بسم الله الرحمن الرحيم
يدعوكَ أصحابُك إلى وليمةٍ في بيتِ أحدِهم، فـتُـلَـبِّي الدَّعوة.
ثُمَّ يُـقَـدَّمُ إليكَ لحمٌ مشويّ، و لكنّكَ تستريبُ فيهِ، فرائحتُهُ غريبةٌ نوعاً ما!
و لكن ما إن يرى أصحابُـكَ اللّحم حتّى ينقضّوا عليهِ انقضاضَ السّـبُـعِ على فريستِهِ!
تراهم يلتهمون كلّ ما يرونَهُ أمامهم من لحمٍ و شحمٍ!
أمّـا أنتَ فلا تمتدُّ يدُكَ إلى اللحم، فأنتَ لا زلت تستريبُ من رائحتِهِ الغريبة!
إنّها رائحةٌ أشبَهُ بِـنَـتَـنِ الجِـيَـف!
و لكنّ صديقاً لك يقطَعُ لك قطعةً كبيرة و يقدّمها لك، فتستحي منه، فتأخذها!
و لكنّكَ تتردَّدُ في تناولها، فالرائحَة العـفِـنَـة تزدادُ قوّةً!
يلاحِظُ أصحابُكَ تردَّدَكَ فيبادرُكَ أحدُهُم قائلاً و الطّعام في فمِهِ:
"هم، هم، هم، عم، عم، لماذا لا تأكلُ ياصديقي؟! عم، عم، هم، عم!"
فتشعر أنتَ بإحراجٍ شديد فتجيبُ:
"سآكُلُ الآن! سآكلُ!"
تُدخلُ قطعةً في فمك، فتستـلذّ الطّعم، فتكمِـل اللحم الذي في طبقِـكَ، ثمّ تمدّ يدَكَ لتأخذَ المزيد!
أمّـا الرّائحة الـنَّـتِـنَـة فَـلَـم تعُد تشعرُ بها!
و تُـتـبِـعُ اللُّـقمة اللُّـقمة حتّى تـمـتـلئَ عن آخرِك!
و بعدَ أن تغسِلَ يَـدَيكَ، تسألُ أصحابَـكَ عن الشِّواء، من أيّ لحمٍ هو؟ فيجيبُكَ صاحبُ المنزل من دونِ تردُّدٍ:
"إنّهُ لحمُ جيفةِ حِمارٍ وجدناهُ ميتاً أمام البيت!"
قالَ تعالى:
"وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ" (الحجرات:12)
و رُويَ عن النبيّ (صلى الله عليه و سلّم) أنّهُ قالَ:
" لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ ، فَقُلْتُ : مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لَحْمَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ " (رواهُ أبو داود)
فهل أنتَ ممّن يستلذُّونَ نهشَ لحومِ النّاس؟!