1 |
مُواطنوانَ.. دُونَما وَطَنْ |
مُطَاردُونَ كالعصافير على خرائطِ الزَمَنْ.. |
مُسَافِرُونَ دُونَ أوراقٍ |
ومَوتي دُونما كَفَنْ. |
نحنُ بغايا العصرِ.. كلُّ حاكمٍ |
يبيعُنا، ويقبضُ الثَمَنْ!! |
نحنُ جَوَاري القصرِ، يُرْسِلونَنَا |
من حُجرَةٍ لحُجْرَةٍ |
من قَبْضةٍ لقَبْضةٍ |
من هالِكٍ لمالِكٍ |
من وَثَنٍ إلى وَثَنْ |
نركضُ كالكلاب كلَّ ليلةٍ |
من عَدَنٍ لطَنجَةٍ |
من طَنْجَةٍ إلى عَدَنْ |
نبحثُ عن قبيلةٍ تَقْبَلُنا |
نبحثُ عن عائلةٍ تُعيلُنا |
نبحثُ عن ستارةٍ تستُرُنا |
وعن سَكَنْ.. |
وحَولَنا أولادُنا |
إحْدَودَبتْ ظهورُهُمْ، وشاخُوا |
وهُمْ يُفتّشونَ في المعاجمِ القديمَهْ |
عن جَنَّةٍ نضيرةٍ |
عن كِذْبَةٍ كبيرةٍ كبيرةٍ.. |
تُدْعى الوَطَنْ.. |
* |
مُواطنونَ نحنُ في مدائن البُكاءْ |
قَهْوتُنا مصنوعةٌ من دمِ كَرْبَلاءْ |
حِنْطتُنا معجونةٌ بلحم كَرْبَلاءْ |
طعامُنا. شرابُنا |
عاداتُنا. راياتُنا |
صيامُنا. صَلاتُنا |
زُهورُنا. قُبورُنا |
جُلُودُنا مَخْتُومةٌ بخَتْم كربلاءْ.. |
لا أَحَدٌ يعرفُنا في هذه الصحراءْ |
لا نَخْلةٌ. لا ناقةٌ. |
لا وَتَدٌ.. لا حَجَرٌ |
لا هِنْدُ.. لا عَفْرَاءْ |
أوراقُنا مُريبةٌ |
أفكارُنا غريبةٌ |
فلا الذين يشربونَ النَفْطَ يعرفُونَنَا |
ولا الذين يشربونَ الدمعَ والشقاءْ... |
مُعتَقَلُونَ.. |
داخلَ النصّ الذي يكتُبُهُ حُكَّامُنَا |
مُعتَقَلُونَ.. |
داخلَ الدين كما فَسَّره إمامُنا |
مُعتَقَلُونَ.. |
داخلَ الحُزْن، وأحلى ما بنا أحزانُنَا |
مُراقَبون نحنُ في المقهى.. وفي البيتِ.. |
وفي أرْحَامِ أمَّهاتِنا.. |
حيثُ تلفَّتْنَا، وجدنا المخبرَ السِريَّ في انتظارِنا |
يَشْرَبُ من قهوتنا.. |
يَنَامُ في فِراشنا.. |
يَعْبَثُ في بريدِنا |
يَنْكُشُ في أوراقنا |
يدخُلُ من أنوفِنا |
يخرجُ من سُعَالِنا |
لسانُنا مَقْطوعْ.. |
ورأسُنا مَقْطُوعْ.. |
وخبزُنا مبلَّلٌ بالخوف والدموع.. |
إذا تظلَّمنا إلى حامي الحِمى |
قيل لنا مَمنُوعْ.. |
وإن تضرَّعنا إلى ربِّ السَمَا |
قيلَ لنا: مَمْنوعْ.. |
وإن هَتَفْنَا: |
يا رسولَ الله، كُنْ في عَوْنِنَا |
يُعطونَنَا تأشيرةً من غَيْرِ ما رُجُوعْْ |
وإن طَلَبنَا قَلَماً |
لنكتبَ القصيدةَ الأخيرَهْ |
أو نكتبَ الوصيّةَ الأخيرَهْ |
قُبَيْلَ أن نَمُوتَ شَنْقَاً |
غَيَّروا الموضوعْ.. |
* |
يا وَطَني المصلوبَ فوقَ حائطِ الكراهيَهْ |
يا كُرَةَ النار التي تسيرُ نحو الهاوِيَهْ |
لا أَحَدٌ من مُضَرٍ.. أو من بني ثَقِيفْ |
أعطى لهذا الوطنِ الغارقِ بالنزيفْ |
زُجَاجَةً من دمِهِ.. |
أو بَولِهِ الشريفْ!! |
