إنّ الإنسان في هذه الحياة لا غنى له عن المال الّذي يقوم بتغذية بدنه، وعفّته عن سؤال غيره، وقد جعل الله وجوهًا كثيرة للكسب الحلال، فأباح كلّ كسب ليس فيه اعتداء، ولا ظلم، ولا ضرر على الغير، وأباح أنواعًا من الاكتساب حتّى يجمع الإنسان من المال ما يكون كافيًا له في قوّته، وقوت من يعوله. والواجب على المسلم ألاّ يدخل في أيّ معاملة حتّى يعرف حكمها الشّرعي، وحتّى لا يدخل في معاملات محرّمة ذات كسب خبيث، ما يؤدّي بصاحبه إلى النّار.
لقد أصبح همُّ الكثير من النّاس اليوم جمع المال من أيّ مصدر، سواء أكان ذلك المال من طريق حلال، أو من أيّ طريق من الطرائق المحرّمة، وأصبح الكثير من النّاس يرى أنّ المال يكون حلالاً متَى حلّ في يده، ومهما كان ذلك المكسب خبيثًا، فإنّه لا يراه إلاّ حلالاً، ما دام قد حصل عليه وأمسك به في يده!
المسلم في معاملاته المالية ينبغي أن يسير على ضوء الإسلام وعلى ضوء ما حدَّده الله، وبيَّنه رسوله صلّى الله عليه وسلّم الّذي قال في الحديث: “كلّ جسد نبت من سُحت فالنّار أولى به”. وقد وردت أحاديث كثيرة تدلّ على الأمر بتكسّب الإنسان وسعيه للمعيشة، وبكفّ وجهه عن سؤال النّاس، حتّى إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال فيما ورد عنه: “لأن يأخذ أحدكم حبلاً فيأتي بحزمة من حطب فيبيعها، فيَكُفّ بها وجهه عن النّاس، خير له من أن يسأل النّاس أعطوه أو منعوه”.
ووجوه التكسُّب الحلال كثيرة، منها على سبيل المثال: الفلاحة، والتجارة، والصناعة، وتربية الدواب والدواجن وغير ذلك. ولا شكّ أنّ كسب الحرث يُعَدُّ من أفضل المكاسب، وقد جعله الله تعالى من جملة الحِرَف الّتي زيّنت للنّاس، في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ}، فجعل الحرث من جملة ما زيّن للنّاس، لأنّ فيه كسبًا وإنتاجًا ينفع به الإنسان نفسه، وينفع به أيضًا غيره، فيأكل ويبيع وينفع النّاس، ويزرع الحبوب، ويغرس الأشجار، ويجني الثمار، وإن كان في ذلك كلفة ومشقّة فهذا ممّا يُثاب عليه الإنسان إن احتسب أجره، لاسيما إذا تصدّق منه ونفع به غيره.
ومن النّاس مَن تكون هِمّته في التجارة، ولا شكّ أنّ التجارة أيضًا من جملة الحِرَف الّتي يكتسب بها المال، قلّ أو كثُر، والتجارة هي شراء السلع وبيعها لأجل الرّبح فيها إذا بيعت بثمن يزيد عن قيمتها الّتي اشتُرِيَتْ به.
ولقد ورد ذكر التجارة في القرآن في قوله تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ}، فالتجارة الّتي هي البيع والشّراء من جملة الحِرف المباحة، ولكن قد يلتبس بها ما يفسدها، أو يدخل الفساد إليها، ذلك أنّ التجار والباعة قد يتعاملون بمعاملات فاسدة، إمّا ربوية أو غيرها، فتدخل المحرّمات في هذه المعاملات، وهنا تتدخّل الشّريعة الإسلامية لتبيّن الحلال والحرام في الحرف.
وقد نهى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الكثير من المعاملات أو المبايعات الّتي فيها شيء من الضّرر على الآخرين، فثبت أنّه: نهى عن بيع الغرر، وذكر أيضًا أمثلة أخرى من البيوع الّتي فيها غرر، فنهى عن بيع كلّ شيء لم يكن مشاهَدًا ومعلومًا، لمَا فيه من الغرر، كالّذي يسمّونه بيع حبل الحبلة وبيع الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة وبيع ضربة الغائص، وما أشبهها من المعاملات الّتي فيها ضرر على أحد المتبايعين.
