السؤال:
علمت من زوجتي أن أختها تعرفت على رجلٍ إيطالي الجنسية مسيحي مع العلم أنها
مسلمةٌ ، فلما استفسرت تبين لي أن أخت زوجتي أخذت رقم الرجل من صديقتها
واتصلت به ، ولكونه يريد الزواج من تونسية اتفقا على الزواج ، قامت أخت
زوجتي باستدعاء الجميع من العائلة لحضور الخطوبة أو جلسة التعارف كما تقول
هي .
رفضت الدعوة لأني رأيت أن طريقة التعارف وكونه مسيحي ، طريقة مرفوضة من
الأساس ، ثم في ما بعد قبلت الدعوة لا لشيءٍ إنما لأدعو الرجل إلى الإسلام
وأبين له أن الدين عند الله الإسلام ، وتكون تلك جلسة تعارف على الدين
الاسلامي ، وأيضاً موقف أخت زوجتي التي أخبرتني أنها تريد أن تدخله في
الإسلام ، ولن ترضى به إن لم يدخل للإسلام ، في الواقع حضرت والتقيت به
ووجدته رجلاً أشرف على الخمسين من العمر، أخبرته عن ديننا وحياتنا، وأخبرته
حكم الاسلام حول زواجه ، حيث يجب أن يكونا مسلماً ، وكنت معه ليناً مما
جعله ينبهر ويصغي إلي ، وأعربت عن مدي كل العون لكي يدخل الاسلام باقتناع
وأن يقتنع بالإسلام من قلبه ويطبق مبادئه ، وليس لكي يكون إسلامه سبيلاً
ليتزوج أخت زوجتي ، فهذا هو المنشود ومن هنا تكون خطوةً نحو الزواج في نطاق
الشريعة والدين ، فأعرب عن موافقته واستعداده للدخول للدين الاسلامي ،
فرحت كثيراً وبعد أيام أرسلت له القرآن الكريم باللغة الإيطالية ، كما بينت
له أساسيات الاسلام وأركانه وقواعده ، وشرحت له علاقة الاسلام بالديانات
السابقة بالموقع ، وأرسلت له أرقام القنصلية لكي يساعدونه ، بعد أيام
انشغلت ببعض المواضيع المهنية والعائلية ، علمت أن أخت زوجتي تتحدث مع
الرجل عن طريق الانترنت والهاتف ، فغضبت وانزعجت لذلك ، ثم فيما بعد علمت
أنها اتفقت معه حول موعد لإعلان إسلامه أمام مفتي الجمهورية ، وأيضاً موعد
الخطوبة مباشرةً ، بعد ذلك تمت دعوتي لحضور الخِطبة ، فلم أحضر ولم تحضر
زوجتي أيضاً ، ثم بعد أيام اتصل بي الرجل ليشكرني على مساعدته ، فتحدثت
إليه بكل أدبٍ ، وأخبرته أن لي ظروفاً مهنية ، وأوصيته بأن يعتني بالدين
الذي اعتنقه وأن يرعاه وينميه في قلبه ، في أخر هذا الشهر زواجهما ، من
جهتي أرى أن أخت زوجتي تريد الزواج والعيش في إيطاليا ، وليس كما تقول أن
تدخله للإسلام ، نظراً لكونه لن يختتن بعلة أن المفتي قال إن الختان ليس
ضرورياً ، أنا لا أرى سبباً طبياً أو منطقياً لا يستدعي الختانِ، ولا أرى
سبباً لهذا التسرع ، وأشعر أن الطرفين هدفهما الزواج لا غير ، لقد احترت في
أمري نظراً لكوني الوحيد صاحب هذا الموقف ، وجميع أفراد عائلتها لا ترى
مانعاً ، صحيح لا أستطيع أن أحكم على النوايا ، وأن الله وحده يعلم ذلك ،
ولكن أرى أفعالاً غريبةً عنا تجعل منا نحن المسلمين نقلل من مبادئنا
وأخلاقنا ودينناِ، فرفضت الحضور وزوجتي تريد حضور العرس ، فما نصيحتك لي
شيخنا الكريم كي يرتاح قلبي ، ويرضى عني ربي.
الجواب :
الحمد لله
من نطق الشهادتين يحكم له بالإسلام, ولا ينظر إلى احتمال أن يكون نطقهما نفاقا؛
لأنّ الله لم يكلفنا إلا بالظواهر, وقد تولى هو السرائر, فقال سبحانه : ( وَلَا
تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ
عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ
كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ
كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) النساء/94 .
وعن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبَةَ قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : " إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّ الْوَحْيَ
قَدْ انْقَطَعَ ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ
أَعْمَالِكُمْ ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ ،
وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ
، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ ، وَإِنْ قَالَ
إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَة " رواه البخاري (2641) .
وبناءً على هذا فما دام هذا الرجل نطق الشهادتين يحكم له بالإسلام , ويجوز له أن
يتزوج بمسلمة , ولا بأس بعدم إلزامه بالختان حتى لا ينفر من الإسلام فيرتد, فترك
الختان أخف من الردة , والقاعدة الشرعية وجوب ارتكاب أخف الضررين, ولبيان ذلك يراجع
جواب السؤال رقم : (106524)
.
وعليه أن يلتزم بالصلوات الخمس ، فإن ترك الصلاة كفر على الراجح ، ولا يصح عقد
نكاحه لو كان تاركا للصلاة .
فإذا واظب على الصلوات الخمس ، فلا حرج عليك في حضور زفافه ، بل ينبغي لك الحضور ،
لما في ذلك من تأليف قلب الرجل وتشجيعه على الخير ، ولما فيه من صلة زوجتك لرحمها .
والله أعلم.