لا أَحَدٌ.. على امتداد هذه العباءة لمُرقَّعَهْ.. |
أهداكَ يوماً مِعْطَفَاً أو قُبَّعَهْ.. |
يا وَطَني المكسورَ مثل عشبة الخريفْ.. |
مُقْتَلَعُونَ نحنُ كالأشجار من مَكَانِنا.. |
مُهَجَّرونَ من أمانينا، وذكرياتِنَا |
عُيونُنا تخافُ من أصواتِنا |
حُكَّامُنا آلهةٌ يجري الدمُ الأزْرَقُ في عُرُوقِهِمْ |
ونحنُ نَسلُ الجاريَهْ |
لا سادةُ الحجاز يعرفُونَنَا.. |
ولا رَعَاعُ الباديَهْ. |
ولا أبو الطيب يَسْتَضِيفُنا.. |
ولا أبو العتاهيَهْ. |
إذا ضحكنا لعليٍّ مرةً.. |
يقتُلنا مُعاويَهْ.. |
5 |
لا أحدٌ يريدُنا |
من بحر بيروتَ.. إلى بحر العَرَبْ.. |
لا الفاطميّونَ، ولا القرامِطَهْ. |
ولا المماليكُ، ولا البرامكَهْ. |
ولا الشياطينُ، ولا الملائكَه. |
لا أحدٌ يريدُنا. |
في المُدُن التي تقايضُ البترولَ بالنساءِ، |
والديارَ بالدولارِ، والتُراثَ بالسُجَّادِ، |
والتاريخَ بالقُرُوشِ، والإنسانَ بالذَهبْ. |
وشَعْبُها يأكُلُ من نِشَارةِ الخَشَبْ!! |
لا أحدٌ يريدُنا.. |
في مُدن المقاولينَ، والمضَارِبينَ، والمستَورِدينَ، |
والمُصدِّرينَ، والمُلمِّعين جَزْمةَ السُلْطَةِ، |
والمُثَقّفينَ حسبَ المَنْهَجِ الرسميِّ، |
والمُسْتَأجَرينَ كي يَقُولوا الشِعرَ، |
والمُقدِّمينَ للأمير عندما يأوي إلى فراشِهِ |
قائمةً بأجمل النساءِ.. |
والموظَّفينَ في بَلاط الجِنْسِ.. |
والمُهرِّجينَ.. |
والمُخنَّينَ.. |
والمُخوِّضينَ في دِمائِنَا حتى الرُكَبْ.. |
لا أحدٌ يقرؤُنَا |
في مُدُن المِلْح التي تَذْبَحُ في العام |
ملايينَ الكُتُبْ.. |
لا أحدٌ يقرؤنا |
في مُدُنٍ.. |
صارتْ بها مباحثُ الدولةِ |
عرَّابَ الأدبْ.. |
6 |
مُسَافرونَ نحنُ في سفينة الأحزانْ |
وشَيْخُنا قُرْصَانْ |
مُكوَّمونَ داخلَ الأقفاص كالجُرْذَانْ |
لا مرفأٌ يقبلُنا. |
لا حانةٌ تقبلُنا. |
لا امرأةٌ تقبلُنا. |
كلُّ الجوازات التي نحملُها |
أصْدَرَهَا الشيطانْ |
كلُّ الكتابات التي نكتُبُها. |
لا تُعْجِبُ السلطانْ.. |
مُسَافرونَ خارجَ الزَمَان والمَكَانْ |
مُسَافرونَ ضَيَّعوا نقودَهُمْ.. |
وضَيَّعوا متاعَهُم، وضيَّعوا أبناءَهُمْ، |
وضيَّعوا أسماءَهمْ، وضيَّعوا انتماءَهُمْ.. |
وضيَّعوا الإحساس بالأمانْ |
فلا بَنو هاشمَ يعرفونَنَا، ولا بَنُو قَحْطَانْ |
ولا بَنُو ربيعةٍ، ولا بَنو شَيْبَانْ |
ولا بَنو (لينينَ) يعرفوننا.. ولا بَنُو (ريغانْ).. |
* |
يا وَطَني: كلُّ العصافير لها منازلٌ |
إلا العصافيرَ التي تحترفُ الحريَّهْ |
فهيَ تموتُ خارجَ الأوطانْ... |
يا وَطَني: كلُّ العصافير لها منازلٌ |
إلا العصافيرَ التي تحترفُ الحريَّهْ |
فهيَ تموتُ خارجَ الأوطانْ... |