إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم
القرابات الحبيبة قد تفعل بالنفس مثلما يفعل الأعداء, لذا قال الله تعالي:( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم)( التغابن:14).
الدكتور عبد الفتاح عبد الغني العواري أستاذ التفسير بجامعة الأزهر يوضح: إن تحذير الله في هذا النداء للمؤمنين بأن من أزواجهم وأولادهم من يكون عدوا, لانهم قد يكونون مشغلة وملهاة عن ذكر الله, وقد يرتكبون المحرمات من أجل توفير المال والحياة الكريمة لهم, وقد يكونون دافعا للتقصير في تبعات الإيمان اتقاء للمتاعب التي تحيط بهم لو قام المؤمن بواجبه, فالمجاهد يضحي بالكثير, وقد يحتمل المشقة في نفسه ولا يحتملها في زوجه وولده, فيبخل ويجبن ليوفر لهم الأمن والسعادة والقرار أو المال, وبهذا يكونون عدوا له لانهم صدوه عن الخير, وعاقوه عن تحقيق غايات عليا.
وقال سبحانه( من أزواجكم) وذلك للتبعيض لانهم ليسوا كلهم بأعداء, فإن البعض هم الذين يخالفون المؤمنين في أمر دينهم, لذا كان من دعاء الصالحين:( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما), وذلك ليكونوا عونا لهم علي طاعة مولاهم, وسببا للفوز برضاه في جنات النعيم. ولان التحذير من الأزواج والأولاد قد يوهم بالغلظة عليهم وعقابهم, فقد أمر تعالي بالحذر منهم مع الصفح والعفو عنهم, فقال:( وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم) لأن الجزاء من جنس العمل, فمن عامل الله فيما يحب, وعامل عباده كما يحبون وينفعهم, نال محبة الله ومغفرته.