كاد يقنط من وحدته ، ، لو لم تنتبه له صغيرتي ، فزفت له من بدد عنه وحشته ، وأزاح عن جناحه قر العزوبة .
كان ذالك المساء ، تغريد غير منقطع ، ونغمة استعادت له انتعاشه ، ودفء الحياة ؛ لم يرتكن إلى زاويته التي ألفتْ ارتكانه فيها قبل أن تميل الغزالة تعانق الشفق الأحمر ، بل اهتز كمن يتعلم لحن الوجود لأول مرة ، رقص ، جاب القفص في خفة المنتشي بفتنة الأنس ، لم يترك مزماره الأصفر إلا بعد ما عزف أروع مما علمته سنوات خلوته .
حين استيقظ في السحر الموالي ، أسمعني لحنا لم يسمعني إياه من قبل ، حتى حيرته خفتْ ، أحس بالسكينة لأول مرة ، وحين أطلتْ من خدرها ، ازداد سكينة ، أخرج مزماره ، وشرع يغني لها ؛ لم ينقطع عنه إلا بعد ما دلفت الخدر حين جن الليل ، و بعد سمر ، أودع للأحلام قبله ، وهي بجانبه .
حتى إذا ما احتضنت بيضها ، كان يتفقدها بين فنية وأخرى ، كان يضع في منقارها ما تقوى بى ، أو يهمس لها بجوان وجدانه ، والارتقاب لا يبرح حاله ، حتى إذا ما هل فرخ وليد ، غنى رقص جدلانا في نشوة ، واعتزاز .
مضى دهر ، حتى إذا ما حم القدر ، هوى صريعا ، انزعجت ، ندبتْ ، شقت جلبابها الذهبي المزركش بالفيروز والجاد ، انزوت تحتضن يتيمها ، لم تبرح خدرها أياما ، وكأنها تصوم الدهر حزنا ، واستغفارا ، وتأملا .
افتقدتْ صغيرتي حيوية عصفورتها ، وفي غفلة منها ، حملت صغيرها ورحلتْ ،
KiNg SaMeH