دليل الإشهار العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

إذا كانت هذه أول زيارة لك في الإشهار العربي، نرجوا منك مراجعة قوانين المنتدى من خلال الضغط هنا وأيضاً يشرفنا انضمامك إلى أسرتنا الضخمة من خلال الضغط هنا.

descriptionمن الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية Emptyمن الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية

more_horiz
أولا – الحيل الدفاعية الإعتدائية :

1 – العدوان Aggression :

​وهو توجيه الأذى إلى الذات نفسها أو إلى الآخرين ، ويحدث لخفض التوتر ، نتيجة لتأزم شديد أو نتيجة لإعاقة بالغة . ومن أهم صوره :

أ – قد يتخذ صورة مباشرة شعورية ( وفيها يدرك الفرد توجيه اندفاعاته نحو هدفه ، سواء نحو شخص أو شيء أو مسئول عن التعويق ، وهذا لا يعتبر حيلة دفاعية لأنها دخلت دائرة الشعور .

ب – وقد يتخذ صورة غير مباشرة لاشعورية ( وفيها يوجه الفرد اندفاعاته إلى هدف غير سبب التعويق ، كالمثل الشائع : ما لقوس عيش يتعشوا بيه .... جابوا عبد يلطشوا فيه . فالشخص الذي لديه دافع الجوع وعاجز عن إشباعه ، فيتسبب لديه حالة من التوتر ، يحاول الشخص بخفضها بعدوان غير مباشر على شخص لم يكن هو السبب لإشباع دافع الجوع ) .

ج – وقد يتخذ صورة الكيد أو التشهير أو الغمز أو حتى الإمتناع عن المساعدة .

د – وقد يتجه العدوان نحو الجماد ، وخاصة إذا لم يشبع دفع العطش ، فينشأ حالة من التوتر ، قد يكسر الإناء عدوانا عليه ، وفي هذا قيل : " العطشان يكسر الحوض " .

هـ - وقد يكون العدوان على أشياء تافهة ، لا علاقة لها بمصدر التوتر مثل قذف الحاجيات ، أو سب الأشياء أو لعنها ، ويقول في المثل : " دي مش دبانة ... دي قلوب مليانة " .

و – وقد يتخذ العدوان عدوانا على الذات ، وفيه يتقمص الشخص المراد إذائه ، كتصرف الطفل عندما يلقي بنفسه على الأرض ، أو يضرب رأسه في الجدار ، وكأنه يضرب العائق الذي أعاقه .

ز – وقد يتخذ العدوان صورة مرضية ، كتوجيه العدوان إلى الخارج ، فقد يصل إلى الرغبة في القتل ، أو توجيه إلى الداخل ، فقد يصل إلى الانتحار .

2 – الاسقاط Projection:

​هي حيلة لاشعورية بها اللوم عن أنفسنا ، فنتحرر من المسئولية التي نشعر بها بأن ننسبها للآخرين ، ويتخذ الإسقاط مظهرين أساسيين :

أولهما : نسب عيوبنا ورغباتنا المستكرهة إلى غيرنا من الناس ، للتخفيف والتقليل مما نشعر به من خجل أو قلق أو ذنب . فالإرتباك في الناس قد يكون اسقاطا ، لعدم ثقة الفرد بنفسه ، والشعور بأن الناس يراقبوننا ، قد يكون إسقاطا لرقابة الضمير علينا ، والشعور بأن الناس يكرهوننا ، قد يكون إسقاطا لكرهنا لهم ، والكاذب ينسب الكذب ، إلى غيره ، والزوج الذي تنطوي نفسه على رغبة في حيانة زوجته يميل لإتهامها بالخيانة , كالمثل القائل : " زاني ما يأمن امراته " . وسبب كرهنا لغيرنا هو أننا حينما نكره أحد ، قد نسقط كراهيتنا عليه ، فنرى أنه هو الذي يكرهنا ، ولسنا الذي نكرهه ، فنتخلص من ذلك بنسبته إلى الغير ونفيه عنا ، لأن ذلك غير محبذ اجتماعيا ، ولأنه يصغرنا أمام أنفسنا .

​ولكن هل تقتصر عملية الاسقاط على الأفكار السيئة ؟ أم قد يكون الأسقاط لصفات حميدة طيبة ؟

​بالطبع لا يقتصر الإسقاط على الأفكار السيئة ، بل قد يكون أيضا إسقاطا لصفات حميدة طيبة ، فالكريم مثلا يصف الناس بالكرم ، والشجاع مثلا يتصور الناس شجعانا ، والشخص السعيد مثلا يحس بأن الآخرين سعداء ... وهكذا ..

ثانيهما : لوم غيرنا من الناس أو الأشياء أو الأقدار أو الحسد أو سوء الطالع ، لومهم بما تلقاه من صعوبات ، وما تقع فيه من أخطاء أو فشل ... فكثيرا ما نعزو الرسوب في الامتحان إلى صعوبته أو التأخر في الحضور إلى المواصلات ، أو الفشل في المشروعات إلى سوء الحظ . فقديما ألقى آدم اللوم على حواء ، فألقت حواء اللوم على الشيطان ، فأخرجهما الله – الذي يعلم السر وأخفى – من الجنة .

وكما قال الشاعر :

نعيب زماننا والعيب فينا ​وليس لزماننا عيب سوانا



​والإسقاط في حدوده الطبيعية ، حدث يحدث لكل إنسان كل يوم ، أما إذا زاد عن حده الطبيعي فيصبح عادة ، ثم يصبح غشاوة على بصيرتنا ، فنبتعد عن عيوبنا ، ونلصقها بالغير .

علاقة الإسقاط بالهلاوس أو الهذاءات :

​ففي الهلاوس يسقط المريض رغباته ، ومخاوفه ، وعواطفه على العالم الخارجي ، فيرى أشباحا ، أو يسمع أصواتا تناديه . فمثلا قد تهيب به هذه الأصوات بأن يرمي أطفاله من النافذة .

​وفي الهذاءات يعتقد المريض أن أحدا من الناس يكرهه ، ويضطهده ، في حين أن المريض هو الذي يكرهه ويضطهده . فمثلا قد اتهمت مريضة أن رجلا يحبها ، ويغازلها ، ويراسلها ، في حين أنها هي التي كانت تحبه وتغازله وتريد مراسلته .