وأمر الإسلام الباعة ونحوهم بالنّصح للمسلمين ونهاهم عن غشّهم وخداعهم، وقد ثبت أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حثّ على النّصيحة فقال: “الدّين النّصيحة، قالوا: لمَن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامّتهم”. وجعل صلّى الله عليه وسلّم النّصيحة من خصال الخير، وأنّها من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، فقال عليه الصّلاة والسّلام: “للمسلم على المسلم ست بالمعروف: تسلم عليه إذا لقيته، وتجيبه إذا دعاك، وتشمّته إذا عطس، وتعوده إذا مرض، وتتبع جنازته إذا مات، وتنصحه إذا استنصحك”.
وهناك الكثير من الباعة هداهم الله لا ينصحون المشتري، ولا يُظهرون العيوب الّتي توجد في السّلعة، فترى أحدهم يُظهر السّلعة على أنّها جيّدة، وهي في الحقيقة رديئة، ولا يخبر برداءتها! وهذا ليس من النُّصح، بل من الغشّ والخداع، وقد حرَّم الله ذلك على لسان نبيّه صلّى الله عليه وسلّم حيث قال: “مَن غشّنا فليس منّا”، وذلك أنّه عليه الصّلاة والسّلام مَرَّ على رجل يبيع طعامًا من الحبوب ونحوها، فأدخل يده فيه فأصابت بللاً -يعني رطوبة- فقال: “ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السّماء يا رسول الله! يعني: المطر- قال: هلاّ جعلته في أعلاه كي يراهُ النّاس؟! مَن غشّنا فليس منّا”!
وللكسب الحلال ثمار وآثار على الفرد والمجتمع منها: أنّه يُنير القلب ويشرح الصّدر ويورث الطّمأنينة والسّكينة والخشية من الله، ويعين الجوارح على العبادة والطّاعة. وهو سبب لقبول العمل الصّالح، والبركة في الرِّزق والعمر والذّرية، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “والّذي نفس محمّدٍ بيده إنّ العبد ليقذف اللُّقمة الحرام في جوفه ما يُتقبّل منه عملٌ أربعين صباحًا”. وهو سبب لرِضا الله عزّ وجلّ ولاستجابة الدّعاء، كما قال صلّى الله عليه وسلّم للصّحابي الجليل سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه: “يا سعد، أطِبْ مَطعَمَك تَكُن مُستجاب الدّعوة”.
لقد أصبح همُّ الكثير من النّاس اليوم جمع المال من أيّ مصدر، سواء أكان ذلك المال من طريق حلال، أو من أيّ طريق من الطرائق المحرّمة، وأصبح الكثير من النّاس يرى أنّ المال يكون حلالاً متَى حلّ في يده، ومهما كان ذلك المكسب خبيثًا، فإنّه لا يراه إلاّ حلالاً، ما دام قد حصل عليه وأمسك به في يده!
المسلم في معاملاته المالية ينبغي أن يسير على ضوء الإسلام وعلى ضوء ما حدَّده الله، وبيَّنه رسوله صلّى الله عليه وسلّم الّذي قال في الحديث: “كلّ جسد نبت من سُحت فالنّار أولى به”. وقد وردت أحاديث كثيرة تدلّ على الأمر بتكسّب الإنسان وسعيه للمعيشة، وبكفّ وجهه عن سؤال النّاس، حتّى إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال فيما ورد عنه: “لأن يأخذ أحدكم حبلاً فيأتي بحزمة من حطب فيبيعها، فيَكُفّ بها وجهه عن النّاس، خير له من أن يسأل النّاس أعطوه أو منعوه”.
ووجوه التكسُّب الحلال كثيرة، منها على سبيل المثال: الفلاحة، والتجارة، والصناعة، وتربية الدواب والدواجن وغير ذلك. ولا شكّ أنّ كسب الحرث يُعَدُّ من أفضل المكاسب، وقد جعله الله تعالى من جملة الحِرَف الّتي زيّنت للنّاس، في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ}، فجعل الحرث من جملة ما زيّن للنّاس، لأنّ فيه كسبًا وإنتاجًا ينفع به الإنسان نفسه، وينفع به أيضًا غيره، فيأكل ويبيع وينفع النّاس، ويزرع الحبوب، ويغرس الأشجار، ويجني الثمار، وإن كان في ذلك كلفة ومشقّة فهذا ممّا يُثاب عليه الإنسان إن احتسب أجره، لاسيما إذا تصدّق منه ونفع به غيره.
