بسم الله الرحمـــــن الرحـــــيم
فما عز الناس و أفلحوا - في كل شأن - إلا يوم كانوا يتحرون القدوة الحسنة برسول الله - عليه الصلاة و السلام - و ما وهن أمرهم و لا ضل سعيهم إلا من يوم عميت عليهم السبيل ، و أفلتَ من أيديهم حبل الله المتين، و خرج من بين نواجذهم سنة رسول الله و هديه عليه الصلاة و السلام ، حين عادت ظلمات الجاهلية تُخيم على القلوب و رجعت وثنياتها تحطم العاقل، و تدك الحصون ، و تفرق الأمة شيعا و أحزابا كل حزب بما لديهم فرحون ، و تمكن العدو من أن يتخذ من تلك الأحزاب غذاء له و لشهواته و أهوائه و أمداده ، حتى غرس في جُنوبهم أشواكه و أنشب في قلوبهم مخالبه و أنيابه ، يمتص من عصارات حياتهم ليقوى و يأكل من أشلائهم ليزداد تمكنا ، ولو شاء ربك ما فعلوه ، و كان أمر الله قدرا مقدورا ....
و إني لأسأل الله - خالصا مخلصا - : أن يوفق المسلمين إلى التسلح بالعلم النافع من فقه كتاب الله و آياته و سننه في الآفاق و في أنفسهم ، و من هدى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و سيرته ليعرفوا بذلك مواضع خطوهم ، و يروا رؤية صادقة ما حولهم ، و يستطيعوا أن يميزوا و يفقهوا و يحسنوا الانتفاع بِنعم ربهم ، فيأخذوا سبيلهم - في كل شؤونهم- على بصيرة و هدىً من ربهم فيتحقق لهم : {وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ، يعبدونني لا يشركون بي شيئا و من كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون } النور 55 . اهـ
الشيخ العلامة محمد بن حامد الفقي ، معلقا على مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم ، للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله