ما هو الاتحاد الأوروبي؟
الاتحاد الأوروبي، ويشار إليه باختصار EU، مجموعة من الدول المرتبطة ببعضها البعض ارتباطًا وثيقًا ويبلغ عددها حاليًا 28 دولة من دول القارة الأوروبية التي يبلغ إجمالي عدد سكانها حوالي 510 مليون نسمة، مما يجعل الاتحاد مقاربًا في عدد سكانه لأمريكا الشمالية.تجدر الاشارة انه في يونيو 2016، قررت المملكة المتحدة عن طريق استفتاء مغادرة الاتحاد الأوروبي في سابقة هي الأولى في تاريخ المشروع الأوروبي الذي يبلغ 65 عامًا. ويوحد الاتحاد الأوروبي بين دول كبرى مثل ألمانيا والتي يبلغ عدد سكانها 81 مليون نسمة، و فرنسا التي يبلغ عدد سكانها 66 مليون نسمة، ودول صغيرة مثل مالطا (420,000 نسمة) و لوكسمبورغ (550,000 نسمة). و يمتد الاتحاد الاوروبي من البحر الأبيض المتوسط جنوبًا إلى الدائرة القطبية الشمالية شمالًا، ومن البحر الأسود شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا. ويشهد على التنوع الثقافي للاتحاد الأوروبي في المجمل لغاته الأربع والعشرين الرسمية التي تأتي في مقدمة العديد من اللغات الأخرى التي يتحدثها السكان الإقليميون والمهاجرون. وتأتي اللغة الألمانية في مقدمة اللغات التي يتحدثها سكان الاتحاد الأوروبي كلغة أم بنسبة 16% تليها اللغتان الإنجليزية والإيطالية (بنسبة 13% لكل منها) ثم الفرنسية (بنسبة 12%) ثم البولندية والإسبانية (بنسبة 8%) لكل منها. ويتم استخدام الإنجليزية والفرنسية كلغتين للعمل اليومي الأساسي داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي. ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبيحوالي 14 تريليون يورو، مما يجعله في نفس فئة الولايات المتحدة ويمثل نسبة 20% من التجارة العالمية. هذا و يعد الاتحاد الاوروبي أكبر المصدرين في العالم قبل الصين والولايات المتحدة وتمثل السوق الموحدة المحلية واحدة من أهم سمات الاتحاد الاوروبي. وتعني السوق الموحدة حركة السلع والخدمات والأموال والأفراد بكل حرية بين دول الاتحاد الأوروبي دون قيود أو ما يسمى في الغالب “بالحريات الأربع” و هذا يسمح بتحقيق كفاءة اقتصادية أكبر وزيادة التنوع في المعروض. تشترك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في مجموعة من القوانين والحقوق والواجبات ويشار إلى قرارات المحكمة بالمصطلح الفرنسي Acquis communautaire(تشريعات الاتحاد الأوروبي). ومن حيث المبدأ تلغي تشريعات الاتحاد الأوروبي القوانين واللوائح الوطنية، وتتعامل مع كل الموضوعات التي قررت الدول الأعضاء اتخاذ الإجراءات حيالها على مستوى الاتحاد الأوروبي أكثر فاعلية أو كفاءة من اتخاذها على المستوى الوطني.
وعلاوة على ذلك يمتلك الاتحاد الأوروبي ميثاق حقوق أساسية ملزمة، وهو ميثاق يقدس حقوق الإنسان الراسخة مثل الحياة والكرامة الشخصية وحرية الفكر والتعبير، والمساواة والإدماج، والديمقراطية وسيادة القانون.
ولا يمكن الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي إلا من قبل البلدان التي تكفل هذه الحقوق الأساسية. ورغم عدم وجود عاصمة رسمية للاتحاد الأوروبي، إلا إن بروكسل بحكم الواقع تلعب هذا الدور، لأنها تضم أكبر عدد من مؤسسات الاتحاد الأوروبي. هذا لا يمنع وجود مؤسسات مهمة للاتحاد الأوربي في العديد من المدن الأوروبية الأخرى أيضًا، من بينها ستراسبورغ وفرانكفورت ولوكسمبورغ. و يعتمد تمويل الاتحاد الأوروبي في المقام الأول على حصة تبلغ عادة 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء. أما إيرادات الدخل الأخرى فهي رسوم الاستيراد، ونسبة صغيرة من ضريبة القيمة المضافة، وإسهامات البلدان الأخرى مثل النرويج. وبالنسبة لعام 2016، فقد قدمت ميزانية الاتحاد الأوروبي للوفاء بالالتزامات مبلغ 155مليار يورو. و وفقًا للإطار المالي متعدد السنوات الحالي، يتم إنفاق 86% تقريبًا من ميزانية الاتحاد الأوربي على النمو وفرص العمل والقدرة التنافسية والتماسك الإقليمي والسياسة الزراعية. ويتضمن جدول أعمال النمو، الذي يمثل 47% من الميزانية، التعليم، والبحث والابتكار، والبنية التحتية وتعزيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (SMEs). ويضع هذا في الحسبان أن ازدهار الاقتصاد يحتاج إلى قوى عاملة على قدر عال من التأهيل وأن سوق العمل النابضة بالحياة ستوفر بدورها فوائد اجتماعية مباشرة لسكان أوروبا أيضًا. بالاضافة الى ذلك، يجب تمكين جميع الدول الأعضاء والمناطق للمنافسة على نفس المستوى مع المناطق الجغرافية الأكثر نموًا. هذا وتستحوذ الزراعة، مصائد الأسماك، التنمية الريفية والسياسة البيئية على 39% أخرى من ميزانية الاتحاد الأوربي، وهو ما يضمن بالتالي إنتاج كمية كافية من المواد الغذائية عالية الجودة دون استغلال مفرط للموارد الطبيعية. وتبلغ نسبة السياسة الخارجية، بما في ذلك سياسة الجوار الأوروبية حوالي 6% من الإطار المالي، وهي نفس نسبة الإدارة تقريبًا.
لماذا تأسس الاتحاد الأوروبي؟
يمثل الاتحاد الأوروبي في جوهره مبادرة لبناء السلام. ونشأ الدافع وراء تأسيس الاتحاد الأوروبي من تجربة الحربين العال---- الأولى والثانية المدمرتين خلال النصف الأول من القرن العشرين. وكانت هاتان الحربان كارثيتان للغاية على العديد من الأصعدة مما دفع عددًا من السياسيين ذوي النظرة الثاقبة – المؤسسين الأوائل، ومن بينهم وزير الخارجية الفرنسي روبرت شومان والمستشار الألماني كونراد أديناور ورئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرتشل – إلى وضع مفهوم ما تحول في النهاية ليصبح الاتحاد الأوروبي. وكانت الفكرة الأساسية أن التعاون الاقتصادي الوثيق للغاية والمستدام بين الدول الأوروبية سيجعلها مترابطة لدرجة أنها ببساطة لن تتحمل ولن تقدر على محاربة بعضها البعض بعد الآن. وكبداية، تم وضع صناعتي الفحم والصلب تحت الرقابة التعاونية. وقد تم هذا الاجراء لسببين: لم يكن الفحم والصلب أساسين فقط لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب، بل كانا أيضًا من العوامل الأساسية في إنتاج الأسلحة. ولم يكن من المفترض أن تكون أي دولة، لا سيما ألمانيا، التي أشعلت فتيل حرب العالمية الثانية قادرة على إعادة تسليح نفسها ذاتيًا. وكان من بين العوامل الدافعة المهمة الأخرى المصالحة بين ألمانيا وفرنسا التي روج لها أول مستشار لألمانيا الغربية بعد الحرب، كونراد أديناور، الذي كان يسعى أيضًا إلى تحقيق تكامل وثيق مع القوى الغربية في الحرب الباردة الناشئة في ذلك الحين. ومن هذه البدايات، أصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى للدول المشاركة أنها ستستفيد بشكل جماعي من التعاون والتنسيق الوثيقين في العديد من المجالات – بدءًا من الأجزاء الحيوية الأخرى في الاقتصاد (مثل الزراعة)، وامتدادًا إلى مجالات السياسة الإضافية بمرور الوقت. وبمجرد إقامة سلام دائم بشكل راسخ، تزايد تسليط الضوء على الاقتصاد والحرية وحقوق الإنسان.
ما الخطوات التاريخية الرئيسية للاتحاد الأوروبي؟
بموجب معاهدة باريس لعام 1951، أسست بلجيكا وفرنسا وألمانيا الغربية وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا الجمعية الأوروبية للفحم الحجري والصلب (ECSC). وكانت هذه أول مرة في تاريخ العالم تنقل فيها عدة دول سيادية جزءًا من سلطاتها إلى منظمة خارجية. وكان هذا النوع من الاتحاد الذي يتجاوز حدود الولاية الوطنية أمر مستبعد إلى حد كبير قبل سنوات قليلة فقط. لقد وضعت الجماعة الأوروبية للفحم الحجري والصلب بالفعل أسس الحكم للاتحاد الأوروبي بشكله المعروف اليوم: كانت تمتلك سلطة عليا تنفيذية (تطورت لتصبح المفوضية الأوروبية)، وجمعية عامة (أعيد تسميتها لاحقًا لتصبح البرلمان الأوروبي) تتكون من أعضاء برلمانيين من الدول المشاركة، ومجلسًا خاصًا للوزراء الوطنيين المسؤولين ومحكمة للعدل. وسرعان ما ألهم الزخم الذي خلقته الجمعية الأوروبية للفحم الحجري والصلب إنشاء مؤسستين أوروبيتين أخريين عن طريق المجموعة ذاتها من الدول: في عام 1957، أسست معاهدة روما الجماعة الاقتصادية الأوروبية (EEC)، والجماعة الأوروبية للطاقة الذرية (Euratom). وتشاركت كلا المنظمتين نفس الجمعية العامة والمحكمة مع الجماعة الأوروبية للفحم الحجري والصلب، ولكنهما امتلكتا فروعًا تنفيذية خاصة بهما، تسمى الآن اللجان. وبينما تتولى الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية مراقبة سوق الطاقة النووية، وضعت الجماعة الأوروبية الاقتصادية أسس السوق الأوروبية الموحدة عن طريق تخفيض الرسوم الجمركية تدريجيًا ووضع سياسات مشتركة في مجالات الزراعة والنقل والتوظيف. وتحكم معاهدة روما الاتحاد الأوروبي حتى اليوم هذا وقد تم تعديلها عدة مرات، وتسمى الآن رسميا المعاهدة المنظِّمة لعمل الاتحاد الأوروبي (TFEU). وكان القانون الأوروبي الموحد لعام 1986 واحدًا من أهم التعديلات التي أجريت عليها، والذي نفذ في النهاية السوق الأوروبية الموحدة، بعد مرحلة من التقدم الضعيف فقط. ومنح القانون أيضًا السلطة الحقيقية للبرلمان الأوروبي، وسمح للمجلسباتخاذ القرارات بالأغلبية وليس بالإجماع في المزيد من المجالات السياسية، وبدأ سياسة خارجية أوروبية منسقة. شهدت أوائل سبعينيات القرن العشرين أول توسيع للجماعات الأوروبية. وفي عام 1973، أصبحت المملكة المتحدة وأيرلندا والدنمارك أعضاء في الجماعة. وفي عام 1979، أقيمت أول انتخابات أوروبية ومنذ ذلك الحين، ينتخب المواطنون أعضاء مخصصين للبرلمان الأوروبي مباشرة بدلاً من انتداب أعضاء من البرلمانات الوطنية للبرلمان الأوروبي. بعد سنتين من تنظيم اول انتخابات اوروبية انضمت اليونان إلى الاتحاد الأوروبي و ذلك سنة 1981، ثم تلتها إسبانيا والبرتغال في عام 1986. شهدت أواخر ثمانينيات القرن العشرين التفكك والانهيار النهائي للكتلة الشرقية وسقوط جدار برلين، الذي أعقبته إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990. وضع التغيير الجيوسياسي، وحقيقة أن السوق الموحدة جلبت أخيرًا فوائد ملموسة، الأساس للوثيقة التأسيسية للاتحاد الأوروبي كما نعرفه اليوم: معاهدة ماستريخت لعام 1992، المعروفة أيضًا باسم معاهدة الاتحاد الأوروبي (TEU). وكان لمعاهدة ماستريخت هدفان رئيسيان: الأول، توسيع مسؤولية دول الاتحاد الأوروبي إلى المزيد من المجالات السياسية بدلاً من أن تقتصر فقط على الاقتصاد، ومن بينها إنفاذ القانون واللجوء والتعاون القضائي المدني والسياسة الخارجية. أما الهدف الثاني فهو انشاء المعاهدة اليورو و اعتماد اليورو (€) كعملة أوروبية موحدة يشار ان معايير ماستريخت أو معايير التحول لليورو،هي التي حددت الشروط التي يحق بموجبها لأية دولة تطبيق استخدام اليورو وأسهم انطلاق استخدام العملة من 1992 إلى 2002 في تأسيس منطقة اليورو داخل الاتحاد الأوروبي. وبعد عملية يعود تاريخها إلى منتصف ثمانينيات القرن العشرين، تم تقديم منطقة شنغن في عام 1995، و تم ايضا الإلغاء الفعلي للرقابة على جوازات السفر على الحدود بين العديد من الدول الأوروبية مقابل الرقابة الصارمة على الحدود الخارجية وتطبيق سياسة التأشيرات المشتركة يذكر ان معاهدة أمستردام لعام 1997 احدثت تغييرات كبيرة في المعاهدات التي تحكم الاتحاد الأوروبي. ومنح الاتحاد الأوروبي مسؤولية جميع المسائل التي تتعلق بحرية تنقل الأشخاص، ودمجت اتفاقية تعاون شنغن في تشريعات الاتحاد الأوروبي، وأسست السياسة الخارجية والأمنية المشتركة (CFSP)، ومنح البرلمان المزيد من الصلاحيات. تم تعديل معاهدة أمستردام في عام 2001 بواسطة معاهدة نيس بهدف تحسين الحوكمة في المؤسسات الأوروبية قبل توسيع الاتحاد الأوروبي عام 2004.
وفي عام 1995، انضمت النمسا وفنلندا والسويد إلى الاتحاد الأوروبي وفي عام 2004 حدث أكبر توسيع للاتحاد الأوروبي حيث حصلت قبرص وجمهورية التشيك وإستونيا والمجر ولاتفيا وليتوانيا ومالطا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا على العضوية، مما جعل الاتحاد يمتد بالفعل عبر أكبر جزء من القارة الأوروبية. وقد تبعتهم رومانيا وبلغاريا في عام 2007، ثم كرواتيا في عام 2013. في أوائل القرن الحادي والعشرين، ظهرت مبادرات لإنشاء اتحاد أوروبي أكثر تكاملاً يتمتع بدستور أوروبي فعلي خاص به بدلاً من أن يقوم على أساس الاتفاقات المبرمة بين الدول الأعضاء. إلا أنه تم رفض اقتراح وضع الدستور في استفتاءات في فرنسا وهولندا وبالتالي لم يتم اعتماده على الإطلاق. ومع ذلك تم تمهيد ذلك الطريق لأحدث إصلاح كبير للاتحاد الأوروبي من خلال معاهدة لشبونة لعام 2007 ، وكان الهدف من معاهدة لشبونة تعزيز الأسس الديمقراطية للاتحاد الأوروبي وتحسين تماسك وفعالية صنع سياسته. وقد عززت المعاهدة صلاحيات البرلمان الأوروبي مرة أخرى، وأصلحت حقوق التصويت في المجلس للسماح بقرارات الأغلبية المرجحة في العديد من مجالات السياسة أكثر من ذي قبل، وجعلت ميثاق الحقوق الأساسيةملزما قانونًا، وأنشأت فترة ولاية طويلة الأمد لرئيس المجلس الأوروبي (في السابق كانت كل دولة عضو تتولى الرئاسة لمدة ستة أشهر)، وأعطت مزيدًا من المسؤوليات للممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية. وقدمت المعاهدة لأول مرة خيارًا للدول الأعضاء بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي. في عام 2012، تم منح الاتحاد الأوروبي جائزة نوبل للسلام تقديرًا لإنجازاته من أجل السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان في أوروبا.
وفي عام 2016، أجرت المملكة المتحدة استفتاءًا أدى إلى اتخاذ الدولة لقرار بمغادرة الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي يطمح فيه عدد من الدول للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وتجري الآن دول الجبل الأسود وصربيا وتركيا مفاوضات نشطة من اجل الانظمام الى الاتحاد الاوروبي، في حين وصلت ألبانيا ومقدونيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو إلى مراحل مختلفة للمفاوضات المسبقة بخصوص أوضاع ما قبل الترشيح بالنسبة لها وكانت أيسلندا قد بدأت المفاوضات لكنها أوقفتها في وقت لاحق.
عدل سابقا من قبل jassim1 في الأحد 24 ديسمبر 2017 - 10:48 عدل 2 مرات (السبب : تعديل بسطي في الموضوع)