كيف يعمل ميكانيزم الإسقاط ؟

​تتفاعل العديد من حيل الدفاع بعضها مع البعض الآخر ، كالإنكار والكبت ، ثم التحويل ، ومن ثم بعد ذلك الإسقاط . فالفرد يدرك أن هناك بعض الصفات لا تتفق مع ذاته ، فيقوم بإنكارها ثم يحاول كبتها ، ثم يحولها إلى بعض الأفراد الذين يكرههم ، ومن ثم ينسب هذه الصفات غير المرغوب بها ، ويبدأ يتصور أن هذه الصفات هي فيهم وتنسب إليهم .

​مثلا : إذا كان الفرد يكره الآخرين ، فيقوم هذا الشخص بعملية الإسقاط ، وذلك بتحويل كراهيته على الآخرين ، ويبدأ بتصور أن الآخرين هم الذين يكرهونه ، وبالتالي فمادام الآخرين يكرهونه فهو يكرههم ، بمعنى " أنا أكره فلانا بل هو الذي يكرهني ، فطالما هو يكرهني ، فأنا أكرهه .

ما هي أبسط صور الإسقاط ؟

​أبسط صور الإسقاط هو الفرد الخائف الذي لا يجرؤ على إدراك الخوف في ذاته ، فيبدأ يسقط خوفه على المحيطين به ، ويقول لهم لماذا أنتم خائفون ؟ لماذا أنتم لونكم أصفر ؟ لماذا أنتم ترتجفون ؟

​وفي الحقيقة لا أحد منهم خائف ، ولا أحد منهم لونه أصفر ، ولا أحد منهم يرتجف ... ولكن الذي يعاني الخوف هو نفسه .... ولأجل التخفيف من ذلك الخوف يتصوره بالآخرين ..

الفرق بين الإسقاط والإحتواء :

​الإسقاط عكس الإحتواء تماما ، والاحتواء Introjection هو استدماج الموضوعات والأشكال والأشخاص( المكروهين أو المحبوبين ) في داخل الفرد ... بحيث تصبح جزءا من ذاته . كاستدماج الرضيع لحليب الأم ، بحيث يصبح جزءا منه ، وكامتصاص الفرد للموضوعات الموجودة في العالم الخارجي ، أو يبتلعها وتصبح جزءا من ذاته .... وطالما تم ابتلاعها ، فيستطيع أن يوجه اهتماماته ودوافعه إلى ذاته هو ، لأن تلك الموضوعات والأشكال والأشخاص أصبحت جزءا من ذاته ، وجزءا من عالمه الداخلي ، وهذا يساعد الفرد على أن ينفصل عن العالم الخارجي ، ويتمركز حول ذاته ، ويوجه إليها اهتماماته ، ويجد فيها إشباعاته . فيستعيض بهذه الحالة عن العالم الخارجي المحيط بحالة أشبه بالاكتفاء الذاتي .

ثانيا – الحيل الدفاعية الانسحابية :

معنى الانسحاب :

​هو الابتعاد عن الموقف المتأزم الذي يحتمل أن يثير في نفس الفرد القلق المؤدي إلى الألم . وخاصة الإبتعاد عن الناس . كالزوج الذي يبتعد عن أسرته تجنبا للفشل ، والطالب الذي يبتعد عن مدرسته أو كليته تجنبا للفشل ... ولكن إن اضطرته الظروف للبقاء في هذا الموقف المتأزم فيتقوقع ويعيش بجوار الناس لا معهم ( كالزوجة التي تضطر للبقاء مع زوجها من أجل أطفالها ، وكالطالب الذي يجلس في الفصل شارد الذهن لا يكلم أحد ولا يتعاون مع أحد ) .

​ومن أهم وظائف الإنسحاب هو تجاهل الصراع ، والهروب اللاشعوري الذي يهدف لاحترام الذات ، وعدم الاعتراف بالفشل الذي يعتبره الفرد مخجلا .

​ومن أهم صور الانسحاب :

1 - الانسحاب النفسي :

​كانخفاض مستوى الطموح واعتراف الفرد باستحالة الوصول لحل أزمته وحالة المريض الذي أيقن من دنو أجله .

2 – الانسحاب المادي ( الانطواء ) :

​كعدم الرغبة في المشاركة الاجتماعية ، والانصراف إلى عالم خاص ليس فيه احتكاك مع العالم الخارجي إلا نادرا ، وهذه الصفة التي يتصف بها كثير من الأفراد الانطوائيين . وقد يهرب المتأزم من موقفه ويلتمس راحته في أحلام يقظته أو في الخمر ، أو في المخدرات ، أو في الإسراف في العمل ، أو في المذاكرة ليلا نهارا ليشتغل بها عن مواجهة مشاكله ، وهذا ما يعرف بالاحتماء بالعمل . هذا الشخص المحتمي بالعمل يكون علاجه أصعب من علاج الشخص العدواني ، لأنه يصعب إعادة تكيفه للمجتمع ، وذلك لعدم اكتسابه المهارات الاجتماعية اللازمة للتعامل مع الناس .

​وقد يحدث الانسحاب في صورة تقهقر من مرحلة من النضج إلى مرحلة سابقة ( نكوص ) ، أو قد يحدث الانسحاب بإنكار الصراع كلية وكأن شيئا لم يكن ، وذلك بإبطال مفعول الصراع ، أو محوه .

​ومن الملاحظ أن جميع الأساليب الانسحابية يصاحب أغلبها حيلة التبرير ، التي تفسر كل التصرفات تفسيرا منطقيا ، يبدو لأول وهله بأنه معقول ، في حين أن التبرير تكملة لمحاولة الانسحاب . ويعتبر الانسحاب في الوقت المناسب ومع تقدير الموقف بطريقة سليمة من أفضل الحيل الدفاعية ، وخاصة إذا لم يبالغ فيه . وهذا عبر عنه المثل القديم : " الهرب نص الشطارة " . و " إن جار عليك جارك ، حول باب دارك " .

​ولكن إن كان الانسحاب في غير موضعه ، وأصبح عادة عند الفرد ، فيفقده بصيرته ، وقد يؤدي به إلى المرض النفسي .

​لذا يمكن القول أن مواجهة الواقع مهما كان مؤلما ، ومهما كانت الامكانيات الشخصية قليلة ، أفضل من اللجوء للانسحاب أو الهروب ، وهذا مصداق للمثل الآخر " ضرب الطوب ولا الهروب " .

