يخطر هذا السؤال على الأذهان عندما يجهد العقل من عظمة وجمال التفكير فى سلطان الله المهيمن والمسيطر على العالم من اجرام فلكية وملائكة وجن وانس وجماد ونبات وميكروبات وخلق اخرون هم مازالو فى علم الله وحده. ويطرح عقلك نفس السؤال (أين الله) أذا تصادف وقوع عينيك على أية قرأنية تعجز عن تصورها مثل قوله تعالى
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}والأحاديث كثيرة فى عجائب هذه الأيه منها روي البخاري و مسلم عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض " وفي الترمذي عن عائشة : أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله : " والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه " قالت قلت فاين الناس يؤمئذ يا رسول الله ؟ قال : ( على جسر جهنم ) في رواية ( على الصراط يا عائشة ) قال : حديث حسن صحيح وقوله : " والأرض جميعا قبضته " ( ويقبض الله الأرض ) عبارة عن قدرته وإحاطته بجميع مخلوقاته ،
والمصادر التى ينهال منها المسلم العلم والمعرفة هى القرأن والسنة وافعال واقوال الصحابة ومنها يأخذ ايضا علم الدنيا المادى وذلك مشمول بقوله تعالى{ فسألوا أهلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُم لا تَعلَمون } واهل الذكر هم المتخصيصون . ونعود الى السؤال ( أين الله) ان الله فوق كل شيئ بما فى ذلك السماوات وليس المفهوم بقوله { أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء }
انه سبحانه وتعالى يسكن السماء فالله اكبر واعظم من كل شيء ولا يحده مكان لانه جل جلاله خالق المكان والفراغ وكل حيز . وحرف ( فى ) تأتى كثيرا بمعنى (على) كما فى قوله تعالى ( وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) اى على جزوع النخل . وقوله تعالى ( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ) [الشعراء: 7] والمقصود بالاية انبتنا عليها ( والشيخ الجليل متولى الشعراوى رحمة الله كان له تفسير بأن الأرض تشمل الغلاف الجوى وهو جزء منها فجميع المخلوقات تحيا فى الأرض أى بداخل غلافها الجوى المتحرك معها بفعل الجاذبية الأرضية وهو جزء من الكرة الأرضية غير منفصل عنها . وهذا من جمال القرأن معجزة كل زمان ومكان يأتى العلم بما يوافق كليمات الله ولا يسعها . وارتفاع الله على خلقه ليس كأرتفاع الأشياء بعضها على بعض انما هو ارتفاع وعلو لا يحيط به علم سوى الله عز وجل . والله استواى على العرش ولا يخيل للعقل انه جل جلاله شأن حاله كحال ملوك الدنيا جالسا على عرشه لأن هذا يعنى ان الله يحده حيز و مكان العرش فسبحانه استواى على العرش بما يليق بجلال عظمته وما دار فى تصورك وخيالك فستواء الله على عرشه خلاف ذلك . فالله اول بلا بداية وهو خالق الزمان والبدايه والله اخر بلا نهايه وهو خالق الزمان والنهاية . والله فوق السماوات وجميع الخلائق فوقية تختلف عن فوقية الأشياء بعضها فوق بعض . والله فى السماء و لا يسكنها . ولله عرشه لا يمكث فيه ولا يجلس عليه وعلم استوائه على العرش هو من علم الله لأن العرش مخلوق قائم ودائم البقاء بأذن الله ومشيئتة و الله لا يحتاج لمن خلق .وقد كان الله رحيم حين ارح العقول من الجنون بسبب شهوة التفكر فى ذات الله حين قال تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير}.
كاتب الموضوع/ يحيى حسن حسانين
اللهم ارحم امواتنا جميعا واجمعنا بهم فى خير يوم نصير الى ما صاروا اليه