ومن النّاس مَن تكون هِمّته في التجارة، ولا شكّ أنّ التجارة أيضًا من جملة الحِرَف الّتي يكتسب بها المال، قلّ أو كثُر، والتجارة هي شراء السلع وبيعها لأجل الرّبح فيها إذا بيعت بثمن يزيد عن قيمتها الّتي اشتُرِيَتْ به.
ولقد ورد ذكر التجارة في القرآن في قوله تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ}، فالتجارة الّتي هي البيع والشّراء من جملة الحِرف المباحة، ولكن قد يلتبس بها ما يفسدها، أو يدخل الفساد إليها، ذلك أنّ التجار والباعة قد يتعاملون بمعاملات فاسدة، إمّا ربوية أو غيرها، فتدخل المحرّمات في هذه المعاملات، وهنا تتدخّل الشّريعة الإسلامية لتبيّن الحلال والحرام في الحرف.
وقد نهى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الكثير من المعاملات أو المبايعات الّتي فيها شيء من الضّرر على الآخرين، فثبت أنّه: نهى عن بيع الغرر، وذكر أيضًا أمثلة أخرى من البيوع الّتي فيها غرر، فنهى عن بيع كلّ شيء لم يكن مشاهَدًا ومعلومًا، لمَا فيه من الغرر، كالّذي يسمّونه بيع حبل الحبلة وبيع الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة وبيع ضربة الغائص، وما أشبهها من المعاملات الّتي فيها ضرر على أحد المتبايعين.
وأمر الإسلام الباعة ونحوهم بالنّصح للمسلمين ونهاهم عن غشّهم وخداعهم، وقد ثبت أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حثّ على النّصيحة فقال: “الدّين النّصيحة، قالوا: لمَن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامّتهم”. وجعل صلّى الله عليه وسلّم النّصيحة من خصال الخير، وأنّها من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، فقال عليه الصّلاة والسّلام: “للمسلم على المسلم ست بالمعروف: تسلم عليه إذا لقيته، وتجيبه إذا دعاك، وتشمّته إذا عطس، وتعوده إذا مرض، وتتبع جنازته إذا مات، وتنصحه إذا استنصحك”.
وهناك الكثير من الباعة هداهم الله لا ينصحون المشتري، ولا يُظهرون العيوب الّتي توجد في السّلعة، فترى أحدهم يُظهر السّلعة على أنّها جيّدة، وهي في الحقيقة رديئة، ولا يخبر برداءتها! وهذا ليس من النُّصح، بل من الغشّ والخداع، وقد حرَّم الله ذلك على لسان نبيّه صلّى الله عليه وسلّم حيث قال: “مَن غشّنا فليس منّا”، وذلك أنّه عليه الصّلاة والسّلام مَرَّ على رجل يبيع طعامًا من الحبوب ونحوها، فأدخل يده فيه فأصابت بللاً -يعني رطوبة- فقال: “ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السّماء يا رسول الله! يعني: المطر- قال: هلاّ جعلته في أعلاه كي يراهُ النّاس؟! مَن غشّنا فليس منّا”!
وللكسب الحلال ثمار وآثار على الفرد والمجتمع منها: أنّه يُنير القلب ويشرح الصّدر ويورث الطّمأنينة والسّكينة والخشية من الله، ويعين الجوارح على العبادة والطّاعة. وهو سبب لقبول العمل الصّالح، والبركة في الرِّزق والعمر والذّرية، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “والّذي نفس محمّدٍ بيده إنّ العبد ليقذف اللُّقمة الحرام في جوفه ما يُتقبّل منه عملٌ أربعين صباحًا”. وهو سبب لرِضا الله عزّ وجلّ ولاستجابة الدّعاء، كما قال صلّى الله عليه وسلّم للصّحابي الجليل سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه: “يا سعد، أطِبْ مَطعَمَك تَكُن مُستجاب الدّعوة”.