الصحافة: العدد (7051)
كسلا: عبد الدائم الأمين كريز
تعتبر القهوة من أهم مقومات وملامح الحياة في شرق السودان، ووفقا للثوابت التاريخية فقد وفدت الجبنة الى شرق السودان قبل سنين بعيدة، وقد جاءت قبائل البجا بالقهوة من اثيوبيا وإريتريا، كما استصحبوا ذات الطقوس والتقاليد التي تصاحب تناولها، وتعتبر قبائل البجا في شرق السودان اكثر المجموعات السودانية حرصاً على تقاليد تعاطي البن.
وأولى ملامح تلك الطقوس في مجالس القهوة هو الفصل تماما بين الرجال والسيدات، فلكل مجلسه الخاص، ومن النادر جداً أن يتناول الرجل القهوة مع ام اطفاله، فالبجاوي لا يدخل منزله البتة الا عندما يحل الظلام، وذلك توجه رسخته مفاهيم الآباء والاجداد، كما أن درجة الاحترام والتقدير البالغين للمرأة في الموروث الثقافي البجاوي تدفع الرجل بعيداً، وقد شكل ذلك التوجه ثقافة تعاطي البن.
ومن ملامح طقوس القهوة عند البجا «قلي» البن امام ناظري المستهدفين او الكيفيين حتى يشموا رائحة القلية، اما الامر الثاني فهو محدودية افراد الجلسة او المحتسين للقهوة، اذ يفضلونها حصرية ولعدد محدود من الناس حتي لا يذهب المزاج.
ومن الضروري في جلسات القهوة أن تأتي «تقيلة» بمعنى أن تأتي كمية البن كبيرة، بينما تكون كمية الماء محدودة، ورابع الشروط أن يكون السكر خفيفاً حتى يستمتع الشارب ويتذوق طعم البن، لذلك لا بد لكمية السكر أن تكون محدودة، ولا مانع عند البعض من تناولها بلا سكر.
وإذا حضر أحدهم أثناء الجلسة فهذا لا يتناول اي فنجان من تلك المعدة قبل وصوله، وتعد له قهوة بقلية جديدة حتى وإن كان قد تناولها قبل بضع لحظات بمكان آخر، فالقهوة هنا تعتبر دليلاً على الاحترام والتقدير.
وإذا وصلت المرحلة الى الدور الثالث او «التلتاوي» كما يسميه البعض هنا فإنهم يقولون للذي أعد القهوة «بادرا» وهي كلمة بدويت تعني أن عليك تجديد القهوة وعملها من جديد، وقد يصل عدد مرات عمل القهوة في الجلسة الواحدة «8» مرات، وربما دارت الفناجين الليل كله بلا توقف وذلك وفقاً للمزاج والسمر.
ولا يتناول البجا القهوة المعدة بواسطة النساء، فللرجال مذهبهم في اعداد القهوة، وللنساء جلستهن الخاصة بعيداً عن الرجال، واللافت عند البجا أنهم وبمجرد استقبال الضيف والترحيب به فإنهم يبادرون الى وضع كل مدخلات القهوة من بن وجنزبيل وسكر أمامه حتى يقوم بإعداد قهوته اعتماداً على الذات، إذ يرون في قيام الضيف بإعداد قهوته تثبيتاً للكيف وتقديراً له، وتبقى «عدة القهوة» مصاحبة دائماً للسيف والسفروق، وهي اهم مستلزمات البجاوي في حلة وترحاله.
ومن اشهر المقاهي المعتقة في كسلا قهوة الرياضيين التي يستقبل فيها العم محمود زبائنه من كل انحاء السودان، اذ تراه هاشاً باشاً في وجوه الزبائن، وهو معروف في الوسط الكسلاوي، وتجد بالقهوة كل الاخبار السياسية والرياضية والاجتماعية واخبار الاندية والناس بالمدينة، وإن كنت من الباحثين عن تلك الاخبار فعليك اختيار اقصر الطرق والتوجه باكراً الى قهوة عم محمود التي تقع خلف صيدلية القاش الشهيرة، وهناك «قهوة ام الحفر» التي يرتادها الكثيرون من الشباب، ومن الاماكن التي تقدم القهوة في كسلا كورنيش القاش وجبل توتيل.
وفي ختام الحديث عن القهوة عند البجا وكسلا لا بد من الاشارة الى ان مجالس القهوة عند البجا تعتمد الصبي بعد تجاوز السبعة أعوام.
