متى تشارك المرأة في معركة الحق؟
يَجب أن نُبرهن - بالواقع الحسي الملموس، لا بسَرْد النماذج التاريخيَّة الماضية مجرَّدةَ التطبيق فحسبُ - أنَّ المرأة قادرةٌ على التأثير في مجتمعها بما يجعلُها صالحةً مُصلِحة، فإنَّ المرأة المسلمة يمكن أن تكون عاملةً عالِمة، قادرةً على أن يكون لها دَورٌ فعَّال في كلِّ ميادين الحياة، بما يتناسب وجبلَّتَها الخِلْقية، حتى في ساحات الوَغَى إنْ تطلَّب الأمر ذلك، وهذا ما أثبتَه لنا التاريخ على مرِّ العصور؛ قال - تعالى -: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]، ولا يتمُّ ذلك إلا بالإيمان الصحيح، والعِلم المتراكِم المستمر، وكذلك بالتوجيه السليم، والعِلم الشرعي المأخوذ مِن مصادره الأصلية، وليس الأمرُ برهانًا للآخرين فحسبُ، بل هو بالدرجة الأولى أمرٌ واجب شرعًا يقع على النَّفْس؛ من أجْل تأديته إعذارًا أمامَ الله - عزَّ وجلَّ - قال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 164].
والإسلام ليس للرجل وَحْدَه، بل هو للمرأة أيضًا، وهي مُكلَّفة مثلها مثل الرَّجل في المشاركة في قولِ الحق، بحيث لا تخاف في الله لومةَ لائم، وهذا الدَّوْر الرِّيادي الدعوي تقوم به المرأةُ المسلِمة في كلِّ وقتٍ وحين، حتى وإن لم يكن هناك مَن يدعو إلى الحق من الرِّجال؛ ذلك أنَّ الدعوة ليس حِكرًا على الرِّجال دون النساء، بل هي متَّجهة إليهما سواءً بسواء، والناظر في الواقِع الدعوي الحالي يُدرك الأهمية القُصوى التي تضطلع بها المرأةُ حين تكون داعيةً إلى الله.
وهناك جملةٌ مِنَ الدواعي التي تُحتِّم على المرأة إسهامَها في الحياة الدعويَّة، وأخطرها انتشارُ الجهل والأُمِّية، والمخالفات العقدية والشرعية، ولا يمكن أن يُجلِّي هذه المسائلَ في أوساط النساء بصورة حَسَنة غيرُ النساء الداعيات.
إنَّ الإسلام - مثل ما ذكرتُ - هو للرجل والمرأة على حدٍّ سواء، ويعزُّ على المرأة المسلمة أن ترى دعوةَ الإسلام تنحسِر عن بيتها ومجتمعها، أو أقرب الناس إليها، وهي تَقِف موقفَ المتفرِّج العاجز عن القول والدعوة إلى الحق، وأعتقد جازمةً أنَّكم تتَّفقون معي في رفْض هذا الموقف الذي أضْحى سائدًا في مجتمعاتنا المسلمة.
وعليه؛ فلا بدَّ من التواصي بالحق بيننا معاشرَ النساء؛ من أجْل التحرُّك بكلِّ ما نستطيع من قوَّة في جميع مناشطنا الحياتيَّة الداخلية والخارجية، مِن أجْل تصحيح المسار، وإزالة الانحرافات بكلِّ أوجهها، وأن يُصدَّق إيمانُنا بالعمل لا بالكلام، وأن نقوم بواجبنا كما يقوم الرِّجال الدُّعاة، وأن نُضحِّي كما يُضحِّي الرجال، وبفضل الله دِينُنا دينٌ يُنصِف المرأة ويُقدِّرها، ويكرمها ويجعل لها وزنًا كما للرجل.
فها هي خَوْلة بنت مالك يَلْقاها عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - أمير المؤمنين في الطريق فيُسلِّم عليها، فترد عليه السلامَ، وتقول: إيه يا عمر، عهدتُك وأنت تُسمَّى عُميرًا في سوق عكاظ، تُروِّع الصبيان بعصاك، فلم تذهبِ الأيام حتى سُمِّيتَ عمر، ثم تذهب الأيام حتى سُمِّيتَ أميرَ المؤمنين، فاتَّقِ الله في الرعية، واعلم أنَّ مَن خاف الوعيد قَرُب عليه البعيد، ومَن خاف الموت خَشِي الفوت، فقال مرافقُه: قد أكثرتِ على أمير المؤمنين أيَّتها المرأة! فقال عمر: دعْها، ألَمْ تعرفْها؟! هذه خولة امرأة أوس بن الصَّامت، قد سمع الله قولها مِن فوق سبْع سماوات، فعمر أحقُّ - واللهِ - أن يسمع لها.
أخيرًا أخواتي:
لا بدَّ أن نكون مع سائرِ المؤمنين في المَيْدان الذي يسع المرأةَ، ولا يخدش حياءَها؛ لتكونَ في معركة الحقِّ مع أخيها الرَّجل، تُواجه فتنَ الشُّبهات والشهوات، شأنها كشأن الرجل، فتدافع عن عَرينها الحق، دِينها وأُسرتها ومجتمعها، هذا ما يَفرِضه علينا دِينُنا، وهذا ما يُحفِّزنا عليه التاريخ، وهو هِتاف الأجيال الماضية، ونداء الحاضِر والمستقبل في الأيَّام الآتية، وسنُسأل عنه يومَ القيامة، فلا بدَّ من موقف للمرأة مثلها مثل الرجل في زَمَنٍ غابتْ فيه مواقفُ الحق والعدل، فالحقُّ عزيز، والعدل أعزُّ، فكُوني من أهله وخاصته.
والله الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل.
يَجب أن نُبرهن - بالواقع الحسي الملموس، لا بسَرْد النماذج التاريخيَّة الماضية مجرَّدةَ التطبيق فحسبُ - أنَّ المرأة قادرةٌ على التأثير في مجتمعها بما يجعلُها صالحةً مُصلِحة، فإنَّ المرأة المسلمة يمكن أن تكون عاملةً عالِمة، قادرةً على أن يكون لها دَورٌ فعَّال في كلِّ ميادين الحياة، بما يتناسب وجبلَّتَها الخِلْقية، حتى في ساحات الوَغَى إنْ تطلَّب الأمر ذلك، وهذا ما أثبتَه لنا التاريخ على مرِّ العصور؛ قال - تعالى -: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]، ولا يتمُّ ذلك إلا بالإيمان الصحيح، والعِلم المتراكِم المستمر، وكذلك بالتوجيه السليم، والعِلم الشرعي المأخوذ مِن مصادره الأصلية، وليس الأمرُ برهانًا للآخرين فحسبُ، بل هو بالدرجة الأولى أمرٌ واجب شرعًا يقع على النَّفْس؛ من أجْل تأديته إعذارًا أمامَ الله - عزَّ وجلَّ - قال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 164].
والإسلام ليس للرجل وَحْدَه، بل هو للمرأة أيضًا، وهي مُكلَّفة مثلها مثل الرَّجل في المشاركة في قولِ الحق، بحيث لا تخاف في الله لومةَ لائم، وهذا الدَّوْر الرِّيادي الدعوي تقوم به المرأةُ المسلِمة في كلِّ وقتٍ وحين، حتى وإن لم يكن هناك مَن يدعو إلى الحق من الرِّجال؛ ذلك أنَّ الدعوة ليس حِكرًا على الرِّجال دون النساء، بل هي متَّجهة إليهما سواءً بسواء، والناظر في الواقِع الدعوي الحالي يُدرك الأهمية القُصوى التي تضطلع بها المرأةُ حين تكون داعيةً إلى الله.
وهناك جملةٌ مِنَ الدواعي التي تُحتِّم على المرأة إسهامَها في الحياة الدعويَّة، وأخطرها انتشارُ الجهل والأُمِّية، والمخالفات العقدية والشرعية، ولا يمكن أن يُجلِّي هذه المسائلَ في أوساط النساء بصورة حَسَنة غيرُ النساء الداعيات.
إنَّ الإسلام - مثل ما ذكرتُ - هو للرجل والمرأة على حدٍّ سواء، ويعزُّ على المرأة المسلمة أن ترى دعوةَ الإسلام تنحسِر عن بيتها ومجتمعها، أو أقرب الناس إليها، وهي تَقِف موقفَ المتفرِّج العاجز عن القول والدعوة إلى الحق، وأعتقد جازمةً أنَّكم تتَّفقون معي في رفْض هذا الموقف الذي أضْحى سائدًا في مجتمعاتنا المسلمة.
وعليه؛ فلا بدَّ من التواصي بالحق بيننا معاشرَ النساء؛ من أجْل التحرُّك بكلِّ ما نستطيع من قوَّة في جميع مناشطنا الحياتيَّة الداخلية والخارجية، مِن أجْل تصحيح المسار، وإزالة الانحرافات بكلِّ أوجهها، وأن يُصدَّق إيمانُنا بالعمل لا بالكلام، وأن نقوم بواجبنا كما يقوم الرِّجال الدُّعاة، وأن نُضحِّي كما يُضحِّي الرجال، وبفضل الله دِينُنا دينٌ يُنصِف المرأة ويُقدِّرها، ويكرمها ويجعل لها وزنًا كما للرجل.
فها هي خَوْلة بنت مالك يَلْقاها عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - أمير المؤمنين في الطريق فيُسلِّم عليها، فترد عليه السلامَ، وتقول: إيه يا عمر، عهدتُك وأنت تُسمَّى عُميرًا في سوق عكاظ، تُروِّع الصبيان بعصاك، فلم تذهبِ الأيام حتى سُمِّيتَ عمر، ثم تذهب الأيام حتى سُمِّيتَ أميرَ المؤمنين، فاتَّقِ الله في الرعية، واعلم أنَّ مَن خاف الوعيد قَرُب عليه البعيد، ومَن خاف الموت خَشِي الفوت، فقال مرافقُه: قد أكثرتِ على أمير المؤمنين أيَّتها المرأة! فقال عمر: دعْها، ألَمْ تعرفْها؟! هذه خولة امرأة أوس بن الصَّامت، قد سمع الله قولها مِن فوق سبْع سماوات، فعمر أحقُّ - واللهِ - أن يسمع لها.
أخيرًا أخواتي:
لا بدَّ أن نكون مع سائرِ المؤمنين في المَيْدان الذي يسع المرأةَ، ولا يخدش حياءَها؛ لتكونَ في معركة الحقِّ مع أخيها الرَّجل، تُواجه فتنَ الشُّبهات والشهوات، شأنها كشأن الرجل، فتدافع عن عَرينها الحق، دِينها وأُسرتها ومجتمعها، هذا ما يَفرِضه علينا دِينُنا، وهذا ما يُحفِّزنا عليه التاريخ، وهو هِتاف الأجيال الماضية، ونداء الحاضِر والمستقبل في الأيَّام الآتية، وسنُسأل عنه يومَ القيامة، فلا بدَّ من موقف للمرأة مثلها مثل الرجل في زَمَنٍ غابتْ فيه مواقفُ الحق والعدل، فالحقُّ عزيز، والعدل أعزُّ، فكُوني من أهله وخاصته.
والله الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل.