التربية على تعظيم حرمة المسلمين الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين. لا بد أن تكون تربية المسلمين عامة، والنشء خاصة في بداية طريقهم وسلوكهم السبيل القويم إلى الله تعالى، على إخلاص العبادة لله وعدم الشرك، وعلى التقوى والورع والبراء من غير أهل الملة، ومحاسن الأخلاق والبر والصلة، وصيانة أعراض المسلمين أهل الملة، والرغبة والاشتياق إلى الجنة، والخوف والفرار من النار. فبذلك تكون النجاة، وخصوصًا عند كثرة الفتن. فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي. ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه. فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه"[1]. وعن أبي سعيد قال: قال رجل: أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال: "مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله". قال: ثم من قال: "ثم رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره"[2]. وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"[3]. أما إذا لم ينشأ النشء على التربية الحسنة والأدب مع الله ورسوله والمسلمين، من مراقبة الله والتقوى والورع وحسن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيم حرمة المسلمين عامة وأهل العلم والفضل منهم خاصة، بل ينشأ على الخلاف والشقاق، فحينئذ يقسو القلب، ويغلب الهوى، ويندر الأدب، وتعلو الغشاوة على الأبصار، فلا يُفرق بين الأصول وغيرها، ولا بين الصالح والطالح، فتنتهك حرمة العالم دون الجاهل، والقابض على دين الله دون المفرط لدين الله. وليس هناك حرمة لأخوة، أو التزام بمروءة. فلأدنى اختلاف يكون الخصام وتصدر الأحكام، ولأدنى ظن ينطلق عنان اللسان بالبهتان. وما هذا بالخلق الذي يرضاه ربنا ومن أجله أنزل الكتاب بالحق والميزان. [1] رواه مسلم.
[2] رواه مسلم.
[3] قال الشيخ الألباني: صحيح (الأدب المفرد للبخاري).