م/ن
كسلا: عبد الدائم الأمين كريز
تعتبر القهوة من أهم مقومات وملامح الحياة في شرق السودان، ووفقا للثوابت التاريخية فقد وفدت الجبنة الى شرق السودان قبل سنين بعيدة، وقد جاءت قبائل البجا بالقهوة من اثيوبيا وإريتريا، كما استصحبوا ذات الطقوس والتقاليد التي تصاحب تناولها، وتعتبر قبائل البجا في شرق السودان اكثر المجموعات السودانية حرصاً على تقاليد تعاطي البن.
وأولى ملامح تلك الطقوس في مجالس القهوة هو الفصل تماما بين الرجال والسيدات، فلكل مجلسه الخاص، ومن النادر جداً أن يتناول الرجل القهوة مع ام اطفاله، فالبجاوي لا يدخل منزله البتة الا عندما يحل الظلام، وذلك توجه رسخته مفاهيم الآباء والاجداد، كما أن درجة الاحترام والتقدير البالغين للمرأة في الموروث الثقافي البجاوي تدفع الرجل بعيداً، وقد شكل ذلك التوجه ثقافة تعاطي البن.
ومن ملامح طقوس القهوة عند البجا «قلي» البن امام ناظري المستهدفين او الكيفيين حتى يشموا رائحة القلية، اما الامر الثاني فهو محدودية افراد الجلسة او المحتسين للقهوة، اذ يفضلونها حصرية ولعدد محدود من الناس حتي لا يذهب المزاج.
ومن الضروري في جلسات القهوة أن تأتي «تقيلة» بمعنى أن تأتي كمية البن كبيرة، بينما تكون كمية الماء محدودة، ورابع الشروط أن يكون السكر خفيفاً حتى يستمتع الشارب ويتذوق طعم البن، لذلك لا بد لكمية السكر أن تكون محدودة، ولا مانع عند البعض من تناولها بلا سكر.
وإذا حضر أحدهم أثناء الجلسة فهذا لا يتناول اي فنجان من تلك المعدة قبل وصوله، وتعد له قهوة بقلية جديدة حتى وإن كان قد تناولها قبل بضع لحظات بمكان آخر، فالقهوة هنا تعتبر دليلاً على الاحترام والتقدير.
وإذا وصلت المرحلة الى الدور الثالث او «التلتاوي» كما يسميه البعض هنا فإنهم يقولون للذي أعد القهوة «بادرا» وهي كلمة بدويت تعني أن عليك تجديد القهوة وعملها من جديد، وقد يصل عدد مرات عمل القهوة في الجلسة الواحدة «8» مرات، وربما دارت الفناجين الليل كله بلا توقف وذلك وفقاً للمزاج والسمر.
ولا يتناول البجا القهوة المعدة بواسطة النساء، فللرجال مذهبهم في اعداد القهوة، وللنساء جلستهن الخاصة بعيداً عن الرجال، واللافت عند البجا أنهم وبمجرد استقبال الضيف والترحيب به فإنهم يبادرون الى وضع كل مدخلات القهوة من بن وجنزبيل وسكر أمامه حتى يقوم بإعداد قهوته اعتماداً على الذات، إذ يرون في قيام الضيف بإعداد قهوته تثبيتاً للكيف وتقديراً له، وتبقى «عدة القهوة» مصاحبة دائماً للسيف والسفروق، وهي اهم مستلزمات البجاوي في حلة وترحاله.
ومن اشهر المقاهي المعتقة في كسلا قهوة الرياضيين التي يستقبل فيها العم محمود زبائنه من كل انحاء السودان، اذ تراه هاشاً باشاً في وجوه الزبائن، وهو معروف في الوسط الكسلاوي، وتجد بالقهوة كل الاخبار السياسية والرياضية والاجتماعية واخبار الاندية والناس بالمدينة، وإن كنت من الباحثين عن تلك الاخبار فعليك اختيار اقصر الطرق والتوجه باكراً الى قهوة عم محمود التي تقع خلف صيدلية القاش الشهيرة، وهناك «قهوة ام الحفر» التي يرتادها الكثيرون من الشباب، ومن الاماكن التي تقدم القهوة في كسلا كورنيش القاش وجبل توتيل.
وفي ختام الحديث عن القهوة عند البجا وكسلا لا بد من الاشارة الى ان مجالس القهوة عند البجا تعتمد الصبي بعد تجاوز السبعة أعوام.
م/ن