلة َ القدرِ
بِهِمْ نَفَّذَ الرَّحْمَنُ حُكْمَكَ فِي الوَرَى
فعشتَ وعاشوا في السّعيدِ منَ العمرِ