أنواع الحيل الدفاعية الانسحابية :

​ومن أهم أنواعها ما يلي :

1 – الانطواء Introvesion:

​وفيه يكون الانسحاب ماديا ، فيعزف الفرد عن مشاركته للناس ، ويهرب منهم إلى نفسه ، ويقلل من الاختلاط بهم ، حتى لا يعرض نفسه للصراع ، ثم يأخذ في تبرير موقفه ، كالمثل القائل : " اللي يخرج من داره ينقل مقداره " ، وكالشخص الذي تحل به هزيمة مهنية ، فيغلق على نفسه باب حجرته ، ويرفض مقابلة إي شخص لمدة تطول أو تقصر .

​وفي الانطواء المرضي وخاصة في الأطوار المتأخرة من مرض الفصام يلجأ المريض لاعتزال العالم ، وينصرف عن كسب عيشه ، وينطوي على نفسه ، ولا يحدث غيرها ، ولا يتصل بأي شخص مما حوله .

2 – أحلام اليقظة Day Dreams:

​هي نوع من التفكير ، لا يتقيد بالواقع ، وهي قصص يرويها الفرد لنفسه بنفسه ، وفيها يستسلم لتخيلات يرى فيها نفسه ، وهو يحقق أماله ويشبع دوافعه . وخير تعبير عن هذه الحقيقة العلمية ، كالمثل الشعبي القائل : " الجعان بيحلم بسوق العيش " ، و" الفقير بيحلم بفوزه بجائزة مالية ويتخيل بأنه ذهب هنا وهناك ليشتري ما يلزمه " . والطالب الذي لم يوفق في إجابة معينة في الامتحان الشفوي ، قد يتخيل بحضور الإجابة ويجلس مع نفسه ، ويتصور أن الأستاذ يساله وهو يجيب الإجابة الصحيحة . والضعيف يحلم بالقوة ، والمظلوم يحلم بالبطش .

​وقد تكون أحلام اليقظة لخفض التوتر ، أو لخفض القلق ، أو فرارا من الملل والضجر ... لكن هل هناك ضرر من هذه الأحلام ؟

بالطبع لا ضرر منها خاصة إن التجأ الفرد بمقدار ، لكن إن أصبح أسيرا لها ، فقد تؤدي به إلى أن يلتبس عليه الخيال بالواقع ، كمريض الفصام الذي يكثر منها ، فتجعله بعيدا عن الواقع المعاش .

3 – أحلام النوم :

​ويكون فيها التفكير أقرب إلى المستوى اللاشعوري ( اللاواعي) ، وتستخدم أساليب التفكير البدائي ، لذا يصعب علينا تفسيرها لعدم تعودنا وتدريبنا على التفكير المنطقي المتحضر . كما أن دوافعها الشعورية تغلب على دوافعها اللاشعورية ، بمعنى أن الحالم يستطيع أن يعرفها جيدا أثناء الاستيقاظ ، كأحلام المراهقة من طبيعة جنسية لشدة الدافع الجنسي غير المشبع . ولكن ما هو الدلالة من تكرار أحلام النوم ؟

​الدلالة من التكرار هو أن هناك مشكلات لم تحسم بعد ، فإن حلت هذه المشكلات لم تعد هذه الأحلام تظهر ، كالموظف المسرف لرئيسه في الخضوع ، خوفا على فقد عمله ، فقد رأى الموظف في نومه أنه أعرض عن هذا الخضوع ، وأخذ يعامله وهو مرفوع الرأس ، فإذا برئيسه قد بدأ يحترمه ، ويراعي كرامته ... فهذا الحلم قد جعل من هذا الموظف أن يفطن من أن رئيسه يحتقره بسبب خضوعه ، وإن تخلص من هذا الخضوع فسوف يعامله معاملة حسنة ، وبذا كان الحلم قد شجعه على عمل ما ، لم يكن يجرؤ عمله من قبل ... وسواء كان الحلم يستهدف تحقيق رغبة أو محاولة لحل مشكلة ، إلا أنه يستهدف أيضا استعادة التوازن النفسي الذي يختل من ما نكابده من رغبات معوقة أو مشكلات غير محسوسة .

4– النكوص Regression:

ونعني به الرجوع على المستوى الشعوري أحيانا ، وعلى المستوى اللاشعوري أحيانا أخرى ، بمعنى الرجوع بالسلوك إلى طور سابق من أطوار النضج . فنكوص الكهولة ، ما هو إلا رجوع إلى طور وسط العمر أو إلى الطفولة ، سواء في الملبس أو المشرب أو المظهر ، وذلك باعتماده على الغير ، وهو طور من أطوار الطفولة .

لكن متى يلجأ الفرد لعملية النكوص ؟

​يلجأ إليها الفرد إذا استحالت عليه إمكانية إشباع دوافعه في الوقت الراهن ، وبالطريقة السوية . فعبث الراشد بأعضائه التناسلية ما هي إلا إشباع لدوافعه الجنسية ، عندما استحال عليه الإشباع الجنسي السوي مع فرد من الجنس الآخر ( عن طريق الزواج ) . وهذا العبث ما هو إلا رجوع لطور من أطوار الطفولة للإشباع الجنسي ، سبق للراشد أن تخطاه أثناء مراحل نموه السوي نحو الرشد .

​ولا تقتصر عملية النكوص على الكبار دون الصغار ... لأن الطفل ذو السادسة من عمره ، قد يأخذ في التبول اللاإرادي ، أو يأخذ في مص أصابعه ، أو يأخذ ويكثر من العناد والعصيان إن رأى أخاه الأصغر منه سنا ، قد استأثر بعناية أمه وعطفها من دونه ، فهنا ينكص إلى أمه نكوصا لاشعوريا ، عسى أن يصيبه شيء من الحنان المفقود ...

​إن عملية النكوص عملية طبيعية ، تحدث بمرور الزمن ، وقد أشارت الكتب السماوية لذلك ... فقال تعالى : " ومن نعمره ننكسه في الخلق " صدق الله العظيم ... ولو أن النكوس غير النكوص ، إلا أن النكوس يعني الرجوع أيضا ، فنكسه المرض تعني الرجوع إلى طور سابق من المرض بعد الشفاء . وقد يستفيد الفرد من النكوص الوقتي في حدوده السوية في سعيه للتوافق .. فالشخص الناضج الذي ينكص في مجال الانفعال ، ويطلق العنان لتعبيراته أن تعبر عن نفسها بطريقة طفولية في البكاء والصياح ، يفرغ طاقة أو شحنة ، لو كان حبسها لخلقت له توترا مخلا ... ولكن هناك ضرر على الفرد للنكوص الذي يحدث له لمدة طويلة .. وقد يظهر هذا الضرر في حالات المرض العقلي وخاصة " مرض الفصام " ، والذي نجد فيه المريض لا يتحكم في تبوله أو تبرزه كالأطفال سواء بسواء .. وقد تصل به الحالة ، إلى التعري التام ، وكأن النكوص قد وصل إلى مرحلة الولادة أو قبلها ...

ولكن هل هناك فرق بين تفسير العامة أو الخاصة لعملية النكوص ؟

​كثيرا ما يستعمل العامة ألفاظا تدل على فهم لهذه العملية ، فإذا سلك الرجل سلوكا متهورا ، وعدم ضبط النفس ، قيل له : " عامل زي الصغار " ، أي يتشبه بالأطفال في تصرفاتهم ...

​ويرتبط النكوص بفترة معينة ، وبشكل دائم بالتثبيت Fixation ( أي احتجاز جزء من الطاقة النفسية في مرحلة معينة من مراحل النمو ومنعها من التطور ) ، أي بقاء جزء من الطاقة النفسية داخل الشخص في مرحلة معينة ، بحيث يظل الشخص يحن إلى هذه المرحلة بشكل كما لو كانت هناك قوة داخلية تجذب الفرد إليها ... لذلك فإذا كان التثبيت في المرحلة الأولى من العمر ، فإن النكوص يكون إليها لحظة حدوثه .. أي يرجع الفرد إلى مرحلة التثبيت التي حدثت في المرحلة الأولى من العمر ... فلو تصورنا حرب بين جيشين ، ويريد جيش منهم غزو بلد آخر ، فلا يتقدم إلا بعدما أن يترك ورائه بعض الدفاعات الخلفية لحماية ظهر الجيش وتدعيمه والمحافظة على تقدمه ، ولكن إذا حدث إلتحام بين الجيشين ولم يستطع الجيش الغاز المقاومة ، فإنه يتقهقر إلى الوراء ، وإلى أقرب نقطة خلفية تركها وراءه بالقوة وتحافظ على صعوده ، فإذا استمد منها ما يساعده على البقاء ، فإنه يقاوم ويستمر ، وإذا لم يستطع يظل يتقهقر إلى الوراء بشكل سوف يؤدي به إلى الهزيمة والفشل ، أي إنكسار هذا الجيش (20 )

​فلو أردنا تحليلا للمثال السابق ، لوجدنا أن الجيشين ، عبارة عن قوتين ، أو دافعين ... وترك بعض الدفاعات ، هي عبارة عن نقاط التثبيت ... وإلتحام بين الجيشين هو عبارة عن وجود الصراع .. وعدم استطاعه الجيش الغاز من المقاومة هو عبارة عن ضعف المقاومة .. والتقهقر إلى الوراء هو عبارة عن النكوص ... ونقاط خلفية هي عبارة عن التثبيت ... وانكسار الجيش هو عبارة عن ظهور بعض الأمراض النفسية ...

​وتأكيدا لما سبق ، فإن علم نفس النمو يبين أن الفرد يمر بمراحل النمو الأساسية عبر مراحل الطفولة ... فالتثبيت عند أي منها يؤدي إلى بقاء تأثيرها في الشخصية ، بحيث يجعل منها قوة جذب للطاقة العائدة ... وحدوث النكوص هنا يعني أن الشخص يحيا في الحاضر نمط الماضي ، أو أن يعيش الماضي في الحاضر ، بحيث يجعل سلوك الماضي يطفو على السطح ... فكثيرا ما نحكم على شخص ما بأن سلوكه أو تفكيره أقل من سنه ..

ولكن هل هناك صور للتثبيت ؟

​من أهم وأبسط صور التثبيت هو ما نشاهده أحيانا حينما يبلغ صديقا صديقه – كان يعتقد بأنه من الناجحين – بانه راسب ، فيستوضحه بقوله : إيش بتقول ... إيش بتقول ... إيش بتقول ... ؟ يقولها بلا معنى أو هدف ...

​وتوقف التثبيت عند مرحلة من مراحل النمو ، قد يصبح ظاهرة مرضية خطيرة ، كالشخص الذي يثبت على المرحلة الجنسية ، ولا يتعداها ، لأنه لم ينتقل إلى مرحلة الجنسية الغيرية .

5 – الإنكار Denial :

​فكما نعرف أن الصراع يستوجب وجود قوتين متصارعتين ، ولكن الإنكار يعتبر إحدى هاتين القوتين غير موجودة أصلا ، كالنعام يدفن رأسه في الرمال عند رؤيته للحيوان المتوحش القادم لافتراسه ... ظنا منه أنه تجنب الخطر .. وقد يفيد الإنكار في تجنب الألم ، وخاصة إذا كان الهدف منه التأجيل لحين استجماع الإنسان قواه ، ليكون أكثر تحملا للمصاعب ...

​وقد يصل الإنكار إلى حد المرض النفسي الخطير ، كإنكار الفرد لوجود العالم الخارجي ، كمريض الفصام أو الاكتئاب الشديد ، والذي ينكر أيضا وجود أحد أعضائه ، أو وجوده هو أصلا ، وهذا يسمى " بضلال الإنعدام " .

​كما أن الانكار يرتبط بالواقع الخارجي للفرد ، فحينما يعيش الفرد في واقع محبط ، يلجأ لإنكار وجود مثل هذا الواقع بشكل كلي أحيانا أو بشكل جزئي ...

​والانكار ما هو إلا حيلة دفاعية شائعة بين الناس ، فالأم شديدة التعلق بإبنها ، تنكر أية عيوب ، أو نقائص فيه ... والفرد نفسه يميل لإنكار ما به من عيوب ، أو قصور ، أو ما يقابله من فشل ، لأن أساس ميكانيزم الإنكار هو مبدأ اللذة والواقع ... فالفرد عندما ينكر بعض المثيرات الخارجية لعدم تحمله ما هو في الواقع ، نجده يرى العيوب في الآخرين ، ولا يراها في نفسه ، وينكر عيوب حبيبه ، ويضخم عيوب الآخرين ...

