من أحب أحداً تمنّى أن يعرف عنه كل شيء، ويستقصي الأخبار عنه، ليصل إلى اسمه ووصفه، وخُلُقه وطبعه، وليعرف وظيفته وعمله، ويُدرك ما يُحبّ وما يكره، ونفوس المؤمنين مملوءة بحب الملائكة الكرام، الذين استحقوا بجدارة حب المؤمنين لهم؛ لما اتصفوا به من التفاني في العبادة، والانصياع التام لأوامر ملك الملوك سبحانه وتعالى.
ولأهميّة هذا الموضوع، أردنا أن نقترب من عالم الملائكة أكثر لنتعرّف على أسمائهم، والتي لم يُطلقوها على أنفسهم، بل سمّاهم الله سبحانه وتعالى بها، وإذا كان الناس يتسابقون بإحضار أولادهم إلى الأشراف والوجهاء ليُسمّوهم بأنفسهم، فكيف الحال إذا كان من تولّى ذلك هو خالقهم وموجدهم؟ وإذا كانت الأسماء أوعيةً لمسمّياتها، علمنا من ذلك طيب المعدن الملائكي.
وإذا توجّه المرء بنظره إلى نصوص القرآن والسنّة، وجد أن أسماء الملائكة الكرام تنتظم على نوعين: أسماء مجملة، والمقصود بها: الأسماء التي تلحق الملائكة على وجه العموم، أو تُطلق على جماعاتٍ منهم، وأسماء مفصّلة، وهي الأسماء التي تمّ النصّ عليها لملائكةٍ بأعيانهم، فامتازوا بها عن غيرهم، وفي هذه العجالة، سنحاول أن نميط اللثام عن أشهر الأسماء المجملة التي صحّت نسبتها في نصوص الوحي إلى الملائكة، فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: الملائكة: جمعٌ ومفرده مَلَك، مأخوذ من "الألوك" وهي الرسالة، قال لبيد:
وغلام أرسلته أمه ... بألوك فبذلنا ما سأل
ومعنى "بألوكٍ": برسالة، وقيل: والملائكة جمع "ملأك"، في الأصل، ثم حذفت همزته، لكثرة الاستعمال، فقيل: مَلَك،وسميّت " ملائكة "، لتبليغها رسائل الله عز وجل إلى أنبيائه صلوات الله عليهم، وقد جاءت نسبة الرسالة إلى الملائكة في القرآن الكريم في مواضع أكثر من أن تُحصى، منها قول الله تعالى: {الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس إن الله سميع بصير} (الحج: 75)، وقوله سبحانه: { الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً} (فاطر:1).
ثانياً: مَلَك: وهذه التسمية يُقصد بها جنس الملائكة، وليست هي مفرد لفظ "الملائكة"، وورد هذا الاسم في قوله سبحانه: {والملك على أرجائها} (الحاقة:17).
ثالثاً: الملأ الأعلى: وهذا الاسم يدل على عظم المكانة وشريف المنزلة، وعلو المقام، للملائكة الكرام؛ فلفظة "الملأ" تعني الأشراف من الناس؛ لأنهم ملئوا كَرَماً وشرفاً وكرامةً، ليس هذا فحسب، بل ارتبط هذا الاسم الشريف بعلو المنزلة المكانيّة التي هم فيها، فهم في الملأ الأعلى من الملكوت السماوي.
وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم، قال سبحانه: {لا يسَّمَّعون إلى الملإ الأعلى} (الصافات:9)، وقال تعالى: {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون} (ص:69)، كذلك جاء في السنة النبوية، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إني نعست، فاستثقلتُ نوماً، فرأيت ربي في أحسن صورة؟ فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟) رواه الترمذي بألفاظٍ مختلفة، ومعنى: (فاستثقلتُ نوماً) أي: استغرقتُ في النوم.
رابعاً: جنود الرب تبارك وتعالى، ونجد ذلك في قوله قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها} (الأحزاب:9)، وقال تعالى في وصف حنين: {ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها} (التوبة: 26) وقوله سبحانه: {وما يعلم جنود ربك إلا هو} (المدثر:31)، ودلالات هذا الاسم جليّةٌ في نصرة المؤمنين ودعمهم والدفاع عنهم، وإعانتهم في حربهم لأعدائهم.
خامساً: الزبانية: وهو اسم خاص لخزنة جهنم قال تعالى: {سندع الزبانية} (العلق: 18) ، وقد سمّوا كذلك لقيامهم بمهمة الحراسة لجهنم وتولّي دفع الكفّار إليها، قال قتادة: "الزبانية في كلام العرب: الشُّرَط"، وقال مقاتل: "هم خزنة جهنم" وعن ابن قتيبة : "هو مأخوذ من الزّبْن، وهو الدفع؛ كأنهم يدفعون أهل النار إليها".
سادساً: المعقّبات: قال تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} (الرعد: 11)، وجاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون) رواه البخاري.
والتعاقب المذكور في الحديث، يعني شهود الملائكة للصلوات، بحيث تأتي الطائفة منهم بإثر طائفة، فيخلف بعضهم بعضاً، فهو إذن بمعنى التناوب والتداول، وأما التعاقب الوارد في الآية فلأجل حفظ العبد، وهذا يقودنا إلى الاسم التالي:
سابعاً: الحفظة: ورد هذا الاسم في قوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون} (الأنعام:61)، ومن الآية نفهم أن التسمية قد جاءت لقيامهم بحفظ البشر حتى يأتي أجله المقدر له.
ثامناً: السفرة: جاءت هذه التسمية في قول الله تعالى: {بأيدي سفرةٍ *كرام بررة} (عبس: 15-16)، وفي حديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة) متفق عليه.
والسفرة هم الكتبة، وملائكة السماء والأرض سفرة، أي:كَتَبة يحصون أعمال أهل الأرض، وهو كذلك مأخوذ من السفارة وهي الإصلاح، يقول البخاري: "سفرت الملائكة: واحدهم سافِر، سفرت: أصلحت بينهم، وجعلت الملائكة - إذا نزلت بوحي الله وتأديته - كالسفير الذي يصلح بين القوم".
تاسعاً: الأشهاد: وهو مأخوذ من قوله تعالى: {ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين} (هود:18)، وهذه التسمية مأخوذة من معنى الشهادة على العباد، يقول قتادة: "الأشهاد: الملائكة، يشهدون على بني آدم بأعمالهم"، فهذا الاسم وإن صحّت تسمية الملائكة به، إلا أنه ليس مختصّاً بهم، فإن الأنبياء يشهدون يوم القيامة على أقوامهم، وكذا غيرهم من الناس يشهد بعضهم على بعض.
تلك هي أهم أسماء الملائكة الإجمالية التي صحت في نصوص الكتاب و السنة ولنا وقفة أخرى مع الأسماء التفصيلية في موضوع لاحق وبالله التوفيق.
ولأهميّة هذا الموضوع، أردنا أن نقترب من عالم الملائكة أكثر لنتعرّف على أسمائهم، والتي لم يُطلقوها على أنفسهم، بل سمّاهم الله سبحانه وتعالى بها، وإذا كان الناس يتسابقون بإحضار أولادهم إلى الأشراف والوجهاء ليُسمّوهم بأنفسهم، فكيف الحال إذا كان من تولّى ذلك هو خالقهم وموجدهم؟ وإذا كانت الأسماء أوعيةً لمسمّياتها، علمنا من ذلك طيب المعدن الملائكي.
وإذا توجّه المرء بنظره إلى نصوص القرآن والسنّة، وجد أن أسماء الملائكة الكرام تنتظم على نوعين: أسماء مجملة، والمقصود بها: الأسماء التي تلحق الملائكة على وجه العموم، أو تُطلق على جماعاتٍ منهم، وأسماء مفصّلة، وهي الأسماء التي تمّ النصّ عليها لملائكةٍ بأعيانهم، فامتازوا بها عن غيرهم، وفي هذه العجالة، سنحاول أن نميط اللثام عن أشهر الأسماء المجملة التي صحّت نسبتها في نصوص الوحي إلى الملائكة، فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: الملائكة: جمعٌ ومفرده مَلَك، مأخوذ من "الألوك" وهي الرسالة، قال لبيد:
وغلام أرسلته أمه ... بألوك فبذلنا ما سأل
ومعنى "بألوكٍ": برسالة، وقيل: والملائكة جمع "ملأك"، في الأصل، ثم حذفت همزته، لكثرة الاستعمال، فقيل: مَلَك،وسميّت " ملائكة "، لتبليغها رسائل الله عز وجل إلى أنبيائه صلوات الله عليهم، وقد جاءت نسبة الرسالة إلى الملائكة في القرآن الكريم في مواضع أكثر من أن تُحصى، منها قول الله تعالى: {الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس إن الله سميع بصير} (الحج: 75)، وقوله سبحانه: { الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً} (فاطر:1).
ثانياً: مَلَك: وهذه التسمية يُقصد بها جنس الملائكة، وليست هي مفرد لفظ "الملائكة"، وورد هذا الاسم في قوله سبحانه: {والملك على أرجائها} (الحاقة:17).
ثالثاً: الملأ الأعلى: وهذا الاسم يدل على عظم المكانة وشريف المنزلة، وعلو المقام، للملائكة الكرام؛ فلفظة "الملأ" تعني الأشراف من الناس؛ لأنهم ملئوا كَرَماً وشرفاً وكرامةً، ليس هذا فحسب، بل ارتبط هذا الاسم الشريف بعلو المنزلة المكانيّة التي هم فيها، فهم في الملأ الأعلى من الملكوت السماوي.
وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم، قال سبحانه: {لا يسَّمَّعون إلى الملإ الأعلى} (الصافات:9)، وقال تعالى: {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون} (ص:69)، كذلك جاء في السنة النبوية، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إني نعست، فاستثقلتُ نوماً، فرأيت ربي في أحسن صورة؟ فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟) رواه الترمذي بألفاظٍ مختلفة، ومعنى: (فاستثقلتُ نوماً) أي: استغرقتُ في النوم.
رابعاً: جنود الرب تبارك وتعالى، ونجد ذلك في قوله قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها} (الأحزاب:9)، وقال تعالى في وصف حنين: {ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها} (التوبة: 26) وقوله سبحانه: {وما يعلم جنود ربك إلا هو} (المدثر:31)، ودلالات هذا الاسم جليّةٌ في نصرة المؤمنين ودعمهم والدفاع عنهم، وإعانتهم في حربهم لأعدائهم.
خامساً: الزبانية: وهو اسم خاص لخزنة جهنم قال تعالى: {سندع الزبانية} (العلق: 18) ، وقد سمّوا كذلك لقيامهم بمهمة الحراسة لجهنم وتولّي دفع الكفّار إليها، قال قتادة: "الزبانية في كلام العرب: الشُّرَط"، وقال مقاتل: "هم خزنة جهنم" وعن ابن قتيبة : "هو مأخوذ من الزّبْن، وهو الدفع؛ كأنهم يدفعون أهل النار إليها".
سادساً: المعقّبات: قال تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} (الرعد: 11)، وجاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون) رواه البخاري.
والتعاقب المذكور في الحديث، يعني شهود الملائكة للصلوات، بحيث تأتي الطائفة منهم بإثر طائفة، فيخلف بعضهم بعضاً، فهو إذن بمعنى التناوب والتداول، وأما التعاقب الوارد في الآية فلأجل حفظ العبد، وهذا يقودنا إلى الاسم التالي:
سابعاً: الحفظة: ورد هذا الاسم في قوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون} (الأنعام:61)، ومن الآية نفهم أن التسمية قد جاءت لقيامهم بحفظ البشر حتى يأتي أجله المقدر له.
ثامناً: السفرة: جاءت هذه التسمية في قول الله تعالى: {بأيدي سفرةٍ *كرام بررة} (عبس: 15-16)، وفي حديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة) متفق عليه.
والسفرة هم الكتبة، وملائكة السماء والأرض سفرة، أي:كَتَبة يحصون أعمال أهل الأرض، وهو كذلك مأخوذ من السفارة وهي الإصلاح، يقول البخاري: "سفرت الملائكة: واحدهم سافِر، سفرت: أصلحت بينهم، وجعلت الملائكة - إذا نزلت بوحي الله وتأديته - كالسفير الذي يصلح بين القوم".
تاسعاً: الأشهاد: وهو مأخوذ من قوله تعالى: {ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين} (هود:18)، وهذه التسمية مأخوذة من معنى الشهادة على العباد، يقول قتادة: "الأشهاد: الملائكة، يشهدون على بني آدم بأعمالهم"، فهذا الاسم وإن صحّت تسمية الملائكة به، إلا أنه ليس مختصّاً بهم، فإن الأنبياء يشهدون يوم القيامة على أقوامهم، وكذا غيرهم من الناس يشهد بعضهم على بعض.
تلك هي أهم أسماء الملائكة الإجمالية التي صحت في نصوص الكتاب و السنة ولنا وقفة أخرى مع الأسماء التفصيلية في موضوع لاحق وبالله التوفيق.