6 – الإبطال Undoing :

​وفيه يبطل الفرد مفعول عمل ما ، أو فيه يغطي الفرد فعله بفعل آخر .. كالطفل الذي يضرب أخاه الأصغر ، ثم يسرع لملاعبته وتقبيله ، ظانا منه أن هذه الملاعبة أو ذلك التقبيل سيعطل مفعول عمله السابق ... وكالشخص الذي يعمل عملا ظانا منه أنه سيصلح عمل سابق ، وأنه سيتخلص من شعوره بالذنب عن الفعل الأول ... وكرجل الأعمال الناجح الذي جمع ماله بطريقة غير شرعية ، فيبني مؤسسة تخدم الأغراض العلمية ، ظانا منه أنه سيكفر عن الطريقة غير الشرعية التي جمع بها ثروته ..

​أما في المرض النفسي ، فيشعر مريض الوسواس القهري ، بالذنب ، ظانا أن غسيل اليدين باستمرار يبطل هذا الشعور ، وكأنه يحاول محو هذا الشعور ، وهو نوع من الهرب من الفعل ( الشعور بالذنب ) ، باعتباره لم يكن ، بمحاولة محوه بالفعل ( غسيل اليدين ) .

7 – التفكيك Dissosation :

​وفيه يتم عملية انفصال بين الأجزاء المتصارعة ، بهدف حل الصراع مؤقتا ، أو التخفيف من حدته على الأقل ، أو اختفاء التوتر المصاحب للصراع ، فأحيانا يحدث التفكيك في الأحوال السوية ، كالمشي أثناء النوم ، حيث ينفصل الجهاز الحركي عن بقية مقومات النفس والجسم ، وأحيانا أخرى قد يحدث التفكيك في الأحوال المرضية ، كحالات الهستيريا أو ازدواج الشخصية .

8 – التبرير Rationalization :

​وفيه يقوم الفرد لتقديم أسباب غير حقيقية لسلوكه ، أو ميوله ، أو دوافعه ، فلا يلق قبولا من المجتمع أو الغير أو من الأنا الأعلى ، ولكن تجد قبولا من الشخص نفسه . كالتلميذ الذي رسب في مادة ما ، فيقوم بتقديم أسباب غير حقيقية ( كوجود خلاف بينه وبين المدرس ) ، فلا يلق قبولا من والديه ، ولكن هو نفسه مقتنع بذلك التبرير ...

ومن فوائد التبرير ما يلي :

أ – تحفظ للفرد ثقته بنفسه .

ب – تحفظ للفرد تقديره لكفايته .

ج – ترفع قيمة الفرد في نظر نفسه .

​فالحبيب يبرر كافة سلوك المحبوب ، بحيث يصبح مقبول حتى وإن كان مرفوض ، والعدو يفسر كل شيء من جانب عدوه على أنه خطأ وضار وعدائي مهما كان صوابا .

​والفرق بين عملية التبرير وعمليتي التمويه أو الخداع هو أن الفرد في عمليتي التمويه أو الخداع يلجأ على المستوى الشعوري ، ليقنع غيره بعذر ملفق يبرر به سلوكه ، كالشخص الذي يعطي أو يقدم موعد لزميله دون نية الوفاء بوعده ، وبعد انقضاء الموعد وعدم الوفاء به ، يبرر ذلك لزميله بأنه قد ألم به مرض مفاجئ أقعده عن الوفاء بوعده ، مع علمه ووعيه تماما بأنه عذر ملفق ، يبديه ليتفادى به الحرج في مواجهة هذا الزميل ، كالمثل الشعبي القائل : " اعمل أي شيء تقرره .... تجد مثلا يبرره " .

ومن أهم صور التبرير :

أ – صورة العنب الحصرم :

​حيث يقوم الفرد باستخدامه لتعطيه الشعور بالنقص بالخبرة ، أو العجز في القدرات ، كالمثل الشعبي القائل : " اللي ما بتعرف ترقص .... بتقول الأرض عوجه " . وكما قال الشاعر :

العنب ده طعمه مر ​قال كده الثعلب في مرة

والدليل على أنه مر ​أنه جوه وأنا بره

ب – صورة الليمون الحلو :

​ويقوم الفرد باستخدامه ليقر بقبوله المر ، والرضا به ، وأنه خير الأمور ، وأنه لا مفر منه ، وذلك دون أن يبذل الفرد جهدا لتغيير الحال ... وباستخدامه يخفف الفرد من شعوره بالعجز والاستسلام ، أو أنه غير عاجز ، أو كسول .

​إن التبرير كميكانيزم دفاعي يلجأ إليه الفرد في موقف الضعف أو الحرج ، لأنه لا يريد أن يظهر أمام الآخرين بهذا المنظر ، فيلجأ للتحايل على الذات لإيجاد مصوغات منطقية تقبلها الأنا .... بمعنى أن الفرد يستخدم منطق عقلي ، لإيجاد أسباب تبدو منطقية أو مقبولة اجتماعيا ، لتبرير الموقف أو الحدث( 20 )

ثالثا – الحيل الإبدالية :

أ – إذا كان هدفها إبدال هدف مكان هدف ، أو إبدال شعور ، مكان شعور ، أو إبدال انفعال مكان انفعال ، هذا هو " إزاحة أو نقل " .

ب – وإذا كان هدفها إبدال هدف بعكسه ، هذا هو " التكوين العكسي " .

ج – وإذا كان هدفها إبدال الكل مكان الجزء ، هذا هو " التعميم " .

د – وإذا كان هدفها إبدال عام ، مكان حاجة دنيا هذا هو " الإعلاء أو التسامي ".

هـ - وإذا كان هدفها إبدال الغير مكان الذات ، هذا هو " التقمص أو التوحد " .

و - وإذا كان هدفها إبدال الغير بتقدير بالغ وأصبح مثلا أعلى يحتذى به سمي ذلك " تقديسا " .

ز – وإذا تم إبدال نشاط معين مكان نقص ، لمحاولة تعويض النقص ، سمي ذلك " تعويضا " ( 18 ).

وفيما يلي تفصيل الحديث عن هذه الحيل الإبدالية :

أ – الإزاحة Displacement أو النقل :

​حيلة دفاعية ، يتم فيها رغبة مرتبطة بموضوع معين إلى موضوع آخر ، على مستوى شعوري أحيانا ، وأحيانا أخرى على مستوى لاشعوري ، كنقل رغبة من طعام معين غير موجود إلى طعام آخر موجود ، وكنقل العدوان من الزوج لأول شخص يقابله ، دون أن يكون مستحقا لهذا العدوان . كالمثل الشعبي القائل : " ما قدرش على الحمار إشاطر على البردعة " .

​وسبب استخدام الفرد لهذه الحيلة هو أن الشخص المحبط والذي لا يستطيع التعبير عن ذاته ، يقوم بتخريب الأدوات والممتلكات كأنها هي المصدر للتوتر والعنف ، أي يقوم بنقل التوتر الداخلي من المصدر الأساسي إلى مصدر آخر بديل .

ب - التكوين العكسي Reaction Formation :

​ونقصد به دافع غير مرغوب فيه ، من لاشعور الفرد ، بحيث يتغير إلى الضد في شعور الفرد ، أي يكون شعور الفرد مضادا لما هو موجود في لاشعوره ، أي يكون الفرد غير شاعرا بالدافع ، ولا يفطن لوجوده ، لأنها دوافع محظورة مكبوتة بل ينكرها . كالطفل ذو أربع سنوات يغرق أخيه الرضيع بالقبلات ( هذا على الجانب الشعوري ) ، وفجأة تظهر حقيقة مشاعره بالقرص أو العض ( وهذا على الجانب اللاشعوري ) ، فلا نسمع إلى صراخ الرضيع ... كما يقال أن الحنو البالغ يخفي وراءه دافع عدواني ، كما اتضح في المثل العامي الشائع في حنو القط على الفأر ، حينما وقع من السقف ، قال القط : " اسم الله عليك .... قال الفأر له : ابعد عني ، وخلي العفاريت تركبني .

​ويلجأ الفرد لاستخدامه لأن الرغبات والميول والدوافع التي يستخدمها التكوين العكسي ، ما هي إلى رغبات وميول ودوافع منبوذة اجتماعيا ، ويقاومها الضمير ، فيضطر الأنا إلى عكسها ، إرضاءا للمجتمع ، وتمشيا مع قيم الضمير والأنا الأعلى .

ولكن هل هناك فرق بين سلوك الكرم الحقيقي والتكوين العكسي ؟

​فسلوك الحكرم هو سلوك متناسب طبيعي لا يتسم بالمبالغة ، بمعنى أنه سمة عامة لصاحبه ، فلا يبدو صاحبه متناقض ، لا نراه مرة كريم وأخرى بخيل.

وهل هناك فرق بين الكبت والتكوين العكسي ؟

​في " الكبت " يتم استبعاد الرغبة من الشعور إلى اللاشعور ، ومنعها من الخروج . في حين أن في " التكوين العكسي " يتم استبعاد الرغبة واستبدالها بأخرى ( عكسها ) ... فالفرد لا يكتفي باستبعاد الرغبات العدوانية تجاه الآخرين فقط ، وإنما يتبنى اتجاه التسامح والصفح الشديد حتى عمن يسيئون إليه .

ج – التعميم Generalization :

​هي حيلة دفاعية ، يعمم بها الفرد خبرته ، من تجربة معينة على سائر التجارب المشابهة ، أو القريبة منها ، كالمثل الشعبي القائل : " اللي انقرص من الحية ، يخاف من ذيلها ، أو اللي انقرص من التعبان يخاف من الحبل " .

د – الإعلاء أو التسامي Sublimation :

​حيلة دفاعية ، فيها يوجه الفرد طاقة دافع لديه ، من موضوع غير مقبول اجتماعيا ، إلى موضوع آخر مقبول اجتماعيا . كتوجيه طاقة دافع الجنس إلى موضوعات كالرياضة ، أو توجيه طاقة دافع العدوان إلى موضوعات كالمصارعة . وقد يحدث الإعلاء أو التسامي نتيجة لفشل واضح ، أو حرمان ظاهر ، كالفرد الفاشل في الحب يتجه إلى الفن ، أو الأدب ، وكالسيدة المحرومة من الزواج تتجه لمهنة التمريض أو التدريس لإرضاس دافع الأمومة .

هـ - التقمص أو التوحد Identifacation :

​لكي نفهم المقصود بعملية التقمص أو التوحيد ، لابد من التفرقة بين التقليد والتقمص :

​فالتقليد أو المحاكاة ، عملية مؤقتة ، يقوم بها الفرد بوعي ، وبهدف تقليد حركات وتفكير وعادات شخص آخر ... مثلما يقوم الممثل بتقليد نابليون على خشبة المسرح ، حتى إذا انتهى عاد إلى شخصيته الأصلية .

​أما التقمص ، فهو عملية ، يلجأ إليها الفرد بشكل لاشعوري ، وهي استدماج الشخصية بشخصية أخرى ... فقد يتقمص الطفل بشخصية أبيه ، ليشعر بالقوة التي يصبو إليها ... وقد يتقمص الأب بشخصية إبنه ، فيشعر بما يشعر به الإبن من مختلف ألوان السرور أو الحزن ، أو الحب أو الكره .... وقد يتقمص قارئ القصة بشخصية بطلها ... وقد يتقمص الفتى شخصية الجماعة التي ينتمي إليها ، فيكون النجاح الذي يحدث للجماعة نجاحا له , والإحباط الذي تواجهه الجماعة ، هو إحباطا له ..

​لذا نجد التقمص أو التوحد يظهر بأحاديث المحبين ، فيشعرون بما يشعر به أحباؤهم ، بل ويذوبون فيهم ، كأنهم كل لا يتجزأ ... وفي ذلك يقول الأب الذي يتقمص بشخصية الأبن : " من أطعم صغيري بلحة ... نزلت حلاوتها في بطني " .

وفي ذلك يقول الشاعر أيضا :

أنا من أهوى ، ومن أهوى أنا ​نحن روحان حللنا بدنا

وقد يستهدف التقمص أو التوحد التغلب على الحزن ، كالطفلة التي ماتت قطتها ، فأعلنت أنها صارت قطة ، وأخذت تحبو على أربع ، وامتنعت عن الطعام ...

وقد يستهدف التقمص أو التوحد التحرر من الخوف والقلق ، كما يظهر في ألعاب الأطفال ، حين يقوم الطفل بتمثيل دور طبيب الأسنان ، ويقوم بخلع ضرس أخيه الأصغر ...

وقد يستهدف التقمص أو التوحد التحرر من الخوف الشديد من المعتدي ، كخوف اليهود من النازيين ، جعلهم يتقمصوا شخصية المعتدي ( النازيين ) ، مما أتاح لهم فرصة التغلب على الخوف من العرب وتوجيه العدوان عليهم ، وأتاح لهم الاستعداد للتوازن النفسي .

و – التقديس :

​حيلة دفاعية ، تستخدم لرفع قيمة الفرد بشكل مبالغ فيه ، فيصفه بكل المحاسن التي فيه فعلا , والتي حرم منها ، وينزهه عن كل نقيصة أو خطأ ... ومن أهم عيوب هذه الحيلة ، أنها تبعد الشخص ، عن الحقيقة ، وتحرمه من النظرة الموضوعية للأمور ، وتصيب صاحبها بالإحباط الشديد ، عندما يتبين الفرق بين ما تصوره وبين ما هو كائن فعلا ... كالمثل القائل : " محب لا يرى حسنا سواها " ..

يقال هذا المثل عندما يقع الحب ، فالمحب لا يرى في محبوبته إلا محاسنها ، ويبالغ فيها ....

ز – التعويض Compensation :

​حيلة دفاعية ، يلجأ إليها الفرد على المستوى الشعوري أحيانا ، وعلى المستوى اللاشعوري أحيانا أخرى ... وتبدأ عندما يشعر الفرد أن هناك نقصا في جانب من جوانب مظاهر النمو ، فيقوى في جانب آخر للتغلب على هذا النقص ... أو قد تظهر حينما يشعر الفرد بالحرمان من نوع معين من الإشباع ، فيفرط في نوع آخر من الإشباع لكي يعوض ألم الحرمان غير المشبع ويشعر باللذة المتاحة ....

​ولكن أحيانا قد لا يدرك الفرد أنه يعاني من نقص ما ، في حين أن هذا النقص يعاني من وجوده ( في اللاشعور ) ، كالفرد الذي لا يدرك بعدم التقدير الاجتماعي له ، فيقوم ببذل جهدا من نوع آخر من أنواع الرياضة ، بهدف تعويض هذا النقص اللاشعوري .

​ونجد أبسط أنواع التعويض في السيدة التي حرمت من الجمال ، فنكسبها خفة الروح ونقول كما يقال في المثل الشعبي : " يا وحشة كوني نغشة " ، أي كوني خفيفة الظل والحركة .... وكذلك الفرد الذي فقد عضو من أعضاء جسمه ، فيقوم بأنشطة تقوي لديه عضوا آخر من أعضاء جسمه ، كالحكمة القائلة : " كل ذي عاهة جبار " .

وهناك التعويض الزائد :

​وغالبا ما يمعن الفرد باستخدامه ، كأن يهاجم النقص بعنف ، أو يضخم التعويض ... كضعيف البنية الذي يمارس الألعاب الرياضية ، ولا يقتنع بأن يصبح جسمه عاديا فقط ، بل يجهد نفسه بأن يكون من الأقوياء ، ومن ذوي العضلات المفتولة ...

ومن أهم صور التعويض الزائد :

1 – قد يتخذ التعويض الزائد صورا منحرفة كأن يصطنع الفرد أنواع من السلوك السخيف في جذب انتباه الآخرين ، وااختلاق قصص كاذبة ومزيفة .

2 – وقد يتخذ صورا عدوانية ، كي يثبت الفرد للناس ، بأنه غير ضعيف ، ولديه من القوة ما يتحدى القانون .

3 – وقد يتخذ صورا من انحطاط الفرد من شأنه أمام الآخرين طمعا أن يمتدحه الناس ، وأن يرففعوا من قدره ... فإذا به دائم الحديث ، عن نفسه ، بأنه عاجزا لا يصلح لشئ ، ولكن الاستمرار ، في حط الفرد لنفسه ، قد يجعله يتهم الآخرين بارتكاب ذنوب لم يرتكبها ، وهنا يكون قد اجتاز منطقة السواء إلى منطقة اعتلال الشخصية .

وهناك بعض الحيل الدفاعية لم نذكرها ضمن الحيل الدفاعية السابقة ، ولكن ذكرت في بعض الكتب والمراجع النفسية الأخرى منها : التحول ، العزل ، التكفير ، الاحتماء بالمرض ...

1– التحول :

​هي حيلة دفاعية ، يلجأ إليها الفرد لحل صراعاته ، بتحويلها إلى أعراض جسمية ، فبدلا من أن يعبر عن نفسه تعبيرا نفسيا ، يعبر عنها تعبيرا جسميا ... كالشلل الهستيري للذراع مثلا : إذ لا توجد في هذه الحالة أي اصابات عضوية للذراع ، أو مراكز المخ ، أو بالوصلات العصبية ... ولكن تفسير ذلك هو أن الصراع النفسي الذي يهدف لمنع الذراع من عمل شيء معين ، وإعاقته عن الحركة ، قد تحول إلى عرض جسمي ، تمثل في الكف الفعلي لوظيفة الذراع ، فلا يعود المريض يقوى على تحريكه ، ويفشل العلاج الجسمي في علاجه ، وينجح العلاج النفسي ...

2 – العزل :

​هي حيلة دفاعية ، يتم فيها فصل الأفكار والرغبات والمعتقدات بعضها عن بعض ، لأنها لو التقيت لسببت الصراع والقلق ... كالرجل الصادق في بيته ، والكاذب في محله ، والرجل الذي يؤدي العبادات على أكل وجه لكنه يغش ويخدع في تجارته ويقول هذا أمر أو عمل يخالف عمل ، ويعبر عن ذلك بالعامية بقوله : " هذا شيء وهذا شيء " ، ولكنه يرفض الاعتراف بهذا التناقض .... فالمريض الذهاني مثلا يعتقد بأنه ملك عظيم ، لكنه يمسح الأرض عن طيب خاطر ، دون أن يفطن إلى ما بين اعتقاده وسلوكه من تناقض ... وكالشخص الذي يعتقد بأنه أغنى أهل الأرض لكنه يستجدي سيجارة من زملائه ...

3 – التكفير :

​هي حيلة دفاعية ، يستخدمها الفرد عندما يشعر بالذنب ( وخز الضمير ) ، وهو شعور يرتبط بالخجل ، وإنزال العقاب على نفس الفرد ... كالتاجر الغشاش يكثر من الصدقة ...

​ومن أهم صور التكفير : الصدقة ، والإعتذار ، والتوبة ، والاعتراف بالذنب .... فقد يتصيد الفرد لنفسه متاعب مالية أو مهنية أو عائلية أو صحية ، ويبتعد عن أسباب النجاح ، ولو أصاب النجاح ... كالغني مثلا نجده يضيع ماله كله في القمار ، لأنه لا يجد اللذة إلا في الألم ، ولا يجد الراحة إلا في التعب ، ولا يجد السعادة إلا في الشقاء ... ولكن تكرارالحوادث عليه تجعله يعتقد أنه من المغضوب عليه ، أو من الضالين ، أو من الذين جارت عليهم الأقدار ... ولكنه في حقيقة الأمر هو الضمير الواخز الغاضب عليه ، والذي لا يهدأ إلا إذا أنزل صاحبه العقاب بنفسه .

4 – الاحتماء بالمرض النفسي :

​هي حيلة دفاعية هروبية تبريرية استعطافية في آن واحد ، وتبدأ عندما يعجز الفرد عن بلوغ هدفه ، فيصطنع المرض الجسمي ، هربا من لوم الناس ، ومن لوم الضمير ، لأنه يعتقد أن المرض يستطيع أن يجلب له عطف الناس واهتمامهم به ، وبالمرض أيضا يتعافي عن مواجهة المواقف الصعبة ، فيستغيث بالمرض ، كلما ارتطمت به مشكلة تحبط دوافعه ....

ومن أهم صور الاحتماء بالمرض النفسي :

أ – الكاتب الذي يكره عمله ، يصاب بتشنج في يده اليمني الذي يكتب بها ، في حين يستطيع أن يكتب خطابا لزوجته ، وسبب ذلك الصراع النفسي بين عدم رغبته في الكتابة لكراهيته لعمله ، وبين رغبته في الركون إلى الراحة ... ولذا قد يزول التشنج بعد انتهاء العمل والرجوع إلى البيت .

ب – الطالب المتعثر في الدراسة ، قد يصاب قبل الامتحان ، بصداع شديد ، لكي لا يذهب ويمتحن ... وسبب ذلك الصراع النفسي بين عدم رغبته في الدراسة ، وبين رغبته في أن يترك المدرسة ... في حين قد يزول الصداع بعد الامتحان مباشرة ..

ج – الجراح الذي لا يرغب بعمل عملية جراحية ، قد يصاب بارتعاش اليد الهستيري ، كي لا يعمل العملية ، لكنه قد يعمل عملية جراحية يعتقد بنجاحها .

د – نحن جميعا حينما نجتمع في مجلس فرح ، ونضحك من أعماق قلوبنا ، فعلى الفور نقول : " اللهم اجعله خيرا " ... فهذا نوع من القلق ، قلق " الأنا " نحو " الأنا الأعلى " ، كأن الضمير المتجهم لا يطيب له أن تطيب لنا الحياة .

​وهناك أيضا بعض الحيل الدفاعية الأخرى والتي تشير إلى أن الفرد يعاني أزمة نفسية ، منها : فرك اليدين بشدة .. فرقعة الأصابع .. حك مؤخرة الرأس .. الإسراف في الطعام ... الإسراف في التدخين ... الإسراف في الكلام ... والإسراف في الحركة ... والاسراف في النوم ... الإسراف في قضم الأظافر ... الإسراف في ممارسة العادة السرية ... والخلجات العصبية .... إلخ

descriptionمن الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية Emptyرد: من الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية

more_horiz
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
على الموضوع الجمـيل والطرح الممـيز
أفـدتنا بمعلومات قـيمة ومفيدة
نحـن في انتظـار مواضيـعك الجديـدة
لـك مـني أجمـل التحـيات
ودمـت فـي أمـان الله وحفـظه
من الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية 3dlat.com_14025998553

descriptionمن الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية Emptyرد: من الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية

more_horiz
موضوع رائع
شكرا لك

descriptionمن الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية Emptyرد: من الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية

more_horiz
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
على الموضوع الجمـيل والطرح الممـيز
أفـدتنا بمعلومات قـيمة ومفيدة
نحـن في انتظـار مواضيـعك الجديـدة
لـك مـني أجمـل التحـيات
ودمـت فـي أمـان الله وحفـظه

descriptionمن الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية Emptyرد: من الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية

more_horiz
موضوع اكثر من رائع
شكرا لك ، نتظر كل جديدك بفارغ الصبر
تمنياتي لك كل التوفيق  من الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية 235873 
.

descriptionمن الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية Emptyرد: من الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية

more_horiz
شكراً للموضوع الصحي المفيد  gg444g

descriptionمن الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية Emptyرد: من الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية

more_horiz
شكراً للموضوع الصحي المفيد  من الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية 886773

descriptionمن الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية Emptyرد: من الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية

more_horiz
مسـاء ألج ـــوري
م ـوضوع في قمة إْلخيااال
ط ـرحت فابـٌْدع ـت
دم ـت ودآم ع ـطائك
ودائم ـا بأنتظـارج ـديدك الشيق
لكم خ ـالص تقديري واح ـترامي

descriptionمن الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية Emptyرد: من الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية

more_horiz
تَحية تلطفهآ قلوب طيبة ونقٌية
آ‘لتميزٍ لآ يقفٌ عندْ أولْ خطوٍة إبدآعٌ
بلْ يتعدآه في إستمرآرٍ آلعَطآءْ

ووآصلي فيٌ وضعٌ بصمـتكـ بكل
حرٍفٌ تزخرفيه لنآ‘
مِنْ هنآ أقدمٌ لكـ بآقـة وردْ ومحبـة خآلصـة لله تعآلىٌ
وٍنحن دوٍمآ نترٍقبٌ آلمَزٍيدْ
ودٍيٌ قبْلٌ رٍدْيٌ
وسَلآإميٌ
من الامراض النفسية وأنواع الحيل الدفاعية 13612226336



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي